مطالب يمنية بضغط عسكري لإنجاح «استوكهولم» وتحذير من سيناريو «الحرب الثالثة»

اجتماعات السفينة الأممية أول تحركات الأطراف مع بداية العام الثاني لاتفاق السويد

الأمين العام للأمم المتحدة متوسطا رئيسي وفدي الحكومة اليمنية والحوثيين لدى انتهاء مشاورات السويد نهاية العام الماضي (غيتي)
الأمين العام للأمم المتحدة متوسطا رئيسي وفدي الحكومة اليمنية والحوثيين لدى انتهاء مشاورات السويد نهاية العام الماضي (غيتي)
TT

مطالب يمنية بضغط عسكري لإنجاح «استوكهولم» وتحذير من سيناريو «الحرب الثالثة»

الأمين العام للأمم المتحدة متوسطا رئيسي وفدي الحكومة اليمنية والحوثيين لدى انتهاء مشاورات السويد نهاية العام الماضي (غيتي)
الأمين العام للأمم المتحدة متوسطا رئيسي وفدي الحكومة اليمنية والحوثيين لدى انتهاء مشاورات السويد نهاية العام الماضي (غيتي)

يصر البراء شيبان الباحث السياسي اليمني على التحذير من سيناريو «الحرب الثالثة» التي خاضها الحوثيون ضد الدولة اليمنية. ويعود إلى عام 2005، حين «كان من الممكن إنهاء الحوثيين بالقوة. أوقفوا الحرب عندما كانت حيدان ومرّان على وشك السقوط. كانت القوات اليمنية تطوق قوات الحوثيين من عدة محاور، حتى صعدة نفسها لم تسقط في يد الحوثيين قبل عام 2011. وأحد تلك الأسباب هي المكايدات بين حزب المؤتمر الشعبي العام وحزب الإصلاح».
ولكن ما علاقة ذلك بالميليشيات الحوثية؟ يقول شيبان: «كانت ستسقط حيدان ومرّان، وهذا مثله مثل الحديدة في عام 2018، كانت ستسقط لولا أن الحرب توقفت».
«هل تقصد أنك تدعم الحرب وضد السلام؟»، سألت «الشرق الأوسط» فأجاب: «عملية السلام ليست معيبة لأي طرف، وهي شجاعة، وأنا ضد الحل العسكري بشكل نهائي ولا أدعو إليه. لكن الضغط العسكري على غرار ما حدث في الحديدة يفرض واقعاً جديداً، نتحدث عن منطق الواقع، إنها هي الطريقة التي يتعامل بها الحوثيون مع بقية الأطراف الأخرى».
يتزامن حديث الباحث اليمني مع مرور عام على اتفاق استوكهولم، وسط معلومات تفيد بأن الاتفاق سيشهد الأربعاء المقبل مع بداية عامه الثاني، سابع اجتماع بين الحكومة اليمنية والأمم المتحدة والحوثيين، وسيكون مقره مثل الاجتماعات الخمسة الأخيرة على متن السفينة الأممية «أنتاركتك دريم» الطافية على بعد يقترب من 30 كيلومتراً قبالة سواحل الحديدة غرب اليمن، وفقاً لمصادر يمنية.
وذكر مسؤول في الأمم المتحدة أن عدد أعضاء البعثة السياسية الأممية إلى الحديدة (أونمها) ارتفع بشكل ملحوظ، لكنه لم يذكر أنه اكتمل، وأضاف: «لا تزال هناك أمور لوجيستية جارٍ العمل عليها».
وحذر باحثان استمزجت «الشرق الأوسط» رأيهما حول نجاعة «استوكهولم»، من «تكرار تجارب الحكومات اليمنية السابقة مع الحوثيين». وذكر البراء شيبان وسام الغباري وهما باحثان سياسيان يمنيان من ذلك سيناريو «الحرب الثالثة» ضد الدولة اليمنية في عام 2005 عندما كادت تسقط حيدان ومرّان، وسيناريو ما بعد الحوار الوطني عام 2013 الذي أعقبه انقلاب كامل على «الشرعية».
وأمام دعوات للتهدئة والانخراط في الاتفاق بشكل إيجابي مع التغاضي عن «المنغصات الحوثية» التي ترافق التزامات الجماعة، يفضل يمنيون ألا تجري إعادة التجارب مع الحوثيين الذين خاضوا 6 حروب مع الدولة اليمنية منذ عام 2004.
المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث يقول حول اتفاق استوكهولم إن «كثيرين وأنا واحد منهم، يعتقدون أنه كان بإمكاننا القيام بعمل أفضل بكثير في تنفيذ اتفاق ستوكهولم في بنوده الـ12 (...) ولكن بشكل خاص لليمنيين الذين تعد القضية بالنسبة لهم أمراً أساسياً، كان خيبة أمل من نواحٍ كثيرة». وفي المقابل تحدث المبعوث في سياق حوار أجراه معه موقع أخبار الأمم المتحدة عن «إنجازات» شهدها الاتفاق، وقال: «كنا حينها على شفا وقوع هجوم على مدينة الحديدة وموانئها، معركة كانت ستؤثر على مركزين حيويين للبرنامج الإنساني. تم تجنُب تلك المعركة. وقد تمكنا من تجنبها حتى الآن. كان هناك وقف لإطلاق النار بشكل أو بآخر في الحُديدة. تم إنقاذ حياة الناس تمت حماية البرنامج الإنساني. وأعتقد أن ذلك أظهر أيضاً أن الأطراف يمكن أن تتفق فعلياً على طريقة مختلفة للخروج من الأزمة. ولكن صحيح أن هناك أشياء يجب أن تتم بشكل أفضل بكثير، لا يزال يتعين علينا أن نرى عمليات إعادة انتشار كبيرة لتجريد مدينة الحديدة من السلاح، وهذا لم يحدث بعد، ما زلنا نتفاوض عليه، والأمم المتحدة لن تتخلى عن الاتفاق».
وبسؤاله عما يجدر فعله من طرف الحكومة اليمنية إزاء الاتفاق الذي وقع في السويد ديسمبر (كانون الأول) 2018، يقول الغباري إن «السلام في اليمن يعني أن يتخلى الجميع طواعية عن العنف والاتفاق الصادق حول حكومة حقيقية، لكن ما ينبغي الوجل منه أن الحوثيين لن يفعلوا ذلك، فمشروع الاصطفاء الإلهي لسلالتهم التي ترى أن لها (مواطنة سوبر) أو استثنائية لم تكن وليدة مرحلة مبتورة زمنياً أو فقهياً، بل إنها تكاد تكون المذبحة الدموية المتكررة على اليمنيين منذ أكثر من ألف عام، ولذا لم يقدم الحوثي شيئاً من لدنه، سوى أنه ارتبط بالمشروع الفارسي الحديث ليتخذه متكأً لتحقيق الأوهام المأساوية في السلطة والتمكين والثروة على رقاب الأمة اليمنية وغيرها من عواصم الدول، ولا يزال هذا المشروع حتى يتم القضاء على آخر حكم ثيوقراطي يدفع لشبكة مرتزقته الخطرين من أموال النفط الإيراني».
وماذا عن الحرب؟ أجاب سام الغباري: «السلام اليوم دون كسر القوة الحوثية، يعني سيطرة حوثية لما تبقى في اليمن، ولن تبقى في صنعاء أو صعدة، مهما حاول المتفائلون أن يجملوا ذلك الواقع»، مضيفاً: «أنا لا أتحدث عن حرب، لكنني أتحدث عن سلام يحفظ لليمنيين جميعاً فرصاً عادلة في المواطنة وحقهم الأصيل في التصويت وعدم مصادرة حقهم الطبيعي في الشورى والحرية الطبيعية كأي مجتمع في عالم اليوم».
وبدوره، يرى المبعوث الأممي أن ما تعلمه «حقاً وبقوة، أن هناك بعض القضايا التي لن يتم حلها عن طريق الاتفاقات على المستوى دون الوطني - اتفاقات محددة في أماكن مختلفة». ويقول: «علينا أن نعالج القضايا الأساسية المتمثلة في السيادة والشرعية من خلال اتفاق لإنهاء الحرب».
وفي أي حل سياسي، في أي مكان، في أي صراع - والحديث لغريفيث مع موقع أخبار الأمم المتحدة - «هو أمر بالغ الصعوبة. ويستلزم إرادة سياسية من المستوى الذي يتطلب الكثير للانتقال من الحرب إلى السلام، ويتطلب من هؤلاء الذين يقودون الحرب تغيير الطريقة التي ينظرون بها إلى مناصريهم، وتغيير الطريقة التي ينظرون بها إلى إمكاناتهم، ووضع حد لآمالهم بنصر عسكري والبدء في التواصل مع أعدائهم وجعلهم جزءاً من المستقبل»، متابعاً: «إنه تحول كبير في أي حرب أهلية، إنه تحول هائل! ما أعتقد أنه يحدث الآن في اليمن هو أننا أخيراً بدأنا نرى هذا التحول... لقد بدأنا نرى في قلوب وعقول أولئك الذين يتخذون القرارات حول الحرب، الرغبة في صنع السلام والاعتراف، على المستوى الأساسي، بأنه لا يوجد أي احتمال لتحقيق تقدم عسكري، أنه لا يوجد شيء يمكن كسبه في ساحة المعركة، وأن هناك انتصاراً كبيراً بالطبع يمكن تحقيقه على ساحة المفاوضات».


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.