اتفاق بين مصر وجنوب أفريقيا على ترقية العلاقات لـ«تعاون استراتيجي»

السيسي ورامافوزا أكدا دعم جهود الاستقرار والأمن في القارة

TT

اتفاق بين مصر وجنوب أفريقيا على ترقية العلاقات لـ«تعاون استراتيجي»

وصف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، المباحثات التي أجراها، في القاهرة أمس، مع نظيره الجنوب أفريقي سير يل رامافوزا، بـ«المعمقة والمثمرة»، مشيراً إلى أنها «تناولت مجمل العلاقات الثنائية وتم التوافق على أهمية الارتقاء بالعلاقات إلى مستوى التعاون الاستراتيجي في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والثقافية، بما يعطي دفعة نوعية للعلاقات الثنائية».
وقال السيسي، في مؤتمر صحافي مشترك، إنه تم الاتفاق على تحديد موعد لعقد اللجنة المشتركة خلال الربع الأول من العام المقبل، وعبر عن اعتزازه البالغ للعلاقات التاريخية والأخوية التي تجمع بين مصر وجنوب أفريقيا، والتي توطدت على مر السنين منذ مراحل السعي إلى التحرر ونيل الاستقلال.
وقال الرئيس المصري إنه استمع إلى رؤية رامافوزا حول أبرز القضايا المطروحة على الساحة الأفريقية، وتم التوافق على أهمية مواصلة التنسيق نحو دعم جهود الاستقرار والأمن بالقارة وسبل تسوية مختلف النزاعات القائمة وتفعيل خطة إسكات البنادق في أفريقيا ودفع جهود التنمية وتطوير البنية التحتية في إطار رئاسة مصر الحالية للاتحاد الأفريقي، والتي ستعقبها رئاسة جنوب أفريقيا للاتحاد العام المقبل.
وأضاف السيسي أن الجانبين اتفقا كذلك على ضرورة تفعيل مبدأ الحلول الأفريقية للقضايا الأفريقية، بما يتسق مع السياق الواقعي والعملي لدول القارة، كما أكدا الحرص على دعم العلاقات فيما بين دول قارتنا الأفريقية من خلال التفعيل الجاد لمنطقة التجارة الحرة الأفريقية القارية التي دخلت بالفعل حيز التنفيذ، كما اتفقنا على التنسيق والتعاون بين مصر وجنوب أفريقيا، في إطار منظمة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ومختلف المنظمات، بما من شأنه تحقيق مصالح قارتنا الأفريقية.
وأعرب السيسي عن سعادته باللقاء وتطلعه لمزيد من التعاون فيما بين البلدين بشكل وثيق لما فيه من مصلحة مشتركة للبلدين وللقارة الأفريقية. كما أعرب عن وقوف مصر إلى جانب جنوب أفريقيا فيما تعرضت له من أمطار وفيضانات، والتي أثرت على الحياة العامة في جنوب أفريقيا.
من جهته، قال رامافوزا رئيس جنوب أفريقيا إنه يسعى لتحقيق «حلم إقامة طريق سكك حديدية يربط بين القاهرة وكاب تاون». وأشار إلى أن زيارته للقاهرة تأكيد على تاريخ من التضامن يجمع بين البلدين، مضيفاً أن شعب جنوب أفريقيا يشعر بالامتنان إزاء الدعم الذي تلقاه جنوب أفريقيا من حكومة مصر وشعبها، خاصة أيام الكفاح، لافتاً إلى أن أول رئيس لدولة جنوب أفريقيا الديمقراطية نيلسون مانديلا جاء إلى مصر، وتم استقباله بصورة حافلة، ما ساعدنا على تحقيق حريتنا.
وأوضح رامافوزا أن المباحثات جرت بصورة صريحة وشفافة وتطرقت إلى تعميق العلاقات الثنائية بين البلدين؛ حيث تم الاتفاق على الارتقاء بالعلاقات إلى المستوى الاستراتيجي في عدة مجالات من التعاون.
كما أوضح أن المباحثات تناولت موضوعات إقليمية ودولية ذات اهتمام مشترك، بالإضافة إلى زيادة حجم الأنشطة الاقتصادية والتجارية والشراكة بين الشركات المصرية والجنوب أفريقية للوصول إلى مزيد من تعظيم الشراكات الاقتصادية والتجارية بين البلدين، واعتبر أن مستوى التعاون التجاري الحالي متواضع ويمكن زيادته كثيراً من خلال زيادة حجم التبادل التجاري بين الجانبين، وأيضاً بالاستفادة من اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية.
وبيّن رئيس جنوب أفريقيا أنه بحث مع الرئيس السيسي تحديات الأمن والسلم الدوليين والإقليميين والمخاوف إزاء بعض التحديات التي تواجهها بعض الدول في أفريقيا والخليج... منوهاً بأن مصر وجنوب أفريقيا أكدتا التزامهما بحفظ السلام واستمرار التنمية في القارة الأفريقية والعالم، وأكدت جنوب أفريقيا أنها ملتزمة بمبادئ التضامن والوحدة الأفريقية.
ولفت إلى اتفاق الجانبين على استمرار مساعي تحقيق خطة أفريقيا 2020 لإسكات البنادق، وقال: «اتفقا على دعم المقاربة متعددة الأطراف وأن تكون مصالح العالم النامي نصب أعيننا، فضلاً عن ضرورة تنامي الحوكمة، خاصة فيما يتعلق بإصلاح مجلس الأمن الدولي ليكون أكثر تمثيلاً لمناطق العالم». وأضاف: «كما أعلنا التزامنا العمل معاً لتعزيز العلاقات الثنائية الثقافية والسياسية والأكاديمية والاقتصادية والسياحية... ونود أن نرى مزيداً من المصريين في جنوب أفريقيا ومزيداً من مواطني جنوب أفريقيا في مصر من خلال الزيارات المتبادلة، لتحقيق تواصل أكبر بين الشعبين، وهو أمر شديد الأهمية لدولتين تقعان في موقع استراتيجي، شمال وجنوب القارة الأفريقية».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».