تلبس لندن اليوم ثوب العيد، رافضة الانجراف في التفكير العميق بمصير البلاد بعد «بريكست». الزينة الجميلة تبهج المتسوقين، والفنادق تسحر عين الزائرين، والمطاعم تغري معدة المتذوقين، بديكورات جميلة وروائح طيبة ونكهات مغرية. والأهم من هذا كله لندن تتحدى الأوضاع غير المستقرة بسبب السياسة المتقلبة مثل مناخها، وتستقبل عناوين جديدة كان آخرها فندق «تري هاوس» (Treehouse) الذي افتتح أول فرع له في العاصمة البريطانية بعد قصة نجاح منقطعة النظير في لوس أنجليس.
يقع الفندق عند شارع «ريجنتس ستريت»، وهو جار قناة «بي بي سي» العربية. وهو فندق غير عادي من كل النواحي، فقد تمر بالقرب من مبناه دون أن تتنبه إليه. المدخل صغير جداً، وعلامة واحدة فوق الباب هي عبارة عن صورة منزل، وأخرى صورة شجرة، لتترجم اسم الفندق «منزل على الشجرة».
وخلف الباب الصغير يفوح عبق الخشب، فتشعر فعلاً وكأنك في غابة. وعبر مصعد كهربائي تصل إلى الطابق الخامس عشر، وهناك تكمن المفاجأة، ففي الركن إلى اليمين يقع مكتب تسجيل النزول، وخلفه ترى لندن كما لم ترها من قبل. حائط تكسوه الأعشاب، وصوت العصافير في كل مكان. 360 درجة من النوافذ الزجاجية لا تبخل عليك بمنظر لندن الجميلة بمعالمها المضاءة في الليل. في ذلك الطابق يوجد مطعم «ماديرا» (Madera) المكسيكي، وترجمة الاسم بالعربية: «خشب»، وهذا يفسر رائحة الخشب والديكورات الخشبية، حتى في المصعد، والرائحة التي تذكرك برائحة السنديان والأرز.
يضم الفندق 95 غرفة، تعود بك بالذاكرة إلى الطفولة، فالديكور يرتكز على البيت الذي يبنيه الأطفال على أعلى شجرة وارفة، فترى داخل كل غرفة مفردات لها علاقة بالطبيعة، مثل العصافير التي تزين الجدران، وساعة حائط يخرج منها عصفور صغير، تماماً مثل تلك الساعة التي كانت تزين حائط الجدة أو الخالة. الأرضية من الخشب، والأثاث بسيط جداً، وليس بحاجة إلى أن يكون أكثر من ذلك؛ لأن المشهد المطل على لندن من علو شاهق يضاهي أي ديكور.
وبالعودة إلى الطعام ومطعم «ماديرا» في الطابق الخامس عشر، تفاجأ بعد الولوج إليه بالمناظر الرائعة، والطاولات الجميلة الموزعة بمحاذاة النوافذ. مطبخ مفتوح ترى فيه الطهاة وهم يقومون بتحضير الأطباق المكسيكية العصرية أمامك. ويرتكز المطبخ على الأطباق التقليدية، ولكن بقالب جديد. وميزة الطعام أنه يناسب الذواقة الذين يفضلون مشاركة الطعام.
الموسيقى جميلة، و«دي جي» موهوب، يمزج النغمات التي تهمس في الأطباق لحناً له نكهة. كل المنتجات عضوية. تدخل نكهات البيرو في بعضها، فيقدم المطعم أطباقاً مثل «السيفيتشي»، واللحم، وأطباقاً أخرى نباتية، وسلطات لذيذة تعتمد على صلصة زيت الزيتون والليمون.
المطعم هو مرآة لمطعم «توكا ماديرا» (Toca Madera) في لوس أنجليس، الذي يعتبر من أشهر عناوين الأكل المكسيكي العصري.
ميزة المطعم أنه يفتح أبوابه طيلة اليوم، بدءاً من الفطور وانتهاء بالعشاء في ساعة متأخرة من الليل.
الفطور مميز، فتوجد على لائحة الطعام أطباق مكسيكية، مثل أومليت البيض مع الفلفل على الطريقة المكسيكية، وتاكو مع الأفوكادو، وهناك أطباق من وحي المطبخ العالمي، مثل الأفوكادو على خبز محمص، مع بيضة مقلية على الوجه.
وتختلف أيضاً لائحة الطعام فترة الغداء عن تلك التي تقدم فترة العشاء. وهناك أرائك قريبة من مدخل المطعم مخصصة لتناول العصائر والأطباق الصغيرة.
في الطابق السادس عشر، توجد مساحة إضافية تابعة للفندق والمطعم يطلق عليها اسم «ذا نيست» (Nest) أو «العش»، وهذه التسمية هي الأخرى من وحي الشجر والعصافير والبيت الذي يبنيه الأطفال ويلهون به. في «ذا نيست» يمكنك التمتع أيضاً بمعالم لندن الجميلة، وتذوق الأطباق الصغيرة على طريقة الـ«تاباس»، وتناول العصائر على أنغام الموسيقى. وهذا الطابق مخصص أيضاً للحفلات الخاصة، وللباحثين عن تناول العشاء بخصوصية تامة وفي أجواء مريحة جداً.
ما أعجبني في مشروع «تري هاوس» أنه يركز على الراحة والبساطة والعصرية، إن كان في الفندق أو في المطعم، ويحافظ على البيئة، ويتبنى مبدأ عدم استعمال البلاستيك القابل للرمي، وتقدم كل المأكولات في أوعية من الزجاج.
والجميل أيضاً في هذا المكان أنه مميز عن غيره من الأماكن العالية المطلة على لندن؛ لأن عنصر المفاجأة موجود، فمن الصعب تخيل هذه الروعة في مبنى يبدو أقل من العادي من الخارج، وبقية طبقاته تشغلها مكاتب.
«Madera at Treehouse» ذكرى من الطفولة على سطوح لندن
تأكل فتشعر كأنك في المكسيك... تنظر من حولك فتسحرك معالم المدينة
«Madera at Treehouse» ذكرى من الطفولة على سطوح لندن
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة