الأردن وإسرائيل: سلام بارد وعلاقة {الحد الأدنى}

TT

الأردن وإسرائيل: سلام بارد وعلاقة {الحد الأدنى}

يلتزم الساسة الأردنيون التوصيف الذي أطلقه العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، عند حديثه عن العلاقة مع إسرائيل بأنها «سيئة». لكنهم يضيفون إن العلاقة أصبحت في الواقع علاقة الحد الأدنى المحكومة بسلام بارد وذلك بسبب «الاستفزازات المستمرة لإسرائيل» وآخرها تأكيد بنيامين نتنياهو نيته ضم غور شمال الأردن.
وفي سياق التوصيف الملكي الأردني، تندرج ردود فعل واسعة تتحدث عن تصريحات إسرائيلية «تهدد المصالح العليا» للأردن والتي وضعها صانعو اتفاقية السلام بين البلدين عام 1994، في مقدمة أهداف المعاهدة آنذاك، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط» رئيس الوزراء السابق طاهر المصري، الذي وقّع على قرار لمجلس الوزراء في عام 1992 يقضي بمشاركة الأردن في مؤتمر مدريد للسلام.
وفيما استبعدت مصادر أردنية مطّلعة أي خطوات تصعيدية تجاه إسرائيل، رداً على إعلانات نتنياهو في شأن ضم غور الأردن وشمال البحر الميت، تركت المصادر ذاتها الباب مفتوحاً أمام استخدام خيارات قانونية ودبلوماسية للتعريف بخطورة نيّات إسرائيل، وتحديداً نسف خيار حل الدولتين. ويبدو أن الأردن يعلّق تصريحاته حيال الاستفزازات الإسرائيلية مرحلياً، إلى حين حسم الخريطة سياسياً، أمام تحدي إجراء الانتخابات للمرة الثالثة، ومواجهة فرص تشكيل حكومة أقل تطرفاً من حكومة نتنياهو.
واعتبرت مصادر تحدثت إليها «الشرق الأوسط» أن استفادة نتنياهو من الدعم الأميركي قد تنتهي بانتهاء فرصه لتشكيل الحكومة في حال تغيّرت الخريطة السياسية بعد إجراء انتخابات ثالثة خلال سنة، أو خروجه من سباق التشكيل بسبب مواجهته عدداً من قضايا الفساد أمام القضاء الإسرائيلي.
وفي السياق ذاته، يذهب رئيس الوزراء السابق طاهر المصري، إلى اعتبار الدعم الأميركي لإسرائيل بخصوص الاعتراف بقانونية المستوطنات وضم غور الأردن وشمال البحر الميت بمثابة وعد شبيه بوعد بلفور، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن مثل هذا الموقف يعني تغييراً جذرياً يضاهي في نتائجه التقسيمات التي جاءت بها خريطة سايكس بيكو، في حال أعاد الموقف الأميركي تغيير ترسيم الحدود الأردنية وألغى الاتصال الجغرافي مع الأراضي الفلسطينية التاريخية.
وتقف نخب أردنية اليوم عند مفترق العلاقات مع إسرائيل، خصوصاً أن العاهل الأردني أدلى بجملة تصريحات وممارسات تكشف عن جوانب من غضبه تجاه سياسات إسرائيل الأحادية، ونهجها في تقويض أركان فرص السلام العادل والشامل الذي لن يكون إلا بحل الدولتين.
كما تزداد حالة الاحتقان الشعبي والنقابي والبرلماني في الشارع الأردني ضد السياسات الإسرائيلية. وأعلن مختلف الأوساط السياسية والحزبية دعمها الكامل للتحركات الملكية، مع المناداة بضرورة وقف أشكال التطبيع كافة، بما فيها مشروع الغاز الإسرائيلي.
ويتضح في الرسائل الصادرة عن الملك عبد الله منسوب الغضب من إسرائيل، إذ شكّل الموقف الصلب حيال الإفراج عن معتقلين أردنيين الشهر الماضي في السجون الإسرائيلية ضربة للحكومة الإسرائيلية، ومن قبلها التزام الأردن بوعده في إنهاء العمل بملحقي الباقورة والغمر من معاهدة السلام، وطرد الإسرائيليين المستأجرين لتلك الأراضي تحت شعار «السيادة الكاملة على الأراضي الأردنية». كما شكّلت محاكمة المتسلل الإسرائيلي «المدني» محاكمة علنية لدى محكمة أمن الدولة العسكرية، وهو ما كانت عمّان ستبدي فيه مرونة أكبر لو توقفت إسرائيل عن رسائلها الاستفزازية عبر خطواتها المنفردة، حسب رأي محللين أردنيين.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».