«الجيش الوطني» الليبي يتوعّد تركيا... وإيطاليا تستبعد «الحسم العسكري»

قوات حفتر {تتأهب للوصول إلى قلب طرابلس}

السراج مستقبلاً وزير خارجية إيطاليا في طرابلس أمس (أ.ف.ب)
السراج مستقبلاً وزير خارجية إيطاليا في طرابلس أمس (أ.ف.ب)
TT

«الجيش الوطني» الليبي يتوعّد تركيا... وإيطاليا تستبعد «الحسم العسكري»

السراج مستقبلاً وزير خارجية إيطاليا في طرابلس أمس (أ.ف.ب)
السراج مستقبلاً وزير خارجية إيطاليا في طرابلس أمس (أ.ف.ب)

توعد «الجيش الوطني» الليبي، بقيادة المشير خليفة حفتر، على لسان المتحدث باسمه، بإلحاق الهزيمة بتركيا، وإحباط أي محاولة منها لتقديم الدعم العسكري لحكومة «الوفاق»، التي يرأسها فائز السراج، التي انحازت إليها 5 مدن في غرب البلاد. فيما أجرى وزير الخارجية الإيطالي لويجي مايو أول زيارة له إلى ليبيا منذ توليه منصبه، وتنقل بين شرقها وغربها.
وحل أمس، مايو ضيفاً على العاصمة طرابلس، حيث نقل إلى السراج مجدداً دعم بلاده لحكومته، وبحثا ملفات التعاون المشترك في مجالات الأمن والاقتصاد والهجرة غير الشرعية.
ونقل السراج في بيان أصدره مكتبه أمس، عن الوزير الإيطالي تأكيده «أن لا حل عسكرياً للأزمة الليبية»، مبرزاً أن بلاده تؤيد جهود المبعوث الأممي غسان سلامة للعودة للمسار السياسي، وتأمل أن يحقق مؤتمر برلين المزمع عقده لبحث الأزمة الليبية، توافقاً بين كل الدول المهتمة بالشأن الليبي.
بدوره، أشاد السراج بدعم إيطاليا لحكومته، وبما تبذله من جهود لكي تتخطى ليبيا الأزمة الراهنة، وقال: «نحن نتابع الترتيبات التي تجرى لعقد مؤتمر برلين»، مؤكداً ضرورة دعوة كل الدول المعنية بالشأن الليبي إلى هذا اللقاء، دون أي إقصاء.
وعدّ السراج أن مواقف حكومته ومعالجتها للأوضاع محلياً ودولياً «تتخذ في إطار الثوابت الوطنية، وعلى رأسها وحدة التراب الليبي، وتعزيز السيادة الوطنية».
كما التقى وزير خارجية إيطاليا مع أحمد معيتيق، نائب السراج، الذي شدد على ما وصفه بالدور المهم الذي تلعبه إيطاليا لحل الأزمة الليبية.
ومن المفترض أن يتوجه المسؤول الإيطالي لاحقاً إلى شرق ليبيا لعقد محادثات مع كبار المسؤولين هناك، وعلى رأسهم المشير حفتر، والمستشار عقيلة صالح رئيس مجلس النواب، الذي طالب البعثة الأممية باتخاذ إجراءات سريعة لإبعاد السراج، ومحافظ مصرف ليبيا المركزي، وضمان توزيع الثروة بين الليبيين بالتساوي، والاستماع لهم، واحترام إرادتهم في برلين وغيرها من الدول، مع عدم تكرار ما حصل في الاتفاق السياسي الموقع في الصخيرات بالمغرب نهاية عام 2015.
ورغم أن وزارة الخارجية المصرية تجاهلت الرد على بيان أصدره المجلس الرئاسي لحكومة السراج، تعقيباً على تصريحات للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي حول ليبيا، فإن الناطق الرسمي باسم الوزارة تساءل في تغريدة له عبر موقع «تويتر»، مساء أول من أمس: «من هو المجلس الرئاسي الليبي، الذي أصدر بياناً يتناول مصر؟ ما نعلمه هو أن ذلك المجلس يتكون من 9 أشخاص... فأين هؤلاء الآن؟».
ميدانياً، قال مسؤول عسكري بارز في «الجيش الوطني» في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، مشترطاً عدم تعريفه، إن القوات المسلحة الآن على وشك السيطرة على الكلية العسكرية، التي تعدّ داخل العاصمة، وليس على تخومها، لافتاً إلى أن ساعة الصفر «لا تعني الدخول للعاصمة في نفس يوم إعلان المشير حفتر عن ذلك، بل ازدياد وتيرة التقدم لتحقيق الهدف في أقرب وقت ممكن».
وقصفت طائرات «الجيش الوطني» تمركزات الميليشيات في محور عين زارة جنوب العاصمة، بينما أعلن المركز الإعلامي للجيش أن المواجهات باتت على مشارف أبوسليم، والتقدم في اتجاه الزهراء. كما أعلن استهداف تمركز ميليشيا معسكر «ماجر» بزليتن بضربة جوية، وأنباء عن خسائر في المعدات والأرواح، مشيراً إلى وجود جنسيات أجنبية تشكل مجموعة من المتطرفين بداخل المعسكر. كما قصف سلاح الجو أيضاً أهدافاً تابعة لميليشيات مصراتة، بالقرب من المحطة البخارية بمدينة سرت.
فيما تحدث المركز الإعلامي لغرفة «عمليات الكرامة»، التابع لـ«الجيش الوطني» مساء أول من أمس، عن وجود أعداد كبيرة من الجرحى في مصحة المختار بطرابلس، لافتاً إلى وجود حراسات مشددة من قبل الميليشيات التي أغلقت الشارع.
وكان اللواء أحمد المسماري، الناطق الرسمي باسم «الجيش الوطني»، قد أعلن عن تدمير قوة كبيرة للميليشيات المسلحة، وقتل مئات الإرهابيين والمجرمين على تخوم العاصمة، بعد معركة استنزاف للعدو دامت نحو 8 شهور. وقدر خسائر الميليشيات المسلحة في مؤتمر صحافي، مساء أول من أمس، بنحو 942 قتيلاً منذ اندلاع المعارك حول طرابلس في 4 أبريل (نيسان) الماضي، من بينهم 347 من مدينة مصراتة بغرب البلاد.
وبعدما وصف مذكرة التفاهم بين السراح وتركيا باتفاقية العار «باع بموجبها السراج ليبيا إلى تركيا»، قال المسماري إن الجيش «لن يقبل بوجود جندي أجنبي واحد» على أراضي ليبيا، مؤكداً أن بلاده «ليست قطر التي احتلت بقواعد تركية».
وأضاف المسماري: «بقراءة سريعة لهذه الاتفاقية، نرى أنه تم تسليم الأمن الليبي بكل أسراره وخصوصيته للأتراك، وليبيا أصبحت تحت رعاية تركية مباشرة». وخاطب الأتراك: «ليبيا بكل مدنها وقراها ليست كقطر، التي احتلت بقواعد تركية... لن تكون هناك قطر أخرى في لبيبا، ولن نرضى بإهانة مدينة ليبية بوقاحة الجنود الأتراك. لن نرضى بأن نكون قطر أو إدلب ثانية»، مشدداً على أن إردوغان «يسير في الطريق الخطأ نحو استثماراته ومطامعه في ليبيا»، ومعتبراً أن هدفه الرئيسي هو «تثبيت الإخوان على الأراضي الليبية كي تكون ليبيا قاعدة انطلاق إرهابية وإجرامية نحو دول الجوار، خصوصاً مصر».
كما أكد المسماري، الذي توقع أن تشهد الساعات والأيام المقبلة «معارك طاحنة على تخوم طرابلس وأحيائها الرئيسية»، أن لدى الجيش الوطني من الوسائل والإمكانات والإرادة الوطنية «ما يستطيع به قهر الأتراك وحكومة السراج».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».