ملك المغرب يدعو لتقييم برامج الجهات التنموية وتقوية هندسة تمويل مشروعاتها

TT

ملك المغرب يدعو لتقييم برامج الجهات التنموية وتقوية هندسة تمويل مشروعاتها

دعا العاهل المغربي الملك محمد السادس الجهات (المناطق) إلى العمل على إجراء تقييم مرحلي لبرامجها التنموية من أجل تقويم أفضل، سواء في إطار تحديد أولوية المشروعات المدرجة، أو في إطار تقوية هندسة تمويل المشروعات المبرمجة.
وأكد العاهل المغربي، في رسالة وجهها إلى المشاركين في المناظرة الوطنية الأولى للجهوية الموسعة، التي انطلقت أشغالها أمس بأكادير (وسط المغرب)، أن الهدف من ذلك هو ضمان فعاليتها والتقائية مختلف السياسات والبرامج العمومية على المستوى الجهوي، موجهاً بضرورة تعزيز الجهد الاستثماري العمومي وإثرائه بالانفتاح على القطاع الخاص وتعزيز التعاون اللامركزي على المستوى الدولي والأفريقي.
وذكّر العاهل المغربي بالأهمية البالغة التي يوليها لورش الجهوية المتقدمة منذ إطلاقه له، اعتباراً لطابعه المهيكل والاستراتيجي الكبير.
وقال: «لا يخفى عليكم ما تشكله اللامركزية الترابية ببلادنا منذ الاستقلال، من أهمية بالغة في إدارة الدولة، باعتبارها خياراً استراتيجياً في بناء صرحها الإداري والسياسي، وفي ترسيخ مسيرتها الديمقراطية. ومن ثم حظيت على مر المحطات التاريخية التي عرفتها بلادنا، بمكانة مهمة في مسلسل الإصلاحات الدستورية والسياسية والإدارية التي تم اعتمادها؛ حيث مكنت من إدخال تغييرات جذرية على المنظومة القانونية المتعلقة بهذا الورش، وساعدت على الترسيخ التدريجي للدور الأساسي للجماعات الترابية في مجال التنمية، في مختلف أبعادها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية».
وأشار العاهل المغربي إلى أن مسلسل الجهوية المتقدمة قطع «أشواطاً مهمة، منذ تنصيبنا للجنة الاستشارية للجهوية المتقدمة، التي شكلت خلاصات تقاريرها أسس بناء النموذج المغربي، الذي يرتكز على المساهمة الفعلية للجهات وللجماعات الترابية (البلديات) في خلق التنمية المندمجة، على أساس الديمقراطية والفعالية والتشاركية»، مضيفاً أن دستور 2011 جاء «كتتويج لمسار من التراكمات السياسية، والإنجازات الاقتصادية والاجتماعية، التي أسست للمجتمع الديمقراطي الحداثي، في ظل دولة الحق والقانون. وقد كرس هذا الدستور دور الجماعات الترابية، وعلى رأسها الجهة، في هياكل المؤسسات المنتخبة للدولة، كما أقر بأن التنظيم الترابي للمملكة، تنظيم لا مركزي، يقوم على الجهوية المتقدمة. فضلاً عن دسترة مجموعة من المبادئ الأساسية في التدبير اللامركزي، كما هو متعارف عليه في التجارب الدولية الرائدة في هذا المجال. إلا أن التطبيق الفعلي لمختلف مضامين الجهوية المتقدمة ببلادنا، يظل رهيناً بوجود سياسة جهوية واضحة وقابلة للتنفيذ، في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، وذلك وفق سياسة عمومية مبنية على البعد الجهوي وعلى اقتصاد ناجع وقوي، يهدف إلى خلق النمو، وتوفير فرص الشغل، وتحقيق العدالة الاجتماعية. وكذلك الرفع من نجاعة السياسات والبرامج والمشروعات على المستوى الجهوي، لضمان استفادة المستهدفين الفعليين منها، إحقاقاً لمبادئ العدالة الاجتماعية والمجالية التي نريدها لجميع مواطنينا على حد سواء».
ووفق هذا المنظور، زاد العاهل المغربي قائلاً: «حرصنا منذ البداية على تجسيد هذا النهج على أرض الواقع، انطلاقاً من أقاليمنا الصحراوية المسترجعة، وذلك باعتماد نموذج تنموي شامل يستجيب لخصوصيتها، قوامه أوراش مهيكلة ومتعددة، في خدمة انتظارات وتطلعات سكان هذه الجهات».
وشدد العاهل المغربي على أن «خدمة المواطنين وضمان حقوقهم المشروعة.. يجسدان الغاية المثلى للهياكل والبنيات الإدارية، بمختلف تصنيفاتها وأنظمتها القانونية والتدبيرية. فالجماعات الترابية والمصالح اللاممركزة والمؤسسات العمومية، مدعوة إلى تعبئة جميع مواردها البشرية والمالية واللوجستية، لتوفير خدمات عمومية تستجيب لشروط النجاعة والإنصاف في تغطية التراب الوطني. لذا، ومهما يكن تقدمنا في تفعيل ورش الجهوية المتقدمة، فسيظل دون المستوى المطلوب، ما لم ندعمه بمجموعة من الإجراءات الضرورية المواكبة التي تسمح بالرفع من فعالية ممارسة الجهات لمختلف اختصاصاتها».
وأشار إلى أنه حرص في الآونة الأخيرة، من هذا المنطلق، على أن تعتمد الحكومة المغربية «ميثاق اللاتمركز الإداري، وتعمل على تفعيله على المستوى الجهوي، إدراكا منا بأن اللاتمركز الإداري سند، لا مناص منه، لإنجاح ورش الجهوية المتقدمة».
وقال العاهل المغربي: «تعلمون جيدا أن الجهد الاستثماري العمومي وحده يظل غير كاف، ويتعين تعزيزه وإثراؤه بالانفتاح على القطاع الخاص، واتخاذ التدابير اللازمة لتمكين المبادرات الاستثمارية الخاصة من المعلومات المتعلقة بفرص الاستثمار التي يوفرها الفضاء الترابي الجهوي؛ خصوصاً ما يرتبط منها بالرصيد العقاري والتهيئة الترابية والمجالات التنموية، التي تشكل أولويات بالنسبة للجهة. لذا، فإن إصلاح منظومة المراكز الجهوية للاستثمار، التي عملت على توسيع اختصاصات هذه المراكز، ومنحها صلاحيات مهمة في تدبير الاستثمار على المستوى الجهوي، سيشكل آلية ذات أهمية كبرى لمواكبة جهود الجهات، في مجال التنمية الاقتصادية وتشجيع المقاولات وإنعاشها».
وأضاف أنه «بموازاة ذلك، ينبغي إيلاء أهمية خاصة لتقوية التعاون اللامركزي الدولي، المواكب لورش الجهوية المتقدمة، وخلق شراكات استراتيجية جديدة، تتماشى مع طموحات الدبلوماسية المغربية في بعدها الأفريقي».
وقال العاهل المغربي: «لقد مرت أربع سنوات من الممارسة الفعلية بعد الانتخابات الجهوية والمحلية التي جرت سنة 2015، والتي أفرزت نخباً سياسية جهوية. وفي هذا السياق، نعتبر أن تجربة الولاية الانتدابية الجهوية الأولى، كانت مرحلة بناء لازمة لتفعيل متطلبات هذا الورش المهم، وذلك عبر اعتماد رزنامة من الإجراءات والتدابير العملية، خاصة فيما يتعلق باستكمال الترسانة القانونية والتنظيمية، اللازمة لتفعيل مضامين القوانين التنظيمية المتعلقة بالجماعات الترابية، ومواكبتها لبلوغ حكامة جيدة في تدبير شؤونها، وممارسة اختصاصاتها، وغيرها من التدابير المتخذة، الرامية في مجملها إلى تنظيم إدارات الجهات، وتقوية الآليات الهادفة لدعم تمثيلية نسائية أكبر بمجالس الجهات».



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.