الحظر النيوزيلندي على الأسلحة الآلية يدخل حيز التنفيذ

السلطات سددت ما يساوي 66 مليون دولار أميركي في صورة تعويضات

مايك ماكريث القائم بأعمال مدير الشرطة يكشف للمشرعين النيوزيلنديين بندقية مماثلة  لأحد الأسلحة المستخدمة بمجزرة المسجدين في مارس الماضي (نيويورك تايمز)
مايك ماكريث القائم بأعمال مدير الشرطة يكشف للمشرعين النيوزيلنديين بندقية مماثلة لأحد الأسلحة المستخدمة بمجزرة المسجدين في مارس الماضي (نيويورك تايمز)
TT

الحظر النيوزيلندي على الأسلحة الآلية يدخل حيز التنفيذ

مايك ماكريث القائم بأعمال مدير الشرطة يكشف للمشرعين النيوزيلنديين بندقية مماثلة  لأحد الأسلحة المستخدمة بمجزرة المسجدين في مارس الماضي (نيويورك تايمز)
مايك ماكريث القائم بأعمال مدير الشرطة يكشف للمشرعين النيوزيلنديين بندقية مماثلة لأحد الأسلحة المستخدمة بمجزرة المسجدين في مارس الماضي (نيويورك تايمز)

يحظر القانون، الصادر في أعقاب مذبحة كرايستشيرش المروعة في مارس (آذار) الماضي، التداول المدني للأسلحة الآلية شبه العسكرية والبنادق الهجومية. ولسوف يدخل القانون حيز التنفيذ الفعلي مع انتهاء مهلة برنامج إعادة شراء الأسلحة من المواطنين وبرنامج العفو القضائي.
ودخل الحظر الشامل على امتلاك أنواع الأسلحة شبه الآلية كافة حيز التنفيذ الفعلي في نيوزيلندا بدءاً من أمس (السبت)، مع نهاية برامج شراء الأسلحة من المواطنين والعفو القضائي، وسط جدل دائر حول نجاح البرامج من عدمها.
كانت رئيسة وزراء نيوزيلندا جاسيندا أرديرن قد أعلنت فرض الحظر المؤقت على الأسلحة الآلية والهجومية في البلاد، بعد أيام قليلة من الهجوم الإرهابي على مسجدين في مدينة كرايستشيرش في مارس (آذار) الماضي، الذي أسفر عن سقوط 51 قتيلاً، وجرى بث مجرياته على «فيسبوك». وبعد مرور أسابيع على الحادث الأليم، صوت نواب البرلمان كافة في نيوزيلندا، باستثناء عضو واحد، على نقل الحظر الحكومي من الحالة المؤقتة إلى الحالة المستديمة. ويحظر القانون أنواع الأسلحة شبه الآلية من الطراز العسكري والبنادق الهجومية كافة، وبعض أجزاء الأسلحة، وسوف يواجه المخالفون للقانون الجديدة عقوبة السجن لمدة تصل إلى 5 سنوات.
وكان الهدف الحكومي المعلن من برنامج إعادة شراء الأسلحة من المواطنين، الذي بدأ في يوليو (تموز) الماضي، هو السماح لأصحاب الأسلحة من المدنيين ببيع أسلحتهم إلى الوكالات الحكومية المعنية من دون التعرض للمعاقبة قبل بدء سريان الحظر النهائي. وفي بيان صادر يوم الجمعة عن ستيوارت ناش، وزير الشرطة في نيوزيلندا، جاء أنه تم جمع أكثر من 56 ألف سلاح ناري محظور من نحو 32 ألف مواطن من خلال برنامج إعادة شراء الأسلحة من المواطنين، وهو الرقم الذي يتفق مع توقعات السلطات في نيوزيلندا.
لكن وزير الشرطة أضاف أن الوزارة لا تعرف عدد الأسلحة الموجودة في البلاد على وجه التحديد، مما يعقد من الأمور بشأن القياس الحقيقي لنجاح برنامج إعادة شراء الأسلحة من المواطنين. ودعا وزير الشرطة السجل الوطني في البلاد للسماح لقوات الشرطة بتتبع الأسلحة النارية. وكانت تقديرات الشرطة النيوزيلندية قد رفعت من عدد الأسلحة النارية المنتشرة في البلاد إلى نحو 1.2 مليون قطعة سلاح.
وكانت الأسلحة النارية المحظورة قد تم جمعها من خلال جلسات علنية، عبر الشرطة والنوادي وميادين إطلاق النار المدنية، وعبر تجار الأسلحة الذين يعملون بالنيابة عن السلطات الحكومية في البلاد. وبالإضافة إلى الأسلحة النارية، جرى جمع نحو 188 ألف قطعة وجزء من أجزاء الأسلحة، مثالاً بخزائن الأسلحة عالية السعة، وفقاً لبيان وزير الشرطة.
وسددت السلطات الحكومية ما يقرب من 100 مليون دولار نيوزيلندي (ما يساوي 66 مليون دولار أميركي) في صورة تعويضات، لكن بعض أصحاب الأسلحة استشعروا أن الأسعار المعروضة من قبل الحكومة كانت منخفضة للغاية، وفقاً لبعض التقارير الإخبارية المحلية.
ووصفت أكبر مجموعة من أصحاب الأسلحة في البلاد، وهي «مجلس ملاك الأسلحة المرخصة»، عملية إعادة الشراء من المواطنين بأنها «فاشلة»، وأكد انتقاداته لقوانين مكافحة امتلاك الأسلحة الجديدة في مؤتمر صحافي عقد خلال الأسبوع الحالي، واصفاً القانون الجديد بأنه «قانون أحمق».
وفي مقابلة تلفزيونية في وقت سابق من الأسبوع الحالي، قالت السيدة نيكول مكاي، الناطقة الرسمية باسم المجلس المذكور، إن المجلس يعتقد أن كثيراً من الأسلحة المحظورة لم يتم تسليمها إلى السلطات حتى الآن، وألقت باللائمة في ذلك على «التغييرات الأخيرة المفاجئة» في قواعد العمل، وعدم توافر المعلومات الكافية بشأنها.
وفي البرنامج التلفزيوني نفسه، قال وزير الشرطة إنه يعتقد في تسلم السلطات لأغلب الأسلحة النارية المحظورة بموجب البرنامج. وجاء تقدير محاسبي واسع النطاق من قبل مؤسسة «كيه بي إم جي» المحاسبية الكبيرة، بالنيابة عن الحكومة، ليقدر عدد الأسلحة غير المشروعة بين 56 ألفاً و170 ألف قطعة سلاح. غير أن وزير الشرطة قال إنه يعتقد أن العدد لا يمكن أن يبلغ 170 ألف قطعة سلاح أبداً.
وصرح السيد ناش متهكماً: «لا بد أنك تعيش في كهف صخري بدائي، إن كنت تملك سلاحاً محظوراً، ولا تدرك ما تصبو الحكومة إلى فعله».
كما تأثرت عملية إعادة الشراء من المواطنين بانتهاك البيانات خلال الشهر الحالي، وفقاً إلى التقارير الإخبارية المحلية، إذ تقدمت شركة «إس إيه بي - ساب» الألمانية للبرمجيات بالاعتذار بسبب الإفصاح عن تفاصيل أسماء وعناوين وأنواع الأسلحة لدى أصحابها إلى بعض تجار السلاح. ولقد تم رفع النظام خارج شبكة الإنترنت على نحو مؤقت في أثناء التعامل مع تلك المشكلة. وأكد المسؤولون على أن البيانات لم تكن مرئية للجماهير على الإطلاق.
وبدءاً من أمس (السبت)، سيواجه المواطنون الذين يمتلكون الأسلحة المحظورة مخاطر الملاحقات القضائية، والحكم بالسجن، والحرمان من تراخيص الأسلحة النارية مجدداً. غير أن السيد ناش، وزير الشرطة، قد لمح في بيانه الرسمي إلى أن أصحاب الأسلحة النارية سوف يكونون قادرين على مواصلة تسليم ما لديهم من الأسلحة طواعية، مع احتفاظ وزارة الشرطة بالسلطة التقديرية بشأن ما إذا كان يجب ملاحقاتهم قضائياً من عدمه، وذلك على أساس كل حالة على حدة.
وفي تأكيد منها على نجاح قرار الحظر، أشارت رئيسة وزراء نيوزيلندا إلى التجربة الأسترالية الناجحة في تنفيذ إجراءات مكافحة الأسلحة النارية، في أعقاب حادثة إطلاق النار الجماعية منذ عام 1995. وفرضت أستراليا قوانين جديدة صارمة بهذا الخصوص، مع تفعيل برنامج إعادة شراء الأسلحة من المواطنين الذي أسفر عن خروج أكثر من 20 في المائة من الأسلحة النارية خارج دورة التداول المدني في البلاد. ومنذ ذلك الحين، تراجعت كثيراً معدلات أعمال العنف التي استخدمت فيها الأسلحة النارية، ومن بينها حالات الانتحار الشخصية باستخدام الأسلحة النارية.

* «نيويورك تايمز»



«اليونيسيف» تحذر من أن مستقبل الأطفال «في خطر»

طفل فلسطيني أثناء فرز القمامة في مكب نفايات بقطاع غزة (أ.ب)
طفل فلسطيني أثناء فرز القمامة في مكب نفايات بقطاع غزة (أ.ب)
TT

«اليونيسيف» تحذر من أن مستقبل الأطفال «في خطر»

طفل فلسطيني أثناء فرز القمامة في مكب نفايات بقطاع غزة (أ.ب)
طفل فلسطيني أثناء فرز القمامة في مكب نفايات بقطاع غزة (أ.ب)

حذّرت منظمة «اليونيسيف» من التحول الديموغرافي، والتداعيات المتزايدة لظاهرة الاحترار، وتهديد التكنولوجيا المتصلة، وكلها «توجهات كبرى» ترسم مستقبلاً قاتماً للأطفال في عام 2050، داعية إلى التحرك الآن لضمان آفاق أفضل لشباب الغد.

وحذرت كاثرين راسل، المديرة العامة لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة، الثلاثاء، من أن «الأطفال يواجهون عدداً من الأزمات، بدءاً بالأزمات المناخية، إلى المخاطر عبر الإنترنت، ويتوقع أن تتفاقم في السنوات المقبلة».

وقالت في بيان بمناسبة نشر تقرير «اليونيسيف» الرئيس، الذي يتناول موضوعاً مختلفاً كل عام: «إن عقوداً من التقدم، خصوصاً للفتيات، معرضة للتهديد».

وهذا العام تنظر «اليونيسيف» إلى عام 2050، وتُحدد «3 توجهات رئيسة»، تهدد -إضافة إلى النزاعات التي لا يمكن التنبؤ بها- «بشكل خطير» الأطفال إذا لم تتخذ القرارات اللازمة في الوقت المناسب.

أولاً، التحدي الديموغرافي، فبحلول منتصف القرن، يفترض أن يكون عدد الأطفال (أقل من 18 عاماً) مماثلاً لعددهم اليوم، أي نحو 2.3 مليار نسمة، لكن مع زيادة عدد سكان العالم بشكل كبير بنحو 10 مليارات نسمة.

وعلى الرغم من انخفاض نسبة الأطفال في جميع المناطق، فإن أعدادهم ستزداد بشكل كبير في بعض المناطق الفقيرة، لا سيما في أفريقيا، جنوب الصحراء الكبرى.

وتشير «اليونيسيف» إلى إمكانية «تعزيز» الاقتصاد فقط إذا جرى اتخاذ التدابير اللازمة لضمان حصول هذا العدد الكبير من الشباب على تعليم جيد وخدمات صحية ووظائف.

في بعض الدول المتقدمة يُمثل الأطفال أقل من 10 في المائة من السكان، الأمر الذي يُثير تساؤلات حول «تأثيرهم» وحقوقهم في المجتمعات التي ستُركز على مشكلات تقدم سكانها في السن.

والتهديد الثاني هو تغير المناخ، وتداعياته المدمرة أكثر وأكثر.

يقول مامادو دوكوريه (24 عاماً) من مالي: «تخيلوا مستقبلاً يرغم فيه تغير المناخ والظروف القاسية المدارس على التحول إلى النشاط الليلي بسبب الأوضاع التي لا تحتمل خلال النهار». وتعكس تصريحاته أصداء الشباب التي ترددت في التقرير بعد أن استجوبتهم «اليونيسيف» في جميع أنحاء العالم.

قرارات «من أجل البقاء»

وتشير توقعات «اليونيسيف» إلى أنه إذا استمر المسار الحالي لانبعاث الغازات الدفيئة، فسيتعرض عدد أكبر من الأطفال لموجات الحر في عام 2050 بنحو 8 أضعاف مقارنة بعام 2000، و3.1 مرة أكثر للفيضانات المدمرة، أو حتى 1.7 مرة أكثر للحرائق.

وثالث «التوجهات الكبرى»، التكنولوجيا الحديثة، ولا سيما الذكاء الاصطناعي، وسيكون إتقانه بلا شك شرطاً أساسياً للمسار التعليمي، وجزءاً كبيراً من وظائف المستقبل.

لكن الفجوة الرقمية لا تزال آخذة في الاتساع؛ حيث أصبح اليوم 95 في المائة من السكان متصلين بالإنترنت في البلدان الغنية، مقابل 26 في المائة فقط في البلدان الفقيرة، خصوصاً في غياب القدرة على الوصول إلى الكهرباء أو شبكة إنترنت أو هاتف جوال أو جهاز كمبيوتر.

وتصر «اليونيسيف» على أن «الفشل في إزالة هذه العقبات أمام الأطفال في هذه البلدان، خصوصاً الذين يعيشون في كنف أسر فقيرة، سيؤدي إلى جيل محروم من التطور التكنولوجي».

لكن الاتصال بالإنترنت قد ينطوي أيضاً على مخاطر؛ حيث يشكل انتشار التكنولوجيا الجديدة دون رقابة تهديداً على الأطفال وبياناتهم الشخصية، ويُعرضهم بشكل خاص لمتحرشين جنسياً.

وصرحت نائبة مدير قسم الأبحاث في «اليونيسيف»، سيسيل أبتيل، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «هناك مخاطر كثيرة تهدد أطفال المستقبل، لكن ما أردنا توضيحه هو أن الحلول بأيدي صناع القرار الحاليين».

وأضافت: «سيكون الاتجاه الصحيح هو الذي سيسمح للأطفال بالاستمرار والعيش بأفضل الطرق في عام 2050».

ويستكشف التقرير عدة سيناريوهات، تعتمد على الاستثمارات التي سيتم توظيفها من أجل تحقيق التنمية أو مكافحة ظاهرة الاحترار.

على سبيل المثال، إذا لم يتغير شيء، فيتوقع حدوث بعض التقدم للوصول إلى التعليم الابتدائي أو تقليص الهوة في التعليم بين الصبيان والبنات. لكن في السيناريو الأكثر تفاؤلاً، قد يستفيد جميع الأطفال من التعليم الابتدائي والثانوي بحلول عام 2050، على أن تختفي الهوة بين الجنسين في جميع المناطق.