الدب تيدي يُلهم عالم الموضة

تقنيات متطورة لغزل الصوف تجعله أكثر نعومة ودفئاً

كانالي - مايكل كورس - كريستوفر لومير
كانالي - مايكل كورس - كريستوفر لومير
TT

الدب تيدي يُلهم عالم الموضة

كانالي - مايكل كورس - كريستوفر لومير
كانالي - مايكل كورس - كريستوفر لومير

بداية القرن الـ20. ظهر معطف «تيدي» كما يُطلق عليه، لأول مرة. راق لسائقي السيارات لأن سُمكه وخشونة وبره جعلاه مثالياً لمواجهة الهواء البارد الذي كانوا يتعرضون له كون السيارات كانت دون سقف. وتجدر الإشارة إلى أن تسميته بـ«تيدي» مأخوذة من الدمية الدب التي ظهرت للمرة الأولى في مثل هذا الوقت تقريباً. وكانت شركة «شتيف» الألمانية، أول من أنتج الدمية الدب «تيدي»، تحصل على موادها من «شوتل»، وهو مصنع متخصص في إنتاج نسيج الموهير وصوف الألباكا.
الآن، وبعد مرور أكثر من قرن على ولادته، يشهد عودة قوية بفضل إقبال الشباب عليه وتفنن المصممين في تصاميمه وألوانه.
دار «رالف لورين» مثلاً تعاونت مع شركة «شتيف» لتستعمل نفس نسيج الموهير وصوف الألباكا في معطف أطلقت عليه اسمه «كادل»، احتفاءً بالدمية الأصلية التي ألهمت «بولو بير» أحد أشهر منتجات الدار. ويعتبر هذا المعطف الذي يطوى جانب منه على الآخر ويضم صفين من الأزرار بأكتاف عريضة وحزام، من القطع اللافتة في تشكيلة هذا الموسم.
ولم تكن دار «رالف لورين» الوحيدة التي سعت نحو استثمار الحنين إلى فرو الدب «تيدي» الأصلي أو استعمال الصوف المغزول في معامل شركة «شتيف» الألمانية، فدار «ريتشارد جيمس» تتعاون معها في صناعة معاطف منذ تسعينيات القرن الماضي، كذلك شركة «سافيل رو» المتخصصة في حياكة نوع معين من صوف ألباكا في إنتاج معاطف «ريتشارد جيمس» والتي تصل إلى أسفل الركبة ومعها حزام. كذلك «أندرسون أند شيبرد» في سافيل رو، التي تستعمل صوف الألباكا في بدلات ومعاطف مزدوجة الأزرار تعتمد فيها أيضاً على شركة «لورو بيانا».
ويحمل المظهر الأشعث الخشن في معطف هذا الموسم هالة تاريخية وتأثيراً درامياً يستحضر صورة الكاتب أوسكار وايلد وهو يختال في واحد من هذه المعاطف في شوارع لندن الباردة.
ويعتمد هذا التحول باتجاه الملابس ذات المظهر الخشن، على مواد مختلفة وتقنيات جد متطورة، ربما كان المصمم كريستوف لومير أكثر من جسدها في معطف مصنوع من نسيج صوفي غليظ مع حزام للخصر، يبدو طرفه الأسفل وكأنه مقطوع وأكتافه متهدلة عن قصد، حتى يُضفي عليه شكلاً يُذكر بفترات الحروب والمقاومة.
دار «درايكس» من جهتها تستعمل مادة «كازنتينو» في إنتاج معاطف صوفية أنيقة للغاية تتميز بنسيج بشكل كرات صغيرة بنسيج، يصنع من الصوف المغلي في توسكاني الإيطالية، وكان مفضلاً لدى الرعاة بفضل خفة وزنه وقدرته في الوقت ذاته على حماية الجسم من البرد. وكان هؤلاء الرعاة يصبغونه بلون برتقالي وهو ما احترمته دار «درايكس» وتقيدت به من خلال تصميم برقبة قصيرة.
إلا أن غالبية المنسوجات المستخدمة في إنتاج معاطف «تيدي» الجديدة ليست بهذا القدر من الحيوية، ولا هي دائماً من الوبر الكثيف، فمنها ما هو أكثر نعومة ولطفاً.
على سبيل المثال، طرحت «كانالي» معطفاً بلون جملي بصفين من الأزرار، مصنوع من صوف ألباكا. كما طرحت دار «لويس فويتون» معطفاً بحزام مستلهم من المعاطف العسكرية بحجمه الكبير، بينما قدمت دار «بال زيليري» معطف «تيدي» للمساء والسهرة بلون رمادي مدخن ومصنوع من نسيج هو مزيج بين الصوف والموهير مغزول بتقنية تُعرف باسم «غارزاتورا» تمنحه لمسة ناعمة مثل الفرو.
مصممون آخرون انضموا إلى لائحة المعجبين والمتفننين بهذه الصيحة، وطرحوا معاطف تحاكي شكل الفرو. من الأمثلة على ذلك معطف بصفين من الأزرار من «ماسيمو بيومبو» يتميز بنسيجه المصنوع من الفرو الخشن من صوف «الشيتلاند» بأسكوتلندا، ومعطف من «جورجيو أرماني» بصفين من الأزرار ولون أزرق داكن، مصنوع من صوف بكر جرى نسجه على نحو جعله يبدو شبيهاً بجلود الأغنام. هل ستبقى هذه الصيحة طويلاً؟ لا أحد يمكن أن يعطي جواباً قاطعاً، لكن المؤكد هو أن تقنيات غزل الصوف تحديداً وباقي الخامات عموماً، تتطور ولا تتوقف عن البحث.


مقالات ذات صلة

فؤاد سركيس يرسم لوحة ملونة بالالوان والتفاصيل في مجموعته لـ 2025

لمسات الموضة اعتمد المصمم على التفاصيل الجريئة حتى يمنح كل زي ديناميكية خاصة (خاص)

فؤاد سركيس يرسم لوحة ملونة بالالوان والتفاصيل في مجموعته لـ 2025

في أحدث مجموعاته لموسم خريف وشتاء 2025، يعيد المصمم فؤاد سركيس رسم هوية جديدة لمعنى الجرأة في الموضة. جرأة اعتمد فيها على تفاصيل الجسم وتضاريسه. تتبعها من دون…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة مصممة الأزياء التراثية علياء السالمي (الشرق الأوسط)

علياء السالمي... تحمل تقاليد الماضي إلى الحاضر

من قلب المملكة العربية السعودية؛ حيث تتلاقى الأصالة والحداثة، تبرز مصممة الأزياء التراثية علياء السالمي واحدةً من ألمع الأسماء في عالم تصميم الأزياء.

أسماء الغابري (جدة)
لمسات الموضة كانت روح ماريا تحوم في قصر غارنييه بكل تجلياتها (ستيفان رولان)

من عاشقة موضة إلى مُلهمة

كل مصمم رآها بإحساس وعيون مختلفة، لكن أغلبهم افتُتنوا بالجانب الدرامي، وذلك التجاذب بين «الشخصية والشخص» الذي أثَّر على حياتها.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة لم تحتج الدار يوماً إلى مدير إبداعي يرسم معالمها... لأن «نجمها الأول وعملتها الذهبية» هي أنسجتها (لورو بيانا)

«لورو بيانا»... تحتفل بمئويتها بفخامة تستهدف أصحاب الذوق الرفيع

لم تحتج الدار يوماً إلى مدير إبداعي يقودها ويحدد اتجاهاتها... فشخصيتها واضحة، كما أنها تمتلك نجماً ساطعاً يتمثل في أليافها وصوفها الملكي.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة النجمة المصرية نيللي كريم كما ظهرت في عرض هنيدة الصيرفي (هيئة الأزياء)

الرياض... لقاء الثقافة والأناقة

غالبية العروض في الدورة الثانية من أسبوع الرياض منحتنا درساً ممتعاً في كيف يمكن أن تتمازج الثقافة والهوية بروح الشباب التواقة للاختلاف وفرض الذات.

جميلة حلفيشي (لندن)

الرياض تشهد عناق النجوم ببريق الترتر واللؤلؤ

سيلين ديون وإيلي صعب وعلاقة عمرها 25 عاماً (رويترز)
سيلين ديون وإيلي صعب وعلاقة عمرها 25 عاماً (رويترز)
TT

الرياض تشهد عناق النجوم ببريق الترتر واللؤلؤ

سيلين ديون وإيلي صعب وعلاقة عمرها 25 عاماً (رويترز)
سيلين ديون وإيلي صعب وعلاقة عمرها 25 عاماً (رويترز)

بعد عام تقريباً من التحضيرات، حلت ليلة 13 نوفمبر (تشرين الثاني). ليلة وعد إيلي صعب أن تكون استثنائية ووفى بالوعد. كانت ليلة التقى فيها الإبداع بكل وفنونه، وتنافس فيها بريق النجوم من أمثال مونيكا بيلوتشي، وسيلين ديون، وجينفر لوبيز، وهالي بيري ويسرا، وغيرهن مع لمعان الترتر والخرز واللؤلؤ. 300 قطعة مطرزة أو مرصعة بالأحجار، يبدو أن المصمم تعمد اختيارها ليرسل رسالة إلى عالم الموضة أن ما بدأه منذ 45 عاماً وكان صادماً لهم، أصبح مدرسة ومنهجاً يقلدونه لينالوا رضا النساء في الشرق الأوسط.

من عرض إيلي صعب في الرياض (رويترز)

لقاء الموضة بالموسيقى

كان من المتوقع أن تكون ليلة خاصة بالموضة، فهذه أولاً وأخيراً ليلة خاصة بإيلي صعب، لكنها تعدت ذلك بكثير، أبهجت الأرواح وغذَّت الحواس وأشبعت الفضول، حيث تخللتها عروض فنية ووصلات موسيقية راقصة لسيلين ديون، وجينفر لوبيز، ونانسي عجرم، وعمرو دياب وكاميلا كابيلو. غنت لوبيز ورقصت وكأنها شابة في العشرينات، ثم نانسي عجرم وعمرو دياب، واختتمت سيلين ديون الفعالية بثلاث أغنيات من أشهر أغانيها وهي تتفاعل مع الحضور بحماس. لم تقف وعكتها الصحية التي لا تزال آثارها ظاهرة عليها مبرراً لعدم المشاركة في الاحتفال بمصمم تُكنّ له كل الحب والاحترام. فإيلي صعب صديق قبل أن يكون مصمم أزياء تتعامل معه، كما قالت. يؤكد إيلي الأمر في لقاء جانبي، قائلاً: «إنها علاقة عمرها 25 عاماً».

وهذا ما جعل الحفل أشبه بأغنية حب.

هالي بيري وهي تلبس فستان الأوسكار الأيقوني نفسه الذي ارتدته عام 2002 (خاص)

هالي بيري التي ظهرت في أول العرض بالفستان الأيقوني الذي ظهرت به في عام 2002 وهي تتسلم جائزة الأوسكار بوصفها أول ممثلة سمراء، دمعت عيناها قبل العرض، وهي تعترف بأن هذه أول مرة لها في الرياض وأول مرة تقابل فيها المصمم، رغم أنها تتعامل معه منذ عقود. وأضافت أنه لم يكن من الممكن ألا تحضر المناسبة؛ نظراً للعلاقة التي تربطهما ببعض ولو عن بُعد.

يؤكد إيلي عمق هذه العلاقة الإنسانية قائلاً: «علاقتي بهالي بيري لم تبدأ في عام 2002، بل في عام 1994، حين كانت ممثلة صاعدة لا يعرفها المصممون». وأضاف ضاحكاً: «لا أنكر أن ظهورها بذلك الفستان شكَّل نقلة مهمة في مسيرتي. ويمكنني القول إنه كان فستاناً جلب الحظ لنا نحن الاثنين. فيما يخصني، فإن ظهورها به وسَّع قاعدة جمهوري لتشمل الإنسان العادي؛ إذ إنها أدخلتني ثقافة الشارع بعد أن كنت معروفاً بين النخبة أكثر». غني عن القول أن كل النجمات المشاركات من سيلين وجينفر لوبيز إلى نانسي عجرم من زبوناته المخلصات. 80 في المائة من الأزياء التي كانت تظهر بها سيلين ديون مثلاً في حفلات لاس فيغاس من تصميمه.

عرض مطرَّز بالحب والترتر

بدأ عرض الأزياء بدخول هالي بيري وهي تلبس فستان الأوسكار الأيقوني نفسه. لم يتغير تأثيره. لا يزال أنيقاً ومبتكراً وكأنه من الموسم الحالي. تلته مجموعة تقدر بـ300 قطعة، أكثر من 70 في المائة منها جديدة لخريف وشتاء 2025 ونسبة أخرى من الأرشيف، لكنها كلها كانت تلمع تطريزاً وترصيعاً إما بالترتر والخرز أو اللؤلؤ. فالتطريز لغة أتقنها جيداً وباعها للعالم. استهجنها المصممون في البداية، وهو ما كان يمكن أن يُحبط أي مصمم صاعد يحلم بأن يحفر لنفسه مكانة بين الكبار، إلا أنه ظل صامداً ومتحدياً. هذا التحدي كان واضحاً في اختياراته لليلته «1001 موسم من إيلي صعب» أيضاً بالنظر إلى كمية البريق فيها.

ساهمت في تنسيق العرض كارين روتفيلد، رئيسة تحرير مجلة «فوغ» النسخة الفرنسية سابقاً، والمعروفة بنظرتها الفنية الجريئة. كان واضحاً أنها تُقدّر أهمية ما كان مطلوباً منها. فهذه احتفالية يجب أن تعكس نجاحات مسيرة عمرها 45 عاماً لمصمم وضع صناعة الموضة العربية على الخريطة العالمية. اختير لها عنوان «1001 موسم من إيلي صعب» لتستعرض قوة المصمم الإبداعية والسردية. قال إنه استوحى تفاصيلها من عالم ألف ليلة وليلة. لكن حرص أن تكون اندماجاً بين التراث العربي والابتكار العصري. فكل تصميم كانت له قصة أو يسجل لمرحلة كان لها أثر على مسيرته، وبالتالي فإن تقسيم العرض إلى مجموعات متنوعة لم يكن لمجرد إعطاء كل نجمة مساحة للغناء والأداء. كل واحدة منهم عبَّرت عن امرأة تصورها إيلي في مرحلة من المراحل.

جينفر لوبيز أضفت الشباب والحيوية على العرض (خاص)

جينفر لوبيز التي ظهرت بمجموعة من أزيائه وهي ترقص وتقفز وكأنها شابة في العشرينات، كانت تمثل اهتمامه بمنح المرأة حرية الحركة، بينما كانت نانسي عجرم بفستانها الكلاسيكي المرصع بالكامل، تعبّر عن جذور المصمم اللبناني وفهمه لذوق المرأة العربية ككل، ورغبتها في أزياء مبهرة.

أما المغنية كاميلا كابيلو فجسدت شابة في مقتبل العمر ونجح في استقطابها بتقديمه أزياء مطعَّمة ببعض الجرأة تعكس ذوق بنات جيلها من دون أن تخرج عن النص الذي كتبه لوالدتها. كانت سيلين ديون، مسك الختام، وجسَّدت الأيقونة التي تمثل جانبه الإبداعي وتلك الأزياء التي لا تعترف بزمان أو مكان.

حب للرياض

بعد انتهاء العرض، وركض الضيوف إلى الكواليس لتقديم التحية والتبريكات، تتوقع أن يبدو منهكاً، لكنه كان عكس ذلك تماماً. يوزع الابتسامات على الجميع، يكرر لكل من يسأله أن أكثر ما أسعده، إلى جانب ما شعر به من حب الحضور والنجوم له، أنه أثبت للعالم «أن المنطقة العربية قادرة على التميز والإبداع، وأن ما تم تقديمه كان في المستوى الذي نحلم به جميعاً ونستحقه».

وأضاف: «أنا ممتن لهذه الفرصة التي أتاحت لي أن أبرهن للعالم أن منطقتنا خصبة ومعطاءة، وفي الوقت ذاته أن أعبّر عن حبي للرياض. فأنا لم أنس أبداً فضل زبونات السعودية عليّ عندما كنت مصمماً مبتدئاً لا يعرفني أحد. كان إمكانهن التعامل مع أي مصمم عالمي، لكن ثقتهن في كانت دافعاً قوياً لاستمراري».

سيلين ديون أداء مبهر وأناقة متألقة (خاص)

أسأله إن كان يخطر بباله وهو في البدايات، في عام 1982، أن يصبح هو نفسه أيقونة وقدوة، أو يحلم بأنه سيدخل كتب الموضة بوصفه أول مصمم من المنطقة يضع صناعة الموضة العربية على خريطة الموضة العالمية؟ لا يجيب بالكلام، لكن نظرة السعادة التي كانت تزغرد في عيونه كانت أبلغ من أي جواب، وعندما أقول له إنه مصمم محظوظ بالنظر إلى حب الناس له، يضحك ويقول من دون تردد نعم أشعر فعلاً أني محظوظ.