تدابير الحكومة اليمنية تنجح في تقليص تكلفة شراء الوقود لمحطات الكهرباء

الإعلان عن أول مناقصة لكسر احتكار استيراد المشتقات النفطية

TT

تدابير الحكومة اليمنية تنجح في تقليص تكلفة شراء الوقود لمحطات الكهرباء

أفادت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» بأنّ التدابير الحكومية الأخيرة نجحت في تقليص تكلفة شراء الوقود لمحطات توليد الكهرباء، وتوفير ملايين الدولارات، في سياق عملية الإصلاحات التي تقودها الحكومة الشرعية منذ عودتها الأخيرة إلى العاصمة المؤقتة عدن.
وفي هذا السياق، أعلنت شركة مصافي عدن (الأربعاء) عن مناقصة لشراء 120 ألف طن من مادتي الديزل والمازوت لتموين محطات توليد الكهرباء لثلاثة أشهر.
وذكر مصدر مطلع لـ«الشرق الأوسط» أن هذه الخطوة «استكمال لقرار الحكومة في كسر احتكار استيراد المشتقات النفطية ووقود الكهرباء، وهي خطوة ستوفر لميزانية الدولة ما يقارب 200 مليون دولار في العام».
وقال المصدر إنه «للمرة الأولى منذ سنوات صار بإمكان مختلف التجار والشركات التنافس على توفير وقود الكهرباء».
واشترطت المناقصة أن تقدم العروض بالدولار الأميركي، وأن تقدم العطاءات على أساس أسعار «البلاتس»، بالطن، لمنطقة الخليج المسجلة (خمسة أيام حول تاريخ بوليصة الشحن)، مشددة على ضرورة أن تشمل العروض توصيل كميتي المازوت والديزل إلى خزانات شركة مصافي عدن، وأن تقدم الشركات المحلية ضماناً بنكياً، وترفق صورة من السجل التجاري والبطاقة الضريبية والزكوية والتأمينية سارية المفعول، على أن تكون الشركات العالمية (الأجنبية)، معفية من تقديم مثل هذه الضمانات البنكية.
وأوضحت المناقصة الحكومية أن استيراد الوقود الخاص بمؤسسة الكهرباء ستتحمل الحكومة الرسوم الجمركية والضريبية لهذه الشحنات.
وتكافح الحكومة اليمنية منذ عودة رئيسها إلى عدن عقب توقيع «اتفاق الرياض» بين الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي من أجل تحقيق الاستقرار الاقتصادي ومحاربة الفساد وتوفير الخدمات في عدن وجميع المناطق المحررة.
وذكرت المصادر الرسمية أن رئيس الحكومة معين عبد الملك وجه وزارة الكهرباء والطاقة بالبدء بإجراءات عاجلة لرفع القدرات التوليدية لمحطات الكهرباء في العاصمة المؤقتة عدن والمحافظات المحررة، واتخاذ جميع المعالجات اللازمة لتقليل ساعات انقطاع التيار، والاستعداد للصيف المقبل.
وشدد رئيس الوزراء اليمني خلال لقائه في العاصمة المؤقتة عدن وزير الكهرباء والطاقة المهندس محمد العناني، وعدد من مسؤولي قطاع الكهرباء، على أهمية التركيز على أعمال الصيانة وإعادة التأهيل للمحطات الكهربائية وخطوط وشبكات نقل التيار وتقليل الفاقد.
ونقلت وكالة «سبأ» عن رئيس الحكومة أنه أكد على ضرورة سرعة إنجاز المرحلة الأولى من محطة عدن الجديدة تنفيذاً لتوجيهات الرئيس عبد ربه منصور هادي للحكومة بالعمل على تعزيز توليد الطاقة الكهربائية، والانتقال من الاعتماد على الوقود عالي الكلفة إلى بدائل أخرى أقل تكلفة.
وكشف عبد الملك عن أن الحكومة تسعى خلال المرحلة المقبلة لتنفيذ مزيد من المشروعات للنهوض بقطاع الكهرباء بما ينعكس بشكل إيجابي على حياة المواطنين والقطاعات التجارية والصناعية والحد من الانقطاعات المتكررة للتيار الكهربائي.
وشدد في الوقت نفسه على ضرورة مواصلة الإصلاحات الخاصة، في إجراءات شراء الوقود لمنظومة الكهرباء وتعزيز آليات الرقابة ضمن جهود الحكومة لمكافحة الفساد والحفاظ على المال العام، وخدمة المواطنين.
وأوردت المصادر الرسمية أن الاجتماع ناقش آليات رفع القدرة التوليدية، وسير عملية الإنجاز في تنفيذ محطة كهرباء عدن الجديدة بقدرة 264 ميغاواط في مرحلتها الأولى، بحيث تصل إلى 500 ميغاواط في مرحلتها النهائية، التي تنفذها شركة «بترو مسيلة» بتمويل حكومي، إضافة إلى عملية الربط الشبكي ومد خطوط نقل الطاقة وأعمال الصيانة والتأهيل وتوفير قطع الغيار لعدد من المحطات الكهربائية.
وتدارس الاجتماع - وفق «سبأ» - سبل تطوير أداء وزارة الكهرباء والوحدة الفنية المعنية بمراقبة الوقود، وكذا الخطط الحكومية المتعلقة بتحسين إدارة الكلفة الاقتصادية في مجال الطاقة الكهربائية، وتقليل الاعتماد على الديزل، وتشجيع استخدامات البدائل الأخرى قليلة التكلفة، بما في ذلك الطاقة البديلة خاصة في مجال الطاقة الشمسية.
من جهته كان «البنك المركزي اليمني» أعلن، قبل يومين، عن تنفيذ عملية مصارفة لمستوردي المشتقات النفطية، بحسب الطلبات المقدمة، وفقاً للآلية الخاصة بذلك وبسعر صرف أقل من أسعار السوق.
وقال البنك في بلاغ رسمي إن إجراءه «يأتي في إطار المهام المنوطة بالبنك لتحقيق الاستقرار في أسعار صرف العملات الأجنبية، لضمان توفير المشتقات النفطية للسوق المحلية»، مؤكداً أنه مستمر في تنفيذ أعماله ومهامه بشكل طبيعي بما يحقق الاستقرار في أسعار الصرف والاستقرار الاقتصادي.
في غضون ذلك، ذكرت التقارير الصادرة عن المكتب الفني التابعة للجنة الاقتصادية اليمنية، أن هذا النجاح تزامن مع اقتراب بدء صرف رواتب الموظفين الحكوميين في مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية من الإيرادات المحققة من ميناء الحديدة، بالتنسيق مع الأمم المتحدة.
وبين أحدث التقارير الذي بثه المكتب الفني أن تطبيق قرارات الحكومة رقم 75 لعام 2018 و49 لعام 2019 أثمرت تخفيض تكلفة شراء الوقود لمحطات الكهرباء بما لا يقل عن 150 دولاراً في الطن الواحد، وتحقيق إيرادات تجاوزت في مجملها لجميع موانئ الجمهورية حدود 33 مليار ريال (نحو 57 مليون دولار) خلال مدة وجيزة.
وأوردت التقارير أن توجيهات الرئيس عبد ربه منصور هادي تمضي بخطوات ثابتة نحو العودة لصرف رواتب المدنيين واستدامتها، وتحض الحكومة على تحمل مسؤولية استقرار العملة الوطنية واتخاذ الإجراءات اللازمة والعاجلة لتحقيق ذلك.
وذكر المكتب الفني في بيان رسمي أنه مستمر بالترتيبات المؤقتة التي تم الاتفاق عليها مع مكتب المبعوث الدولي لتسهيل دخول الوقود إلى ميناء الحديدة، والمضي قدماً في إجراءات صرف مرتبات المدنيين، متهماً الميليشيات الانقلابية بتعطيل وإعاقة ذلك، بمنعها التجار من تقديم كامل الوثائق المطلوبة للحصول على تصريح الحكومة.
كما اتهم المكتب الجماعة الحوثية بأنها تحاول إخفاء إشعارات التوريد النقدي للرسوم الحكومية على بعض الشحنات والإعلان عن أرقام تقل عن الرصيد الحقيقي لما يجب أن يُستخدم في تغطية صرف رواتب المدنيين، واصفاً تلك الأعمال الحوثية بأنها «تُصنَّف ضمن جرائم إعاقة جهود العمل الإنساني والانقلاب على الاتفاقات التي تمت برعاية المبعوث الدولي».
وأوضح بيان المكتب الفني أنه بناء على التوجيهات الرئاسية وإشراف رئيس مجلس الوزراء، وبدعم من قيادة التحالف العربي، لتنفيذ مرسوم مجلس الوزراء رقم 49 والترتيبات المؤقتة التي تم الاتفاق عليها مع المبعوث الخاص في ميناء الحديدة، أدى كل ذلك إلى توريد نحو 15 مليار ريال يمني (الدولار نحو 58 ريالاً) في الحساب المؤقت بفرع البنك المركزي بالحديدة، بالتزامن مع وجود ترتيبات واعدة لدفع رواتب الموظفين المدنيين قريباً نتيجة لهذا النجاح.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.