الصدر يغلق لمدة سنة المؤسسات التابعة له

TT

الصدر يغلق لمدة سنة المؤسسات التابعة له

في خطوة بدت مفاجئة، سواء لشركائه أو خصومه السياسيين، كتب زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر مفردة «وداعاً» على الصفحة التي كانت تحمل اسمه على منصات التواصل الاجتماعي. وعلى أثر ذلك، أصدر المكتب الخاص به بياناً مقتضباً، أعلن فيه أن الصدر وجه بغلق المؤسسات التابعة له لمدة سنة، مستثنياً من هذا القرار «مؤسسة مرقد الشهيد السعيد السيد محمد الصدر ونجليه، والمكتب الخاص، وتشكيلات (سرايا السلام)». ولفت التوجيه إلى «إلحاق الإشراف العام لصلاة الجمعة بالمكتب الخاص».
ويأتي إغلاق الصدر للمؤسسات التابعة له، خصوصاً المنصات الإعلامية التي كان ينشط من خلالها، ويبعث الرسائل المختلفة، مرة إلى الشارع ومرة إلى القوى السياسية، بعد نشاط مكثف بذله خلال الفترة الأخيرة، لا سيما بعد أحداث ساحتي السنك والخلاني وجريمة الوثبة في بغداد، فضلاً عن طرح كثير من الأسماء المرشحة لرئاسة الوزراء. وبينما أعلن الصدر رفضه لكل الأسماء المرشحة، فإنه طبقاً لهذا التوجيه، لن يكون له دور في رفض أو قبول من يتم التوافق عليه لمدة سنة.
وفيما لم تعلن كتلة «سائرون» التي يدعمها أي موقف أو رأي بالكيفية التي سوف تتعامل وفقاً لها خلال الفترة المقبلة، فإن المراقبين السياسيين في العاصمة العراقية بغداد يرون أن الصدر قد يكون منح الكتلة خيار التعبير عن رؤاها وفق المحددات التي تعرفها عن الصدر ومواقفه.
كان قد تزامن مع إعلان الصدر غلق مؤسساته الإعلامية محاولة اغتيال نجل القاضي جعفر الموسوي، المتحدث الخاص باسم الصدر. ولم يصدر موقف من التيار أو كتلة «سائرون» عن طبيعة استهداف نجل الموسوي الذي هو أحد قياديي التيار الصدري، ولم توجه التهمة لأي طرف في محاولة الاغتيال.
إلى ذلك، أكد أحد المقربين من الصدر أن «هناك 3 سيناريوهات مستقبلية: أولها نجاح الثورة العراقية الشعبية وانتصار الوطن، وثانيها استمرار الثورة من دون قيادة وأهداف، وثالثها فشل الثورة وتسلّط الفاسدين مرة أخرى، ولكل واحدٍ منها مقدّمات ونتائج». وقال محمد العبودي، المقرب من الصدر، في بيان له، إن «الصدر هو صدر الميدان، لا يتراجع ولا يهزم، ولا يعطي وعداً إلا وتحقّق، فهو القائل ستكملون المشروع معي، وهنا استعرض بعض خطوات الصدر منذ بدء الثورة العراقية، لتكون بينة وتذكرة وحجة، فيختار الشعب عن قناعة أحد السيناريوهات المتقدّمة، ويعمل على تحقيق أمل وحلم أربعين مليون عراقي، لأن العراق ومستقبله على مفترق طرق».
وتابع البيان أن «الصدر أول من دعم الثوّار، ونزل الميدان معهم، الصدر كشف المؤامرات في كواليس الفاسدين، وقدمها على طبق مجاني للثوار، الصدر شتّت مخططات الفاسدين والمتآمرين وأسيادهم ضد الثوار، الصدر حمى الثوار ودافع عنهم بقبّعات زرق، الصدر زاد زخم الثوار ونصرهم وشد أزرهم، الصدر دعم المطالب السلمية والخطوات الوطنية، الصدر حدّد الأهداف وعبّد الطريق، الصدر حذّر المتظاهرين وأنذر المستعجلين ووجّه الثائرين، الصدر تنازل عن كل شيءٍ لأجل الشعب وثورته الوطنية، فما كان التجاوب والتقبل والوثوق؟».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.