الكونغرس الأميركي يتبنى قراراً يعترف بالإبادة الأرمنية

إردوغان يراهن على علاقته بترمب لتفادي عقوبات جديدة

الكونغرس الأميركي يتبنى قراراً يعترف بالإبادة الأرمنية
TT

الكونغرس الأميركي يتبنى قراراً يعترف بالإبادة الأرمنية

الكونغرس الأميركي يتبنى قراراً يعترف بالإبادة الأرمنية

تبنى مجلس الشيوخ الأميركي، أمس، بإجماع أعضائه قرارا يعترف بإبادة الأرمن، بعدما كان مجلس النواب اعترف بذلك رسميا بغالبية ساحقة في تصويت أثار غضب أنقرة. وكان حلفاء جمهوريون للرئيس دونالد ترمب قد عرقلوا هذا القرار مرارا في مجلس الشيوخ، لكن لم يعترض أحد على النص أمس بعدما اقترحه الديمقراطي بوب ميننديز.
ويأتي ذلك بعد يوم من اعتماد لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي حزمة عقوبات بحق أنقرة، اعتبرتها تركيا «إساءة للقرارات السيادية الوطنية».
وقالت الخارجية وزارة التركية، في بيان أمس حول مشروع القانون الذي ينص على فرض عقوبات على تركيا بسبب عملية «نبع السلام» العسكرية في شمال شرقي سوريا وصفقة صواريخ «إس - 400» الموقعة مع روسيا: «نعلم الدوافع التي تقف وراء اعتماد لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي مشروع القانون. السبب في ذلك هو خيبة الأمل العميقة الناجمة عن الضربة القاصمة التي وجهناها للمشروع المعد بعناية لشمال سوريا منذ مدة طويلة (في إشارة إلى الدعم الأميركي لقوات سوريا الديمقراطية)».
وأضاف البيان أن المساعي الجارية في الآونة الأخيرة في كلا المجلسين بالكونغرس الأميركي (النواب والشيوخ) تأتي في سياق حسابات سياسية داخلية، وتدعمها أوساط مناهضة لتركيا، واعتبرتها «شكلا جديدا من الإساءة لقراراتنا السيادية المتعلقة بالأمن القومي، وهي مساعٍ لن تفيد سوى في إلحاق الضرر بالعلاقات التركية - الأميركية».
ولفت البيان إلى أن الخارجية التركية وجّهت الرد اللازم على مشروع قانون مشابه اعتمده مجلس النواب الأميركي في 29 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، مضيفا: «ويكشف المشروع المراد وضعه على أجندة مجلس الشيوخ عدم الرغبة في فهم التوضيحات التي قدمناها». ودعا البيان مجلس الشيوخ الأميركي إلى التصرف بحكمة واتّخاذ موقف بناء يحول دون إلحاق الأذى بالأهداف المشتركة المتّفق عليها على أعلى المستويات بين البلدين.
واعتمدت لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي، أول من أمس، مشروع القانون بأغلبية 18 صوتا مقابل رفض 4 أعضاء. وفي رد فعل فوري، قال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين إن تركيا وقعت صفقة مع روسيا لشراء منظومة «إس - 400» في أبريل (نيسان) 2017. فيما أقر الكونغرس قانون مكافحة أعداء أميركا من خلال العقوبات (كاتسا) في أغسطس (آب) من العام ذاته، موضحا أنه لا يمكن قانونيا تطبيق «كاتسا» على قضية سبق إقرارها. وأوضح أن «كاتسا» يتضمن 12 بندا، يفرض على الرئيس اختيار 5 منها على الأقل، فأي من تلك البنود الخمسة سيختارها الرئيس دونالد ترمب؟ «هناك متسع لذلك».
ورأى كالين أن مشروع مقاتلات «إف35» لم يعد مسألة تقنية، بل بات أداة في السياسة الداخلية في الولايات المتحدة.
وكانت واشنطن أعلنت تعليق مشاركة تركيا في المشروع المشترك الذي يشرف عليه حلف شمال الأطلسي (ناتو) لتصنيع وتطوير مقاتلات «إف 35» والذي كانت تشارك فيه تركيا بتزويد قطع غيار للمقاتلة المعروفة باسم «الشبح» فضلا عن تعاقدها لشراء 100 منها، ودفعت في مقابل ذلك 1.4 مليار دولار.
وقال وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار إن تركيا ستضطر للبحث عن بدائل في حال تم استبعادها من مشروع مقاتلات (إف - 35) بسبب شرائها منظومة (إس - 400) الروسية، مشيرا، في كلمة أمام البرلمان مساء أول من أمس، إلى أن «أنظمة الدفاع الجوية والصاروخية ليست خيارا بل مسألة حتمية من أجل أمن 82 مليون مواطن يعيشون في تركيا التي تقع تحت تهديد جوي صاروخي كبير».
وفي واشنطن، يعتقد كثيرون أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب قد يحاول التأثير على أصوات العديد من أعضاء الكونغرس الجمهوريين، خصوصا في ظل خوضه معركة قاسية لعزله من الديمقراطيين. وهو قد يضغط لإقناع الجمهوريين بضرورة الحفاظ على اصطفافهم السياسي دفاعا عنه، في مواجهة خصومه، وبأن تصويتهم على قانون معاقبة تركيا، قد يظهره ضعيفا أمام الناخبين. وقد نجح في السابق في تعطيل تصويت مجلس الشيوخ على وصف المجازر التي ارتكبها العثمانيون بحق الأرمن بأنها «إبادة جماعية».
تهديد تركيا بالرد على العقوبات في حال تمرير مشروع القانون، تجاوز خطوطا، لم يكن يتوقع أن تصل إليها العلاقات التركية - الأميركية، بعد إعلان وزير خارجيتها مولود جاويش أوغلو بأن بلاده مستعدة لإغلاق قاعدتين عسكريتين تستخدمهما القوات الأميركية في تركيا، خصوصا قاعدة «إنجرليك» التي تحوي أسلحة نووية.
وقضية إغلاق تلك القاعدة والجدل الذي يحيط بها ليس جديدا، ولطالما كان مدار بحث وتسريبات، سواء من مصادر أميركية أو غربية، عن احتمال الاستغناء عنها، لمصلحة قاعدة جديدة قد تقام في اليونان، جار تركيا اللدود رغم عضويتهما المشتركة في حلف الناتو.
ويُنظر إلى التصعيد التركي على أنه جزء من التصعيد الذي تمارسه القيادة التركية في العديد من الملفات، في ظل اطمئنان الرئيس رجب طيب إردوغان من أن علاقته الخاصة بالرئيس ترمب قادرة على توفير الحماية السياسية له.
ويقول الباحث أيكان أردمير في «مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات» والعضو السابق في البرلمان التركي، إن رهان إردوغان على هذه العلاقة قد يكون محفوفا بالمخاطر، لأن استفزازاته يبدو أنها تدفع إلى توحيد موقف الجمهوريين والديمقراطيين ضده.
وأضاف أردمير لـ«الشرق الأوسط» أن سياسات إردوغان المتشددة في سوريا وخارجها، وحدت واشنطن واستقطبت بطريقة أو بأخرى الجمهوريين والديمقراطيين في الضغط من أجل فرض عقوبات كبيرة على تركيا.
وقال أردمير إن الرئيس التركي يأمل أن تكون علاقته الشخصية مع نظيره الأميركي كافية لحمايته من العقوبات، معتقدا أنه قادر على مواصلة التصرف دون عقاب. لكن هذه استراتيجية محفوفة بالمخاطر بالنسبة لإردوغان، خاصة أن استفزازاته قد تمنح مجلس الشيوخ الفرصة للتصويت بغالبية تسمح له بتجاوز الفيتو الرئاسي، وهو ما ليس مستبعدا.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».