حسان دياب يواجه تحدي وقف الانهيار المالي ونيل ثقة المجتمع الدولي

TT

حسان دياب يواجه تحدي وقف الانهيار المالي ونيل ثقة المجتمع الدولي

تكثر التحديات التي تواجه الرئيس المكلف تشكيل الحكومة حسان دياب، إذ لا تقتصر على قدرته على التأقلم مع الغطاء السنّي المحدود الذي انتهت إليه نتيجة الاستشارات النيابية الملزمة، بل تلحظ وبشكل أساسي نجاحه في نيل ثقة المجتمعين اللبناني والدولي، والأهم العمل على وقف الانهيار المالي الحاصل بخطوات سريعة.
وكانت مجموعة الدعم الدولية للبنان والتي اجتمعت الأسبوع الماضي في باريس ربطت أي مساعدات اقتصادية يقدمها المجتمع الدولي بتشكيل حكومة إصلاحية. وأكدت أن على لبنان تبني إصلاحات مستدامة وموثوق بها لمواجهة التحديات الطويلة الأمد في الاقتصاد الوطني، مشيرة إلى ضرورة أن تعكس هذه الإجراءات تطلعات الشعب اللبناني.
ويعاني لبنان من أزمات مالية واقتصادية واجتماعية متفجرة أدت لاندلاع انتفاضة شعبية في 17 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وبحسب وزير المال علي حسن خليل فقد تراجعت إيرادات الدولة في الأشهر الـ3 الماضية 5 آلاف مليار ليرة لبنانية أي نحو 40 في المائة.
ويُجمع الخبراء الاقتصاديون والماليون على أولوية التصدي للانهيار المالي ومنع سقوط القطاع المصرفي بعد تهافت المودعين على سحب ودائعهم قبل اتخاذ المصارف سلسلة إجراءات للحد من السحوبات.
ويعتبر الباحث في الشؤون الاستراتيجية الدكتور رياض قهوجي أنه «بغض النظر عن طريقة التكليف وعلامات الاستفهام التي قد تُطرح حولها، فإن الأولويات محسومة ولا لبس فيها، ويتصدرها وجوب سعي أي رئيس حكومة إلى استعادة ثقة الشعب، يترافق مع وضع استراتيجية وآلية لضخ الأموال وجذبها إلى السوق كي تعود المصارف لعملها الطبيعي بعد تفاقم فقدان الثقة في القطاع المصرفي». وينبه قهوجي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» من أن «جزءا كبيرا من المستثمرين والمتمولين ينتظرون الفرصة كي يسحبوا أموالهم من المصارف اللبنانية إلا إذا كانت هناك إجراءات كبيرة جدا لاستعادة الثقة، وهذا يتطلب خطوات كثيرة»، لافتا إلى أن «الاقتصاد اللبناني في حالة انهيار أو سقوط حر، ولا شباك تحته للحد من التداعيات». وأضاف: «لذلك فإن حكومة لون واحد ستكون بمثابة مضيعة للوقت وستؤدي إلى مزيد من العزلة الدولية والفوضى في الشارع. أضف أن الحراك لن يقبل بها وستكون انعكاساتها سيئة جدا».
ويشدد قهوجي على وجوب أن يقدم أي رئيس مكلف وجوهاً وزارية توحي بالثقة تقدم بدورها مشاريع قابلة للتطبيق وقائمة على موضوعية وليس على مزيد من المحاصصات والزبائنية، مشيرا إلى أن المطلوب تغيير 180 درجة بالأداء والأولويات التي كنا نشهدها في الحكومات السابقة. مضيفا: «من دون الدعم الدولي فلبنان هالك لا محالة. فنحن في وضع مؤسف جداً، وعلى رئيس الحكومة المكلف أن يثبت أن حكومته لكل اللبنانيين وتحظى بتأييد واسع، وذلك يجب أن يحصل خلال الأشهر الـ3 الأولى من عمر حكومته وإلا فستكون ردة الفعل كبيرة والوضع في لبنان أصعب مما هو عليه اليوم».
وتعاني المالية العامّة في لبنان من عجز وصلت قيمته إلى 6.25 مليار دولار عام 2018 أي 11.1 في المائة من إجمالي الناتج المحلّي، أما العجز في الميزان التجاري فوصل إلى 16.65 مليار دولار عام 2018 في مقابل 15.87 مليار دولار عام 2017.
وتوقعت وكالة «فيتش» للتصنيف الائتماني انكماشاً اقتصادياً في العامين 2019 و2020، وعجزاً في الميزانية بنسبة 9.3 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي في العام الحالي.
ويطرح وزير الاقتصاد في الحكومة المستقيلة منصور بطيش مقاربة الأزمة الراهنة من منظور بنيوي شامل، من خلال العمل على بناء اقتصاد مُنتج، حيوي واحتوائي، داعيا لحوار واسع مع الأحزاب وهيئات القطاع الخاص والنقابات العمّالية والمجتمع المدني، برعاية رئيس الجمهورية، للوصول لتأمين حماية الليرة بالإنتاج لا بالدَّيْن.
ويعتبر وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال رائد خوري أن هناك 3 إجراءات يجب على رئيس الحكومة المكلف اتخاذها للخروج من الانهيار، أولاً تعيين وزراء اختصاصيين أكاديميين يمتلكون خبرات وبنفس الوقت علاقات دولية، ثانيا، تحويل الاقتصاد اللبناني إلى منتج من خلال وضع أسس جديدة غير مبنية على القطاع المصرفي بالتزامن مع وضع تشريعات لتقييد حركة رؤوس الأموال للحد من المشكلات القانونية التي تواجهها المصارف وبنفس الوقت للتصدي للفلتان الحاصل في هذا المجال. أما الإجراء الثالث الذي يقترحه خوري فوضع خطة طوارئ تقوم على التواصل مع المجتمع الدولي وطلب وديعة مالية لوضعها في المصرف المركزي لفترة معينة لتنظيم وضعنا المالي. ويضيف خوري في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «في حال تم اتخاذ هذه الإجراءات سريعا سنحتاج سنوات للخروج من الانهيار ولكن كلما تأخرنا بالتدابير تأخر الخروج من النفق الحالي».



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.