تعزيزات عسكرية تنقذ ناحية البغدادي في الأنبار من «داعش» وتوقف تقدمه باتجاه عامرية الفلوجة

القوات الحكومية تطوق تكريت وتفك الحصار عن جنود في مصفاة بيجي

عناصر من «الحشد الشعبي» يطلقون صاروخا على موقع لمسلحي «داعش» إلى الشمال من محافظة كربلاء أمس (أ.ف.ب)
عناصر من «الحشد الشعبي» يطلقون صاروخا على موقع لمسلحي «داعش» إلى الشمال من محافظة كربلاء أمس (أ.ف.ب)
TT

تعزيزات عسكرية تنقذ ناحية البغدادي في الأنبار من «داعش» وتوقف تقدمه باتجاه عامرية الفلوجة

عناصر من «الحشد الشعبي» يطلقون صاروخا على موقع لمسلحي «داعش» إلى الشمال من محافظة كربلاء أمس (أ.ف.ب)
عناصر من «الحشد الشعبي» يطلقون صاروخا على موقع لمسلحي «داعش» إلى الشمال من محافظة كربلاء أمس (أ.ف.ب)

مع استمرار الغارات الجوية على مختلف مدن محافظة الأنبار، طبقا للخطة الأميركية بالتركيز في الوقت الحالي على المحافظة، وصلت تعزيزات عسكرية إلى قضاء حديثة غرب الأنبار للحيلولة دون وقوع ناحية البغدادي التي تقع على مقربة منها قاعدة «عين الأسد» الجوية المهمة بيد تنظيم «داعش».
وأعلن عضو مجلس محافظة الأنبار عذال الفهداوي في تصريح أمس الأحد أن «الحكومة الاتحادية أرسلت عبر الطرق البرية والقوات الجوية تعزيزات عسكرية إلى قضاء حديثة غرب الأنبار وإلى ناحية العامرية جنوبي الفلوجة لصد هجمات (داعش) وتطهير محيط المناطق التي يسيطر عليها الجيش والشرطة». وأضاف الفهداوي، أن «التعزيزات العسكرية التي وصلت تضم عددا من الدبابات والدروع ومقاتلين من وحدات خاصة وأجهزة ومعدات عسكرية وقتالية متطورة». وأوضح الفهداوي أن «التعزيزات العسكرية التي وصلت إلى الأنبار جيدة، لكننا بحاجة إلى تعزيزات أكثر ومتواصلة لضمان تطهير جميع مناطق الأنبار بالكامل».
في غضون ذلك، شنت القوات الأمنية وبإسناد عشائري هجوما على منطقة البوذياب شمال مدينة الرمادي من محورين لتطهيرها من مسلحي «داعش». وفي هذا السياق أكد الشيخ حميد الهايس، رئيس مجلس إنقاذ الأنبار، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «المشكلة التي كانت تعاني منها القوات الأمنية والعشائر المساندة لها هي في عدم القدرة على مسك الأرض، لذلك فإنها حتى عندما تحقق تقدما في منطقة معينة أو تحرر منطقة بكاملها فإن القطعات التي تقوم بذلك تنسحب وتتركها إما للشرطة المحلية أو لقوات العشائر وهي غير قادرة بإمكانياتها البسيطة على صد هجمات (داعش) بعد الانسحاب»، مبينا أن «الجميع يعرف أن الشرطة وأبناء العشائر لا يملكون السلاح الكافي الذي يمكنهم من مواجهة مسلحي (داعش) الذين يملكون أحدث الأسلحة». وأشار إلى أن «الأمر سيتغير، إذ أن التعزيزات العسكرية سيكون دورها إسناد ومواجهة ومسك الأرض التي يجري تحريرها وبالتالي بدء تقهقر عصابات (داعش) التي أغراها ما حققته من تقدم بسبب الأخطاء العسكرية خلال الفترة الأخيرة فتم تصويرها على أنها قوة لا تقهر». وأوضح الهايس: «إننا نملك تجربة غنية في مقاتلة تنظيم القاعدة بالأمس واليوم (داعش) ونعرف كم هما دون ما يجري تصويره إعلاميا وقد قمنا بهزيمتهما شر هزيمة لكنهم يتبعون دائما استراتيجية التخفي حتى لو اقتضى الأمر بملابس النساء من أجل تحقيق أهدافهم في تدمير كل شيء».
من جانبه، أشاد مجلس محافظة الأنبار بأبناء عشائر ناحية البغدادي. وقال رئيس المجلس صباح كرحوت في تصريح إنهم «وقفوا وقفة بطولية مشرفة مع القوات الأمنية من الجيش والشرطة عندما صدوا هجوما لعناصر تنظيم (داعش) على ناحية البغدادي، (90 كم غرب الرمادي)، ومن 3 محاور».
ويأتي ذلك في وقت أوقف تقدم تنظيم «داعش باتجاه ناحية عامرية الفلوجة بعد أن حاول دخول هذه البلدة التي تبعد نحو 25 عن بغداد من جهة الغرب وتعد وأقرب نقطة يتواجد فيها المتشددون إلى مطار بغداد الدولي». وفي هذا السياق قال الشيخ حميد الكرطاني أحد شيوخ الفلوجة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «الطريق الواصل بين بغداد والفلوجة تم تأمينه وأعيد فتحه بعد أن تراجع الخطر على ناحية عامرية الفلوجة إثر وصول تعزيزات عسكرية من بغداد»، مشيرا إلى أن «الطريق تم قطعه من قبل (داعش)، من جهة، والجيش وقوات الحشد الشعبي المساندة له، من جهة أخرى، وهو ما يعني بالنتيجة حصارا من جهتين على أهالي الناحية». وأضاف أن «الجسر الواصل بين بغداد والفلوجة ويطلق عليه (جسر بزيبز) كان قد قطع من الجهة الغربية من قبل المسلحين والجهة الشرقية من قبل الجيش والحشد الشعبي وأعيد بعد أن سيطرت عليه القوات المسلحة التي بدأت تؤمن بشكل جيد طرق الإمدادات من أسلحة وذخائر ودبابات ومدفعية علما بأن سيطرة داعش على ناحية العامرية كان سيؤدي إلى فصل المنطقة الغربية بالكامل عن بغداد والمنطقتين الوسطى والجنوبية».
وفي تطور ميداني لافت آخر، نجحت القوات العراقية أمس في إحكام السيطرة على مداخل مدينة تكريت في محافظة صلاح الدين، وذلك بعد معارك مع «داعش». ونقلت قناة «سكاي نيوز عربية» عن مصدر في وزارة الدفاع العراقية أن الجيش، الذي يسعى منذ أيام إلى طرد مسلحي التنظيم عن المدينة، نجح في إحكام «الحصار من الجهات الـ4 على تكريت». وأضاف أن قوات الجيش، التي تخوض المعارك ضد التنظيم مدعومة من الشرطة وبعض الميليشيات، باتت «على بعد 6 كيلومترات فقط من مركز مدينة بيجي» الواقعة أيضا في صلاح الدين والتي تضم أكبر مصفاة نفطية في العراق. كما تمكنت القوات العراقية من فك الحصار الذي يفرضه مسلحو «داعش» على «القطعات العسكرية» المتمركزة في مصفاة بيجي، حسب المصدر نفسه الذي رفض الكشف عن هويته.



الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
TT

الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)

بالتزامن مع تحذيرها من تفاقم الأزمة الإنسانية، ووصول أعداد المحتاجين للمساعدات العاجلة إلى أكثر من 19 مليون شخص، أطلقت الأمم المتحدة وشركاؤها خطة الاستجابة للاحتياجات الإنسانية في اليمن للعام الحالي لمساعدة أكثر من 10 ملايين محتاج.

ويأتي ذلك في ظل تراجع حاد للعملة اليمنية، إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق، بعد تجاوز سعر الدولار 2160 ريالاً في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، التي عجزت عن سداد رواتب الموظفين منذ 4 أشهر، بعد أكثر من عامين من تسبب الجماعة الحوثية في توقف تصدير النفط، واشتداد أزمات الخدمات العامة، وانقطاع الكهرباء في عدن حيث العاصمة المؤقتة للبلاد لأكثر من نصف اليوم.

ودعت الأمم المتحدة المجتمع الدولي والمانحين إلى توفير مبلغ 2.47 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية لليمن للعام الحالي، لتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة لأكثر من 19.5 مليون شخص.

وجاءت الدعوة على لسان جوليان هارنيس، منسق الشؤون الإنسانية في اليمن، الذي طالب بتقديم الدعم اللازم لضمان الوصول إلى الفئات الأكثر ضعفاً وتقديم المساعدات المنقذة للحياة لـ10.5 مليون شخص، مشيراً إلى أن الجهود السابقة خلال العام الماضي، شملت أكثر من 8 ملايين شخص بدعم تجاوز 1.4 مليار دولار.

نصف الأطفال اليمنيين يعانون من سوء تغذية وتعدّ النساء والفتيات من الفئات الأكثر ضعفاً (الأمم المتحدة)

وشدَّد هاريس على أن الاحتياجات خلال العام الحالي تتطلب استجابة أوسع وأكثر شمولية لتحقيق الاستقرار وبناء قدرة المجتمعات على الصمود، منوهاً بأن تدهور الأوضاع الاقتصادية، والظروف المناخية القاسية، والتطورات العسكرية الإقليمية أسهمت في مضاعفة الاحتياجات الإنسانية.

ويواجه نصف السكان تقريباً انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، ويعيش أكثر من 13 مليون شخص في ظل نقص حاد في مياه الشرب النظيفة، بينما تعمل 40 في المائة من المرافق الصحية بشكل جزئي أو لا تعمل.

وكانت الأمم المتحدة طالبت العام الماضي بـ2.7 مليار دولار لخطة الاستجابة الإنسانية، لكنها لم تحصل سوى على تعهدات ضئيلة، ما تسبب في عجز كبير في تلبية احتياجات المستهدفين.

تناقض الاحتياجات والمطالب

ويؤكد جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أرقام الاحتياجات الإنسانية التي تعلن عنها الأمم المتحدة ووكالاتها والمنظمات الدولية، لكنه يشير إلى التناقض بين ما تعلن عنه من احتياجات ومساعيها للحصول على تمويل لتلبية تلك الاحتياجات، إلى جانب عدم قدرتها على الوصول إلى المستهدفين بسبب نقص المعلومات والبيانات، بالإضافة إلى التغيرات الديموغرافية الحاصلة بفعل النزوح.

استمرار الصراع ترك اليمنيين في حالة احتياج دائم للمساعدات (الأمم المتحدة)

وفي تصريحه لـ«الشرق الأوسط» أعرب بلفقيه عن مخاوفه من عدم إمكانية الحصول على المبالغ المطلوبة لصالح الاستجابة الإنسانية بسبب سوء الترويج للأزمة الإنسانية في اليمن لدى المانحين، لافتاً إلى أن طرق تعامل المنظمات الدولية والأممية في الإغاثة لم تتغير منذ عام 2015، رغم فشلها في تلبية احتياجات اليمنيين، وإنهاء الأزمة الإنسانية أو الحد منها.

وقبيل إطلاقها خطة الاستجابة الإنسانية للعام الحالي، حذّرت الأمم المتحدة، من اشتداد الأزمة الإنسانية في اليمن، بعد تجاوز أعداد المحتاجين إلى مساعدات إنسانية هذا العام 19.5 مليون شخص، بزيادة قدرها 1.3 مليون شخص مقارنة بالعام الماضي، مبدية قلقها على الأطفال الذين يعانون من سوء تغذية، وعلى الفئات الأكثر تهميشاً من بينهم، مثل النساء والفتيات والنازحين البالغ عددهم 4.8 مليون شخص.

وقالت نائبة رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، جويس مسويا، أمام مجلس الأمن الدولي إنّ اليمنيين ما زالوا يواجهون أزمة خطرة على الصعيدين الإنساني وحماية المدنيين، مشيرة إلى أن تقديرات النداء الإنساني للعام الحالي الذي يجري إعداده، كشفت عن تفاقم الأزمة.

وباء الكوليرا عاد للتفشي في اليمن بالتزامن مع ضعف القطاع الصحي (رويترز)

ووفق حديث مسويا، فإنّ نحو 17 مليون يمني، أي ما يقدر بنصف سكان البلاد، لا يستطيعون تلبية احتياجاتهم الغذائية الأساسية، وما يقرب من نصف الأطفال دون سنّ الخامسة يعانون من تأخر خَطرٍ في النمو بسبب سوء التغذية، مع انتشار مروّع لوباء الكوليرا، بينما يعاني النظام الصحي من ضغوط شديدة.

انهيار العملة

وواصلت العملة اليمنية تراجعها إلى أدنى المستويات، وتجاوز سعر العملات الأجنبية المتداولة في البلاد 2160 ريالاً للدولار الواحد، و565 ريالاً أمام الريال السعودي، بعد أن ظلت تتراجع منذ منتصف العام الماضي، وهي الفترة التي شهدت تراجع الحكومة اليمنية عن قراراتها بفرض حصار على البنوك التجارية المتواطئة مع الجماعة الحوثية.

ويرجع الخبراء الاقتصاديون اليمنيون هذا الانهيار المتواصل للعملة إلى الممارسات الحوثية ضد الأنشطة الاقتصادية الحكومية، مثل الاعتداء على مواني تصدير النفط الخام ومنع تصديره، وإجبار الشركات التجارية على الاستيراد عبر ميناء الحديدة الخاضع للجماعة، إلى جانب المضاربة غير المشروعة بالعملة، وسياسات الإنفاق الحكومية غير المضبوطة وتفشي الفساد.

العملة اليمنية واصلت تدهورها الحاد خلال الأشهر الستة الماضية (رويترز)

ويقدر الباحث الاقتصادي اليمني فارس النجار الفجوة التمويلية لأعمال الإغاثة والاستجابة الإنسانية، بأكثر من 3 مليارات دولار، ويقول إن تراكمات هذا العجز خلال السنوات الماضية أوصل نسبة تغطية الاحتياجات الإنسانية في البلاد إلى 52 في المائة.

ولمح النجار في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى تضرر الاقتصاد اليمني بفعل أزمة البحر الأحمر وما سببته من تحول طرق التجارة العالمية أو ارتفاع تكاليف الشحن والتأمين، مع عدم بروز إمكانية لتحسن اقتصادي دون توقف الجماعة الحوثية عن ممارساتها أو إلزامها بالكف عنها، بالتوازي مع إجراءات داخلية لتحسين الإيرادات.

استهداف الحوثيين للسفن التجارية في البحر الأحمر ضاعف من تدهور الاقتصاد اليمني (أ.ف.ب)

وحثّ النجار الحكومة اليمنية على اتباع سياسات تزيد من كفاءة تحصيل الإيرادات المحلية، وتخفيف فاتورة الاستيراد، ومن ذلك تشجيع الأنشطة الزراعية والسمكية وتوفير فرص عمل جديدة في هذين القطاعين اللذين يشكلان ما نسبته 30 في المائة من حجم القوى العاملة في الريف، وتشجيع زراعة عدد من المحاصيل الضرورية.

يشار إلى أن انهيار العملة المحلية وعجز الحكومة عن توفير الموارد تسبب في توقف رواتب الموظفين العموميين منذ 4 أشهر، إلى جانب توقف كثير من الخدمات العامة الضرورية، ومن ذلك انقطاع الكهرباء في العاصمة المؤقتة عدن لمدد متفاوتة تصل إلى 14 ساعة يومياً.