انتقادات إعلامية روسية للأسد واتهامه بأنه «بعيد عن الواقع»

موسكو تكثف الاتصالات مع أنقرة حول «تصعيد قوي» في إدلب

TT

انتقادات إعلامية روسية للأسد واتهامه بأنه «بعيد عن الواقع»

كثفت موسكو اتصالاتها مع الجانب التركي على خلفية التحضير لإطلاق عملية عسكرية جديدة في مناطق حول إدلب، لمواجهة ما وصفتها مصادر روسية بـ«استعدادات تقوم بها المعارضة لشن هجوم واسع على حلب»، في وقت ظهرت انتقادات إعلامية جديدة في موسكو للرئيس بشار الأسد واتهامه بأنه «بعيد عن الواقع»
وبعد مرور أقل من 24 ساعة على محادثات هاتفية أجراها الرئيس فلاديمير بوتين مع نظيره التركي رجب طيب إردوغان، أعلنت الخارجية الروسية أمس، أن تطورات الوضع في المنطقة كانت محور مباحثات بين وزيري الخارجية سيرغي لافروف ومولود تشاووش أوغلو. وأفاد بيان أصدرته الوزارة بأن المكالمة الهاتفية بين الوزيرين شكلت «استمرارا للنقاشات التي جرت على المستوى الرئاسي».
وكن الكرملين أعلن أن بوتين وإردوغان اتفقا على «تفعيل الجهود المنسقة لمكافحة التهديد الإرهابي، بما في ذلك في محافظة إدلب وشمال شرقي سوريا، مشددين على ضرورة التطبيق الكامل للاتفاقات الروسية التركية بشأن العمل المشترك في هاتين المنطقتين».
وجاء تنشيط الاتصالات بين الطرفين متزامنا مع تزايد المؤشرات إلى اقتراب إطلاق عملية عسكرية في بعض مناطق محافظة إدلب، إذ صعدت موسكو من لهجتها التحذيرية خلال الأيام الأخيرة، وأكدت أنه «لن يكون مقبولا الوقوف من دون رد فعل فيما تعمل (هيئة تحرير الشام) على توسيع مناطق نفوذها وتواصل تهديد المناطق المجاورة»، وفقا لتعليق المبعوث الرئاسي الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف. وفي تطور صب في الاتجاه ذاته، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أمس، أن وسائل استطلاعها رصدت قيام المسلحين في إدلب بعملية واسعة لحشد قواتهم وأسلحتهم الثقيلة في محيط مدينة حلب، وحذرت مجددا من «التحضير لاستفزاز باستخدام أسلحة كيماوية».
وقال مدير مركز حميميم لمصالحة الأطراف المتناحرة في سوريا التابع لوزارة الدفاع يوري بورينكوف، إن «وسائل الاستطلاع الروسية، رصدت على مدار اليومين الماضيين، عملية نقل راجمات صواريخ ومدرعات من قبل التشكيلات المسلحة غير الشرعية باتجاه مدينة حلب وبلدة أبو الضهور في محافظة إدلب».
وأضاف أن مركز المصالحة الروسي تلقى معلومات جديدة تفيد بأن «قادة تنظيم هيئة تحرير الشام الإرهابي يخططون بالتعاون مع تنظيم الخوذ البيضاء لتنفيذ عملية مفبركة لاستخدام مواد سامة وتدمير بعض مواقع البنى التحتية في بلدات واقعة جنوب منطقة إدلب لخفض التصعيد».
وأوضحت وزارة الدفاع الروسية أن «هدف هذه الاستفزازات يكمن في إعداد صور ومقاطع فيديو، ليتم تداولها على مواقع الإنترنت ووسائل الإعلام في الشرق الأوسط والغرب مع نشر تقارير تتضمن اتهامات إلى القوات الحكومية السورية باستخدام أسلحة كيماوية ضد المواطنين المدنيين».
ودعت وزارة الدفاع الروسية «قادة التشكيلات المسلحة غير الشرعية إلى التخلي عن الاستفزازات باستخدام السلاح وسلك الطريق نحو التسوية السلمية للأوضاع في مناطق سيطرتهم».
وأفاد المتحدث العسكري بأن 5 مدنيين و6 عسكريين سوريين لقوا مصرعهم جراء هجمات شنها المسلحون في شمال غربي سوريا خلال الفترة من 1 حتى 12 ديسمبر (كانون الأول) الحالي. وزاد أنه «تم في محافظات اللاذقية وحماة وإدلب وحلب، في الفترة ذاتها، رصد أكثر من 400 خرقا لنظام وقف الأعمال القتالية من قبل مسلحي تنظيم هيئة تحرير الشام الإرهابي وما يسمى بالجيش الوطني السوري». وأشارت وزارة الدفاع الروسية إلى أن «عناصر التشكيلات المسلحة غير الشرعية يستخدمون بنشاط طائرات مسيرة تتمتع بقدرات ضاربة».
على صعيد آخر، برزت مجددا في موسكو تحذيرات للقيادة السورية حملت لهجة قوية، ونبهت إلى ضرورة مراجعة دمشق لحساباتها قبل أن «ينفجر الموقف مجددا في البلاد». ورأى الكاتب والدبلوماسي رامي الشاعر أنه «للأسف الشديد، أصبح من الواضح بعد متابعة اللقاءات الصحافية للرئيس بشار الأسد مؤخراً والتي كان أحدثها اللقاء مع الصحافية الإيطالية، بأنه ما زال بعيداً عن واقع الحياة وعن التحولات التي طرأت على سوريا وعلى شعبها، ويتصور أن ما مرت به البلاد خلال تسع سنوات هو نتيجة مؤامرة خارجية، وأن الحرب كانت على الإرهاب الذي تم القضاء عليه وأن الأمور بدأت تعود إلى طبيعتها، وأن الانتصار كان نتيجة تلاحم الشعب مع القيادة وأن العائق أمام إعادة البناء هو فقط العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا».
واستغرب الكاتب المقرب من الخارجية الروسية أن القيادة السورية تتعامل «وكأن الأمور في سوريا تسير على ما يرام ولا وجود لأي أزمة داخلية، وليس هناك معارضة ولا أي شيء يدعو إلى إجراء أي تغييرات». وزاد أن الأسد يتجاهل كذلك الجهود الدولية والقرارات، معربا عن الاستغراب لأن «يرى الرئيس بشار الأسد كل سوريا بصورة الوضع الذي يحيطه في طريقه من البيت إلى القصر الجمهوري ذهاباً وإياباً من دون أي علم له بعدم ارتياح المجتمع السوري بأغلبيته، خلف الدائرة التي لا يزيد قطرها على كيلومتر واحد من مركز سكنه وعمله في وسط دمشق». ولفت إلى أن «حقيقة الواقع على الأرض غير ذلك تماماً: هناك معارضة قوية جداً ضد النظام الحالي في دمشق، وهناك معارضة مسلحة أوقفت نشاطها، التزاماً بالوعود التي قدمت لها من قبل الدول الضامنة، وتمشياً مع قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 الذي يناط به إحداث التغيير في سوريا. ولذا من الضروري ومن الواجب على الرئيس بشار الأسد وعلى القيادة السورية أن يدركا بأن الشعب السوري إذا فاض صبره وشعر بعدم وجود أمل في الجهود والدور الدولي فإن البديل سيكون حرباً أهلية دامية وواسعة، تشمل كل أرجاء سوريا، ستطيح حتماً بالنظام الحالي، لأن إرادة الشعوب لا يمكن أن تقهر، وهي دائماً الأقوى».
وكان لافتا خلال الفترة الأخيرة بروز مقالات مماثلة في روسيا دعت القيادة السورية إلى «مراجعة خطابها والانخراط في إصلاحات جدية قبل فوات الأوان».



مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

رجحت سلطات أرخبيل مايوت في المحيط الهندي، الأحد، مقتل «مئات» أو حتى «بضعة آلاف» من السكان جراء الإعصار شيدو الذي دمر في اليوم السابق قسماً كبيراً من المقاطعة الفرنسية الأفقر التي بدأت في تلقي المساعدات. وصرّح حاكم الأرخبيل، فرانسوا كزافييه بيوفيل، لقناة «مايوت لا بريميير» التلفزيونية: «أعتقد أنه سيكون هناك مئات بالتأكيد، وربما نقترب من ألف أو حتى بضعة آلاف» من القتلى، بعد أن دمر الإعصار إلى حد كبير الأحياء الفقيرة التي يعيش فيها نحو ثلث السكان، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أنه سيكون «من الصعب للغاية الوصول إلى حصيلة نهائية»، نظراً لأن «معظم السكان مسلمون ويدفنون موتاهم في غضون يوم من وفاتهم».

صور التقطتها الأقمار الاصطناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار «شيدو» فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وصباح الأحد، أفاد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الإعصار الاستوائي الاستثنائي خلّف 14 قتيلاً في حصيلة أولية. كما قال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، إن «الأضرار طالت المستشفى والمدارس. ودمّرت منازل بالكامل. ولم يسلم شيء». وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، مما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل.

الأضرار التي سببها الإعصار «شيدو» في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

كانت سلطات مايوت، التي يبلغ عدد سكانها 320 ألف نسمة، قد فرضت حظر تجول، يوم السبت، مع اقتراب الإعصار «شيدو» من الجزر التي تبعد نحو 500 كيلومتر شرق موزمبيق، مصحوباً برياح تبلغ سرعتها 226 كيلومتراً في الساعة على الأقل. و«شيدو» هو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً، حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرانس-ميتيو). ويُرتقَب أن يزور وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، مايوت، يوم الاثنين. وما زالت المعلومات الواردة من الميدان جدّ شحيحة، إذ إن السّكان معزولون في منازلهم تحت الصدمة ومحرومون من المياه والكهرباء، حسبما أفاد مصدر مطلع على التطوّرات للوكالة الفرنسية.

آثار الدمار التي خلَّفها الإعصار (أ.ف.ب)

في الأثناء، أعلن إقليم لاريونيون الواقع أيضاً في المحيط الهندي ويبعد نحو 1400 كيلومتر على الجانب الآخر من مدغشقر، أنه جرى نقل طواقم بشرية ومعدات الطبية اعتباراً من الأحد عن طريق الجو والبحر. وأعرب البابا فرنسيس خلال زيارته كورسيكا، الأحد، تضامنه «الروحي» مع ضحايا «هذه المأساة».

وخفّض مستوى الإنذار في الأرخبيل لتيسير حركة عناصر الإسعاف، لكنَّ السلطات طلبت من السكان ملازمة المنازل وإبداء «تضامن» في «هذه المحنة». واتّجه الإعصار «شيدو»، صباح الأحد، إلى شمال موزمبيق، ولم تسجَّل سوى أضرار بسيطة في جزر القمر المجاورة من دون سقوط أيّ ضحايا.