تسارع الأحداث في سوريا والعراق ومخاطر عودة إرهابيين قاتلوا في صفوف «داعش» و«النصرة» إلى ألمانيا، كان السبب كي لا ينتهي هذا الأسبوع دون اتخاذ إجراءات وقرارات حاسمة، فوزير الداخلية، توماس دي ميزير، شدد في اجتماعه، أول من أمس، مع وزراء داخلية الولايات الألمانية، على وجوب اتخاذ إجراءات موحدة وصارمة على صعيد ألمانيا لمواجهة مخاطر هذه العناصر، وبالأخص العائدة من ساحات القتال، سواء في سوريا أو شمال العراق، فهم عائدون بخبرة عسكرية ومعرفة لكيفية استعمال المواد المتفجرة، ومن المحتمل أن تكون لديهم أوامر لتنفيذ عمليات إرهابية.
وتقول معلومات دائرة حماية الدستور: «سافر حتى الآن إلى شمال العراق وسوريا نحو 450 ألمانيا وأجنبيا متجنسا، إما للمشاركة في القتال أو خاضوا معارك، عاد منهم إلى ألمانيا قرابة 150 مدربا على استعمال السلاح وتحضير المتفجرات، ولقد سحبت السلطات حتى الآن جوازات سفر 20 متطرفا إضافة إلى حظر سفر 12 ألمانيا من أصول أجنبية».
وكان الوزير قد أعلن عن قرار دخل فورا حيز التنفيذ، يعد تنظيم «داعش» من التنظيمات الإرهابية المحظورة في ألمانيا مثل تنظيم القاعدة، وذلك بهدف إعاقة «داعش» من نشر كراهيته وحقده في ألمانيا، فأعضاؤه يستغلون الإسلام للقيام بأعمال إجرامية بشعة، وعلى ألمانيا وقف أعمالهم اللاإنسانية التي لا تمت بصلة للدين الإسلامي.
ويطال القرار أيضا حظر رفع علم «داعش» الأسود في أي مكان أو في المظاهرات أو جعله رمزا لأي اتصالات على شبكة الاتصالات الاجتماعية والترويج لأفكاره المتطرفة في المجالس العامة أو المساجد بألمانيا، بهدف تجنيد متطوعين للقتال إلى جانبه، وعقوبة ذلك السجن لمدة عامين أو دفع غرامة مالية كبيرة.
ومع أن تنظيم «داعش» لم يدرج بعد في ألمانيا على لائحة التنظيمات الإرهابية الأجنبية، فالأمر يتطلب قرارا من المحكمة الدستورية أو محكمة إقليمية، إلا أن الوزير أقره في الجريدة الرسمية، وهذا يلزم كل الدوائر الأمنية للعمل به.
كما يريد الوزير إقرار قانون آخر يسمح بسحب الهوية الشخصية الألمانية لكل عائد من سوريا وشمال العراق حارب في صفوف «داعش»؛ إذ يسمح حاليا فقط بسحب جواز السفر، بينما يمكن للألمان السفر بالهوية الشخصية إلى مصر وتركيا، ومن هناك إلى سوريا وشمال العراق بجواز السفر، وهو عازم على إلغاء الجنسية المزدوجة، فالكثير منهم، كالأتراك مثلا، يسمح لهم القانون بالاحتفاظ بالتركية وحمل الألمانية.
وتوافرت المعلومات المهمة عن أنشطة الألمان في صفوف تنظيم «داعش»؛ مما مكن دوائر الأمن الألمانية من إلقاء القبض على بعض العائدين منهم من سوريا أو شمال العراق لمحاكمتهم، ويقف هذه الأيام أمام المحكمة الإقليمية العليا في هامبورغ الشاب البوسني كرشنكي ب. وعمره 20 سنة، وألقي القبض عليه في يوليو (تموز) الماضي في المطار بتهمة الانتماء إلى تنظيم «داعش» الإرهابي والقتال في صفوفه، وتمكنت السلطات الأمنية من كشف سره بعد التنصت على اتصالاته مع شقيقته في ألمانيا.
وبعد امتناعه طويلا عن الإجابة على أسئلة الادعاء العام اعترف بأنه قاتل في صفوف تنظيم «داعش» بسوريا، وسافر إلى سوريا منتصف عام 2013 وخدم في صفوف «داعش» مدة 5 أشهر، وشارك 5 مرات في القتال ضد القوات النظامية السورية وضد مجموعات إسلامية مناهضة لـ«داعش»، لكنه بقي دائما في الصفوف الخلفية.
كما اعترف بأنه كان عضوا من مجموعة قتالية فرعية كل عناصرها من الأجانب، إلا أن العرب والشيشان في «داعش» لا ينتظرون الكثير من الآتيين من أوروبا، وقال: «نحن الأوروبيين لم يكن بإمكاننا القيام بشيء في المعارك وسط آلاف المتمرسين على القتال». ورغم هذه الأقوال فهو لا يريد خيانة زملائه أو الإدلاء بمعلومات ضد من ساعده في اجتياز الحدود بين سوريا وتركيا وبأي الوسائل، مع ذلك، فإن ظنه خاب، لأن «داعش» تقاتل أيضا ميليشيات إسلامية أخرى؛ لذا قرر العودة. وتتواصل محاكمة هذا الشاب مطلع شهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، وإذا ما تعاون مع القضاء، وأجاب على الأسئلة التي تطرح عليه، فإن عقوبته ستكون 4 أعوام و3 أشهر، وذلك بتهمة الانتماء إلى تنظيم إرهابي.
وفي الأسابيع المقبلة سيمثل أمام القضاء الألماني التركي فاتح أ. (26 سنة) الذي اعتقل في فرانكفورت، وآخران في برلين وكولونيا، وسافروا إلى سوريا للقتال في صفوف «داعش»، وجاء اعتقالهم بعد وضعهم لمدة طويلة تحت المراقبة عندما عادوا من سوريا الخريف الماضي.
كما سينظر القضاء في فرانكفورت في قضية سفيان ك. (27 سنة) عربي الأصل يحمل الجنسية الألمانية، ألقي القبض عليه نهاية شهر يونيو (حزيران) الماضي في مطار فرانكفورت، بناء على معلومات من دائرة المخابرات الألمانية، والتهمة الموجهة إليه القتال في صفوف «جبهة النصرة» بسوريا وجمع تبرعات مادية وعينية لها، ويقول الادعاء العام إنه كان عضوا في الخلية التابعة للنصرة في مقاطعة هسن الألمانية، وشارك في معارك بسوريا وتدرب على استعمال السلاح، وصدر أمر إلقاء القبض عليه من قاضي التحقيق في المحكمة الاتحادية في كارلسروه.
في غضون ذلك، قال ممثلو الادعاء أمس إن الشرطة الألمانية اعتقلت رجلين يشتبه أنهما من أنصار تنظيم داعش، وداهمت ممتلكات في شتى أنحاء البلاد تخص 13 شخصا آخرين يشتبه أنهم أنصار لجماعات إسلامية متشددة.
وقال مدعون اتحاديون في بيان إن الرجلين اعتقلا في مدينة آخن بغرب ألمانيا وهما التونسي كامل بن يحيى (38 عاما)، والروسي يوسب جي (28 عاما).
ويشتبه في أن التونسي أرسل ملابس قيمتها أكثر من 1100 يورو بالإضافة لدفع مبلغ 3400 يورو نقدا لتنظيم داعش منذ يوليو (تموز) 2013 وعمل على تهريب فتى في السابعة عشرة من عمره من ألمانيا إلى سوريا عبر تركيا للانضمام للتنظيم. أما الروسي فمتهم بالمساعدة في عملية التهريب وبأنه عضو في جماعة إرهابية أجنبية.
وتعتقد السلطات أن مشتبها بهم آخرين يدعمون إما «داعش» أو جماعة أحرار الشام السورية الإسلامية بتوفير آلاف من الأحذية وغيرها من الملابس العسكرية.
ووقعت المداهمات في ولايات نورد راين فستفاليا وهيسه وبادن - فورتمبرج وهامبورج وراينلاند - بالاتينات وشلسفيج هولشتاين بالإضافة إلى ولاية ساكسونيا الشرقية.
برلين: متهم بوسني بالانتماء لـ«داعش» يتخوف أمام المحكمة من خيانة زملائه
ألمانيا تعتقل شخصين يشتبه بأنهما من أنصار «داعش» وتداهم ممتلكات
برلين: متهم بوسني بالانتماء لـ«داعش» يتخوف أمام المحكمة من خيانة زملائه
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة