قائد الجيش في الجزائر يهدد بالتصدي لمعرقلي الانتخابات

سلال يجهش بالبكاء قبل صدور الأحكام ضد «رجال بوتفليقة»

قوات أمن تفرق مظاهرة لجزائريين رافضين للانتخابات الرئاسية المقبلة في العاصمة أمس (رويترز)
قوات أمن تفرق مظاهرة لجزائريين رافضين للانتخابات الرئاسية المقبلة في العاصمة أمس (رويترز)
TT

قائد الجيش في الجزائر يهدد بالتصدي لمعرقلي الانتخابات

قوات أمن تفرق مظاهرة لجزائريين رافضين للانتخابات الرئاسية المقبلة في العاصمة أمس (رويترز)
قوات أمن تفرق مظاهرة لجزائريين رافضين للانتخابات الرئاسية المقبلة في العاصمة أمس (رويترز)

بينما هدّدت قيادة الجيش الجزائري، بـ«التصدي» للمتظاهرين الذين يرفضون تنظيم الانتخابات الرئاسية المقررة الخميس المقبل، إن حاولوا منع المؤيدين لها من التصويت، تصدر محكمة الجنح بالعاصمة اليوم، أحكامها بحق كبار المسؤولين المدنيين ورجال الأعمال، خلال فترة حكم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، بعد أن طالبت النيابة بإنزال عقوبات تتراوح بين 8 و20 سنة ضدهم. وصرَح رئيس أركان الجيش، الفريق أحمد قايد صالح أمس، أثناء زيارة قادته إلى مقر قيادة الدرك بالعاصمة، بأنه أصدر أوامر «لكافة مكوِّنات الجيش الوطني الشعبي، ومصالح الأمن بضرورة التحلي بأعلى درجات اليقظة والجاهزية، والسهر على التأمين الشامل والكامل لهذه الانتخابات لتمكين المواطنين في كل ربوع الوطن، من أداء حقهم وواجبهم الانتخابي في جوٍّ من الهدوء والسكينة»، وكان قايد صالح يتحدث ضمنا عن اضطرابات ومواجهات بين مهاجرين جزائريين، بفرنسا، في بداية العملية الانتخابية السبت الماضي، جمعت مؤيدي ورافضي الانتخابات. واحتج التلفزيون الحكومي على «تعنيف» موفدته الصحافية إلى فرنسا، من طرف ناشطة معروفة بحدة معارضتها للسلطة.
وجاء في كلمة قايد صالح، التي نشرتها وزارة الدفاع على موقعها الإلكتروني، أن الجيش «سيتصدى بقوة القانون، لكل من يحاول استهداف وتعكير صفو هذا اليوم الحاسم (الانتخابات) في مسيرة الجزائر، أو التشويش على هذا الموعد الانتخابي الهام والمصيري، وذلك في إطار المسؤولية الوطنية الجسيمة التي نَعتَزُّ بتَحَمُّلها، حفاظا على أمن واستقرار بلادنا، التي تستحق منا اليوم وكل يوم، أن ندافع عنها في كل الظروف والأحوال، ومهما كلّفنا ذلك من تضحيات، لِنَفي بالعهد الذي قطعناه مع الله والوطن والشعب».
وأكد قايد صالح أن الجيش «طالما حذر من المؤامرات والدسائس، التي تحاك ضد الجزائر والمكائد التي تُدبَّر ضد شعبها، وسيبقى دائما بالمرصاد لكل الذين يكيدون للوطن ويتربصون به السوء». مشيرا إلى أن قوات الدرك والوحدات العسكرية، وكل أجهزة الأمن «مطالبون باتخاذ كافة الإجراءات الكفيلة بالتأمين التام والشامل، لمراكز ومكاتب الانتخاب عبر مختلف مناطق الوطن، وتأمين المكاتب المتنقلة بالمناطق النائية، بغرض ضمان نجاح الانتخابات الرئاسية المقبلة، خدمة للوطن ومصلحته العليا».
واللافت أن قائد الجيش ألقى أكثر من 10 خطابات خلال حملة الانتخابات الرئاسية، التي انتهت أول من أمس. وقد تركت «اللمسة الحربية» في تدخلاته، انطباعا بأن البلاد مقبلة على مواجهة خطر كبير. كما لوحظ بأن كل المترشحين الخمسة، أثنوا عليه في تجمعاتهم الانتخابية وعلى «أفضاله في التخلص من العصابة»، التي يقصد بها رجال الرئيس السابق بوتفليقة، من مسؤولين حكوميين ورجال أعمال، بعضهم تعرضوا للمحاكمة بتهم فساد، وآخرون ينتظرون المثول أمام القاضي بنفس التهم. وأجبر قايد صالح الرئيس بوتفليقة على الاستقالة، مطلع أبريل (نيسان) الماضي، عندما طالبه بالنزول عند رغبة ملايين المتظاهرين خرجوا إلى الشارع للاحتجاج على إعلانه تمديد حكمه.
وستكون أنظار الجزائريين، اليوم، مشدودة إلى «محكمة سيدي امحمد» بالعاصمة؛ حيث ستصدر الأحكام ضد «رجال حكم بوتفليقة»، المتابعين في قضايا فساد، تتعلق أساسا بنشاط تركيب السيارات و«تمويل» خفي لحملة بوتفليقة لولاية خامسة أجهضها الحراك. وأجهش رئيس الوزراء سابقا عبد المالك سلال، وهو أحد أبرز المتهمين، بالبكاء ليل الأحد، عندما طلب منه القاضي أن يقول آخر كلمة قبل إسدال الستار على المحاكمة. وقال: «سيدي القاضي، قولوا عني أي شيء إلا أنني شخص فاسد. فقد خدمت بلدي طيلة 47 سنة كمسؤول في أجهزة الدولة... سيدي القاضي لم يتبق من عمري الكثير (71 سنة) ولا أريد أن أقضيه في السجن». أما رئيس الوزراء سابقا أحمد أويحيى، فاكتفى بالقول: «إنني بريء». وتعرض للمحاكمة أيضا الوزراء السابقون يوسف يوسفي ومحجوب بدة وعبد الغني زعلان، و5 رجال أعمال كانوا من أشدة المقربين من الرئيس. وكانت النيابة طالبت بعقوبات تتراوح بين 8 و20 سنة ضد المتهمين.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».