بـ«كفاءة الإدارة» و«الاحتياطيات».. العجز والدين تحت سيطرة الموازنة السعودية

ترتيبات منتظرة لإصدار سندات دولية العام المقبل وتفعيل موارد تمويل إسلامية

المالية السعودية تفعل سوق الدين وترسم خطة خفض العجز في الموازنات المقبلة (الشرق الأوسط)
المالية السعودية تفعل سوق الدين وترسم خطة خفض العجز في الموازنات المقبلة (الشرق الأوسط)
TT

بـ«كفاءة الإدارة» و«الاحتياطيات».. العجز والدين تحت سيطرة الموازنة السعودية

المالية السعودية تفعل سوق الدين وترسم خطة خفض العجز في الموازنات المقبلة (الشرق الأوسط)
المالية السعودية تفعل سوق الدين وترسم خطة خفض العجز في الموازنات المقبلة (الشرق الأوسط)

بات ملفا العجز والدين من أبرز الملفات التي يتزايد الحديث عنها بعد إعلان الموازنة السعودية 2020 مؤخرا، في وقت تحكم الميزانية السعودية السيطرة عليها استنادا على عاملي كفاءة الإدارة وتحديد الأهداف، من جهة، وتوفر الإمكانيات المالية والاحتياطيات الضخمة التي تمكن السعودية من حل الأزمات المالية حالما تواجهها، من جهة أخرى.
وبحسب وزارة المالية تستمر جهود الحكومة في الضبط المالي للسيطرة على معدلات عجز الميزانية، حيث من المقدر أن يبلغ عجز الميزانية نحو 6.4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2020، بينما سيستمر بالانخفاض التدريجي حتى يعزز الاستقرار والاستدامة المالية في المدى المتوسـط.
وفيما ينتظر أن يكون صعود العجز خلال موازنة 2020 إلى 187 مليار ريال (49.8 مليار دولار) هو الأخير حتى 2002، ومن المقدر أن يبلغ عجز الموازنة بنحو 2.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2022، تمثل 92 مليار ريال.
وأعلنت السعودية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي الموافقة على إنشاء مركز وطني لإدارة الدين العام يتمتع بالشخصية الاعتبارية المستقلة، والاستقلال المالي والإداري، ويرتبط تنظيميا بوزير المالية، ويقع مقره في مدينة الرياض.
ويختص المركز بتقديم خدمات استشارية واقتراح خطط تنفيذية للأجهزة الحكومية والمؤسسات العامة بما فيها تجميع بيانات الدين العام «المباشر وغير المباشر» ورسم سياسات التحوط والاهتمام بشؤون التصنيف الائتماني، كما سيعمل على ضمان استدامة وصول المملكة إلى مختلف أسواق الدين لإصدار أدوات الدين السيادية بتسعيرة عادلة ضمن أطر وأسس مدروسة لإدارة المخاطر.
وإقرار السعودية لإنشاء هذا الجهاز عوضا عن إدارة الدين العام، كإحدى الإدارات التابعة لوزارة المالية، يعطي إشارة واضحة إلى أن منهجية السعودية تعتمد على تفعيل سوق الدين والاستفادة منها كأداة تمويلية في ظل توافر كل المقومات الأساسية والمعيارية لأن تكون الدولة مصدرا موثوقا للمطلوبات المالية من متملكي سندات الديون، وسط ما تمتلك الحكومة السعودية من قوة اقتصادية كبيرة.
وبحسب منهجية وزارة المالية، تم تحديد حجم إصدارات الدين العام في ضوء الاستراتيجية المتبعة التي تستند على التنويع فـي إصدارات الدين ما بين السوقين المحلية والخارجية، إضافة إلى المحافظة على مستويات ملائمة للسيولة المحلية وكذلك الاستفادة من تدفقات النقد الأجنبي، آخذة في الاعتبار التوازن بين خيارات إصدارات الدين والسحب من الاحتياطي، من المتوقع أن يصل إجمالي الدين العام إلى 754 مليار ريال (201 مليار دولار) في العام 2020 وهو ما يمثل نسبة 26 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، إلى أن يبلغ نحو 924 مليار ريال (246.4 مليار دولار) في العام 2022 تمثل 29 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.
في مقابل ذلك، تمتلك السعودية احتياطيات ضخمة تمثل مسندا وثيقا يمكنها من الوفاء بديونها في أي وقت، إذ من المتوقع أن تبلغ الاحتياطيات الحكومية 346 مليار ريال بنهاية العام 2020 لتصل إلى 265 مليار ريال (92.2 مليار دولار) في العام 2022.
وبحسب الدكتور خالد السويلم كبير المستشارين مدير عام الاستثمار السابق بمؤسسة النقد العربي السعودي فإن من أهم التطورات الاقتصادية في ميزانية هذا العام خفض نسبة العجز في الميزانية العامة للدولة نتيجة لضبط المصروفات ومن خلال برنامج كفاءة الإنفاق الحكومي.
ولفت السويلم في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن جهاز إدارة الدين العام بوزارة المالية يلعب دورا أساسيا في زيادة فاعلية الاقتراض الحكومي بتنوع الأدوات وتخفيض التكلفة، معتبرا إنشاء جهاز إدارة الدين العام أحد إنجازات برامج التحول الوطني ورؤية 2030، وأكبر النجاحات التي تمت في السنوات الماضية نحو تطوير أجهزة وزارة المالية.
وأضاف السويلم، الذي يمتلك خبرات كبيرة في إدارة الاستثمارات الحكومية كما يعمل خبيرا غير مقيم بجامعتي هارفارد وستانفورد العريقتين، أن هذا الجهاز تم دعمه بقيادة وكفاءات وطنية متميزة وإمكانيات لا تقل عن مثيلاتها في أفضل دول العالم، مشيرا إلى أنه يمكن أن يستثمر نجاح هذا الجهاز المهم ليكون له دور أكبر في المستقبل كمستشار وضابط معلومات لمختلف مؤسسات الدولة لتقنين وتوجيه عمليات إصدار السندات وضبط مستويات الدين العام بما يخدم أهداف التنمية والاستقرار المالي في المملكة.
إلى ذلك أوضح مسؤول بوزارة المالية السعودية أنه ربما تطرح المملكة سندات دولية في موعد قريب من المرشح أن يكون يناير (كانون الثاني) المقبل، في إطار خطط لجمع 32 مليار دولار في العام القادم، في إطار جهود السعودية للاستفادة من قنوات جديدة للإيرادات عبر الاقتراض من خلال آليات الدين.
وبحسب تصريحات أطلقها فهد السيف رئيس مكتب إدارة الدين العام أمس «نحن مستعدون جدا لطرح سنداتنا الدولية، بحسب ظروف السوق من الطلب والعرض، في موعد قريب ربما في الأول من يناير المقبل».
وأضاف أن من إجمالي خطط الدين، سيوجه نحو 12 مليار دولار لإعادة تمويل الدين المحلي القائم، وسيتم ذلك محليا، لتبقى بذلك ديون جديدة قيمتها نحو 20 مليار دولار تعتزم الرياض جمعها في الأسواق المحلية والدولية، بحيث تشكل الديون الدولية 45 في المائة من خطط جمع المال. وتابع: «نفترض أن ما يتراوح بين 30 و35 مليار ريال سيكون الجزء الدولي من الإصدار للعام». وطرقت المملكة وهي أكبر مصدّر للخام في العالم، أبواب أسواق الدين الدولية للمرة الأولى في عام 2016، حيث باعت سندات بقيمة 17.5 مليار دولار وجذبت طلبات من المستثمرين بلغت في المجمل أربعة أمثال هذا القدر.
واستفادت المملكة من أشكال أخرى من التمويل، تشمل إصدار سندات مقومة باليورو للمرة الأولى في العام الجاري، في وقت زادت كيانات حكومية مثل شركة النفط العملاقة أرامكو وصندوق الاستثمارات العامة أنشطة الاقتراض.
وأفاد السيف بأن مكتب إدارة الدين العام سينسق إصدارات الدين السعودي في المستقبل لكن كل كيان حكومي سيبقى مستقلا في خططه التمويلية وفي توقيت تعاملاته، مضيفا بالقول: «ننسق مع مؤسسات أخرى لضمان عدم حدوث تداخل، وعدم حدوث مزاحمة ذاتية للإمدادات». ويلفت السيف إلى أن المملكة تخطط لمواصلة الوصول إلى مستثمرين يركزون على التمويل الإسلامي في المستقبل، مع إصدار دولي متوقع في العام المقبل أيضا.


مقالات ذات صلة

«كوب 16» يختتم أعماله بالموافقة على 35 قراراً لتعزيز جهود مكافحة التصحر

الاقتصاد صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر «كوب 16» في اختتام أعماله (واس)

«كوب 16» يختتم أعماله بالموافقة على 35 قراراً لتعزيز جهود مكافحة التصحر

أنتج مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16) الذي عقد في الرياض، 35 قراراً حول مواضيع محورية.

عبير حمدي (الرياض)
الاقتصاد الجولة الأولى من المفاوضات التي قادتها السعودية بين دول الخليج واليابان (واس)

اختتام الجولة الأولى من مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة بين دول الخليج واليابان

ناقشت الجولة الأولى من مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة بين دول مجلس التعاون الخليجي واليابان عدداً من المواضيع في مجالات السلع، والخدمات.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد صندوق الاستثمارات العامة السعودي يهدف لدعم تحقيق النمو المستدام في مطار هيثرو (أ.ب)

«السيادي» السعودي يُكمل الاستحواذ على 15 % من مطار هيثرو

أكمل صندوق الاستثمارات العامة السعودي الاستحواذ على حصة تُقارب 15 % في «إف جي بي توبكو»، الشركة القابضة لمطار هيثرو من «فيروفيال إس إي»، ومساهمين آخرين.

«الشرق الأوسط» (الرياض) «الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد إريك ترمب يتحدث خلال مقابلة مع «رويترز» في أبو ظبي (رويترز)

إريك ترمب: نخطط لبناء برج في الرياض بالشراكة مع «دار غلوبال»

قال إريك ترمب، نجل الرئيس الأميركي المنتخب، لـ«رويترز»، الخميس، إن منظمة «ترمب» تخطط لبناء برج في العاصمة السعودية الرياض.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جانب من فعاليات النسخة السابقة من المؤتمر في الرياض (واس)

السعودية تشهد انطلاق مؤتمر سلاسل الإمداد الأحد

تشهد السعودية انطلاق النسخة السادسة من مؤتمر سلاسل الإمداد، يوم الأحد المقبل، برعاية وزير النقل والخدمات اللوجيستية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

صربيا تحذر من عقوبات أميركية على شركة تمدها بالغاز مدعومة من روسيا

مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
TT

صربيا تحذر من عقوبات أميركية على شركة تمدها بالغاز مدعومة من روسيا

مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)

كشف الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش أن الولايات المتحدة تخطط لفرض عقوبات على المورد الرئيسي للغاز لصربيا الذي تسيطر عليه روسيا.

وقال الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش لهيئة الإذاعة والتلفزيون الصربية إن صربيا أُبلغت رسمياً بأن قرار العقوبات سيدخل حيز التنفيذ في الأول من يناير (كانون الثاني)، لكنه لم يتلقَّ حتى الآن أي وثائق ذات صلة من الولايات المتحدة، وفق «رويترز».

تعتمد صربيا بشكل شبه كامل على الغاز الروسي الذي تتلقاه عبر خطوط الأنابيب في الدول المجاورة، ثم يتم توزيع الغاز من قبل شركة صناعة البترول الصربية (NIS)، المملوكة بحصة أغلبية لشركة احتكار النفط الحكومية الروسية «غازبروم نفت».

وقال فوسيتش إنه بعد تلقي الوثائق الرسمية، «سنتحدث إلى الأميركيين أولاً، ثم نذهب للتحدث إلى الروس» لمحاولة عكس القرار. وأضاف: «في الوقت نفسه، سنحاول الحفاظ على علاقاتنا الودية مع الروس، وعدم إفساد العلاقات مع أولئك الذين يفرضون العقوبات».

ورغم سعي صربيا رسمياً إلى عضوية الاتحاد الأوروبي، فقد رفضت الانضمام إلى العقوبات الغربية ضد روسيا بسبب غزوها أوكرانيا، ويرجع ذلك جزئياً إلى شحنات الغاز الروسية الحاسمة.

وقال فوسيتش إنه على الرغم من التهديد بالحظر، «لست مستعداً في هذه اللحظة لمناقشة العقوبات المحتملة ضد موسكو».

وعندما سئل عما إذا كان التهديد بفرض عقوبات أميركية على صربيا قد يتغير مع وصول إدارة دونالد ترمب في يناير، قال فوسيتش: «يجب علينا أولاً الحصول على الوثائق (الرسمية)، ثم التحدث إلى الإدارة الحالية، لأننا في عجلة من أمرنا».

ويواجه الرئيس الصربي أحد أكبر التهديدات لأكثر من عقد من حكمه الاستبدادي. وقد انتشرت الاحتجاجات بين طلاب الجامعات وغيرهم في أعقاب انهيار مظلة خرسانية في محطة للسكك الحديدية في شمال البلاد الشهر الماضي، ما أسفر عن مقتل 15 شخصاً في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني). ويعتقد كثيرون في صربيا أن الفساد المستشري والمحسوبية بين المسؤولين الحكوميين أديا إلى العمل غير الدقيق في إعادة بناء المبنى، الذي كان جزءاً من مشروع سكة ​​حديدية أوسع نطاقاً مع شركات حكومية صينية.