«صوتك مسموع»... مبادرة حكومية لـ«شكاوى المصريين» تلقى اهتماماً شعبياً

TT

«صوتك مسموع»... مبادرة حكومية لـ«شكاوى المصريين» تلقى اهتماماً شعبياً

لاقت مبادرة «صوتك مسموع» برعاية الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء المصري، اهتماماً شعبياً في البلاد، وهو ما أكدت عليه وزارة التنمية المحلية أمس، بأن «المبادرة تلقت 23 ألف شكوى خلال عام عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تتعلق بالنظافة، ومخالفات البناء، والتعدي على الأراضي المملوكة للدولة».
أمينة عبد الحميد، الثلاثينية، تواصلت مع مبادرة «صوتك مسموع» للإبلاغ عن تراكم القمامة في الشارع التي تقطن به بضاحية عين شمس (شرق القاهرة). وتقول لـ«الشرق الأوسط»، إنه «عندما سمعت عن المبادرة أنها برعاية رئيس الوزراء، سارعت بالإبلاغ عن القمامة، وبالفعل تمت الاستجابة للشكوى، وتم تنظيف المكان من القمامة»، لافتة إلى أن «وقت الاستجابة لطلبي كان قياسياً في وقت قصير»؛ وهو ما أكد عليه أحد المسؤولين عن تلقي الشكاوى بالمبادرة، قائلاً: «مجرد أن تصلنا الشكوى، يتم توجيهها إلى الأجهزة المختصة»، وذلك في مجمل رده على رسالة لـ«الشرق الأوسط».
وأعلن اللواء محمود شعراوي، وزير التنمية المحلية في مصر، أمس، عن «نجاح مبادرة (صوتك مسموع) في حل أكثر من 22 ألف شكوى بنسبة 95.5 في المائة، حيث تلقت المبادرة منذ انطلاقها تحت رعاية رئيس مجلس الوزراء في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2018 حتى أمس أكثر من 23 ألف شكوى مستوفاة»، مؤكداً في تصريحات له أمس، على «تواصل المبادرة للعام الثاني على التوالي في التفاعل مع المواطنين والاستجابة لهم، حيث تلقت المبادرة أكثر من 90 ألف رسالة من خلال قنوات الاتصال المتعددة، التي تعتمد عليها مثل (واتساب)، و(فيسبوك)»، مشيراً إلى أن «عدد الرسائل الواردة للمبادرة عبر وسائل التواصل المختلفة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بلغ أكثر من 8 آلاف رسالة، منها 1912 شكوى تم حلها بنسبة 81 في المائة».
ولفت وزير التنمية المحلية إلى أن «التقرير الأخير الذي تلقاه عن المبادرة، يؤكد زيادة عدد الشكاوى الواردة نتيجة سرعة الاستجابة الفورية لحل الشكاوى وتفاعل القائمين عليها بالوزارة بالتنسيق مع المحافظات»، معتبراً أن «تلك الزيادة تؤكد ثقة المواطنين في المبادرة نتيجة نجاحها في حل المشكلات باعتبارها إحدى قنوات التواصل الحكومية المهمة، في إطار 5 محاور رئيسية، هي: (مخالفات البناء، والتعدي على الأراضي الزراعية، والأراضي المملوكة للدولة، وإشغالات الطرق، والفساد والرشوة)»، مؤكداً أن «شكاوى القمامة تصدرت عدد الشكاوى الواردة للمبادرة خلال نوفمبر الماضي بإجمالي 934 شكوى، يليها شكاوى الإشغالات بعدد 560 شكوى، ثم مخالفات البناء بـ154 شكوى، والفساد بـ39 شكوى».
جدير بالذكر أن حكومة مصر سبق أن أكدت «تصديها بقوة للتعدي على أملاك الدولة العامة والخاصة، فضلاً عن التصدي لظاهرة البناء العشوائي من خلال (وحدات التدخل السريع) في ربوع البلاد».
وقال مصدر مطلع، إن «الحكومة المصرية تحذر من خطورة التعدي على أراضي الدولة، وتواصل إجراءات استرداد أراضي الدولة، ولجان تقنين وضع الأراضي تعمل على مدار الساعة وفق توجيهات رئاسية»، لافتاً إلى أن «رئيس مجلس الوزراء يشدد دائماً على ضرورة سرعة الانتهاء من تحصيل حق الدولة من تقنين التعديات على الأراضي، مع منع أي تعديات جديدة».
وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد دعا في نهاية ديسمبر (كانون الأول) عام 2018، الحكومة، إلى «مواصلة التصدي للتعديات بجميع أشكالها، وعدم التنازل عن حقوق الدولة»... وسبق ذلك توجيه السيسي لوماً إلى مسؤولين في الدولة بسبب ارتفاع معدلات البناء العشوائي. كما انتقد الرئيس السيسي قيام بعض الأفراد بالتعدي على أراضي الدولة المصرية، مؤكداً حينها أنه «لن يسمح أبداً بذلك».
وأضاف محمود شعراوي أمس، أن «فرق عمل المبادرة في المحافظات تتعامل مع الشكاوى الواردة للمبادرة بصورة سريعة، وكانت أبرز المحافظات استجابة في حل الشكاوى، القليوبية، والجيزة، والمنوفية، وقنا، ومطروح، والبحيرة، وأسيوط، والإسماعيلية، وفرق المحافظات هي بمثابة غرفة عمليات دائمة تتلقى الشكاوى وتتابعها وتتواصل مع أصحابها وإفادتهم بما تم بصدد شكواهم».



مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية في مصر، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاعتداء بالاستناد إلى قانون حماية الآثار.

ويرى الخبير الأثري الدكتور محمد حمزة أن واقعة بناء كشك كهرباء داخل «حرم موقع أثري»، صورة من أوجه مختلفة للاعتداء على الآثار في مصر، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يمثل هذا الكشك مثالاً لحالات البناء العشوائي التي لا تراعي خصوصية المناطق الأثرية، وتشويهاً معمارياً مثل الذي شهدته بنفسي أخيراً ببناء عمارة سكنية في مواجهة جامع «الحاكِم» الأثري في نهاية شارع المعز التاريخي، بما لا يتلاءم مع طراز المنطقة، وأخيراً أيضاً فوجئنا بقرار بناء مسرح في حرم منطقة سور مجرى العيون الأثرية، وهناك العديد من الأمثلة الأخيرة الخاصة بهدم آثار كالتعدي على قبة الشيخ عبد الله بمنطقة عرب اليسار أسفل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتلك جميعها صور من الاعتداء التي تتجاهل تماماً قوانين حماية الآثار».

كشك كهرباء باب النصر (حساب د. محمد حمزة على فيسبوك)

وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، فإن بناء هذا الكشك «هو حالة متكررة لمخالفة قانون حماية الآثار بشكل واضح»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «يجب أن تتم إزالته، فهو يؤثر بشكل واضح على بانوراما المكان الأثري، علاوة على أنه كيان قبيح ولا يليق أن يتم وضعه في موقع أثري، ويتسبب هذا الكشك في قطع خطوط الرؤية في تلك المنطقة الأثرية المهمة».

ويضيف عبد المقصود: «المؤسف أن وزارة السياحة والآثار لم تعلق على هذا الأمر بعد، مثلما لم تعلق على العديد من وقائع الاعتداء على مواقع أثرية سواء بالبناء العشوائي أو الهدم قبل ذلك، رغم أن الأمر يقع في نطاق مسؤوليتهم».

قانون الآثار المصري يمنع بناء مبان أعلى من المنشآت الأثرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأثار تشويه بعض نقوش مقبرة مريروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) ضجة واسعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط دعوات بضرورة تطبيق قانون حماية الآثار الذي تنص المادة 45 منه رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوّه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

الآثار الإسلامية تتوسط غابة من الكتل الخرسانية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترى الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، أن منطقة القاهرة التاريخية مسجلة وفقاً لقانون 119 لسنة 2008، باعتبارها منطقة أثرية لها اشتراطات حماية خاصة، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تشمل تلك الحماية القيام بعمل ارتفاعات أو تغيير أشكال الواجهات، وأي تفاصيل خاصة باستغلال الفراغ العام، التي يجب أن تخضع للجهاز القومي للتنظيم الحضاري ووزارة الثقافة».

شكاوى من تشويه صور الآثار الإسلامية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب القانون يجب أن يتم أخذ الموافقة على وضع أي كيان مادي في هذا الفراغ بما فيها شكل أحواض الزرع والدكك، وأعمدة الإضاءة والأكشاك، سواء لأغراض تجميلية أو وظيفية؛ لذلك فمن غير المفهوم كيف تم بناء هذا الكشك بهذه الصورة في منطقة لها حماية خاصة وفقاً للقانون.

ويرى الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير أنه «لا بد من مراعاة طبيعة البيئة الأثرية، خاصة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تطويع مثل تلك الضرورات كتوسيع الطرق أو البنية التحتية أو إدخال تطويرات كهربائية بطريقة جمالية تلائم النسيج الجمالي والبصري للأماكن الأثرية».