نواب في صنعاء يرفعون أصواتهم بعدما نال منهم إذلال الميليشيات

منهجية حوثية مستمرة لكسر القبائل وتطويع أتباع «المؤتمر الشعبي»

TT

نواب في صنعاء يرفعون أصواتهم بعدما نال منهم إذلال الميليشيات

حتى أولئك النواب اليمنيون المعدودون الذين فضلوا طوعا أو كرها البقاء في العاصمة اليمنية المختطفة من قبل الميليشيات الحوثية؛ لم يسلموا من أذى الجماعة المتكرر، سواء عن طريق عمليات الإذلال من عناصر الميليشيات أو التضييق على تحركاتهم أو التهديد بتصفيتهم ومصادرة أموالهم.
وفيما بدأ هؤلاء النواب أخيرا وأغلبهم من الموالين لحزب «المؤتمر الشعبي» رفع أصواتهم بالشكوى وتوسل الجماعة الكف عن ممارساتها ضدهم، واصلت الميليشيات في عملياتها الممنهجة لإذلال رجال القبائل في مناطق سيطرتها والتنكيل بهم رغم خضوعهم المطلق لسلطات الانقلاب.
وفي هذا السياق، أظهر مقطع مصور تداوله الناشطون اليمنيون أخيرا، جانبا مما يتعرض له النواب الموالون للجماعة في صنعاء، حيث يتحدث فيه عدد منهم من قاعة البرلمان في صنعاء لعل رئيس البرلمان السابق يحيى الراعي الذي لا يزال متمسكا بمنصبه إلى جانب الحوثيين يستطيع أن يفعل لهم شيئا.
ويظهر في «الفيديو» المصور النائب في البرلمان الخاضع للميليشيات محمد البرعي وهو يؤكد تعرض جميع النواب الموجودين في صنعاء لعملية الإذلال على يد الجماعة ويقول «لا أحد منا إلا وقد تعرض لهذي المشكلة لكن البعض لا يجرأون على الكلام إما خوفا وإما لأنهم يستحون أن يعترفوا بما يواجهونه».
ويستطرد النائب البرعي في حديثه بعد أن تلقى الإذن من يحيى الراعي، مؤكدا أنه يعرض بطاقة عضويته في البرلمان في النقاط الحوثية سواء في صنعاء أو عند ذهابه إلى مديريته التي يمثلها والتابعة لمحافظة الحديدة، لكن لا أحد يتورع من عناصر الجماعة عن إذلاله وعدم الاعتراف به أو السماح له بالتحرك، إلا بإذن من أحد مشرفي الجماعة.
ويتساءل البرعي بحرقة «هل هذا أسلوب ممنهج لإذلال النواب» ويضيف أنهم يضطرون لإخفاء بطاقة عضو البرلمان في النقاط في الحوثية ويستعينون ببطائق المرافقين لهم من الحراس المنتمين منذ زمن إلى عناصر وزارة الداخلية.
وأكد النائب اليمني أن الميليشيات الحوثية أفرغت كافة نقاط التفتيش من منتسبي الأمن الحقيقيين، وأحلوا مكانهم من عناصر الجماعة، وإذا ما بقي – بحسب اعترافه - أحد الجنود السابقين في النقطة فإنه يظل خاضعا لعناصر الجماعة ولا يستطيع أن يبت في أي أمر من الأمور دون إذنهم وبعد أخذ الإذن من المشرفين الحوثيين.
وفي حين توسل النائب عم زعيم الجماعة عبد الكريم الحوثي الذي يمسك بداخلية الميليشيات في حكومة الانقلاب غير المعترف بها، لكي يتخذ تدابير تحافظ على كرامة من تبقى من النواب في صنعاء، اعترف نائب آخر في الفيديو المتداول نفسه، بأنه تعرض لعملية الإذلال ولا يسمح له بالتحرك في نقاط الجماعة الحوثية إلا بعد أن يحصل على إذن من المشرف الحوثي.
وكشف النائب عن أنه طلب منه التجرد من سلاحه الشخصي ومن سلاح المرافقين له، والتعريف بنفسه عن طريق أحد المشرفين في الجبهات الحوثية لمجرد السماح له فقط بالدخول إلى مديريته لقضاء إجازته.
وظهر في الفيديو النائب المثير للجدل أحمد سيف حاشد، وهو يتهم الجماعة الحوثية بتلقين الملازم الخمينية التي جاء بها مؤسس الجماعة لعناصر الأمن والشرطة وجعلها مقررا في التعليم العام، وهو الاتهام الذي أثار حفيظة أحد القيادات الحوثية الذين ينتحلون صفة نائب في البرلمان، ما جعله يضغط على النائب حاشد لسحب اتهامه بلهجة وعيد وتهديد، قبل أن يتلقى سحب الاتهام تأييدا من يحيى الراعي نفسه.
تقول مصادر برلمانية في صنعاء، إن أغلب النواب وهم أقل من 100 نائب يتعرضون لعملية رقابة حوثية صارمة، من خلال التجسس عليهم هاتفيا ومراقبة منازلهم، وتعميم صورهم في النقاط المنتشرة بين المحافظات في إجراء يدل على تخوف الجماعة من هروبهم إلى مناطق سيطرة الشرعية.
وكان العشرات من النواب بخاصة من الموالين لحزب «المؤتمر الشعبي» جناح الرئيس السابق علي عبد الله صالح تمكنوا خلال العامين الأخيرين بعد مقتل الأخير من الفرار من صنعاء وهو ما رجح كفة النواب الموالين للشرعية ومنحهم الأغلبية والنصاب الكافي للانعقاد المشهود في مدينة سيئون في أبريل (نيسان) الماضي.
ولم تتوقف ما سماه ناشطون يمنيون «عملية الإذلال الحوثية» عند النواب الخاضعين للجماعة في صنعاء، ولكنها امتدت منذ الانقلاب على الشرعية إلى كبار زعماء القبائل في صنعاء، والقيادات القبلية الموالية لحزب «المؤتمر الشعبي» في مختلف المناطق وصولا إلى قتل بعضهم وسجن بعضهم واقتحام مناطقهم القبلية بالحملات المسلحة.
وأحدث انتهاك حوثي من هذا النوع هو ما قامت به الجماعة قبل أيام من اقتحام قرية «المصاقرة» في مديرية الحداء التابعة لمحافظة ذمار (100 كيلومترا جنوب صنعاء)، إذ أفادت مصادر قبلية وأخرى موالية للحكومة الشرعية بأن الجماعة اقتحمت القرية وأطلقت السلاح الثقيل والمتوسط ما أدى لمقتل وجرح خمسة أشخاص على الأقل بينهم أطفال ونساء، وتدمير منزلين.
وذكرت المصادر أن عناصر الميليشيات الحوثية قصفت، قرية المصاقرة الواقعة شرقي مديرية الحداء لمدة يومين ونفذت حملة عسكرية قوامها أكثر 60 عربة عسكرية وما يزيد عن 300 مسلح من عناصرها.
وطبقا للمصادر نفسها، فرضت الميليشيات حصارا مشددا على القرية في سياق سعيها لاعتقال أحد ضباط الجيش السابقين الرافضين الخضوع لها، وذلك قبل أن تقوم باعتقال أكثر من 120 شخصا من سكان القرية من داخل منازلهم غالبيتهم من الأطفال واقتيادهم إلى سجن المردع في منطقة زراجة حيث مركز مديرية الحداء.
وأشارت المصادر إلى أن الميليشيات استحدثت منذ بدء حملتها العسكرية أكثر من 60 نقطة جديدة على مداخل ومخارج منطقة عبيدة المحيطة بقرية المصاقرة، في سياق عملية الإذلال لأبناء المنطقة وترويعهم.
وفي حين استنكر رجال القبائل في مديرية الحداء هذه الجرائم الحوثية، بحق أبناء قرية المصاقرة، حذروا في بيانات متفرقة، من مغبة اقتحام المنازل واختطاف المواطنين وترويع الآمنين في منازلهم. غير أن هذه التحذيرات القبلية، وفق مصادر محلية في المنطقة، لم ترتق إلى عملية اتخاذ ردود فعل جادة ضد الجماعة الحوثية، لجهة أن أغلب زعماء القبائل في المحافظة باتوا يخشون بطش الجماعة التي دأبت على ضرب القبائل ببعضها بالتوازي مع عملية كسر كل قبيلة بشكل منفرد.
وفي الأشهر الماضية أقدم مشرفون حوثيون في محافظة عمران (شمال صنعاء) على ارتكاب العديد من عمليات التصفية التي طاولت عددا من رجال القبائل، إضافة إلى إطلاق اليد لمشرفيها لجمع الجبايات والسيطرة على الأراضي.
وتحاول الجماعة أن تستقطب من تستدرجهم من صغار المشايخ في مشروعها الطائفي، عبر منح السيارات وتخصيص المنح المالية والسلاح، لكنهم لا يستطيعون أبدا التخلف عن تلبية صوت الميليشيات أو رفض أي من طلباتها.
وحسب بعض الإحصائيات فإنه يوجد أكثر من 400 قبيلة صغيرة في اليمن وكلها تنضوي تحت قبائل «حاشد» و«بكيل» و«مذحج» و«حمير»، و«همدان» في حين تشكل قبيلة بكيل مع قبيلة حاشد أكبر قبيلتين، حيث أكبر قبائل الطوق للعاصمة صنعاء.
وتتعدد مسميات المشايخ في هذه القبائل ما بين «شيخ للقرية» و«شيخ عزلة» و«شيخ ضمان» و«شيخ قبيلة» وشيخ مشايخ وهذه الأخيرة أكبر مرتبة من بينهم.
ووفق إحصائية مصلحة شؤون القبائل عام 2005 بلغ المسجلون فيها من المشايخ نحو 399 شيخا، منهم 8 برتبة شيخ مشايخ، و69 شيخ ضمان، و222 شيخا و100 شيخ محل.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.