بكين محذّرة واشنطن: تدخلكم يسيء إلى الثقة المشتركة

ترودو طالب الإدارة الأميركية بالتدخل لدى الصين للإفراج عن مواطنيه

قوات مكافحة الشغب انتشرت في أحياء هونغ كونغ أمس (أ.ب)
قوات مكافحة الشغب انتشرت في أحياء هونغ كونغ أمس (أ.ب)
TT

بكين محذّرة واشنطن: تدخلكم يسيء إلى الثقة المشتركة

قوات مكافحة الشغب انتشرت في أحياء هونغ كونغ أمس (أ.ب)
قوات مكافحة الشغب انتشرت في أحياء هونغ كونغ أمس (أ.ب)

أفادت وسائل إعلام صينية بأن الرئيس الصيني شي جينبينغ، أبلغ نظيره الأميركي دونالد ترمب، في اتصال هاتفي، أول من أمس، أن تعليقات الولايات المتحدة وسلوكياتها فيما يتعلق بتايوان وهونغ كونغ وشينجيانغ والتبت تضرّ بالعلاقات بين البلدين.
وقالت وكالة الأنباء الصينية «شينخوا» إن شي أشار إلى أن «سلوك الولايات المتحدة تدخُّل في الشؤون الداخلية للصين وأضرّ بمصالحها، وهو أمر يسيء إلى الثقة المشتركة والعلاقات الثنائية». وأشار إلى دور التجارة في تقديم «مساهمات كبيرة للاستقرار ولتطوير العلاقات بين الصين والولايات المتحدة وتطور الاقتصاد العالمي»، داعياً إلى تحقيق «فوائد متبادلة وحلول يكون فيها الجانبان رابحين» وإلى «احترام الكرامة الوطنية لكل طرف وسيادته»، كما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية. وتابعت الوكالة نقلاً عن شي أن «الصين تعبّر عن قلقها من التصريحات الصادرة عن الجانب الأميركي وتحركاته بشأن تايوان وهونغ كونغ وشينجيانغ والتبت الصينية».
وكتب ترمب في تغريدة أنه أجرى «محادثة جيدة جداً» مع شي، مشيراً إلى أن الصين «بدأت على نطاق واسع» شراء منتجات زراعية أميركية بموجب الاتفاق الذي لم يكشف ترمب متى سيتم توقيع «المرحلة الأولى» منه.
وتقضي هذه «المرحلة الأولى» التي تعد حلاً جزئياً للخلاف التجاري بين البلدين، بزيادة مشتريات الصين من المنتجات الزراعية والسلع الأميركية مقابل تخفيف واشنطن للرسوم الجمركية على الواردات الصينية. ونقلت وكالة الأنباء الصينية عن شي قوله إن الصين تأمل في أن «تنفّذ واشنطن بجدية» الأمور المهمة التي أجمع عليها رئيسا الدولتين خلال محادثاتهما العديدة، معبراً عن أمله أن تولي واشنطن «اهتماماً أكبر لمخاوف الصين». وفي تغريدته كتب ترمب أنه لم يناقش مع شي سوى قضية كوريا الشمالية.
على صعيد متصل، دعا رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، واشنطن إلى رفض أي اتفاق تجاري مع الصين ما لم ينص على إطلاق سراح مواطنين كنديين تعتقلهما بكين التي حمّلت أوتاوا «المسؤولية الكاملة» عن تدهور العلاقات بين البلدين. كانت الشرطة الصينية قد أوقفت الدبلوماسي السابق مايكل كوفريغ، ورجل الأعمال مايكل سبافور الخبير في شؤون كوريا الشمالية، في العاشر من ديسمبر (كانون الأول) 2018، وما زالا محتجزين حتى اليوم.
وترى أوتاوا أن توقيفهما هو إلى حد كبير إجراء انتقامي بعد اعتقال مينغ وان تشو، المديرة المالية لمجموعة «هواوي» الصينية العملاقة للاتصالات في فانكوفر قبل أيام على ذلك، بطلب من الولايات المتحدة. وقالت كندا إن توقيفهما «تعسفي».
ورداً على سؤال عما إذا كان اتفاق تجاري بين واشنطن وبكين يمكن أن يسمح بحلحلة الوضع، قال ترودو لشبكة «تي في آ» التلفزيونية الناطقة بالفرنسية: «نأمل ذلك». وأضاف: «قلنا لهم إنه يجب ألا توقع الولايات المتحدة أي تفاهم نهائي وكامل مع الصين لا يحل مشكلة مينغ وان تشو والكنديين».
ورداً على سؤال في هذا الشأن، قال ناطق باسم وزارة الخارجية الصينية، أول من أمس (الجمعة)، إن «الوضع الصعب» الذي تشهده العلاقات الصينية - الكندية «تتحمل مسؤوليته بالكامل» أوتاوا. وأضاف أنه يجب على كندا أن «تفرج فوراً عن مينغ وان تشو، وتسمح لها بالعودة إلى الصين بكل هدوء». ولم يوضح الناطق ما إذا كانت واشنطن طلبت من بكين إطلاق سراح الكنديين، لكنه رأى أنه على كندا «ألا تنقاد» لدول أخرى في ممارسة ضغوط على الصين.
في سياق آخر، أعلنت شرطة هونغ كونغ أمس، أنّ مشتبهاً به مسلحاً أطلق الرصاص الحي على الضباط فيما كانوا يحاولون توقيفه في عملية مرتبطة بالاحتجاجات التي اجتاحت المدينة منذ أكثر من ستة أشهر.
وقالت الشرطة إن شاباً يبلغ 19 عاماً أطلق النار من مسدس نصف آلي حين اقترب شرطيون منه في منطقة تاي بو، مساء الجمعة، لم تصب الطلقة أحداً، وتمت السيطرة على الشاب لاحقاً. وعثرت الشرطة لاحقاً في أثناء عملية بحث في شقة على مقربة من موقع الحادث على بندقية شبه آلية وأكثر من 250 طلقة ذخيرة.
وذكرت الشرطة أنها تعتقد أن الشاب والأسلحة المكتشفة حديثاً مرتبطة بمجموعة تضم 11 شخصاً تم القبض عليهم مطلع الشهر الجاري، وقالت إنها عثرت على مسدسات بحوزتهم وإنهم كانوا يخططون لمهاجمة ضباط، كما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.
وقال كبير مفتشي الشرطة لي كواي – واه، للصحافيين، أمس، إنّ «الأسلحة النارية التي اكتشفناها تتطابق مع المعلومات الاستخباراتية التي جمعناها والتي أشارت إلى أن البعض يأمل في استخدام أسلحة نارية في بعض التجمعات العامة لإصابة آخرين بمن فيهم ضباط شرطة».
ورغم ذلك، صرّح كواي - واه بأنّ المشتبه به كان يواجه أيضاً تهماً متعلقة بحيازة أسلحة نارية في أثناء اعتقال تم العام الماضي قبل اندلاع الاحتجاجات. وذكرت صحيفة «ساوث تشاينا مورنينغ بوست» أنه تعين استدعاء شرطة مكافحة الشغب لدعم الضباط، حيث بدأ السكان المحليون في مضايقة عناصر الشرطة، وأطلقت القوات قنابل مسيلة للدموع مرتين على الأقل لتفريق المحتجين. وتهز احتجاجات مؤيدة للديمقراطية تزداد عنفاً المستعمرة البريطانية السابقة التي تتمتع بحكم شبه ذاتي.
وانطلقت الاحتجاجات رفضاً لقانون يتيح تسليم مطلوبين لبكين، ورغم سحبه لاحقاً، توسعت الحركة وتحولت إلى معارضة للحكم الصيني للمدينة. وشارك الملايين في مسيرات سلمية الصيف الماضي، لكن حاكمة المدينة كاري لام، وبكين لم يقدما أي تنازلات.
وحظرت السلطات بشكل متواصل المسيرات الكبيرة خلال الأشهر الأخيرة متذرعةً بمخاطر وقوع أحداث عنف من قبل المحتجين المتشددين. لكنّ حشوداً كبيرة تجاهلت ببساطة هذا الحظر ما أثار مواجهات شبه أسبوعية قامت الشرطة خلالها بإطلاق الغاز المسيل للدموع على المحتجين الذين يلقون عليها قنابل المولوتوف، ما ألحق الضرر بصورة المدينة ودفع اقتصادها نحو الانكماش.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».