تونس: لجنة الرئيس المكلّف تطرح وثيقة لتحديد أولويات الحكومة المقبلة

قيادي في «النهضة» يدعو للتعجيل بمؤتمر لانتخاب بديل للغنوشي

TT

تونس: لجنة الرئيس المكلّف تطرح وثيقة لتحديد أولويات الحكومة المقبلة

علنت لجنة إعداد برنامج عمل الحكومة التونسية، التي شكلها الرئيس المكلف الحبيب الجملي، عن طرح وثيقة تفصل أولويات الحكومة خلال الفترة المقبلة، وتشمل مجموعة من الإجراءات العاجلة المبرمجة خلال مائة يوم الأولى من عمر الحكومة، في ظل تواصل تأزم المشاورات حول تشكيل الحكومة الجديدة المرتقبة.
وتضمنت هذه الوثيقة ثلاثة محاور كبرى، ويتناول المحور الأول بالتفصيل أولويات الحكومة المرتقبة؛ حيث تم إثراء «وثيقة التعاقد الحكومي»، التي قدمتها حركة النهضة (إسلامي)، بمضامين مستوحاة من مقترحات الأحزاب السياسية، التي شاركت في المفاوضات المتعلقة بتشكيل الائتلاف الحاكم.
أما المحور الثاني فيطرح مجموعة من الإجراءات العاجلة، التي يجب تنفيذها خلال 100 أيام الأولى من عمر الحكومة، وسلسلة من الإجراءات السريعة، التي تستجيب لاستحقاقات المرحلة، وفي مقدمتها حل المشكلات العالقة، التي تعوق أنشطة بعض المجالات الحيوية، كالقطاع الفلاحي (تدني أسعار زيت الزيتون)، وقطاع التعليم من خلال تمكين الأطر التربوية من بعض المنح المتفق بشأنها. في حين سيكون المحور الثالث على شكل «وثيقة تعاقد» للائتلاف الحاكم، تضبط المسؤوليات المشتركة بين جميع الأطراف المعنية، كالجوانب التنسيقية والعملية، والتزام كل طرف سياسي مشارك في الائتلاف تجاه الحكومة، بالإضافة إلى التعيينات في المواقع الحكومية، وآليات التشاور، ودعم اختيارات الحكومة والعلاقة التي تربط الأحزاب والحكومة لضمان استمراريتها.
من جهة ثانية، نفذ أمس 183 من العاطلين عن العمل من خريجي الجامعات في منطقة القصرين (وسط غربي)، والذين بدأوا اعتصاما في ساحة الحكومة بالقصبة منذ نحو شهر، وقفة احتجاجية أخرى أمام مقر مجلس نواب الشعب (البرلمان) للمطالبة بالتشغيل.
وأوضح أحد المحتجين في تصريح إعلامي أنهم مُنعوا من الدخول إلى مبنى البرلمان لأسماع أصواتهم إلى أعضائه المنتخبين. مبرزا أنهم يطالبون فقط بإلحاق قائمتهم وإدماجهم في سوق الشغل، مثلما حدث مع زملائهم (367 عاطلا)، الذين اعتصموا معهم سنة 2016، وتم تشغيلهم على ثلاث دفعات متتالية.
ويرى متابعون للشأن المحلي أن التأخر في تشكيل الحكومة، واقتراب المدة الدستورية الأولى (محددة بشهر واحد) على الانتهاء، ساهم في عودة الاحتجاجات الاجتماعية في أكثر من منطقة من مناطق البلاد، وأثّر على عدد من الأنشطة الاقتصادية التي يطالب أصحابها بإجراءات عاجلة لتجاوز مشكلاتها الهيكلية، خاصة في قطاعات الفلاحة والنقل والصحة والتعليم.
وتواجه حكومة تصريف الأعمال، التي يقودها يوسف الشاهد حاليا، موجة جديدة من الاحتجاجات التي انطلقت بداية الشهر الحالي في مدينة جلمة بولاية (محافظة) سيدي بوزيد، التي كانت مهد ثورة 2011، وبلغت حالة الاحتقان أقصاها بعدما أقدم أحد الشبان على حرق نفسه احتجاجا على تواصل عدم منحه فرصة للعمل لمدة قاربت السنتين.
وفي هذا الشأن، قال مسعود الرمضاني، رئيس المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية (منظمة حقوقية مستقلة) لـ«الشرق الأوسط»، إن وتيرة الاحتجاجات الاجتماعية «ارتفعت في تونس بنسبة 20 في المائة خلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، مقارنة بنفس الشهر من السنة الماضية». مؤكدا أن التظاهرات الاجتماعية قدرت بـ841 تظاهرة، وأن ولايات القيروان وسيدي بوزيد والقصرين احتلت مقدمة المناطق التي عرفت أكبر عدد من التحركات الاحتجاجية، وهي تقريبا نفس خريطة الاحتجاجات قبل ثورة 2011، وهذا ما «يجعل مسؤولية الحكومة المقبلة مضاعفة»، على حد تعبيره. كما نبه الرمضاني إلى ضرورة التعاطي السلمي مع المحتجين، بدل اللجوء إلى الحلول الأمنية، مثلما كان الأمر في بعض المناطق، مؤكدا على أن الأشهر المقبلة قد تعرف زيادة في منسوب التوتر والاحتقان الاجتماعي.
من جهة اخرى, قال عبد اللطيف المكي، القيادي في حزب حركة النهضة التونسية، إن على الحزب أن يعجل بتنظيم مؤتمر للحسم في رئاسة الحزب مع تولي راشد الغنوشي رئاسة البرلمان.
وقال المكي، الذي يعد أحد القياديين المخضرمين للحزب اليوم، أمس، إنه يجب التعجيل بتنظيم مؤتمر للحركة لأن رئيس الحركة لم يعد قادرا على تخصيص وقت لرئاسة الحزب.
ويعتبر الغنوشي الزعيم التاريخي للحزب، وأحد مؤسسيه مع القيادي الآخر عبد الفتاح مورو منذ سبعينات القرن الماضي. ومنذ صعوده لرئاسة البرلمان بعد الانتخابات التشريعية، التي أجريت في السادس من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، والتي فازت بها حركة النهضة، بدأ قياديون في الحركة الدعوة إلى ترشيح شخصية بديلة لرئاسة الحزب.
وأضاف المكي للإذاعة التونسية أمس: «هناك وجهة نظر قانونية لأن هناك من يقول داخل الحزب إن القانون الداخلي للحركة ينص على أن يكون رئيسها متفرغا لقيادة الحركة».



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.