جداريات بالأبيض والأسود... فنانو ليبيا يعيدون الروح لمدينة سرت

تحت شعار «رسمة تعطي بسمة»

جداريات بالأبيض والأسود... فنانو ليبيا يعيدون الروح لمدينة سرت
TT

جداريات بالأبيض والأسود... فنانو ليبيا يعيدون الروح لمدينة سرت

جداريات بالأبيض والأسود... فنانو ليبيا يعيدون الروح لمدينة سرت

محا مجموعة من الرّسامين الليبيين تشوهات فترة تاريخية من حياة مدينة سرت الساحلية، امتدت قرابة عامين.
بعدما تجمعوا على تزيين حوائط بناياتها بأعمال فنية عكست قدراً من التمسك بالتراث الشعبي، وأزالت شعارات عدائية تركها المتعصبون على جدرانها.
وسرت التي تطل على ساحل البحر الأبيض المتوسط، وتبعد عن العاصمة طرابلس 450 كيلومتراً، كانت حوائط بيوتها ومؤسساتها تحفل بشعارات تركها تنظيم «داعش» قبل طرده منها، قبل ثلاثة أعوام، على أيدي قوات عملية «البنيان المرصوص»، وتسعى السلطات المحلية إلى تجميل المدينة، ومحو أي أثر لتلك الفترة العصيبة من تاريخ البلاد.
وجسّد الفنانون، الذين تجمعوا بمبادرة أطلقها المجلس المحلي سرت، تحت عنوان: «رسمة تعطي بسمة»، في أعمالهم قيم السلام والاحتفاء بالزي الوطني إلى جانب الفروسية، والتراث الشعبي، وحب البيئة والحفاظ عليها.
واكتفى الفنانون باللونين الأبيض والأسود في تجسيد أعمالهم، التي بدت بسيطة إلى حد ما، إلاّ أنها عكست في جانب منها حب الخيل، تشبها بـ«أسد الصحراء» عمر المختار.
وقال محمد الأميل المسؤول الإعلامي في البلدية، إنّ الفنانين الذي يشاركون في المبادرة ينتمون إلى مختلف المدن الليبية، مثل الجفرة والشاطئ وسرت والبيضاء ومصراتة وبنغازي، مشيراً إلى أنّ الحملة التي تستهدف تزيين أكبر عدد من بنايات المدينة، جاءت بالتعاون مع «فوج كشاف سرت» وجمعية المستقبل للأعمال التطوعية.
والمبادرة التطوعية هذه، وإن بدت متكررة في بعض المدن الليبية، إلاّ أنّها لاقت قبولاً واسعاً من المواطنين، الذين عبّروا عن تجاوبهم معها، وقالوا إنّ سرت «تستحق الحفاظ عليها من التشوه والتدمير المتعمد من البعض».
وقال الوافي يزن، لـ«الشرق الأوسط» إنّ «تجميل المدينة شيء مهم وحضاري، لكن نود من الأجهزة في سرت الاهتمام بالخدمات الأخرى، خاصة صيانة شبكة الكهرباء، وإنارة الشوارع».
وسبق أن نظّم متطوعون من بلدة براك الشاطئ في جنوب البلاد، حملة أطلقوا عليها اسم «ضع بصمتك»، استهدفت طمس العبارات المسيئة، التي تحمل دلالات سياسية واستبدال أخرى بها هادفة تحث المواطنين على المصالحة الوطنية.
واستهدفت الحملة عدداً من حوائط المؤسسات العامة والمدارس بطلائها وإضافة رسومات مبهجة عليها، مع كتابة بعض النصائح التي تحفز على فعل الخير، وتجنب الخلافات.
ودائماً تعتمد هذه المبادرات في إنفاقها على تبرع المواطنين من أهالي البلدات، سواء بشراء طلاء أو أدوات تستخدم في التنظيف، فضلاً عن مساهمة شركة النظافة العامة في إزالة أكوام النفايات القريبة من الحوائط المستهدفة بالنظافة والتجميل.
وخلال السنوات الماضية، كانت بنايات عديدة في مدن غرب البلاد تحمل حوائطها عبارات مسيئة لنظام معمر القذافي، وتبشر بانتهاء عصر الديكتاتورية، وظلت هذه الشعارات على حالها إلى أن طمست بعد انتهاء تبعات تلك الفترة الزمنية، وحلت بدلاً عنها، عبارات تتوعد «الجيش الوطني» الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر.



من سيارة «ليرة» إلى «تاكسي طائرة»... هشام الحسامي شعارُه «صُنع في لبنان»

المهندس هشام الحسامي وأول طائرة تاكسي صُنعت في لبنان (حسابه الشخصي)
المهندس هشام الحسامي وأول طائرة تاكسي صُنعت في لبنان (حسابه الشخصي)
TT

من سيارة «ليرة» إلى «تاكسي طائرة»... هشام الحسامي شعارُه «صُنع في لبنان»

المهندس هشام الحسامي وأول طائرة تاكسي صُنعت في لبنان (حسابه الشخصي)
المهندس هشام الحسامي وأول طائرة تاكسي صُنعت في لبنان (حسابه الشخصي)

تكبُر أحلام الشاب اللبناني المهندس هشام الحسامي يوماً بعد يوم، فلا يتعب من اللحاق بها واقتناص الفرص ليُحقّقها. منذ نحو العام، أطلق إنجازه الأول في عالم التكنولوجيا، فقدّم سيارة «ليرة» الكهربائية العاملة بالطاقة الشمسية، لتكون المنتج النموذج لتأكيد قدرة اللبناني على الابتكار.

اليوم، يُطوّر قدراته مرّة أخرى، ويُقدّم أول تاكسي طائرة، «سكاي ليرة»، من صنع محلّي؛ تأتي ضمن سلسلة «ليرة» ومزوَّدة بـ8 محرّكات. ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «إنها أول طائرة من نوعها في العالم العربي مصنوعة محلّياً. فمعظم طائرات التاكسي في الإمارات العربية وغيرها، تُستَورد من الصين. رغبتُ من خلالها التأكيد على إبداعات اللبناني رغم الأزمات المتلاحقة، وآخرها الحرب».

يتمتّع هذا الابتكار بجميع شروط الأمان والسلامة العامة (هشام الحسامي)

أجرى الحسامي دراسات وبحوثاً ليطّلع بشكل وافٍ على كيفية ابتكار الطائرة التاكسي: «بحثتُ بدقّة وكوّنتُ فكرة كاملة عن هذا النوع من المركبات. خزّنتُ المعلومات لأطبّقها على ابتكاري المحلّي. واستطعتُ أن أقدّمها بأفضل جودة تُضاهي بمواصفاتها أي تاكسي طائرة في العالم».

صمّم ابتكاره ونفَّذه بمفرده: «موّلتها بنفسي، وهي تسير بسرعة 130 كيلومتراً في الساعة، كما تستطيع قَطْع مسافة 40 كيلومتراً من دون توقُّف».

يهدف ابتكاره إلى خلق مجال صناعي جديد في لبنان (هشام الحسامي)

لا يخاطر هشام الحسامي في إنجازه هذا، ويعدُّه آمناً مائة في المائة، مع مراعاته شروط السلامة العامة.

ويوضح: «حتى لو أُصيب أحد محرّكاتها بعطل طارئ، فإنها قادرة على إكمال طريقها مع المحرّكات الـ7 الأخرى. كما أنّ ميزتها تكمُن في قدرتها على الطيران بـ4 من هذه المحرّكات».

ولكن مَن هو المؤهَّل لقيادتها؟ يردّ: «قيادتها بسيطة وسهلة، ويستطيع أيٌّ كان القيام بهذه المَهمَّة. الأمر لا يقتصر على قبطان طائرة متخصّص، ويمكن لهذا الشخص أن يتعلّم كيفية قيادتها بدقائق».

يحاول هشام الحسامي اليوم تعزيز ابتكاره هذا بآخر يستطيع الطيران على نظام تحديد المواقع العالمي «جي بي إس»: «سيكون أكثر تطوّراً من نوع (الأوتونومايس)، فيسهُل بذلك طيرانها نحو الموقع المرغوب في التوجُّه إليه مباشرة».

صورة لطائرة تاكسي أكثر تطوّراً ينوي تصميمها (هشام الحسامي)

صمّم المهندس اللبناني الطائرة التاكسي كي تتّسع لشخص واحد. ويوضح: «إنها نموذج أولي سيطرأ عليه التطوُّر لاحقاً. إمكاناتي المادية لم تسمح بالمزيد».

من المُنتَظر أن يعقد الحسامي اجتماعاً قريباً مع وزير الصناعة في حكومة تصريف الأعمال بلبنان، جورج بوشيكيان، للتشاور في إمكان الترويج لهذا الابتكار، وعمّا إذا كانت ثمة فرصة لتسييره ضمن ترتيبات معيّنة تُشرف عليها الدولة؛ علماً بأنّ الطائرة التاكسي ستُطلَق مع بداية عام 2025.

أطلق هشام الحسامي عليها تسمية «سكاي ليرة»، أسوةً بسيارة «ليرة»، وأرفقها بصورة العلم اللبناني للإشارة إلى منشئها الأصلي: «إنها صناعة لبنانية بامتياز، فكان من البديهي أن أرفقها بالعَلَم».

وهل يتوقّع إقبال اللبنانيين على استخدامها؟ يجيب: «الوضع استثنائي، ومشروعات من هذا النوع تتطلّب دراسات وتخصيصَ خطّ طيران لتُحلِّق من خلاله؛ وهو أمر يبدو تطبيقه صعباً حالياً في لبنان. نصبو إلى لفت النظر لصناعتها وبيعها لدول أخرى. بذلك نستطيع الاستثمار في المشروع، وبالتالي رَفْع مداخيلنا وأرباحنا بكوننا دولة لبنانية»، مؤكداً: «من خلال هذا الابتكار، يمكن للبنان أن ينافس نوعَها عينه الرائج في العالم. فكلفة صناعتها تتراوح بين 250 و300 ألف دولار عالمياً، أما في لبنان، وبسبب محلّية صناعتها وتجميع قطعها، فكلفتها أقل. نستطيع بيعها بأسعار لا تزيد على 150 ألف دولار».

المواد الأولية لصناعة «الطائرة التاكسي» مؤمَّنة في لبنان. وحدها القطع الإلكترونية اللازمة تُستَورد من الخارج: «بذلك يكون بمقدورنا تصدير التكنولوجيا الخاصة بنا».