الحراك يحدد شروطه لخلافة عبد المهدي

لافتة ضد المرشحين لرئاسة الحكومة العراقية وسط بغداد أمس (أ.ف.ب)
لافتة ضد المرشحين لرئاسة الحكومة العراقية وسط بغداد أمس (أ.ف.ب)
TT

الحراك يحدد شروطه لخلافة عبد المهدي

لافتة ضد المرشحين لرئاسة الحكومة العراقية وسط بغداد أمس (أ.ف.ب)
لافتة ضد المرشحين لرئاسة الحكومة العراقية وسط بغداد أمس (أ.ف.ب)

أعلن الحراك العراقي رفضه الأسماء المتداولة لخلافة رئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي، انطلاقاً من اشتراط عدم ترشيح أي مسؤول سابق شغل منصباً بعد 2003. فيما نفى السياسي عزت الشابندر ترشيحه لرئاسة الحكومة.
وحدد بيان باسم معتصمي ساحة التحرير في وسط بغداد شروطاً يجب أن تتوافر في رئيس الحكومة المؤقتة، هي «أن يكون مستقلاً وغير منتمٍ لأي حزب أو تيار، ومن غير مزدوجي الجنسية، كما يجب ألا يكون وزيراً أو برلمانياً أو محافظاً سابقاً، وأن يكون نزيهاً وشجاعاً، وأن يكون شاباً ولا يتجاوز عمره 55 سنة، وأن يتعهد بعدم الترشح للانتخابات المقبلة، وأن يكون ملزماً بتنفيذ مطالب الثوار، وأن يكون عراقياً مستقلاً خالصاً لا يخضع لضغوط الكتل السياسية أو التدخلات الخارجية».
وقال البيان: «كما تعلمون نحن ماضون باسترجاع الوطن والأرض. نعم، نحن نشعر أن أرضنا مغتصبة رغم أن من يحكمنا عراقي، فلقد خرجنا ثائرين بوجه الظلم والظالمين، وكل يوم احتجاجي نذرف فيه الكثير من الدماء والدموع ونفقد فيه الرفقة والأصدقاء من أصحاب المواقف النبيلة والمشرفة، الذين سقطوا شهداءً أبطالاً في مختلف مدن بلدنا الحبيب التي تشهد صراعاً سلمياً من أجل استعادة ما سلبه منا الظالمون». وأضاف: «بعد صبر وعزيمة استطعنا أن نُسقط حكومة القتل بالقنص. أما الآن فنحن على أبواب مرحلة جديدة تتطلب منا إيضاح الواضحات. لذا وبعد المشاورة وجدنا من الأهمية أن نحدد مواصفات رئيس الوزراء العراقي الذي سيتسلم دفة الحكم في المرحلة المقبلة الانتقالية الممهدة للانتخابات المبكرة، كون أن المرحلة المقبلة مرحلة حساسة وستحدد مصير أمة».
وتضم الأسماء المتداولة لخلافة عبد المهدي وزراء سابقين ومديراً لأحد الأجهزة الأمنية، أعلن المتظاهرون رفضهم لها من منطلق شروطهم، من دون أن يرشحوا بديلاً من ساحات التظاهر عن الأسماء المتداولة. ورفع متظاهرون في ساحة التحرير صورة مجمعة تضم المرشحين لرئاسة الوزراء لتأكيد رفضهم جميعاً.
وفيما التزم معظم المرشحين الصمت، فإن الشابندر الذي أسهم لقاءه سفراء وسياسيين في الترويج لاسمه، نفى أن يكون مرشحاً للمنصب. وقال في تغريدة على «تويتر»، أمس: «صورتي ضمن لافتة صور لشخصيات مع تعليق مفاده أنها مرفوضة سلفاً من قبل (أبطال) المطعم التركي، علماً بأنني لست مرشحاً ولا بمرشِّح ولن أرشح، ولا تشرفني زعامة القرود ممن كتب هذه اللافتة أو علّقها أو أمرهم بها من مافيات الصراع على السلطة والفساد والقتل».
والتقى الشابندر، أمس، السفير الروسي في بغداد وممثلة الأمم المتحدة في العراق جينين بلاسخارت، بعد زيارات لمنزله من عدد من كبار السياسيين العراقيين للاطمئنان عليه بعد تقارير عن «احتجازه» في الخارج لأيام، بينهم زعيم كتلة «الفتح» هادي العامري، وزعيم «عصائب أهل الحق» قيس الخزعلي.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.