تركيا تقلّل من شأن التهديدات بحرمانها من مقاتلات «إف 35»

وزير الدفاع التركي يصافح نظيره الأميركي خلال اجتماع لـ«الناتو» في بروكسل في 24 أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)
وزير الدفاع التركي يصافح نظيره الأميركي خلال اجتماع لـ«الناتو» في بروكسل في 24 أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)
TT

تركيا تقلّل من شأن التهديدات بحرمانها من مقاتلات «إف 35»

وزير الدفاع التركي يصافح نظيره الأميركي خلال اجتماع لـ«الناتو» في بروكسل في 24 أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)
وزير الدفاع التركي يصافح نظيره الأميركي خلال اجتماع لـ«الناتو» في بروكسل في 24 أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)

قلّلت تركيا من شأن التهديدات الأميركية بحرمانها من الحصول على مقاتلات «إف 35» بسبب اقتنائها منظومة الدفاع الجوي الروسية «إس 400».
وقال نائب الرئيس التركي، فؤاد أوكطاي، إن التهديدات الموجهة إلى بلاده بشأن منع تزويدها بمقاتلات «إف 35» ستشجعها أكثر على الإنتاج المحلي، و«على من يهددونا بالعقوبات خلال المرحلة التي بدأت مع مسألتي (إس 400) ومقاتلات (إف 35)، أن ينظروا إلى الحملات التكنولوجية الوطنية التي حققتها تركيا في الصناعات الدفاعية، ويدركوا أن تهديداتهم ستشجعنا أكثر على الإنتاج المحلي».
وقال أوكطاي، في كلمة أمام البرلمان التركي ليل الجمعة إلى السبت خلال المناقشة النهائية لميزانية 2020، إن تركيا ستمتلك في المستقبل القريب أنظمتها الدفاعية الجوية، وطائراتها بطيار ومن دون طيار المشابهة لـ«إف 35»، ومركبات دفاع برية مسيرة، لأنها إحدى الدول الرائدة في التصميم والإنتاج. وأشار إلى أن الخطوات التي تقود حملات التكنولوجيا الوطنية للنجاح، هي نتيجة لجهود واعية، وشعور وطني، ورؤية استراتيجية، وصبر وإرادة.
وأقر مجلس الشيوخ الأميركي، الثلاثاء الماضي، مشروع قانون الميزانية الدفاعية الأميركية لعام 2020، الذي نص على فرض عقوبات على تركيا، وعدم تسليمها مقاتلات «إف 35» بذريعة استمرارها في استيراد منظومات «إس 400» الروسية للدفاع الجوي، وضرورة فرض عقوبات على أنقرة في إطار قانون «مكافحة أعداء أميركا من خلال العقوبات» (كاتسا).
وشدد وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر على أن تركيا لن تحصل على مقاتلات «إف 35». وقال في مؤتمر صحافي في مقر وزارة الدفاع (البنتاغون) أول من أمس، أمس، إن أنقرة «اختارت المضي قدماً في صفقة (إس 400) مع روسيا، ولذلك فإنها لن تحصل على المقاتلات الأميركية».
وتحاشى إسبر التعليق على التهديدات التركية بإغلاق قاعدة «إنجرليك» الجوية، التي تستضيف قوات أميركية ورؤوساً نووية أميركية وإغلاق قاعدة كورجيك للرادارات، إذ أكد أسبر أن تركيا «حليف مهم في حلف الناتو، والأمر يتطلب تقريب الجانب التركي بشكل أكبر إلى الحلف».
وهددت تركيا، الأسبوع الماضي، بإغلاق القاعدة الأميركية رداً على تهديدات بفرض عقوبات بسبب اقتناء تركيا منظومة «إس 400» الروسية، التي تقول الولايات المتحدة إنها تشكل تهديداً للمقاتلة «إف 35»، ولا يمكن دمجها في دفاعات حلف النانو.
على صعيد آخر، واصلت السلطات التركية حملة اعتقالات رؤساء البلديات المنتخبين عن حزب الشعوب الديمقراطي (مؤيد للأكراد) بتهمة دعم منظمة إرهابية (في إشارة إلى حزب العمال الكردستاني). واعتقلت السلطات فيليز بولوتكين رئيسة بلدية «سور» في ولاية ديار بكر بجنوب شرقي البلاد، واثنين من أعضاء مجلس البلدية.
وقال حزب الشعوب الديمقراطي، في بيان أمس، إن الشرطة داهمت منزل بولوتكين في وقت مبكر أول من أمس واعتقلتها. كما فرضت طوقاً أمنياً حول مقر بلدية سور، مشيراً إلى اعتقال اثنين من أعضاء مجلس البلدية.
ويقول الرئيس رجب طيب إردوغان إن حزب الشعوب الديمقراطي له صلات بحزب العمال الكردستاني (المحظور)، مما أدى لمقاضاة الآلاف من أعضائه وبعض قادته. وينفي الحزب وجود مثل هذه الصلة.
وقال الشعوب الديمقراطي إن الحكومة عينت رؤساء بلديات بالإنابة في 31 بلدية كان يديرها الحزب في مدن ومناطق في جنوب شرقي البلاد بعد فوزهم في الانتخابات المحلية التي أجريت في نهاية مارس (آذار) الماضي.
وأشار إلى أن 23 من رؤساء البلديات التابعين للحزب موقوفون في الوقت الراهن قيد المحاكمة.
ويحكم حزب الشعوب الديمقراطي الكثير من المدن في جنوب شرقي تركيا ويعين عادة رئيس بلدية ورئيسة بلدية مشاركة على سبيل المساواة بين الجنسين.
في سياق متصل، اتهم نائب حزب الشعوب الديمقراطي بالبرلمان، عمر فاروق جرجيرلي أوغلو، الشرطة التركية بممارسة انتهاكات مستمرة بحقِّ معتقلين داخل المقار الأمنية، بتهمة الانتماء لحركة الخدمة التابعة للداعية فتح الله غولن، الحليف السابق لإردوغان، الذي يتهمه بتدبير محاولة الانقلاب عليه في 15 يوليو (تموز) 2016، أحدثها تنفيذ عمليات تعذيب لمعارضين بعد تجريدهم من ملابسهم. وقال جرجيرلي أوغلو إنَّ موظفين سابقين بوزارة العدل تعرَّضوا للتعذيب والضرب مديرية أمن أنقرة.
وكشفت أدلة جديدة للمعارضة التركية، عن تعذيب 77 معتقلاً بتهمة الانتماء إلى حركة غولن في مديرية أمن أنقرة، فضلاً عن تعذيب 100 دبلوماسي سابق مفصولين من العمل بتهمة الانتماء للحركة ذاتها على يد عناصر من جهاز المخابرات التركية.
وأوقفت السلطات التركية نحو 80 ألف شخص بانتظار المحاكمة بدعوى الارتباط بحركة غولن، كما أقالت أو أوقفت عن العمل أكثر من 175 ألفاً آخرين بين مدني وعسكري بتهمة المشاركة في تدبير وتنفيذ الانقلاب الفاشل.



كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.