عون يؤجل الاستشارات أسبوعاً بعد«الإجماع السني» على الحريري

انسحاب الخطيب من ترؤس الحكومة... و«الثنائي الشيعي» يقبل بخفض التمثيل السياسي بين الوزراء

لقاء الحريري والخطيب أمس (أ.ب)
لقاء الحريري والخطيب أمس (أ.ب)
TT

عون يؤجل الاستشارات أسبوعاً بعد«الإجماع السني» على الحريري

لقاء الحريري والخطيب أمس (أ.ب)
لقاء الحريري والخطيب أمس (أ.ب)

أجل الرئيس اللبناني ميشال عون الاستشارات النيابية التي كانت مقررة اليوم، إلى 16 من الشهر الجاري، وذلك في أعقاب انسحاب المهندس سمير الخطيب من تكليفه لترؤس الحكومة اللبنانية، بعد أن بدا أن هناك شبه إجماع سنّي على تسمية الحريري لرئاسة الحكومة، بالإضافة إلى تأييد شيعي، مقروناً بقرار تسهيل مهمته، عبر تخفيض سقف التمثيل الذي يطالب به «الثنائي الشيعي»، في مقابل تأزم محتمل بين الحريري و«التيار الوطني الحر» الذي يرأسه وزير الخارجية جبران باسيل.
وقال الخطيب بعد زيارة الحريري في بيت الوسط: «أطلعت الحريري على موقف المفتي دريان، الذي أعلنته من دار الفتوى، وأعلن اعتذاري عن إكمال المشوار الذي رشحت إليه، سائلاً الله أن يحمي لبنان من كل شر». وكان الخطيب زار «دار الفتوى» وقال بعد لقائه المفتي الشيخ عبد اللطيف دريان: «صاحب السماحة هو من داعمي الرئيس سعد الحريري الذي يبذل جهوداً للنهوض بلبنان، ويدعم دوره العربي والدولي الذي يصب في هذا الإطار»، مضيفاً: «علمت من سماحته أنه نتيجة اللقاءات والمشاورات والاتصالات مع أبناء الطائفة الإسلامية تم التوافق على تسمية الرئيس سعد الحريري لتشكيل الحكومة المقبلة».
وقالت مصادر مواكبة إن الخطيب التقى الحريري 3 مرات في الأيام الأخيرة، وكان مربكاً ومتردداً منذ يوم الجمعة الفائت، في وقت قالت مصادر نيابية إن هناك انزعاجاً من قبل كتلة «اللقاء الديمقراطي» و«الحزب التقدمي الاشتراكي» لطريقة إدارة الملف المرتبط بترشيح الخطيب والتعاطي معه، إضافة إلى احتجاجهم على تجاوز الدستور، وكون الاتفاقات كانت معلبة.
وبغياب رؤية واضحة للمرحلة المقبلة، يقع لبنان أمام 3 خيارات، أولها إطالة فترة تصريف الأعمال، وثانيها تأليف حكومة تكنوقراط موسعة برئاسة الحريري، وفي حال فشلها ستكون حكومة تكنوسياسية، تحظى بغطاء الحريري «الذي لم يعد ممكناً القفز فوق رأيه بعد تصريحات الخطيب من دار الفتوى»، أو حكومة مواجهة بلون واحد، وهو خيار مستبعد في هذا الوقت.
ووصفت مصادر سياسية المشهد الجديد الذي تغيّر بأنه «قلب للطاولة»، مشيرة إلى أن أطرافاً كثيرة كانت مترددة في المشاركة بالاستشارات أو في حسم اسم مرشحها «ستحسم ترددها لصالح تسمية الحريري». ودعت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى الانتظار للاطلاع على موقف باسيل والتيار الوطني الحر «الذي قد يلجأ لرفع أسهم النائب فؤاد مخزومي»، من غير أن تنفي أن أسهم الحريري ارتفعت «بالنظر إلى أن الطائفة السنية تجمع عليه، بينما يسهل الثنائي الشيعي مهمة الحريري بخفض سقف التمثيل السياسي الذي يطالب به في حكومته» لجهة قبول الثنائي الشيعي (حركة أمل وحزب الله) بوزراء دولة لا يحملون حقائب وزارية.
والتأزم المتوقع، ناتج عن واقعين، أولهما «إصرار الحريري المبدئي على حكومة تكنوقراط من الاختصاصيين لتواكب الأزمات المالية والاقتصادية الحالية ومطالب الشارع». وبحسب ما قالت مصادر سياسية لـ«الشرق الأوسط» فإن الحريري «لن يقبل بأن يكون باسيل من ضمن تشكيلة الحكومة الحالية على ضوء قراره المبدئي»، لافتة إلى أن التسوية السياسية بين «المستقبل» و«الوطني الحر» التي كانت قائمة قبل الحراك «يبدو أنها سقطت، ودخلنا في مرحلة جديدة لا تقبل السلوك السياسي السابق».
أما الواقع الثاني، فيتمثل في خلط الأوراق القائمة بعد سقوط الاتفاق الذي أفضى إلى دعم كل من الحريري وباسيل لترشيح الخطيب لرئاسة الحكومة، إذ طرحت مصادر مواكبة لعملية التأليف أسئلة عما إذا كان الاتفاق السابق على الخطيب سيسري على الحريري في حال إعادة تكليفه بتشكيل الحكومة؛ خصوصاً لجهة وجود باسيل في الحكومة المرتقبة من عدمه، داعية إلى الانتظار لمعرفة موقف الرئيس ميشال عون. وبعد إحجام عون منذ استقالة الحريري قبل 40 يوماً، موعد الاستشارات النيابية، بهدف إجراء مشاورات تفضي إلى اتفاقات تسبق التكليف لتسهيل عملية التأليف، حدد الاستشارات في موعد كان مقرراً لها أن يكون اليوم (الاثنين)، لكنها تأجلت حتى الاثنين المقبل.
وأرجأ الحريري موعد اجتماع كتلة «المستقبل» الذي كان مقرراً أمس إلى صباح اليوم، قبل زيارته التي كانت مرتقبة إلى قصر بعبدا.
ورغم أن «الكلمة الفصل ستكون للحريري »، فقد ارتفعت أسهم تكليفه بشكل قياسي، إذ إلى جانب أغلبية سنية ستسمي الحريري، سيسمي النواب الشيعة في كتلتي «التنمية والتحرير» و«الوفاء للمقاومة» الحريري أيضاً، بعدما كانت الكتلتان أعلنتا تمسكهما بالحريري أو من يدعمه، في حال كان لا يرغب في ترؤس الحكومة المقبلة، وهما يقدمان تسهيلات لجهة التمثيل في الحكومة، إذ ما يهمهما هو مبدأ تمثيلها في الحكومة والحضور سياسياً فيها.
وبينما قالت مصادر سياسية إن اتصالات باسيل مع النائب فؤاد مخزومي لم تنقطع، تقاطعت المعلومات على أن الاتصالات السياسية على مختلف الجهات نشطت من جديد؛ حيث كان يفترض أن يلتقي الحريري بالمعاونين السياسيين لرئيس مجلس النواب وأمين عام «حزب الله» ليل أمس. ولم تسقط المصادر من حساباتها أن تكون هناك مفاجآت.
وتناقلت وسائل الإعلام المحلية أنباء عن اتّجاه لتأجيل الاستشارات النيابية التي كانت مقررة اليوم، بناءً على طلب رؤساء الكتل النيابية من أجل إتاحة الوقت لمزيد من التشاور. وأعلن رئيس كتلة «اللقاء الديمقراطي» تيمور جنبلاط أن «اللقاء» يمتنع عن المشاركة في الاستشارات النيابية المقررة اليوم، فيما قالت مصادر مواكبة إن موقف اللقاء «ليس مقاطعة، بل امتناع بسبب تسارع التطورات في ظل غياب أي تشاور، وهو ممتنع لعدم وضوح الرؤية حول المرحلة المقبلة».
أما حزب «الكتائب» فهو عازم على تسمية رئيس حكومة من خارج الطبقة الحالية، وأعلن رئيس الحزب، سامي الجميّل، عزمه على المشاركة في الاستشارات، محذراً من تأجيلها، قائلاً: «نريد رئيس حكومة مستقلاً حيادياً من خارج الطبقة السياسية كفئاً وقادراً على إدارة المرحلة الصعبة، ولدينا أسماء... والاسم الذي سأضعه بعهدة من يريدون تقديم انتصار للبنانيين، والاسم هو السفير نواف سلام». وقال الجميل: «نواف سلام لا نعرفه، ولم نتصل به، لكن اسمه فيه مواصفات الأشخاص لقيادة المرحلة، فهو مستقل، وكان سفير لبنان في نيويورك، وأدار بمفرده مجلس الأمن الدولي برئاسة لبنان لأشهر وبرهن جدارته».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.