اختلاف الرؤى واختلاط الحقائق

«الرجل الذي رأى كل شيء» للبريطانية ديبورا ليفي

اختلاف الرؤى واختلاط الحقائق
TT

اختلاف الرؤى واختلاط الحقائق

اختلاف الرؤى واختلاط الحقائق

«أنت لا تعلم أي شيء، لا تعرف أي شيء عني ولا تعرف أي شيء عنك أنت»، تصيح جنيفر في وجه سول أدلر بحنق، وهي بذلك تناقض عنوان الرواية «الرجل الذي رأى كل شيء»، وتتماشى مع غلاف الرواية الذي تظهر فيه امرأة تخفي عينيها بيدها. ويبدو أن الروائية والكاتبة المسرحية والشاعرة البريطانية ديبورا ليفي قد أرادت أن تصور شخصية رجل يمتلك من الحكمة والقدرة على استشفاف حيثيات محيطه ما يجعله يعرف كل شيء. وهذه الشخصية هي سول أدلر نفسه، الذي بدأ حياته طالباً مختصاً بدراسة تاريخ أوروبا الشرقية حتى أصبح فيما بعد مؤرخاً أكاديمياً، وإذ يفترض أن لديه القدرة على رؤية كل شيء ومعرفته، إلا أن تصاعد أحداث الرواية المتتالية تؤكد مبلغ خطأ هذا التصور، وتجسيد شخصية سول كرجل التبست عليه الحقائق، فكان كل ما يراه يعكس منظوره وحده.
ترشحت رواية «الرجل الذي رأى كل شيء» لجائزة «البوكر» العالمية لعام 2019، وهي ثالث رواية ترشح للجائزة بعد روايتي ديبورا ليفي «حليب حار» و«السباحة إلى المنزل». وقد لاقت أعمال عديدة لها رواجاً واهتماماً من قبل النقّاد، لا سيما في كتاباتها التي تعكس فيها نشأتها في جنوب أفريقيا، وحرصها على تجسيد شخصيات لا تشعر بالانتماء للمكان، أو تعاني من تأزم وجودي. يمتد هذا النسق في روايتها الأخيرة، فيظهر سول أدلر في عمر الثامنة والعشرين في عام 1988، ومن ثم يتوقف الزمن، ويقفز بغتة بعد مرور ثلاثين عاماً، ليشعر وكأنه أصيب بشلل عقلي أنساه كل الفترة ما بين صباه وتقدمه بالسن، فيصبح أسيراً لنوستالجيا مستمرة للماضي، ما يجعله يتجاهل الحاضر. إنه مفصول عن الواقع حوله، وتلتبس عليه الرؤى، خصوصاً بعد أن اصطدمت سيارته، وهو في سن الثامنة والعشرين بسيارة من طراز «الجاكوار»، ما يتسبب بدخوله المستشفى، وإصابته بجروح غائرة. إنه يتوهم أن هناك داخل رأسه أشلاء سيارة «الجاكوار»، وأن زجاجها المهشم يطفو داخل. يتمادى سول في أخيلته وتصوراته حين يصل إلى سن الشيخوخة ويصاب بضعف الذاكرة فيختلط لديه الزمن ما بين الماضي والحاضر، وكأن وظيفته كمؤرخ دفعته إلى نسيان الحاضر والتوغل في الماضي. ويتعانق ذلك مع توصيف الروائية ديبورا لعدة مواقف أثناء زيارة سول لبرلين الشرقية. ومن هناك يخبر أصدقاءه بأن جدار برلين سيسقط. وهنا يظهر التباس الحقبة الزمنية لديه. وما يؤكد على توقف الزمن لدى سول عدم رغبته في رؤية مظهره، وقد طعن في السن، فهو يشعر وكأنه لا يزال يافعاً في سن الثامنة والعشرين، فيما يستمر في التساؤل عن أسباب هجر محبوبته جنيفر له، وهي المصورة الفوتوغرافية التي تصر أن تعبر عن اهتمامها به من خلال تصويرها الدائم له. يتعانق الماضي والحاضر في رواية «الرجل الذي رأى كل شيء»، بل يتداخلان تماماً، حين يشارف سول على الستين وهو على سرير المستشفى، وقد التبست لديه الحقائق والوقائع التي مر بها نتيجة مرضه ومعاقرته المورفين. وتزداد صعوباته في إدراك ذاته والآخرين من حوله حتى يبدأ بتخيل أشباح غير موجودة. وعلى الرغم من أن الرواية تدور كما يبدو حول الذات وتضخمها النرجسي وتصغير الآخرين وإغفالهم، إلا أن رمزيتها يمكن إسقاطها على التاريخ، وتأويله المختلف حسب منظور المرء وما يتبناه من معتقدات. وما يدعم ذلك، تطرق بطل الرواية، وبشكل متكرر، لشخصية جوزيف ستالين، وتسلطه على ابنه ليسقطه على تسلط والده وأخيه الأكبر عليه، ما سبب له إحساساً دائماً بالاضطهاد، وشعوراً معذباً بأن والده قد وضع جداراً بينهما، ليبعده عنه، أشبه بجدار برلين. إن أزمة سول تكمن في كونه لا يستطيع أن يرى الحقيقة والواقع إلا من خلال أوهامه وتخيلاته التي لا تستند غالباً على أي أساس. إن «الرجل الذي رأى كل شيء» لم ير في الحقيقة شيئاً، أو أنه رآه بمنظوره الخاص البعيد عن الحقيقة... الحقيقة التي يصعب وصفها بأسلوب غير متحيز لأي طرف.



ألحان وألوان من الموسيقى السعودية تتألق في «طوكيو أوبرا سيتي»

عزفت "الأوركسترا السعودية" أروع الالحان الموسيقية في ليلة ختامية استثنائية كان الابداع عنوانها (واس)
عزفت "الأوركسترا السعودية" أروع الالحان الموسيقية في ليلة ختامية استثنائية كان الابداع عنوانها (واس)
TT

ألحان وألوان من الموسيقى السعودية تتألق في «طوكيو أوبرا سيتي»

عزفت "الأوركسترا السعودية" أروع الالحان الموسيقية في ليلة ختامية استثنائية كان الابداع عنوانها (واس)
عزفت "الأوركسترا السعودية" أروع الالحان الموسيقية في ليلة ختامية استثنائية كان الابداع عنوانها (واس)

ازدهرت ألحان وألوان من الموسيقى السعودية على مسرح «طوكيو أوبرا سيتي» بالعاصمة اليابانية، وشارك 100 موسيقي ومؤدٍ من الأوركسترا والكورال الوطني السعودي، في رسم لوحة جمالية، جمعت التراث بالثقافة وعذوبة المفردة الموسيقية السعودية.

وعزفت الأوركسترا والكورال الوطني السعودي، أجمل الألحان الموسيقية في ليلة استثنائية كان الإبداع عنوانها، وقدمت التراث الغنائي السعودي وما يزخر به من تنوع على مسرح «طوكيو أوبرا سيتي» بالعاصمة اليابانية، بحضور الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة رئيس مجلس إدارة هيئة الموسيقى، وعدد من المسؤولين ورجال الأعمال والإعلام وحضور جماهيري كبير.

‏وبدأت الليلة السعودية في اليابان، بجمالية الاستقبال بالقهوة السعودية لجمهور حفل روائع الأوركسترا السعودية في طوكيو، قبل أن ينطلق العرض الموسيقي الذي افتتحه باول باسيفيكو الرئيس التنفيذي لهيئة الموسيقى بالسعودية، وقال في كلمته خلال الحفل، إن النجاحات الكبيرة التي حققتها المشاركات السابقة لروائع الأوركسترا السعودية في العواصم العالمية، عازياً ما تحقق خلال حفلات روائع الأوركسترا السعودية إلى دعم وزير الثقافة السعودي رئيس مجلس إدارة هيئة الموسيقى.

100 موسيقي ومؤدٍ من الأوركسترا والكورال الوطني السعودي شاركوا في الليلة الختامية (واس)

وعدّ باسيفيكو «روائع الأوركسترا السعودية» إحدى الخطوات التي تسهم في نقل التراث الغنائي السعودي، وما يزخر به من تنوع إلى العالم عبر المشاركات الدولية المتعددة وبكوادر سعودية مؤهلة ومدربة على أعلى مستوى، مشيراً إلى سعي الهيئة للارتقاء بالموسيقى السعودية نحو آفاق جديدة، ودورها في التبادل الثقافي، مما يسهم في تعزيز التواصل الإنساني، ومد جسور التفاهم بين شعوب العالم عبر الموسيقى.

وبدأت «الأوركسترا الإمبراطورية اليابانية - بوغاكو ريو أو» بأداء لموسيقى البلاط الإمبراطوري الياباني، وهي موسيقى عريقة في الثقافة اليابانية، توارثتها الأجيال منذ 1300 عام وحتى اليوم. وأنهت الأوركسترا والكورال الوطني السعودي الفقرة الثانية من الحفل بأداء مُتناغم لـ«ميدلي الإنمي» باللحن السعودي، كما استفتحت الفقرة التالية بعزف موسيقى افتتاحية العلا من تأليف عمر خيرت.

حضور جماهيري كبير شهدته ليلة "روائع الأوركسترا السعودية" على مسرح "طوكيو أوبرا سيتي" (واس)

وبتعاون احتفى بالثقافتين ومزج موسيقى الحضارتين، اختتم الحفل بأداء مشترك للأوركسترا السعودية مع أكاديمية أوركسترا جامعة طوكيو للموسيقى والفنان الياباني هوتاي، وبقيادة المايسترو هاني فرحات، عبر عدد من الأعمال الموسيقية بتوزيع محمد عشي ورامي باصحيح.

واختتمت هيئة الموسيقى «روائع الأوركسترا السعودية» الجمعة، بحضور الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، وزير الثقافة رئيس مجلس إدارة هيئة الموسيقى، في جولتها الخامسة بعد النجاحات التي حققتها في 4 محطات سابقة، حيث تألقت في كل جولة بدايةً من باريس بقاعة دو شاتليه، وعلى المسرح الوطني بمكسيكو سيتي، وعلى مسرح دار الأوبرا متروبوليتان في مركز لينكون بمدينة نيويورك، وفي لندن بمسرح «سنترال هول وستمنستر».

اروقة مسرح "طوكيو أوبرا سيتي" اكتضت بالحضور منذ وقت مبكر (هيئة الموسيقى)

وتعتزم هيئة الموسيقى في السعودية استمرار تقديم عروض حفلات «روائع الأوركسترا السعودية» في عدة محطات، بهدف تعريف المجتمع العالمي بروائع الموسيقى السعودية، وتعزيزاً للتبادل الثقافي الدولي والتعاون المشترك لتحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030 التي تتقاطع مع مستهدفات هيئة الموسيقى.