وزراء خارجية 6 دول أفريقية يشددون على «محورية دور الشباب» في التنمية

بوريطة: الحكومات مدعوة للثقة في قدراتهم للتغلب على التحديات

الوزراء الأفارقة لدى إطلاق المنصة الرقمية التي أنجزتها الوكالة المغربية للتعاون الدولي في الرباط أمس
الوزراء الأفارقة لدى إطلاق المنصة الرقمية التي أنجزتها الوكالة المغربية للتعاون الدولي في الرباط أمس
TT

وزراء خارجية 6 دول أفريقية يشددون على «محورية دور الشباب» في التنمية

الوزراء الأفارقة لدى إطلاق المنصة الرقمية التي أنجزتها الوكالة المغربية للتعاون الدولي في الرباط أمس
الوزراء الأفارقة لدى إطلاق المنصة الرقمية التي أنجزتها الوكالة المغربية للتعاون الدولي في الرباط أمس

أجمع وزراء خارجية ست دول أفريقية على جسامة التحديات التي تواجهها القارة الأفريقية على مستوى التنمية وخلق فرص الشغل وضمان الاستقرار ومكافحة التغيرات المناخية، مشددين على محورية دور الشباب في كسب الرهانات وتحقيق القفزة التي تتطلع إليها شعوب القارة.
وقال ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، في افتتاح الدورة الثامنة لقمة الطلبة الأفارقة بالرباط، أمس، إن التزام المغرب من أجل أفريقيا ينبني على الشباب وتكوينهم والاستثمار في القدرات التي يتمتعون بها، مؤكداً أن الشباب هم سر ومفتاح تحقيق التنمية التي تفتقدها بلدان القارة.
وحض بوريطة ما يزيد على ألف شاب مشارك في التظاهرة على الثقة في أنفسهم لمواجهة الصعوبات التي تعترض بلدانهم، مطالباً الحكومات بالثقة في قدرات الشباب من أجل التغلب على «شح فرص العمل ومكافحة الهشاشة الاجتماعية والمخاطر الأمنية والتهديدات الإرهابية التي تواجهها القارة».
واعتبر بوريطة أن تكوين الشباب الأفريقي «مشروع كبير ذو أولوية في التعاون جنوب - جنوب»، مشدداً على إيلاء أهمية بالغة لهذا المجال وخلق فرص لتبادل الخبرات وتأهيل الشباب في قطاعات متعددة. وأعرب عن رفض بلاده لاستقطاب الدول الأوروبية لشباب القارة، قائلاً: «لا يمكن أن نقبل أن يبقى شباب أفريقيا موضوع طمع من قبل أوروبا».
وزاد بوريطة مخاطبا الشباب الحاضرين ومن بينهم العشرات من خريجي التعليم العالي المغربي: «المغرب يريد أن تكون لديكم فكرة عن أهميتكم ومستقبلكم، ويجب أن تثقوا في قارتكم»، مبرزاً أن بلاده تجتهد من أجل إيجاد فرص عمل وتكوينات واعدة لشباب القارة، وأنها تطمح لكي تصبح الهجرة «اختياراً حراً لشباب القارة الأفريقية وليس إجبارياً».
من جهتها، قالت شيرلي باكورلي، وزيرة الشؤون الخارجية بغانا، إن أفريقيا لا يمكنها أن تنجح في كسب رهانات المستقبل إلا من خلال شبابها، مطالبة حكومات وبلدان القارة بإتاحة الفرصة للشباب من أجل التطرق للتحديات التي تواجهها القارة والبحث عن حلول لها. ودعت باكورلي الشباب الأفريقي إلى التفكير «خارج المألوف والتجديد والابتكار في إيجاد الحلول العملية للتحديات الكبرى التي تواجهها القارة»، معتبرة أن عدم توافق المناهج الدراسية مع فرص العمل المطروحة في السوق يمثل عائقاً أمام جل الدول الأفريقية في تحقيق التنمية والتغلب على البطالة في صفوف الشباب.
وشددت المسؤولة الغانية على ضرورة إيجاد حلول عملية وفعالة لإشكالية التكوين والتعليم في أفريقيا، وأكدت أن غانا تضع هذه المسألة ضمن أولوياتها. وقالت: «نود أن ندعم مشوار الشباب التعليمي من خلال اعتماد تكوينات تتوافق مع متطلبات سوق العمل».
أما إسماعيل ولد الشيخ سيدي أحمد، وزير الخارجية الموريتاني، فعبّر في كلمة بالمناسبة عن امتنان بلاده للمغرب على ما قدمه طيلة 40 سنة من دعم وتكوين الموريتانيين، موضحاً أنه خرّج «أجيالاً من النخب الموريتانية في شتى المجالات».
وأكد ولد الشيخ على أن الإمكانات التي تزخر بها أفريقيا في تخصصات مختلفة عبر العالم كفيلة بأن تجعل أفريقيا تعتمد على نفسها. ودعا «الأطر والطاقات الأفريقية بالعالم إلى العودة لقارتها الأصل لتساهم في تطوير بلدانها»، مطالباً الحكومات بالعمل على «استيعاب نخبها المهاجرة وتوفير الشروط والظروف الملائمة لخدمة بلدانهم».
وفي رسالة تحفيزية للشباب الحاضرين، قال وزير الخارجية الموريتاني: «أرى أفريقيا الناهضة أمامي الآن، (هم) جزء من النخبة الأفريقية الحالية وممن سيصيرون نخبة أفريقيا لا محالة، وبالتالي مستقبل القارة بين أيديكم وهي أيدي أمينة بلا شك».
من جانبه، أكد مامادي توري، وزير خارجية غينيا كوناكري، على أهمية استيعاب الشباب الأفريقي للتحديات التي تواجهها القارة مثل النقص في الغذاء والشح في الماء من أجل بحث سبل مواجهتها في المستقبل، مبرزاً أن التوصيات التي ستخرج بها القمة الشبابية على مدى أربعة أيام من النقاش، «ستسمح لنا بالوصول إلى حلول للتحديات التي تواجهها القارة من أجل المستقبل».
وأفاد توري بأن التعاون جنوب - جنوب يشكل خياراً استراتيجياً لمواجهة مجموعة من التحديات، مطالباً بالعمل على تنمية القارة من خلال أبنائها بعيداً عن الصور النمطية التي «تجعلنا موضوع طمع للبلدان الصناعية»، بحسب تعبيره.
وأشار وزير الخارجية الغيني إلى أن بلوغ إدماج وتكوين شباب القارة «لا يمكن عزله عن التطور الرقمي والديمقراطية وحقوق الإنسان كخيار استراتيجي يوصلنا إلى تدبير النمو الديمغرافي وجعله فرصة للتطور ينبغي أن نبني عليها مستقبل أفريقيا».
من جهته، قال أمين السويف، وزير خارجية جزر القمر، إن أفريقيا في حاجة لاستراتيجية «تضع الشباب في صلب اهتماماتنا ونحافظ على قوتنا ووحدتنا الداخلية»، مطالبا بالتركيز على الشركات وإيجاد حلول مستدامة تضمن الكرامة. وأضاف السويف: «لدينا مسؤولية جماعية تتجلى في تحقيق رفاه وازدهار بلداننا وتوفير حياة كريمة، وإلا فسيلجأ عدد من شبابنا إلى التطرف وشبكات الإجرام».
بدوره، قال مامادو تنغارا، وزير خارجية غامبيا، إن أفريقيا قارة غنية بالثروات الطبيعية لكن بلدانها من أفقر البلدان، معتبراً أن هذا الأمر «غير مقبول أن نسمح للآخرين بالتدخل في شؤوننا». وأضاف تنغارا: «مع الأسف يقولون لنا قارة سوداء ثم يعودون ليقولوا إنها قارة المستقبل»، وشدد على أنه «حان الوقت لنرى أنفسنا بأعيننا وأن نعرف بأنه لا أحد يمكن أن يساعدنا غير أنفسنا»، داعياً إلى التحرر من التبعية التي تعيشها غالبية الدول للبلدان الأوروبية التي استعمرتها في السابق.
وعرفت الجلسة الافتتاحية لقمة الشباب الأفارقة إطلاق المنصة الرقمية Morroco - Alumni التي أنجزتها الوكالة المغربية للتعاون الدولي بالتنسيق مع وزارة الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، والتي تمثل فسحة تفاعلية للتواصل وتبادل التجارب بين الطلبة الأجانب وخريجي المعاهد والمؤسسات التعليمية المغربية.
وستعرف أشغال القمة تنظيم ورشات ولقاءات حوارية عدة بين الوفود المشاركة في التظاهرة التي تضم شباباً وطلاباً يتحدرون من 52 بلدا أفريقيا.
ويرتقب أن تخرج القمة بجملة من التوصيات التي من شأنها الإسهام في إيجاد حلول للمشكلات التي تتخبط فيها القارة الأفريقية.



الجيش الموريتاني: لن نسمح بأي انتهاك لحوزتنا الترابية

الجيش الموريتاني خلال مناورات على الحدود مع مالي مايو الماضي (أرشيف الجيش الموريتاني)
الجيش الموريتاني خلال مناورات على الحدود مع مالي مايو الماضي (أرشيف الجيش الموريتاني)
TT

الجيش الموريتاني: لن نسمح بأي انتهاك لحوزتنا الترابية

الجيش الموريتاني خلال مناورات على الحدود مع مالي مايو الماضي (أرشيف الجيش الموريتاني)
الجيش الموريتاني خلال مناورات على الحدود مع مالي مايو الماضي (أرشيف الجيش الموريتاني)

أفرجت السلطات في دولة مالي عن 6 مواطنين موريتانيين، كانت قد اعتقلتهم وحدة من مقاتلي مجموعة «فاغنر» الروسية الخاصة، خلال عملية عسكرية خاصة داخل الشريط الحدودي بين موريتانيا ومالي. في حين أعلن الجيش الموريتاني أن المواطنين جرى توقيفهم داخل أراضي مالي، وأكد أنه «لن يسمح» بأي انتهاك لحوزته الترابية.

الجيش الموريتاني خلال مناورات على الحدود مع مالي مايو الماضي (أرشيف الجيش الموريتاني)

وقالت مصادر محلية إن المواطنين الموريتانيين أفرج عنهم بعد ساعات من التوقيف، وكانت وحدة «فاغنر» قد سلّمتهم إلى الجيش المالي الذي حقّق معهم ثم أفرج عنهم، ليعودوا إلى الأراضي الموريتانية ليل الأربعاء/الخميس.

اختراق الحدود

بعد توقيف الموريتانيين من طرف وحدة «فاغنر»، المرافقة للجيش المالي، تداول ناشطون موريتانيون على وسائل التواصل الاجتماعي معلومات تُفيد بأن مقاتلي «فاغنر» وقوات الجيش المالي «اخترقوا» الحدود، وأوقفوا مواطنين موريتانيين.

ولكن الحكومة الموريتانية نفت أن يكون قد حدث أي اختراق للحدود، وقال الوزير الناطق باسم الحكومة، الحسين ولد أمدو: «إن وحدات من الجيش المالي كانت تتحرك في مناطق تابعة لحدودها، وأثناء مرورها اعتقلت هذه المجموعة».

وأضاف ولد أمدو، في مؤتمر صحافي مساء الأربعاء، أن القرية التي دخلها الجيش المالي وقوات «فاغنر»، «تابعة لدولة مالي»، مشيراً إلى أن «اتصالات جرت بين السلطات العسكرية الموريتانية والمالية أسفرت عن إطلاق سراح الموقوفين».

لا تسامح

وأصدر الجيش الموريتاني بياناً صحافياً حول الحادثة، وقال إن ما تداولته الصحف المحلية وبعض الناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي حول اختراق الحدود «مجرد معلومات مغلوطة وأخبار زائفة»، وقال: «إنه لن يسمح لأي كان بانتهاك الحدود».

وأوضح الجيش الموريتاني أن «الأمر يتعلق بوصول وحدة من الجيش المالي إلى قرية الأغظف الموجودة داخل التراب المالي»، وشدّد على أنه «لم تصل القوات المالية مطلقاً إلى خط الحدود بين البلدين».

وقال الجيش الموريتاني: «إن الوحدة العسكرية المالية أوقفت 18 شخصاً في المناطق التي مرت بها، قبل أن يجري إطلاق سراح الموقوفين لاحقاً، بعد اتصالات ميدانية بين الجهات المعنية بموريتانيا ومالي».

وخلص الجيش الموريتاني إلى «طمأنة المواطنين بأن الوحدات العسكرية الموريتانية المرابطة على الحدود، لن تسمح لأي كان بانتهاك الحوزة الترابية للبلاد»، وفق نص البيان الصحافي.

احتفاء محلي

كان توقيف المواطنين الموريتانيين قد أثار حالة من الرعب في أوساط السكان المحليين، في ظل مخاوف من تصفيتهم، كما سبق أن حدث مع موريتانيين خلال العامين الماضيين، أوقفتهم «فاغنر» وعثر عليهم في مقابر جماعية، ما كاد يقود إلى أزمة في العلاقات بين مالي وموريتانيا.

وبعد الإفراج عن الموقوفين سادت حالة من الارتياح في أوساط السكان المحليين، وأصدرت مجموعة من السياسيين والمنتخبين المحليين بياناً، قالت فيه إن سكان محافظة باسكنو الحدودية «يثمنون إطلاق سراح المختطفين على الحدود المالية».

وقال النائب البرلماني، محمد محمود ولد سيدي، إن الإفراج عن الموقوفين «لحظة تحمل في طياتها فرحة كبرى، وترسم أفقاً جديداً من الأمل والطمأنينة في قلوب الجميع».

وأضاف عضو البرلمان الموريتاني عن دائرة باسكنو، أن السكان يشكرون الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني «الذي قاد بحكمة وحزم مسار الجهود المبذولة لتحقيق هذا الإنجاز الوطني الكبير».

وأرجع النائب جهود الإفراج عن الموقوفين إلى ما سمّاه «الدبلوماسية العسكرية (الموريتانية) التي أظهرت قدرتها على إدارة الأزمات بفاعلية، وأثبتت بالدوام نجاعة وحنكة عاليتين في التعامل مع هذا التحدي الأمني الكبير».

حرب مالي

وتعيش دولة مالي على وقع حرب، منذ أكثر من 10 سنوات، ضد مجموعات مسلحة موالية لتنظيمي «القاعدة» و«داعش»، وقبل سنوات قاد ضباط ماليون انقلاباً عسكرياً، وسيطروا على الحكم في البلد، ليعلنوا التحالف مع روسيا، وجلب مئات المقاتلين من «فاغنر» لمساعدتهم في مواجهة المجموعات الإرهابية.

ويثير وجود «فاغنر» داخل الأراضي المالية، خصوصاً في المناطق الحدودية، مخاوف الموريتانيين؛ إذ تسببت عمليات «فاغنر» في مقتل عشرات الموريتانيين داخل الشريط الحدودي بين البلدين.

وتوجد في الشريط الحدودي عشرات القرى المتداخلة، بعضها تتبع موريتانيا ويقطنها مواطنون ماليون، وأخرى تتبع مالي ويقطنها مواطنون موريتانيون، وذلك بسبب عدم ترسيم الحدود بشكل نهائي بين البلدين.