إسرائيل تلوح بـ«فيتنام إيرانية» في سوريا وتكثف غاراتها قرب حدود العراق

مصادر في تل أبيب تحدثت عن مساعي طهران لبناء قاعدتين في السويداء

TT

إسرائيل تلوح بـ«فيتنام إيرانية» في سوريا وتكثف غاراتها قرب حدود العراق

كثفت إسرائيل هجماتها على «مواقع إيرانية» شرق سوريا، قرب حدود العراق، وسط تلويح تل أبيب بتحويل سوريا إلى «فيتنام إيرانية»، و«استنزاف» قوات طهران التي تجدد مساعيها لتثبت مواقعها في البوكمال شرقاً، والسويداء جنوباً.
كان وزير الدفاع الإسرائيلي الجديد نفتالي بينيت، قال الأحد الماضي: «لا بد أن نتحول من العمل الوقائي إلى العمل الهجومي على اعتباره الإجراء الوحيد الذي يضمن لنا طرد إيران خارج سوريا. وإننا نقول لهم - أي الإيرانيين - ستتحول سوريا إلى فيتنام الإيرانية، وستواصلون النزيف حتى مغادرة آخر جندي إيراني الأراضي السورية».
وأفاد موقع «دبكا» الاستخباراتي الإسرائيلي، بأن تهديدات بينيت تزامنت مع أربع هجمات خلال أسبوع على المجمع العسكري الذي أقامته «ألوية القدس» التابعة لـ«الحرس الثوري الإيراني» والميليشيات العراقية المرافقة لهم في منطقة البوكمال على الحدود السورية - العراقية.
وقتل خمسة مقاتلين من قوات موالية لإيران جراء غارات وقعت ليلاً في شرق سوريا، وفق ما أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، الأحد الماضي.
واستهدفت الضربات، في وقت متأخر، ليل السبت، «مواقع للقوات الإيرانية والميليشيات الموالية لها» في ريف دير الزور الشرقي عند أطراف مدينة البوكمال الحدودية مع العراق.
وقال مدير «المرصد» رامي عبد الرحمن، لوكالة الصحافة الفرنسية، «قتل ما لا يقل عن 5 مقاتلين أجانب من الجنسيات غير السورية»، من دون أن يتمكن من تحديد جنسياتهم.
وتنتشر قوات إيرانية وأخرى عراقية داعمة لقوات النظام السوري في منطقة واسعة في ريف دير الزور الشرقي، خصوصاً بين مدينتي البوكمال الحدودية والميادين.
ويدعم تحالف تقوده الولايات المتحدة «قوات سوريا الديمقراطية»، المؤلفة من فصائل كردية وعربية، على الضفة الشرقية لنهر الفرات.
وأقر التحالف في السابق شن غارات جوية على مقاتلين موالين للنظام السوري، إلا أنه نفى غارات، السبت. وقال التحالف إنه «لم يشن أي ضربات في سوريا في السابع من ديسمبر (كانون الأول) 2019».
وتعد غارات السبت الأخيرة في سلسلة من عمليات القصف المماثلة.
وفي سبتمبر (أيلول)، قتل 10 مقاتلين عراقيين موالين لإيران في غارات شنتها طائرات حربية لم تعرف هويتها في منطقة البوكمال في شرق سوريا، حسب «المرصد السوري».
وجرى استهداف مقاتلين موالين للنظام في المنطقة مراراً، وقتل 55 منهم من سوريين وعراقيين، حسب «المرصد السوري»، في يونيو (حزيران) 2018 في ضربات قال مسؤول أميركي إن إسرائيل تقف خلفها، إلا أن الأخيرة رفضت التعليق.
وتشكل العملية بداية جديدة من نوعها، حسب «دبكا»، حيث كانت هذه هي المرة الأولى التي تستخدم فيها طائرة شبحية خفية أميركية الصنع في تدمير البنية التحتية العسكرية في بلد آخر، أي المنشآت العسكرية الإيرانية في سوريا.
وقال: «بالنسبة إلى إسرائيل، فهي تعتبر فرصة فريدة من نوعها في ضرب الأهداف الإيرانية بصورة مباشرة وممارسة القصف الجوي المباشر ضد أهداف (الحرس الثوري الإيراني) في المنطقة».
وفي حين أن الطائرة الحربية الإسرائيلية قد ركزت في هجومها على المنشآت العسكرية الإيرانية حول منطقة البوكمال: «كانت القاذفات الحربية الأميركية تتابع الهياكل العسكرية الإيرانية الموجودة شمالاً في محافظة دير الزور»، حسب ما أفادت المصادر العسكرية المطلعة. وزادت: «اتسع مجال هجمات القوات الجوية الإسرائيلية على المواقع الإيرانية غرباً من البوكمال حتى تدمر، في حين توجهت المقاتلات الأميركية نحو الجنوب الغربي إلى دير الزور».
وأدرجت هذه العملية على أعلى تصنيف ممكن في واشنطن، مع تكليف المجموعة الضاربة لحاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالانتشار خلال الأسبوع الحالي في شرق البحر المتوسط قبالة السواحل السورية «لإسناد المهمة»، حسب المصادر. وقالت: «اتخذ هذا الأسطول البحري الكبير، الذي يتألف من طراد الصواريخ، والعديد من المدمرات، وغواصة صواريخ (توما هوك) النووية من الأسطول الأميركي السادس، موقعه الاحتياطي لإسناد الغارات الجوية الأميركية والإسرائيلية في شرق سوريا».
وأشار موقع «دبكا» أيضاً إلى أن إيران سعت في الوقت نفسه إلى «استكشاف فرص إنشاء قاعدتين جويتين صغيرتين للطائرات المسيرة في السويداء، بهدف جمع المعلومات الاستخبارية، وتوجيه الضربات ضد الأهداف في إسرائيل»، إضافة إلى «إعادة بناء وتطوير مجمع البوكمال العسكري في مواجهة عمليات التدمير الممنهجة».
كانت «فوكس نيوز» الأميركية، أفادت بأن صوراً التقطتها أقمار صناعية «كشفت أن إيران تبني أنفاقاً في سوريا لتخزن صواريخ وأسلحة متنوعة على نطاق واسع» في البوكمال وعلى الحدود السورية - العراقية.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».