يجمع الفنان المصري عمر عبد الظاهر أبطاله في لحظة درامية، يحتشدون في تكوينات تمر على يوميات الجنوب وفلكلوره ومفاتيح تراثه، وذلك في معرضه الجديد «إلهامات من الجنوب»، الذي يستضيفه غاليري «مشربية» في القاهرة.
يُجدد صاحب المعرض احتفاءه بالجنوب الذي ينتمي له، حيث نشأ في جنوب مصر تحديداً في مدينة أسوان، ومن خلال أفق المكان وإلهاماته، يعبر عبد الظاهر إلى الطبيعة الجنوبية وإطلالاتها النيلية المُشمسة، وكذلك مظاهر الحياة اليومية في الأسواق، بما يسودها من إيقاع ودينامية.
ورغم ارتباط مدينة أسوان بسُمعة عالمية ترتبط بالسياحة الأثرية، فإن عبد الظاهر لا ينظر لها من هذا المنطلق، فنشأته في الريف جعلت جعبته ممتلئة بمشاهد الحقول أكثر من ارتباطها بالمنظور السياحي للمدينة، من معابد ومسلات وغيرها، فهو ينظر لها بعين محلية وليست سياحية، فتجد في لوحاته الفؤوس والاستعانة بالماشية لحرث الأرض، وغيرها من مفردات الفلاحة، وفي حديثه إلى «الشرق الأوسط» يقول إن «الفنان الذي نشأ في ريف الجنوب لا تنضب أفكاره أبداً، بسبب مخزون المشاهد التي لا تنفد واعتبرها ثروة كبيرة».
وإلى جوار الحركة الريفية، تتفرق مشاهدات صاحب المعرض ما بين تراث يعبر عن نفسه في تفاصيل المكان، والمهن التقليدية، وهيئة أهالي الجنوب التقليدية من جلابيب فضفاضة للعمائم التي تعتمرها رؤوس الرجال، وملابس السيدات البسيطة التي يتنقلون بها بين الأسواق ما بين بائعات ومُشتريات، في انحياز للألوان الفطرية والبدائية.
«الطبيعة جزء من المكان، وأنا مهتم بشكل خاص بحركة الحياة اليومية من عادات وتقاليد، وأفراح، والعمل، سواء كان بالزراعة أو الصيد في النيل، أو أعمال المرأة التقليدية مثل الخبز»، هكذا يشرح عبد الظاهر خلفيات حالته الفنية في معرض الأحدث، والذي يُبرز كذلك من خلاله «الأعراف الاجتماعية والموروثات الشعبية في لوحات المعرض، خاصة تقاليد الزفاف، وتزيين العروس».
وعلى هامش حكايات الجنوب، تظهر في المعرض أيضاً لوحات تُحاكي جانباً أصيلاً من اهتمام عبد الظاهر، تلك التي تظهر بها تكوينات الحارة المصرية، وونس طاولات المقاهي وعربات الباعة، وهي أماكن يعتبرها الفنان موطناً حيّاً للحكايات الشعبية، ويتنقل بين الحالة الشعبية والفلكلورية وبين المشاهد الأكثر تداخلاً مع الحالات الشعورية، كما قدم في لوحات تلتقط لحظات خاصة من مشاعر الأبوة والأمومة، وكذلك قصص الحب، التي يُزيد من شاعريتها بتأطيرها بغلاف الطبيعة وسحرها، كحضور الأشجار كخلفية، وسطوع القمر واقترابه من أبطال قصص الحب.
ويوصل الفنان عمر عبد الظاهر، مواليد عام 1966. اهتمامه الفني بالتراث المحلي المصري في مشروعه الفني باهتمام آخر بالدراسة الأكاديمية المتخصصة، فهو حاصل على درجة الدكتوراه في فلسفة الفن من كلية الفنون الجميلة جامعة حلوان، وموضوعها: «الموروث الشعبي وأثره على الطبيعة الفنية المعاصرة»، ومن قبلها كان بحثه لدرجة الماجيستير في «أثر الفنون البدائية على فن الحفر المصري».
«إلهامات من الجنوب» رؤى تشكيلية لموروث فني لا ينفد
معرض قاهري يحتفي بريف أسوان وعاداتها
«إلهامات من الجنوب» رؤى تشكيلية لموروث فني لا ينفد
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة