من يسرق الكتب؟

من يسرق الكتب؟
TT

من يسرق الكتب؟

من يسرق الكتب؟

ضبطت الكاميرا سفير المكسيك لدى الأرجنتين يسرق كتاباً، وأي كتاب؟ إنه كتاب عن «كازانوفا»، زير النساء المشهور، يعود للقرن الـ18. والسارق (المزعوم) هو دبلوماسي عريق يبلغ من العمر 76 عاماً، وعمل باحثاً في الجامعة الوطنية المستقلة في المكسيك، وأمضى جلّ حياته العملية في دراسة العلوم السياسية ودور بلاده في العلاقات الدولية.
قيمة الكتاب 10 دولارات أميركية، ومن المرجّح (إن ثبتت التهمة على الرجل)، أن السرقة كانت تحت تأثير ولعه بالكتب، وليست سلوكاً إجرامياً محضاً! ثمة أناس في هذا الكوكب ما زالوا يعشقون الكتب حدّ استملاكها بالقوة، سواء بعد استعارة «لا تُرّد»، أو على طريقة السفير المكسيكي.
قبل 10 سنوات، (أي في 18 فبراير/ شباط 2009)، كتب الراحل أنيس منصور في هذه الصحيفة، متسائلاً: «سرقة الكتب هل هي حرام؟!»؛ حيث روى أن المستشرق الألماني باول كراوس، الذي عاش في مصر وتوفي فيها منتحراً في (12 - 10 - 1944) اكتشف بعد انتحاره أن لديه كتباً استعارها من مكتبة الجامعة، ومن مكتبات أخرى، ولم يردها. قال أنيس منصور: «لقد تعمد ذلك، ونصحنا أن نفعل مثله لأننا لم نبع هذه الكتب، وإنما احتجنا إلى قراءتها».
عشرات غير كلاوس كانوا يسرقون الكتب، منهم نبلاء ومفكرون وأدباء ومثقفون وغيرهم. في كتابه «تاريخ القراءة» خصص الروائي الأرجنتيني آلبرتو مانغويل، فصلاً كاملاً عن سرقة الكتب، يذكر فيه أن دوق ليبري، وهو عالم رياضيات إيطالي اشتهر بسرقة الكتب والمخطوطات النادرة من المكتبات العامة في فرنسا، كان يسرق الكتب من المكتبات العامة ثم يبيعها على أرصفة نهر السين.
كان الأدباء يحرصون على حفظ كتبهم من أيدي أهل الإعارة، كما يحفظون دينارهم ودرهمهم، يقول أحدهم:
ألا يا مُستعير الكُتْبِ دعني
فإن إعارتي للكُتبِ عارُ
محبوبي من الدنيا كتاب
وهل أبصرتَ محبوباً يعارُ
في مكتبة «دير سان بدرو» في برشلونة، حسبما ما رواه مانغويل، عُلِقَ تحذير على هيئة دعاء جاء فيه: «من يسرق كتباً، أو يحتفظ بكتب كان قد استعارها، عسى أن يتحول الكتاب الموجود في يده إلى أفعى رقطاء، وعسى أن يُصاب بشلل ارتجافي قاهر، وأن تشل جميع أطرافه..»!، لا شك أنها دعوة مريعة! فلو استجيبت لأصبح نصف المثقفين مقعدين تسكن بيوتهم الأفاعي!
ثمة لصوص شرفاء، تعرض رواية «سارقة الكتب» للأسترالي ماركوس سوزاك، (2005) قصة فتاة ألمانية تعيش في العهد النازي فترة الحرب العالمية الثانية، تجد في الكتب سلواها الوحيدة وسط مآسي الحرب والتشريد، كانت تسرق الكتب لتبيعها، وتأكل من ثمنها، فصارت تسرقها لكي تقرأها، ثم صارت تقرأ الكتب المسروقة لجيرانها في الملاجئ أثناء الغارات. حازت الرواية على جوائز عالمية، وتصدرت قائمة أفضل المبيعات، وتحولت إلى فيلم سينمائي أميركي في عام 2013.
لا شك أن السرقة فعل قبيح، مهما كان نوعها، لكن ثمة فرقاً بين دبلوماسي يسرق كتاباً، وآخر يسرق زوجين من الجوارب من متجر لندني! لقد أتينا من تاريخ أدمن منع الكتب وحرقها، ثم أصبحنا نعيش على ضفاف العالم في رعاية الكتاب، وممارسة القراءة، لذلك تنعشنا كل مبادرة نحو الكتب، كما تنتعش الحسناء بكلمات الغزل، قال شوقي: «والغواني يغرهن الثناء».



الشاعر السوري أدونيس يدعو إلى «تغيير المجتمع» وعدم الاكتفاء بتغيير النظام

أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)
أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)
TT

الشاعر السوري أدونيس يدعو إلى «تغيير المجتمع» وعدم الاكتفاء بتغيير النظام

أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)
أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)

دعا الشاعر السوري أدونيس من منفاه في فرنسا الأربعاء إلى "تغيير المجتمع" في بلده وعدم الاكتفاء بتغيير النظام السياسي فيه بعد سقوط الرئيس بشار الأسد.

وقال أدونيس (94 عاما) خلال مؤتمر صحافي في باريس قبيل تسلّمه جائزة أدبية "أودّ أولا أن أبدي تحفّظات: لقد غادرتُ سوريا منذ العام 1956. لذلك أنا لا أعرف سوريا إذا ما تحدّثنا بعمق". وأضاف "لقد كنت ضدّ، كنت دوما ضدّ هذا النظام" الذي سقط فجر الأحد عندما دخلت الفصائل المسلّحة المعارضة إلى دمشق بعد فرار الأسد إلى موسكو وانتهاء سنوات حكمه التي استمرت 24 عاما تخلّلتها منذ 2011 حرب أهلية طاحنة.

لكنّ أدونيس الذي يقيم قرب باريس تساءل خلال المؤتمر الصحافي عن حقيقة التغيير الذي سيحدث في سوريا الآن. وقال "أولئك الذين حلّوا محلّه (الأسد)، ماذا سيفعلون؟ المسألة ليست تغيير النظام، بل تغيير المجتمع". وأوضح أنّ التغيير المطلوب هو "تحرير المرأة. تأسيس المجتمع على الحقوق والحريات، وعلى الانفتاح، وعلى الاستقلال الداخلي".

واعتبر أدونيس أنّ "العرب - ليس العرب فحسب، لكنّني هنا أتحدّث عن العرب - لا يغيّرون المجتمع. إنّهم يغيّرون النظام والسلطة. إذا لم نغيّر المجتمع، فلن نحقّق شيئا. استبدال نظام بآخر هو مجرد أمر سطحي". وأدلى الشاعر السوري بتصريحه هذا على هامش تسلّمه جائزة عن مجمل أعماله المكتوبة باللغتين العربية والفرنسية.

ونال أدونيس جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس وتحمل اسم شاعر كتب باللغتين الكتالونية والإسبانية.