الأمطار والسيول تغرق بيروت

تقاذف مسؤوليات يرافق الأزمة عند كل منخفض جوي

نفق غارق قرب مطار رفيق الحريري في بيروت أمس (إ.ب.أ)
نفق غارق قرب مطار رفيق الحريري في بيروت أمس (إ.ب.أ)
TT

الأمطار والسيول تغرق بيروت

نفق غارق قرب مطار رفيق الحريري في بيروت أمس (إ.ب.أ)
نفق غارق قرب مطار رفيق الحريري في بيروت أمس (إ.ب.أ)

بعد أقل من 4 أيام على غرق الكثير من المناطق اللبنانية بمياه الأمطار نتيجة المنخفض الجوي الذي ضرب البلاد الأسبوع الماضي، تجددت مشاهد الطرق والأنفاق المغمورة بالمياه والسيول، أمس، نتيجة اشتداد العاصفة، ما أدى إلى توقف الحركة في أكثر من منطقة في بيروت بعد تعطل السيارات في منتصف الطرق والأنفاق ودخول المياه إلى المنازل والمتاجر.
وتناقل ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل إعلام محلية عشرات الصور والفيديوهات لمناطق غارقة تماماً بالسيول، وأقدم مواطنون على استخدام مراكب صغيرة للتنقل بعد غرق سياراتهم وتعطلها. وعبّر مئات اللبنانيين عن سخطهم واستهجانهم لتجدد هذه المشاهد عند كل منخفض جوي، وما قالوا إنه تقاذف مسؤولية بين الوزارات وأجهزة الدولة المعنية.
وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» بأن الأمطار الغزيرة والسيول أغرقت منطقة الجناح - السان سيمون حيث تحولت الطرق إلى بحيرات من المياه، ودخلت السيول إلى المنازل والمحال التجارية، لافتة إلى أن مياه الأمطار اختلطت بمياه صرف فاضت عبر المجاري التي لم تعد تستوعب الكم الهائل من المياه. وأشارت إلى أن بعض المواطنين وسكان المنطقة استخدموا ألواح التزلج المائي للتنقل بعدما تعذر عليهم التنقل سيراً، خوفاً من أن تغمرهم المياه.
وغمرت المياه مناطق الأوزاعي وحي السلم والليلكي في ضاحية بيروت الجنوبية، وعمد السكان بمبادرات شخصية منهم إلى فتح بعض المجاري لتصريف المياه وسط مناشدات للبلديات بالتدخل. وأدت غزارة الأمطار إلى تجمع المياه في نفق الكوستا برافا - خلدة، حيث علق مواطنون داخل سياراتهم، وأكمل بعضهم طريقه سيراً على الأقدام بمساعدة عناصر الدفاع المدني.
ودخلت السيول أيضاً إلى مكاتب عدة في مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، كما إلى صالتي الوصول والمغادرة. وأدى تجمع المياه بشكل كثيف على الطريق المخصصة للسيارات أمام قاعة الوصول الخارجية إلى إعاقة حركة السيارات لبعض الوقت.
وقال وزير الأشغال العامة والنقل يوسف فنيانوس خلال مؤتمر صحافي تناول ما شهدته مناطق بيروت، إنه يتفهم معاناة الناس ويتابع كل عمليات إغلاق الطرق من جراء السيول، «ومستعد لتحمل كامل المسؤولية»، متحدثاً عن «صعوبة صرف الاعتمادات بسبب الأزمة المالية التي تمر بها البلاد».
وأضاف: «كنا في السنوات الماضية نستنفر في النقاط السود، ورغم أن بعض المناطق خارج نقاط وزارة الأشغال كالأوزاعي، سارعنا اليوم إلى العمل على آلية تصريف المياه». ولفت إلى أنه اتصل بالنيابة العامة التمييزية ووضع ما حصل في منطقة خلدة الناعمة بتصرفها «ليتحمل الكل مسؤوليته»، مشيراً إلى أن «البنى التحتية التي أنشئت قبل نحو 50 عاماً لا تستوعب كمية كبيرة من الأمطار».
وتتقاذف أكثر من وزارة وجهاز وهيئة رسمية مسؤولية غرق المناطق اللبنانية بالسيول عند كل عاصفة، نتيجة تضارب في صلاحياتها. وفي هذا الإطار، أشارت الخبيرة في السياسات العامة الدكتورة علا بطرس إلى أن «الحل الأمثل لتفادي تكرار هذه المشاهد كلما هطلت الأمطار يكون بإنشاء المجلس الأعلى للمواصلات». وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «مسألة النقل والأشغال والسير والمركبات موزعة بين وزارات عدة هي الأشغال والطاقة والداخلية والاتصالات ومجلس الإنماء والإعمار والبلديات، ما يضيع الصلاحيات، إضافة إلى أننا نفتقر إلى سياسة عامة في هذا المجال».
ورأت بطرس أن «أي حل جدي لهذه الأزمة المتجددة يكون بإنشاء المجلس السابق ذكره الذي يحدد وظيفة كل وزارة وجهاز ويؤمن التنسيق فيما بينها». وأشارت إلى عنصر ثان «يتوجب النظر فيه»، وهو «البنى التحتية التي يعود بعضها لزمن الانتداب الفرنسي»، لافتة إلى أن «وجود مليون ونصف المليون نازح سوري يفاقم الضغط على هذه الشبكة المهترئة أصلاً، ولذلك نكون سنوياً على موعد مع الأزمة نفسها».
وأظهرت الصور والفيديوهات التي تم تداولها المواطنين يعملون على شفط المياه من داخل متاجرهم ومنازلهم، فيما انصرف عدد كبير منهم لمحاولة انتشال سياراتهم التي غمرتها السيول وجرفتها بعد أن ألحقت أضراراً كبيرة بها.



إسرائيل تضرب الحوثيين للمرة الخامسة بالتوازي مع غارات غربية

TT

إسرائيل تضرب الحوثيين للمرة الخامسة بالتوازي مع غارات غربية

القادة الإسرائيليون هددوا الحوثيين بمصير مشابه لـ«حماس» و«حزب الله» اللبناني (الجيش الإسرائيلي)
القادة الإسرائيليون هددوا الحوثيين بمصير مشابه لـ«حماس» و«حزب الله» اللبناني (الجيش الإسرائيلي)

شنت إسرائيل خامس موجة من ضرباتها الجوية والأولى في السنة الجديدة، رداً على الهجمات الحوثية المتصاعدة، واستهدفت الضربات منشآت ومواقع عسكرية في صنعاء وعمران، الجمعة، كما استهدفت ميناءي الحديدة ورأس عيسى على البحر الأحمر، وذلك بالتوازي و«التنسيق» مع ضربات أميركية وبريطانية.

وإذ أكد الجيش الإسرائيلي شن الضربات على صنعاء والحديدة، قالت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران إن 12 غارة استهدفت مواقعها في مديرية حرف سفيان التابعة لمحافظة عمران (50 كيلومتراً شمال صنعاء).

كما استهدفت الغارات مواقع خاضعة للحوثيين في محيط القصر الرئاسي بصنعاء، حيث معسكرات «النهدين والحفا»، إلى جانب محطة توليد كهرباء جنوب المدينة (محطة حزيز)، بالتزامن مع سلسلة غارات ضربت ميناءَي الحديدة ورأس عيسى النفطي على البحر الأحمر.

وأوضح مسؤول أميركي أن الضربات تم التنسيق بشأنها لكنها ليست مشتركة طبقا لما أورد موقع «أكسيوس» الأميركي، في حين تحدثت تقارير حوثية عن مقتل شخص وإصابة 9 آخرين.

وبحسب بيان الجيش الإسرائيلي، شملت الأهداف التي ضربها مواقع للبنية التحتية العسكرية في محطة كهرباء حزيز في صنعاء والبنية التحتية العسكرية في ميناءَي الحديدة ورأس عيسى على الساحل الغربي، وفق البيان.

وعقب الضربات، نقلت «رويترز» عن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قوله إن الحوثيين «يدفعون وسيستمرون في دفع ثمن باهظ لعدوانهم علينا».

من جهته، وصف وزير الدفاع الإسرائيلي الضربات الجديدة بأنها رسالة واضحة للحوثيين بأن إسرائيل ستواصل العمل بقوة ضد كل من يشكل تهديداً لأمنها، وتوعد بالقول: «يد إسرائيل الطويلة ستلاحق قادة الحوثيين في أي مكان».

ولم تتحدث الجماعة الحوثية عن أثر هذه الضربات، من حيث الخسائر المادية أو البشرية على الفور، وسط مخاوف من أن تؤدي الضربات الجديدة إلى شل مواني الحديدة بشكل نهائي، بعد الأضرار التي كانت تسببت بها الضربات السابقة، ما يعني مزيداً من المعاناة الإنسانية في مناطق سيطرة الجماعة.

مقاتلة إسرائيلية قبل انطلاقها لشن هجوم ضد الحوثيين (الجيش الإسرائيلي)

وبالتزامن مع حشد الجماعة أنصارها في التجمع الأسبوعي كل يوم جمعة، زعم المتحدث العسكري باسمها يحيى سريع مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» والقطع العسكرية المصاحبة لها، بالصواريخ والمسيَّرات، كما تبنَّى مهاجمة تل أبيب في إسرائيل بثلاث طائرات مسيّرة، وهي المسيّرات التي قال الجيش الإسرائيلي في بيان إن سلاح الجو قام باعتراضها، مساء الخميس.

الضربات السابقة

رداً على تصعيد الحوثيين الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيّرة باتجاه إسرائيل، كانت الأخيرة ردت بأربع موجات من الضربات الانتقامية قبل هذه الضربة الخامسة، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقُّع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

وتضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

إسرائيل ردت على هجمات الحوثيين بموجة خامسة من الضربات الجوية (الجيش الإسرائيلي)

واستدعت الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو (تموز) الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.

تصعيد مستمر

أقرت الجماعة الحوثية يوم الخميس بتلقي 5 غارات وصفتها بـ«الأميركية والبريطانية»، استهدفت مواقع في صنعاء والحديدة وعمران، غداة ضربات تبناها الجيش الأميركي ضد منشأتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض خاضعتين للجماعة في عمران وصنعاء.

ولم يتحدث الجيش الأميركي على الفور بخصوص هذه الغارات، في حين لم تكشف الجماعة المدعومة من إيران عن الآثار الناجمة عنها، وسط تقديرات بأنها ضربت مستودعات للأسلحة.

مقاتلة من طراز «إف 15» تعمل ضمن منطقة القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)

ووفق ما أورده إعلام الجماعة، ضربت غارتان منطقة جربان التابعة لمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، فيما ضربت 3 غارات مواقع في مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران (50 كيلومتراً شمال صنعاء)، إلى جانب غارة قالت الجماعة إنها استهدفت موقعاً في مديرية اللحية الساحلية التابعة لمحافظة الحديدة غرباً.

ويوم الأربعاء، كان الجيش الأميركي أعلن استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً، بعد يوم من مزاعم الحوثيين حول مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية، وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر.

واعترفت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، بواقع اثنتين في منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، و4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، ويضم الموقعان معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة، تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، استخدم الحوثيون تلك المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

مقاتلة أميركية من طراز «إف 16» (الجيش الأميركي)

وتشن الجماعة منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، بينما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

ورداً على هذا التصعيد استقبلت الجماعة نحو ألف غارة جوية وقصف بحري، خلال عام من التدخل الأميركي، وأدى ذلك إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة أنشأت، في ديسمبر (كانون الأول) 2023 تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في عدد من المرات.

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين كان من نصيب الحديدة الساحلية أغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.