العشوائية والثورة ومفارقات المكان

أشرف الصباغ يكتب عنها في «كائنات الليل والنهار»

العشوائية والثورة ومفارقات المكان
TT
20

العشوائية والثورة ومفارقات المكان

العشوائية والثورة ومفارقات المكان

يمهد أشرف الصباغ لروايته «كائنات الليل والنهار» بمشهد بانورامي، يكاد يكون تشريحاً لمفاصل القاهرة، بأحيائها الراقية والشعبية والعشوائية، راصداً حركة سكانها وعابريها، ما بين التثاقل والبطء والسرعة، كما يرصد طبيعتهم الشخصية، التي تتأرجح ما بين الكسل والثرثرة والصمت، وأمزجتهم التي تتوقف على نوعية الكيف الذي يتعاطونه، ويعكس في الوقت نفسه أوضاعهم الاجتماعية والطبقية.
في هذه الطبوغرافيا البشرية، تبدو العلاقة عضوية ومفارقة معاً، بين حي الوايلي الكبير الشعبي مسقط رأس «عاشور» بطل الرواية، الذي غادره يتيماً إلى حي بولاق أبو العلا الشعبي أيضاً، ليعيش بين ناسه وفقره وعشوائيته، ويكتوي بلحظات انهياره، بينما تبدو متنافرة وشاسعة العلاقة نفسها بين حي بولاق، وحي الزمالك الراقي المواجه له على الضفة الأخرى من النيل، حيث يعمل البطل بأحد محال التجميل للنساء، مرتقياً في سلم العمل من صبي مكلف بنظافة المكان، إلى كوافير مرموق يحظى بتقدير واهتمام زبونات المحل الأرستقراطيات، واستطاع أن يكمل تعليمه الجامعي.
لكن مع ذلك لا يبرح عاشور دائرة حياته النمطية، مقترباً من الجميع، ومحتفظاً بمسافة رخوة بينه وبينهم، لا يتوانى عن تقديم المساعدة لأحد، لكن كل همه أن يسد فجوات حياته والتعايش مع متناقضات الواقع الشرهة، ولو بالرشوة والواسطة، خصوصاً بعدما أصبح يدور في فلك لغز ومتاهة، مع سجل غرامات المرور الباهظة على عربته القديمة المتهالكة التي بالكاد توصله إلى محل عمله، وكذلك فواتير الكهرباء التي وصلت إلى أكثر من 20 ألف جنيه، على صالونه الخاص؛ محل جديد اشتراه في «مثلث ماسبيرو» (حي بولاق)، ودفع فيه كل ما يملك، رغم أنه مغلق لم يُفتتح أصلاً، وليس به عداد للكهرباء. لم يفكر عاشور في أن كل هذا ابن ميراث من إدارات خربة وأنظمة فاسدة غاشمة، فما يشغله هو إيجاد حلول تتماشى مع طبيعة التكيف والإذعان والعيش، وفق مقتضى الحال.
تتحول هذه البانوراما، على مدار الرواية، إلى عين كاميرا خفية، يحركها الكاتب بزوايا محددة، متوغلاً في طبقات المهمش والشائك والملتبس في خطى بشر يعيشون على هامش حياة واقعية فقدت واقعيتها تحت وطأة الفقر والعوز والحرمان، وجشع رأس المال والفساد، وأصبحت بمثابة كابوس يطاردهم في أحلامهم ولقمة عيشهم وحيواتهم الفقيرة المفتتة، كما أنها حياة ابنة زمن ضيق ومضطرب، يتكرر على مدار اليوم، ما يبقى فيه إنسانياً خالصاً من الغبار والضجيج لا يعدو أربعين دقيقة أو ساعة قبيل صلاة الفجر تشكل استراحة لكائنات الليل من ضجيج النهار، وتفسح مساحة من الحميمية لتأمل الذات.
تعلو وتيرة المفارقة بين البشر وعلاقتهم بالمكان، ويجري الكاتب الراوي المراقب الكاتب مناظرة طبوغرافية، بين أحياء القاهرة الراقية وحي الزمالك، معرجاً على المدن والأحياء الجديدة المحروسة بـ«كمباوندات»، ونظم حراسة حديثة، «لكنها تكرس للعزلة...»، هذه الدويلات يسمونها عرضاً بالمدن الجديدة، مدن تشبه الوحوش الخرافية، على الأطراف الهشة للقاهرة، منتصراً لحي الزمالك بنظافته ومعماريته الأوروبية، وكوده التاريخي الذي يشكل خزنة أسراره، وأيضاً يتعاطف مع القاهرة بعبقها التراثي العتيق قائلاً: «لا مقارنة بين البشر في القاهرة الشائخة القذرة التي تحتضر منذ ما يزيد على النصف قرن بكل روائحها القديمة، وبخورها، وغبارها، وإزعاجها، وإثارتها للنفور، وبين روائح تلك السجون الفخمة، وبرودتها، وطرزها المعمارية المثيرة للتأمل».
هذا اللعب على روح المكان، والتماهي معه والانفتاح على حيواته، بشكل واقعي ملموس، يبقى من مناطق التميز في الرواية، ففي جملة شديدة الدلالة (ص 124) في معرض الكلام على علاقة التاريخ والجغرافيا والمدينة، يؤكد الراوي السارد على أن «البشر هم الجغرافيا الحقيقية للتاريخ».
تلون هذه الطبوغرافيا طبيعة الشخوص، ومدى التصاقهم بالمكان، حتى أصبح جزءاً من نسيجهم وظلاً لهم، لا يتقدمون خطوة بمعزل عنه، ولا يتراجعون أيضاً... فضاء مفتوح على كل شيء بفقره وعشوائيته ومهنه التي تتدرج من العمل بالمقاهي والورش إلى الخدمة في بيوت الأثرياء، لا فواصل ولا عُقد سميكة بين الأشياء ونقائضها، بين مشاغل الجسد ومشاغل الحياة؛ كل شيء عادي إلى حد الملل والرتابة، حتى مكائدهم ونزواتهم العابرة الطائشة، لا تعدو مجرد رذاذ شاحب في مرآة مهمشة تصفها الرواية على هذا النحو: «في تلك الشوارع والحواري والبيوت لا توجد أي أسرار، حتى الأبواب المغلقة لا تواري شيئاً، ولا تداري أحداثاً أو علاقات. فالبيوت بلا أسطح وستائر النوافذ والبلكونات شفافة حتى لو كانت مصنوعة من الجلد والفولاذ، والعيون لا ترى إلا الآخرين، ولا ترصد إلا سكناتهم وحركاتهم».
شخوص نمطية، تتصرف بمنطق محايد في واقع نمطي مستلب وطارد، تعيش حياتها كيفما اتفق، لا تتسم بصفة البطولة، ولا تولي اهتماماً بأي دوافع داخلية، تجعلها تتشبث بمصائرها في المكان، وإرادة الحياة فيه، والعيش حتى على أنقاضه. ينعكس كل هذا على نظرتها المتوجسة لما يحدث خارج المكان، حتى لو كان ثورة وانتفاضة شعبية ضد الفقر والجوع، تدور على بعد خطوات منه مثل أحداث «ثورة 25 يناير» (كانون الثاني) التي يحيدها الكاتب، ويجعلها مجرد غلالة خافتة في الخلفية، ينعكس هذا المناخ أيضاً على علاقات الحب، فهو دائماً ابن الخطيئة والنزوات العابرة، مجرد قشرة لستر الجسد، وترميم الشقوق، كما يتجسد على نحو لافت في علاقة عاشور البطل المتعلم، ونبيلة ابنة خالته زينب، الذي يعلمها القراءة والكتابة، ويمارس معها الجنس، ولا يتقدم إلى خطبتها بدافع الحب، وإنما بدافع الستر، بعد أن يتكرر حملها منه، وتجهض نفسها... وترفضه خالته زينب قائلة بحسم: «خليك في حالك، يا بني، وخلينا في حالنا». لكن بذرة هذا الحب لا تتبخر ولا تموت، بل تتحول إلى ما يشبه الأسطورة في قوس الرواية الأخير. يكسر الكاتب من واقعية المكان الجهمة، محاولاً شده خارج الإطار، مستعيناً بما يمكن تسميته بـ«سردية الأفكار»، التي تتكثف على نحو لافت، بداية من الفصل السابع، فنجد أفكاراً عن سيكولوجية البوح والفضفضة والمحافظة على المسافات البينية صوناً للذات، كما نجد ومضات مهمة مشرّبة بنفس الفلسفة والفن مثل وصفه قواعد تصفيف شعر النساء، كأنها أيقونة فنية، لها فلسفتها ولمساتها الخاصة، قائلاً (ص 79) على لسان عاشور البطل: «يختار الجمل والعبارات بدقة، لون الشعر الطبيعي يظهر جمال العينين، وكأنه خيوط من الحرير، مهما كانت خشونته»، ويقول باهتمام «لملمة الشعر إلى الخلف تظهر على الفور حيوية الملامح، وتجعل خلايا البشرة تتألق فرحاً». تبرز أيضاً نظرة مغايرة للصراع الاجتماعي الذي يعلو فوق فكرة الطبقة إلى فكرة الوجود بالمعنى الأعمق والشامل... فتطالعنا أفكار حول الرغبة والقدرة والتحقق، وكتابة التاريخ، ومن يصنعه، والشجن والفقد والندم، كأحد المعاول المهمة في تشكيل كينونة الإنسان، من هذه الزاوية يصف الراوي السارد حالة عاشور بعد تلقيه نبأ موت خالته زينب، وبعد انقطاع بينهما دام نحو عشرين عاماً، قائلاً (ص 116): «اهتز جسده بشدة عندما أدرك أنه سيعيش، ليس فقط دون درع البوح، وإنما أيضاً بسيف الندم الذي يمزق صدره، ويسمم كل لحظات الصفاء في حياته التي لم يعد فيها أحد».
عاشور البطل السلبي، الذي يكره «ثورة 25 يناير»، ويسخر منها على مدار الرواية، ويرى شبابها مجرد بلطجية، يريدون حرق البلد، بعد أن يتم اغتيال صالونه الجديد، ويصبح مجرد ركام تحت مخالب البيت الذي انهار فجأة، يذهب بعربته المتهالكة إلى وسط ميدان التحرير، يفتح أبوابها، ويرقص على سقفها، ثم يغادرها وينطلق إلى كوبري قصر النيل، يوزع من جرابه مراكبه وعصافيره الورقية على العشاق الذين يسندون أحلامهم على سور الكوبري، حتى تحول إلى شبح تطارده ظلال ترتدي ملابس مدنية وعسكرية، يبحثون عن إرهابي بيده حقيبة متفجرات ترك عربته مفتوحة وسط ميدان التحرير. قال صبي إنه «رآه يقفز وسط العصافير البيضاء، ويحلق معها فوق صفحة المياه»، بينما نبيلة تبتلعها شجرة مشعة ضاربة جذورها في مياه النيل، لتلحق بمصير زوجها الصياد وابنها، لنصبح إزاء نهاية روائية تشارف أسطورة الخلود في النيل.
لكن، يظل هذا الخلاص الأسطوري بالنيل مجرد نزق ناتئ في جسد رواية واقعية صنعت جمالياتها من التعامل بذكاء شديد مع المكان، وأبقت الهوة شاسعة بين الواقع والثورة التي قبعت في الخلفية، وتحولت إلى مجرد نثار لذكرى تكاد تكون محرمة، مررها الكاتب برشاقة فنية مرة على لسان بطل خذله التاريخ والجغرافيا معاً.



مصر: ارتباك واتهامات في أول أيام تشغيل «تطوير منطقة الأهرامات»

باعة وخيّالة أمام هرم خفرع (الشرق الأوسط)
باعة وخيّالة أمام هرم خفرع (الشرق الأوسط)
TT
20

مصر: ارتباك واتهامات في أول أيام تشغيل «تطوير منطقة الأهرامات»

باعة وخيّالة أمام هرم خفرع (الشرق الأوسط)
باعة وخيّالة أمام هرم خفرع (الشرق الأوسط)

أثار الارتباك الذي شهدته منطقة أهرامات الجيزة في أول أيام تشغيل منظومة التطوير الجديدة بشكل تجريبي جدلاً واسعاً، وانتقادات واتهامات في مصر.

وتم تداول صور ومقاطع فيديو على نطاق واسع عبر «السوشيال ميديا» تظهر زحام السائحين داخل الحافلات الجديدة الخاصة بمنطقة الأهرامات، بالإضافة إلى قطع الخيّالة والجمّالة لطريق سير الحافلات؛ اعتراضاً على المنظومة الجديدة التي تقضي بإبعادهم عن خط سير الحافلات، وهو ما عدّه نجيب ساويرس رجل الأعمال ورئيس مجلس إدارة شركة «أوراسكوم بيراميدز للخدمات الترفيهية»، الشركة المشغلة لمنظومة التطوير الجديدة، «تجربة سيئة للغاية».

الخيالة لم يلتزموا بمنطقة التريض (الشرق الأوسط)
الخيالة لم يلتزموا بمنطقة التريض (الشرق الأوسط)

وأضاف ساويرس عبر حسابه على «إكس» أن «رفض الخيالة والجمالين الذهاب لمنطقة التريض، وتعطيل خط سير أتوبيسات السياحة، وتسبب روث الخيل والجمال في الروائح الكريهة يُسيء ويلوث أهم معلم أثري في العالم».

واتهمت شركته «أوراسكوم» عبر بيان لها الجهات المعنية بـ«التراجع عما تم الاتفاق عليه في مخطط التطوير».

ويستهدف مخطط التطوير تحويل المنطقة الأثرية التي تنتظر افتتاح المتحف المصري الكبير في يوليو (تموز) المقبل، إلى منطقة صديقة للبيئة، بتوفير حافلات كهربائية لنقل السياح من البوابة الجديدة على طريق الفيوم إلى محطات الزيارة المختلفة بالمجان، وتخصيص منطقة لأصحاب الخيول والجمال «منطقة التريض»، وذلك بعد الشكوى المتكررة من سوء معاملتهم للسائحين والزوار المحليين.

منطقة الأهرامات تعج بالسياح والخيالة يتمسكون بأماكنهم (الشرق الأوسط)
منطقة الأهرامات تعج بالسياح والخيالة يتمسكون بأماكنهم (الشرق الأوسط)

ورغم أن وزارة السياحة والآثار المصرية قد أكدت أن عملية التشغيل التجريبي شهدت انتظاماً ملموساً في اليوم الأول عدا الفترة التي شهدت تكدساً لبعض مجموعات السائحين، وإعاقة لحركة سير بعض الحافلات نتيجة لعدم التزام بعض الخيّالة والجمّالة بالمنطقة التي تم تخصيصها لهم للوقوف بها، فإن شركة «أوراسكوم» قالت في بيان لها إنه «بشكل مفاجئ ونزولاً على ضغط ورغبة أصحاب الدواب، تلقت الشركة تعليمات من المحافظة تقضي بتغيير المسار المتفق عليه منذ بداية المشروع، واقتراح حل مؤقت لاستخدام المسارات القديمة نفسها».

مدخل حضاري لمنطقة الأهرامات بعد تطبيق مشروع التطوير (الشرق الأوسط)
مدخل حضاري لمنطقة الأهرامات بعد تطبيق مشروع التطوير (الشرق الأوسط)

وأوضحت الشركة أنه «رغم التحذير من أن هذا التعديل قد يؤدي إلى خلل في التشغيل، فإنه حدث ما كنا نخشى منه، عندما قطع أصحاب الدواب الطريق من دون تدخل حاسم من الجهات الأمنية، مما أدى إلى تكرار ذلك في أكثر من موقع».

حلول عاجلة

وبعد الانتقادات التي وجهت إلى الجهات المعنية بسبب تكدس السائحين، وحدوث ارتباك لافت في أول أيام تشغيل المنظومة الجديدة، وجّه وزير السياحة والآثار بزيادة عدد حافلات نقل السائحين داخل المنطقة الأثرية، لا سيما أن الوزارة قد وافقت من قبل على أن تقوم شركة «أوراسكوم بيراميدز للخدمات الترفيهية» بتعزيز منظومة التنقل داخل المنطقة باستخدام حافلات ديزل حتى وصول باقي الحافلات الكهربائية المتفق عليها، مع استمرار السماح بدخول حافلات الرحلات السريعة للمنطقة الأثرية.

ممر خاص بالباعة بالقرب من منطقة أبو الهول (الشرق الأوسط)
ممر خاص بالباعة بالقرب من منطقة أبو الهول (الشرق الأوسط)

ورصدت «الشرق الأوسط»، الأربعاء، احتواء الارتباك في ثاني أيام تشغيل المنظومة الجديدة، بعدما تم السماح بدخول الأفواج السياحية التي يتجاوز عددها 35 سائحاً بحافلات الشركات السياحية إلى داخل المنطقة الأثرية، ما انعكس في سرعة السير داخل المنطقة، وتخفيف الإقبال على سيارات شركة «أوراسكوم» الكهربائية.

وثمّن المرشد السياحي نصر الخبيري، موافقة الوزارة على دخول حافلات الشركات السياحية إلى منطقة الأهرامات جنباً إلى جنب مع الحافلات الكهربائية الداخلية، مطالباً في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن يمتد القرار إلى عربات الشركات السياحية الصغيرة، خصوصاً أن بعض السائحين لديهم أطفال، ويصعب صعودهم ونزولهم المتكرر من الحافلة، مشيراً إلى وفد تركي كان بصحبته.

كما أشاد المرشد السياحي إبراهيم حامد بإيجابيات مشروع تطوير الأهرامات، قائلاً عبر «فيسبوك»: «مدخل طريق الفيوم ممتاز وواسع، ويكفي أي أعداد من السيارات المتوقعة لزيارة الأهرامات، وعدد شبابيك التذاكر كاف جداً، وكذلك بوابات كشف المعادن، ومركز الزوار رائع، وإتاحة الخروج من جهة أبو الهول أمر ممتاز، لكن هناك حاجة لتوفير مكان انتظار للسيارات فيه».

وطالب بإقامة مظلات بأحجام مناسبة في منطقة خوفو وخفرع ومنقرع، خصوصاً مع دخول فصل الصيف حتى ولو كانت غير مكيفة، وتمهيد ممشى مظلل من مكان توقف الأتوبيسات في نقطة منقرع حتى الهرم؛ لأنها مسافة تزيد على 600 متر.

مشكلة معقدة

ووفق ما رصدته «الشرق الأوسط» فإن «الخيّالة والجمّالة لم يلتزموا بمنطقة التريض المخصصة، وواصلوا إلحاحهم على الزائرين لركوب دوابهم نظير مقابل مادي».

وقال أحد أصحاب الدواب بالمنطقة، ويدعى محمد حسن لـ«الشرق الأوسط» إنهم «يدعمون التطوير، لكنهم لن ينتقلوا إلى منطقة التريض، لأنها بمنزلة منفى لهم»..

مطالبات باحتواء الخيّالة ضمن منظومة التطوير (الشرق الأوسط)
مطالبات باحتواء الخيّالة ضمن منظومة التطوير (الشرق الأوسط)

ودافعت الشركة المشغلة للمشروع عن نفسها بعد الانتقادات الموجهة إليها عبر «السوشيال ميديا» قائلة في بيان ثانٍ الأربعاء: «كل ما تم اتخاذه من قرارات في عملية التطوير قرارات دولة تنفذها (أوراسكوم)»، لافتة إلى أن «قرارات الدولة كلها سليمة وطال انتظارها»، وشددت على أن «المشكلة معروفة للجميع ومعقدة؛ نظراً لاستمرارها لسنوات طويلة، وأن التغيير يحتاج إلى شجاعة وتطوير».

احتواء الخيّالة

وطالب ساويرس عبر حسابه على «إكس» بتنفيذ بنود خطة التطوير كافة، وأن يبتعد أصحاب الدواب عن المسار الأسفلتي للأتوبيسات لعدم تعطيل السياح، وفي حالة الرفض يُمنعون تماماً حفاظاً على هذه المنطقة التاريخية. وتابع: «الصالح العام أهم من ألفي شخص ظلوا سنين يسيئون لبلدهم».

لكن خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان، أكد أنه لن ينجح أي مشروع تطوير من دون مراعاة المجتمع المحلي، وأن تكون مصالح الخيّالة والجمّالة جزءاً أساسياً في المشروع.

مضيفاً أنه «لا ينبغي أن نلقي بهم بعيداً ونتهمهم بالتسبب في تعطيل المشروع، لأن من حقهم كسب العيش، فمنطقة الأهرامات تعد مصدر دخلهم الوحيد».

حافلة لنقل الزوار وسيارة شرطة للتأمين من أمام هرم خفرع (الشرق الأوسط)
حافلة لنقل الزوار وسيارة شرطة للتأمين من أمام هرم خفرع (الشرق الأوسط)

وتتفق معه عالمة الآثار الدكتورة مونيكا حنا، التي قالت في تصريحات لها عبر حملة «الدفاع عن الحضارة المصرية» برئاسة الدكتور عبد الرحيم ريحان إن «الخطة التي قامت بها شركة (أوراسكوم بيراميدز) هي خطة كبيرة بكل المقاييس، لكنها لم تدرس ثقافة المكان بشكل صحيح، وهذا ما اتضح أثناء التشغيل التجريبي، حيث لم يؤخذ رأى الزائرين المحليين والأجانب أو المرشدين أو الآثاريين في طريقة إدارة المنطقة الأثرية».

وتقترح حنا وضع خطة تنمية قوية طويلة الأجل مع إجراءات تهدف إلى تحويل الخيّالة والجمّالة وأهالي نزلة السمان إلى شركاء ناجحين لخطط الاستثمار والتطوير لمشروع الجيزة من خلال خلق شراكات حقيقية، وقد حققت عائلة ساويرس نجاحاً مماثلاً في منشأة ناصر مع جامعي القمامة، ويجب أن يأتي الدور على نزلة السمان.

مشددة على أنه «لا يمكن في القرن الحادي والعشرين أن ننادي بالحلول الأمنية الأحادية لحل مشاكل توارثناها مع السنين».