البرلمان التونسي يصادق على موازنة لحل الأزمة الاقتصادية

TT

البرلمان التونسي يصادق على موازنة لحل الأزمة الاقتصادية

صادق البرلمان التونسي ليلة أول من أمس على أوّل موازنة عامة للبلاد خلال ولايته، تهدف إلى خفض العجز، وحل الأزمات الاقتصادية المستعصية، وذلك إثر جلسات شهدت توترا بين النواب.
وسجلت قيمة موازنة 2020 ارتفاعا بـ9.5 في المائة مقارنة بموازنة 2019، وبلغت 47.2 مليار دينار (نحو 15 مليار يورو)، تشمل 8.8 مليار دينار قروضا خارجية.
وصادق على قانون المالية الجديد 127 نائباً، ورفضه خمسون، فيما تحفظ عليه أربعة من أصل 217، وهو العدد الإجمالي للنواب.
وتهدف الموازنة الجديدة إلى خفض العجز إلى 3 في المائة، مقارنة بـ3.5 في المائة في 2019، كما تتضمن استقرارا في مستوى الدين بـ74 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي.
وتواجه البلاد منذ ثورة 2011 أزمة اقتصادية متواصلة مع ارتفاع المطالب الاجتماعية، وهو ما انعكس على خيارات الناخبين، الذين صوتوا لشخصيات من خارج المنظومة الحاكمة.
من جهة ثانية، نفى الاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة العمال) أن يكون الحبيب الجملي، رئيس الحكومة المكلف، قد طلب من الأمين العام نور الدين الطبوبي، الوساطة مع حزبي «حركة الشعب» و«التيار الديمقراطي» لإقناعهما بالعودة إلى الحوار حول تشكيل الحكومة، وذلك بعد انسحابهما من المشاورات، وتمسكهما بعدد من الشروط، ومن بينها الحصول على حقائب وزارية بعينها في حكومة الجملي.
في غضون ذلك، يقود حزب «قلب تونس»، الذي يتزعمه نبيل القروي المرشح السابق لرئاسة تونس، جبهة برلمانية قوية ضد حركة النهضة؛ حيث أجرى مشاورات أولية مع ممثلي حزب «مشروع تونس» وحزب «البديل التونسي» وحزب «آفاق تونس»، وهي أحزاب منضوية تحت اسم كتلة «الإصلاح الوطني»، و«كتلة المستقبل»، التي يقودها «الاتحاد الشعبي الجمهوري». وفي حال نجاح حزب القروي في تشكيل كتلة برلمانية جديدة، فإنها ستكون أكبر كتلة بـ62 نائبا برلمانيا، مباشرة بعد حركة النهضة.
ويرى مراقبون أن حزب قلب تونس قد يسعى إلى الثأر لنفسه بعد رفض عدد من الأحزاب مشاركته في الائتلاف الحاكم، والتهديد بعدم التصويت لفائدة حكومة الحبيب الجملي المرتقبة.
في السياق ذاته، أوضح حاتم المليكي، القيادي في «قلب تونس»، أن هذا التحالف «ليس كتلة برلمانية، بل جبهة هدفها الدفاع عن توجهات سياسية متقاربة، تجمع بين مختلف الأحزاب المنضمة إلى هذه المبادرة». وتوقع أن يتم الإعلان الرسمي عن هذه الجبهة نهاية الأسبوع الحالي. وفي هذا الصدد، قال المحلل السياسي بسام الحمدي، إن حركة النهضة تحاول عقد توافق خفي مع «قلب تونس»، وذلك لضمان أغلبية برلمانية تمنح حكومة الجملي الثقة في البرلمان، دون أن تحيد ظاهريا عن الوعود الانتخابية، التي أطلقتها لناخبيها بعدم التحالف مع حزب نبيل القروي. ورجح أن تكون هناك مشاورات غير معلنة بين حركة النهضة وحزب قلب تونس لإيجاد صيغة سياسية، يتشاركان فيها في تشكيل ائتلاف حاكم جديد، تتظاهر فيه النهضة بكونها غير متحالفة مع هذا الحزب المتهم بالفساد.
على صعيد غير متصل، نظم عدد من العسكريين المعزولين من وظائفهم، وقفة احتجاجية أمس أمام القصر الرئاسي بقرطاج، بهدف لقاء الرئيس قيس سعيد.
ويطالب العسكريون المعزولون، وعددهم أكثر من 40 عسكريا، بالعودة إلى العمل بالمؤسسة العسكرية، مؤكدين أن «انتماءهم لمؤسستهم الأم وولاءهم الوحيد لتونس». مشددين على أن مطلبهم الوحيد هو العودة إلى العمل وخدمة الوطن.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.