مدن في غرب ليبيا تعلن «النفير العام» وتضع ثقلها خلف حكومة السراج

TT

مدن في غرب ليبيا تعلن «النفير العام» وتضع ثقلها خلف حكومة السراج

أعلنت سلسلة مدن بغرب ليبيا أبرزها مصراتة معقل الميليشيات المسلحة الموالية لحكومة «الوفاق» برئاسة فائز السراج، حالة النفير وقررت «وضع كل ثقلها وإمكانياتها» تحت تصرف حكومة طرابلس من أجل ما سمته بـ«معركة الحسم» ضد قوات الجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر.
وأعربت حكومة السراج، في بيان أمس، عن استغرابها من تصريحات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أول من أمس، حول ما وصفه بغياب إرادتها الحرة ووقوعها أسيرة للتشكيلات المسلحة والتلويح بقدرة مصر على التدخل المباشر في ليبيا. وقالت الحكومة إنها «تتفهم حق الدولة المصرية في تحقيق أمنها القومي، لكنها لا تقبل بأي تهديد يمس السيادة الوطنية الليبية».
وأورد موقع «بوابة أفريقيا الإخبارية» أمس أن المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة وصل إلى القاهرة، حيث من المقرر أن يلتقي رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح الذي يزور العاصمة المصرية.
في غضون ذلك، أصدر مجلس بلدية مصراتة بياناً بعد اجتماع مطول ضم فتحي باش أغا، وزير داخلية السراج الذي ينتمي للمدينة، تضمن تشكيل غرفة طوارئ بالمدينة تعمل بالطاقة القصوى لتسخير كل الإمكانات والقدرات للمعركة ضد الجيش الوطني. ودعا البيان حكومة السراج إلى استغلال كل الفرص والإمكانات في «معركة الحسم»، وطالب بقية المدن الليبية بأن تسجل مواقفها في هذه المعركة.
وفي هذا الإطار، نقل موقع «بوابة أفريقيا الإخبارية» عن «القوة المساندة» في طرابلس إعلانها «حالة النفير العام» لكل أعضائها على خلفية الأوضاع الأمنية في طرابلس. كذلك صدرت بيانات تعلن حالة «النفير العام» باسم بلدات عدة في غرب ليبيا، بينها الزاوية والخمس والرحيبات.
في المقابل، نقل المركز الإعلامي لغرفة «عمليات الكرامة» التابع للجيش الوطني، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، معلومات عن اقتتال بين مجموعات داخل مصراتة ووقوع إصابات كبيرة، مشيراً إلى تعرض من وصفه بـ«الميليشياوي» باش أغا، وزير داخلية السراج، لمحاولة اغتيال داخل مصراتة، بعدما تعرض موكبه لإطلاق نار.
لكن وكالة آكي الإيطالية للأنباء نقلت عن حسن الهوني، المستشار الإعلامي للسراج، نفيه لهذه المعلومات، وقال إنها غير صحيحة. كما أعلن الجيش الوطني توجيه قواته الجوية ما وصفها بـ«ضربات دقيقة وموجعة» استهدفت مواقع لتخزين معدات دعم من تركيا و«مخازن استراتيجية للميليشيات بمصراتة»، وذلك في إطار جهود الجيش للقضاء على الإمدادات العسكرية التي تصل إلى خطوط الجبهات.
وأكد الجيش شن ثلاث ضربات جوية على مواقع للميليشيات في محور طريق المطار في طرابلس كدعم ناري لتقدم قوات الجيش في جنوب العاصمة.
في المقابل، نقلت وسائل إعلام محلية موالية لحكومة السراج عن مصدر عسكري تأكيده تقدم قوات «الوفاق» في محور الرملة بعد إحباط محاولة تسلل لقوات الجيش الوطني، بينما تحدث آمر محور عين زارة يوسف الأمين عن أن قوات عملية «بركان الغضب» التي تشنها الميليشيات المسلحة التابعة لحكومة السراج حققت تقدماً ميدانياً وأجبرت قوات الجيش الوطني على التراجع من بعض المواقع التي سيطر عليها في السابق.
في غضون ذلك، نفت السفارة الليبية بتونس في بيان بثته وزارة الخارجية الموالية لحكومة السراج، إجلاء شخصيات ليبية معروفة وبعثات دبلوماسية عبر البحر إلى تونس ووصفت الخبر الذي تداولته وسائل إعلام تونسية وأجنبية بأنه غير صحيح.
من جهة أخرى، كشفت وزارة الداخلية بحكومة السراج عن توقيف جهاز المخابرات الليبية للصحافي الليبي رضا فحيل في مطار معيتيقة الدولي بطرابلس لدى عودته من تونس. وبعدما نفت الوزارة مسؤوليتها عن عملية توقيف فحيل، طالبت في بيان لها جهاز المخابرات الليبية بتوضيح أسباب ما وصفته بهذا العمل غير المقبول خاصة في الظروف التي تمر بها البلاد.
إلى ذلك، اختتمت أمس خطوة الحوار الاقتصادي العاشر بين الولايات المتحدة وليبيا، واعتبرت السفارة الأميركية في ليبيا في بيان أن هذا الاجتماع يُبرز التزام الولايات المتحدة بالحوار مع جميع الأطراف الليبية للمساعدة في دفع عجلة الإصلاحات الاقتصادية التي تهدف إلى معالجة التحديات والأسباب الأساسية للصراع.
ورأت أن هذه المناقشات تمثل خطوة باتجاه بلورة رؤية مشتركة بين الليبيين حول الحاجة إلى مزيد من الشفافية في إدارة المالية العمومية وإصلاح الدعم والاستمرار في الاستثمار في قطاع الطاقة.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم