التحديات الأمنية تتصدر اهتمامات الرئيس الفرنسي في زيارته لساحل العاج والنيجر

اللقاءات ستوفر فرصة للتحضير للقمة المقبلة

جنود فرنسيون ينصبون خيامهم في قاعدة عسكرية في منطقة الحدود بين مالي وبوركينا فاسو والنيجر الشهر الماضي (أ.ف.ب)
جنود فرنسيون ينصبون خيامهم في قاعدة عسكرية في منطقة الحدود بين مالي وبوركينا فاسو والنيجر الشهر الماضي (أ.ف.ب)
TT

التحديات الأمنية تتصدر اهتمامات الرئيس الفرنسي في زيارته لساحل العاج والنيجر

جنود فرنسيون ينصبون خيامهم في قاعدة عسكرية في منطقة الحدود بين مالي وبوركينا فاسو والنيجر الشهر الماضي (أ.ف.ب)
جنود فرنسيون ينصبون خيامهم في قاعدة عسكرية في منطقة الحدود بين مالي وبوركينا فاسو والنيجر الشهر الماضي (أ.ف.ب)

يغلب الطابع الأمني على المحطتين الأفريقيتين للزيارة، التي يقوم بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إلى ساحل العاج والنيجر، في الوقت الذي تنظر فيه باريس إلى مستقبل وجودها العسكري التقليدي في أفريقيا، خصوصاً في بلدان الساحل الخمس، التي تضم موريتانيا ومالي وبوركينا فاسو والنيجر وتشاد.
وبعد تأجيل القمة الفرنسية - الأفريقية، التي كانت مبرمجة في 16 من ديسمبر (كانون الأول) الحالي إلى 13 من الشهر المقبل، فإن محادثات ماكرون مع الرئيسين العاجي والنيجري ستركز بالدرجة الأولى على الملف الأمني، وستوفر فرصة للتحضير للقمة المقبلة. يضاف إلى ذلك أن بعض «البرودة» شابت علاقات ماكرون مع قادة الدول الخمس المعنية، وذلك بسبب «الطريقة» التي اتبعها الرئيس الفرنسي في الإعلان عن القمة المؤجلة، والتي أثارت «حساسيات» لدى بعض الأفارقة، حيث اعتبروها بمثابة «استدعاء» من رئيس الدولة المستعمرة السابقة.
غير أن كافة هذه التحفظات تمحي إزاء المسائل الخطيرة، التي ستثار خلال زيارة ماكرون، سواء في أبيدجان أو في نيامي، التي يرافقه فيها وزيرة الدفاع فلورانس بارلي، ورئيس أركان القوات الفرنسية الجنرال لو كوانتر. وليس اختيار ساحل العاج محض صدفة، إذ إن العاصمة أبيدجان تضم قاعدة عسكرية فرنسية (بور بويت)، هي الأكبر في أفريقيا، إلى جانب قاعدة جيبوتي. وتستخدم هذه القاعدة لإيصال المعدات والذخائر والأسلحة، وكل ما يشحن بحراً إلى قوة «برخان» الفرنسية المنتشرة في بلدان الساحل، خصوصاً في النيجر ومالي، والضالعة في محاربة الإرهاب. ولذا، فإن المحادثات مع الرئيسين الحسن وتارا العاجي ومحمدو يوسفو النيجري ستكون بالغة الأهمية بالنسبة للرئيس الفرنسي، خصوصاً مع الثاني.
وحقيقة الأمر، فإن باريس، التي أطلقت قوة «برخان» سنة 2014، تجد نفسها إلى حد ما في طريق مسدودة، ذلك أن مهمة هذه القوة الأساسية محاربة الإرهاب، وتوفير الأمن والاستقرار في مناطق انتشارها. والحال أنه بعد خمس سنوات من انتشارها، ما زالت التنظيمات الإرهابية المتعددة «القاعدة، الدولة الإسلامية، أنصار الدين...» فاعلة، لا بل إن عملياتها أصبحت أكثر جرأة. والدليل على ذلك الخسائر الكبيرة التي توقعها بقوات النيجر وبوركينا فاسو ومالي دورياً. أما «الفخ» الثاني، الذي تسعى باريس للخروج منه، فهو شعورها أنها متروكة وحدها في الرمال الأفريقية. ففي قمة حلف الأطلسي الأخيرة في لندن، لم يتردد ماكرون في طلب المساعدة؛ خصوصاً من الأوروبيين الذين يمدون يد العون لقوة «برخان» «بالقطارة». فالطرف البريطاني لا يقدم سوى ثلاث طوافات لوجستية. أما الطرف الألماني فيوفر الصيانة. فيما الجانب الأميركي فيمد الفرنسيين بالمعلومات الاستخبارية، وبالتالي فإن وحدات «برخان» هي الوحيدة التي تخرج من ثكناتها، وتقوم بعمليات ميدانية، وتدعم الجيوش المالية والنيجرية والفاسية «بوركينا فاسو».
ثمة إشكالية أخرى يريد ماكرون جلاءها. فالرئيس الفرنسي دعا الزعماء الأفارقة، لأن «يوضحوا» لشعوبهم معنى الحضور العسكري الفرنسي في بلدانهم، وأن «يتحملوا مسؤولية ذلك سياسياً». وبلهجة أقرب إلى التهديد، أعلن ماكرون أنه في غياب هذه التوضيحات، فإن «كافة الخيارات» مطروحة على الطاولة، ما يعني عملياً احتمال سحب قوة «برخان». ومن هنا، فإن بيان القادة الأفارقة، الذين اجتمعوا في 15 من الشهر الحالي في نيامي، شدد على «المسؤولية الدولية» لمواجهة انعدام الأمن ومحاربة الإرهاب في منطقتهم، وطالبوا بـ«مزيد من التضامن» من خلال «الشراكة الدولية من أجل الاستقرار والأمن في بلدان الساحل الخمسة»، التي أقرت في قمة السبع في مدينة بياريتز الفرنسية الصيف الماضي. كما لم ينسوا دعوة الدول، التي وعدت بتقديم دعم مالي للقوة الأفريقية المسماة قوة G5»»، لأن تفي بوعودها، خصوصاً أن القوة المذكورة، التي يراد منها أن تكون لاحقاً العمود الفقري لمحاربة الإرهاب، تفتقر للتمويل والتدريب والسلاح حتى تصبح فاعلة. وليس سراً أن باريس تراهن على قيام هذه القوة لتخفف من الأعباء، التي تتحملها بشرياً ومادياً. كما أنها في الوقت عينه تراهن على قيام «قوة الكوماندوز الأوروبية» قيد الإنشاء، والمسماة «تاكوبا»، (تعني السيف).
وحتى اليوم، أعربت بلجيكا وإستونيا وتشيكيا عن استعدادها للمشاركة فيها، إضافة إلى فرنسا. وينتظر أن تكون ناشطة في مالي والنيجر وبوركينا فاسو. لكن في انتظار أن تقوم هذه القوة، وأن تصبح القوة الأفريقية الخماسية فاعلة، فإن العبء الأكبر سيبقى على عاتق الجانب الفرنسي.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.