رغم حصولها على البراءة... حكومة غزة تستأنف حكماً ضد الصحافية هاجر حرب

نفت لـ«الشرق الأوسط» علمها بإعادة فتح القضية

أثناء عملها كمراسة غطت مسيرات العودة
أثناء عملها كمراسة غطت مسيرات العودة
TT

رغم حصولها على البراءة... حكومة غزة تستأنف حكماً ضد الصحافية هاجر حرب

أثناء عملها كمراسة غطت مسيرات العودة
أثناء عملها كمراسة غطت مسيرات العودة

وقفت بكل هدوء وثقة بثوبها الفلسطيني المطرز وسط حضور من مختلف الدول وقالت: «زميلي سيترجم للإنجليزية». هناك في جلسة عن تحديات الصحافة في منطقة الشرق الأوسط ضمن فعاليات مؤتمر لندن للحريات الصحافية الذي أقيم مطلع يوليو (تموز) الماضي، استطاعت الصحافية الفلسطينية هاجر حرب أن تكشف عن تجربتها القاسية في غزة. وأضافت: «للأسف نحن في القطاع وفي الأراضي الفلسطينية بالمجمل نعاني من الملاحقات الأمنية على خلفية أعمالنا الاستقصائية، وكنت أنا من الذين دفعوا الثمن».
كلمتها تركت وقعاً في نفوس الحضور، وقصتها التي تحولت إلى قضية رأي عام ما زالت تتفاعل يوماً بعد يوم.
«الشرق الأوسط» التقت حرب على هامش المؤتمر اللندني. الهم الذي سكنها كان واضحاً رغم الابتسامة التي لم تفارق وجهها. وقالت: «فوجئت بدعوة من وزارتي الخارجية البريطانية والكندية للمشاركة في مؤتمر حرية الإعلام، الدعوة أفرحتني ثم أرهبتني، فبطبيعة عملي الصحافي كان إصدار تصريح الخروج صعباً للغاية، لكنني استطعت تأمينه بعد عناء».
رحلة هاجر من غزة إلى لندن عن طريق معبر رفح تضمنت مرورها بنحو 40 ثكنة وحاجزا عسكريا في سيناء. تركت منزلها في السابعة صباحا، ووصلت القاهرة في الثامنة صباحا من اليوم التالي. نامت في الشارع ولم تستطع اللحاق بموعد طائرتها، حتى وصلت لندن أخيرا بعد عناء وتعب في اليوم التالي. عن ذلك قالت: «رغم العناء، سعيدة جداً لأن فلسطين حاضرة في المؤتمر. التقيت بزملاء من فلسطين والقدس لم ألتقِ بهم من قبل. ذلك الإحساس منحني الشعور بأن هنالك جزءا ثانيا من الوطن».
قامت الصحافية حرب خلال السنوات الأربع الماضية بإعداد مواد استقصائية من داخل غزة رغم القيود والتضييقات كونها امرأة في مجتمع «محافظ». واستطاعت الكشف في أحد تحقيقاتها عن الفساد الذي يشوب ملف العلاج في الخارج التابع لوزارة الصحة الفلسطينية. وقالت: «كشفت في تحقيقي بعض أوجه الفساد في هذا الملف، وفي أعقاب نشره وتحوله إلى قضية رأي عام بدأ الناس ينقسمون بين مؤيد ومعارض». وتشير إلى أن «هذا الملف يتبع لإدارة السلطة الفلسطينية في رام الله ولا يتبع لحماس، لكن الأخيرة متضررة كونها هي من تحكم القطاع وتدير المستشفيات».
أصيبت حرب بعد هذا التحقيق بفترة وجيزة بمرض السرطان، وذهبت إلى العاصمة الأردنية عمان لتلقي العلاج. وأثناء تلقي جرعات الكيماوي هناك تفاجأت عبر نشطاء ومتابعين لها على «الفيسبوك» بأن الحكومة في غزة أطلقت عليها حكما بالسجن لمدة ستة أشهر سارية النفاذ مع غرامة مالية تقدر بنحو 400 دولار.
عادت حرب إلى غزة بعد رحلة العلاج، وبدأت تمثل أمام القضاء وحضرت 13 جلسة. وعن ذلك قالت: «أكثر شيء أزعجني بالموضوع أنني صحافية ولو كنت في بلد يحترم الحريات، لكان من المفروض تكريمي لا معاقبتي».
لم تتوقف الصحافية الفلسطينية عن عملها الاستقصائي خلال محاكمتها بل قامت بإعداد تحقيق جديد كشف عن الفساد في ملفات الإعمار في غزة التي تعاني من الدمار جراء الحروب والعدوان المتتالي. قالت: «ممولون بملايين الدولارات دخلوا غزة لهذا الغرض وعملت على ملف المشروع العماني وقتها». وأضافت: «سلطنة عمان كانت تمول مشروعا إسكانيا لمائة وحدة سكنية للأشخاص المصنفين أنهم الأشد فقرا في غزة، وتم تنفيذ هذا المشروع من قبل وزارة التنمية الاجتماعية». وكشفت أنها تلقت شكاوى من الناس المظلومين والأشخاص الذين أجبروا على التوقيع على عقود وهمية على أساس أنهم استفادوا من هذه المساكن إلا أن ذلك لم يتحقق. وأشارت إلى أنه «في هذا التحقيق التزمت بتوثيق كل معلومة بوثائق وسندات وشهادة الشهود والمواجهة، حيث واجهت الفاسد وأعطته حق الرد».
بعد هذا التحقيق، أصبحت هاجر تتلقى مئات الرسائل على «الفيسبوك» من أناس مظلومين بقضايا أرادوا أن تصبح هي صوتا لها.
كما دفعت ثمن خسارة عملها كمراسلة في قناة «المسيرة» اليمنية بسبب هذا التحقيق. وعن ذلك قالت: «القناة يملكها أحد قيادات حماس، وبمجرد نشر هذا التحقيق رفع تقريرا للقناة في بيروت أن الصحافية ليست جديرة بتمثيل القناة وتصاحبها المشاكل وقرروا إيقافي عن العمل».
فقدت مصدر رزقها، لكنها لم تستسلم، بل كصحافية مستقلة وكان تحقيقها الثالث عن «ظاهرة تسول النساء في غزة». قالت: «ارتديت ملابسهن وتسولت معهن، وعشت حياتهن واستطعت أن أرصد بعض التفاصيل». وكشفت حرب: «أهم موضوع في هذا الملف كان التحرش الجنسي الذي تتعرض له السيدات المتسولات، فعندما نزلت لأتسول، في أقل من ساعة تعرضت لعشر محاولات تحرش واضحة بألفاظ صريحة وبمبالغ مالية».
أصدرت حرب برومو قصيراً عن هذه المادة على «اليوتيوب» وسرعان ما قدم جهاز المباحث في القطاع شكوى ضدها للنائب العام بادعاء أن هذه الصحافية تريد تشويه سمعة حماس وتعمل لأجندات خارجية.
عمل هاجر لم يتوقف خلال محاكمتها، بل تم تشكيل لجنة من قبل عدد من الصحافيين الكبار في غزة والصحافيات بالتعاون أيضا مع الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان مطالبة ببراءتها. وفي 25 مارس (آذار) الماضي، صدر حكم براءتها. ومن بعدها سافرت هاجر للمؤتمر، وثم اتجهت للأردن لاستكمال علاجها.
خلال تلك الأثناء صدرت أقاويل عن استئناف براءة الصحافية الفلسطينية. ولذلك، تواصلت «الشرق الأوسط» مع محامي حرب السابق للتحري عن صحة الموضوع. وبدوره، يذكر المحامي بكر التركماني، المُوكل من قِبل الصحافية حرب لمتابعة قضيتها في الفترة التي سبقت حصولها على حكم البراءة، ومنسق وحدة الشكاوى في الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، أنّهم كجهة حقوقية غير مخولين بالاطلاع على الأسباب التي دفعت النيابة العامّة، لاستئناف الحكم الذي حصّلته هاجر، من محكمة الصلح في مدينة غزة.
ويفسّر خلال كلامه لـ«الشرق الأوسط» أنّ السبب في عدم اطلاعهم على الحيثيات ولائحة الاستئناف، «هو أنّهم كانوا وكلاء في الجزء الأول من القضية، وفي الفترة الحالية ليس لهم أي دور؛ لأنّ صاحبة الشأن لم تتواصل معهم مجدداً، والمحكمة هي من أبلغتهم بقرار الاستئناف»، لافتاً إلى أنّ تدخلهم بالقضية مستحيل طالما لم يُسند لهم توكيل رسمي، لأنّ القانون لا يجيز لهم هذا الحق.
«الاستئناف يتطلب وجود محامٍ لاستكمال عملية الدفاع والمرافعة عن الصحافية حرب» يزيد التركماني، منبّهاً إلى أنّ عملية الاستئناف قد تذهب بالقضية في اتجاه واحد من أصل ثلاثة، الأول هو تأييد حكم البراءة الصادر عن المحكمة الأولى، أمّا الثاني فهو نقض الحكم ويعني إعادة المحاكمة مرّة أخرى، والثالث يتعلق بإمكانية إصدار حكم جديد يقضي بالإدانة والتجريم.
وفيما يخص مدى تأثير هكذا إجراء على بيئة الحريات الإعلامية والعامّة في فلسطين، يعلّق بقوله: «بالأساس نحن كهيئة مستقلة ورجال قانون، نرفض بشكل مطلق، فكرة مُثول أي صحافي أمام محكمة، لغرض المحاسبة على أنشطة مهنية»، شارحاً أنّ حديثه ذاك ليس تقزيماً من شأن القضاء ودوره، لكنّه يأتي في سياق تعزيز حصانة وحرية العمل الصحافي، بالشكل الذي يضمن نزاهته، ويوطد دوره اللازم في كشف الانتهاكات وقضايا الفساد.
ويشدّد التركماني، على أنّ التحقيقات الصحافية الاستقصائية، أضحت اليوم في الواقع الفلسطيني من أهم أدوات المساءلة للجهات الحكومية والأهلية، لا سيما في ظلّ حالة الانقسام والتجاذبات الفئوية التي يعيشها الناس في الشارع، والتي أدت لغياب الأدوار الفاعلة للمؤسسات الرقابية، التي يعدّ المجلس التشريعي من أهمها، «وهو معطل منذ نحو 12 سنة» يردف.
وبالعودة لقضية الصحافية حرب، يتابع: «حكم البراءة الذي حصلت عليه كان سببه انتفاء الفعل الإجرامي وليس لعدم كفاية الأدلة، وهذا يعدّ سابقة في تاريخ القضاء الفلسطيني»، مشيراً إلى أنّ المحكمة اعتبرت ما قامت به هاجر لا يشكل بالأساس جريمة أو جنحة، وذلك يدفع بالضرورة النيابة العامة للاستئناف، لأجل إثبات روايتها أمام القضاة.
وينحو التركماني بقوله لاتجاهٍ يتوقع ضمنه أنّ النيابة قد تكون وصلت خلال المدّة المنصرمة التي فصلت بين حكم البراءة وقرار الاستئناف، لأدلة تعتقد أنّها ممكن أن تدين الصحافية، لكنّه في الوقت ذاته يؤكد على أنّه لو كان وقت اكتشاف الإثبات الذي جرى على أثره الاستئناف سابق لموعد انتهاء محاكمة «الدرجة الأولى»، فذلك يعدّ خروجاً عن إطار القانون.
ويختم بقوله، إن «أمر الاستئناف يتطلب حضور الشخص بنفسه للمحاكمة، وهاجر حالياً خارج البلاد، وفي ضوء ذلك يمكن أن يصدر بحقها حكم غيابي»، مستدركاً أنّ نظرتهم لقرار المحكمة الأولى إيجابية جداً، لأنّ فيه إنصاف وتشجيع للعمل الصحافي بصورة عامّة، وبالنسبة للمحاكمة الثانية، فهم لا حق لهم بالإدلاء بأي رأي، طالما لم يطلعوا على التفاصيل بشكلٍ مباشر.
ويجدر التنويه إلى أنّ «الشرق الأوسط» حاولت التواصل مع النيابة العامّة في غزة، لأجل الحصول على تفسيرٍ يوضّح أسباب الاستئناف، لكنّها لم تجد تجاوباً أو رداً من قبلها بخصوص هذا الأمر.
من جهتها، نفت الصحافية هاجر حرب أن يكون لديها علم بما توصلت إليه «الشرق الأوسط» بعد التواصل معها للتحقق من صحة المعلومات التي ذكرها محامي الهيئة المستقلة.
قضية هاجر تمثل معاناة صحافيي فلسطين، المطاردون أمنيا من إسرائيل، والسلطة، وحماس. يعملون بظروف تهدد حياتهم في سبيل نقل الحقيقة. «من المهم أن أروي للناس معاناة الصحافيين الفلسطينيين فمنهم من لقي حتفه رغم ارتداء الشارات، كما تعرضت أنا أكثر من مرة لإطلاق مباشر لقنابل الغاز»، تقول هاجر بغصّة. وتضيف بصوت مختنق: «حياتنا دوما مهددة بالخطر، عندما تركت معبر رفح للمشاركة في المؤتمر اللندني التفتت خلفي وتساءلت... لماذا نحب غزة إلى هذا الحد فيما تصر هي على أن تكرهنا؟».


مقالات ذات صلة

تشكيلة جديدة للهيئات الإعلامية بمصر وسط ترقب لتغييرات

شمال افريقيا مبنى التلفزيون المصري في ماسبيرو (الهيئة الوطنية للإعلام)

تشكيلة جديدة للهيئات الإعلامية بمصر وسط ترقب لتغييرات

استقبلت الأوساط الإعلامية والصحافية المصرية، التشكيلة الجديدة للهيئات المنظمة لعملهم، آملين في أن تحمل معها تغييرات إيجابية.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
المشرق العربي المسؤول الإعلامي في «حزب الله» محمد عفيف خلال مؤتمر صحافي بالضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب) play-circle 00:40

محمد عفيف... صوت «حزب الله» وحائك سياسته الإعلامية

باغتيال مسؤول العلاقات الإعلامية في «حزب الله» محمد عفيف تكون إسرائيل انتقلت من اغتيال القادة العسكريين في الحزب إلى المسؤولين والقياديين السياسيين والإعلاميين.

بولا أسطيح (بيروت)
يوميات الشرق «SRMG Labs» أكثر الوكالات تتويجاً في مهرجان «أثر» للإبداع بالرياض (SRMG)

«الأبحاث والإعلام» تتصدّر مهرجان «أثر» للإبداع بـ6 جوائز مرموقة

حصدت «SRMG Labs»، ذراع الابتكار في المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام (SRMG)، 6 جوائز مرموقة عن جميع الفئات التي رُشّحت لها في مهرجان «أثر» للإبداع.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق تضم المنطقة المتكاملة 7 مباني استوديوهات على مساحة 10.500 متر مربع (تصوير: تركي العقيلي)

الرياض تحتضن أكبر وأحدث استوديوهات الإنتاج في الشرق الأوسط

بحضور نخبة من فناني ومنتجي العالم العربي، افتتحت الاستوديوهات التي بنيت في فترة قياسية قصيرة تقدر بـ120 يوماً، كواحدة من أكبر وأحدث الاستوديوهات للإنتاج.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم سيارة عليها كلمة «صحافة» بالإنجليزية بعد تعرض فندق يقيم فيه صحافيون في حاصبيا بجنوب لبنان لغارة إسرائيلية في 25 أكتوبر (رويترز)

اليونيسكو: مقتل 162 صحافياً خلال تأديتهم عملهم في 2022 و2023

«في العامين 2022 و2023، قُتل صحافي كل أربعة أيام لمجرد تأديته عمله الأساسي في البحث عن الحقيقة».

«الشرق الأوسط» (باريس)

كيف يؤثر «غوغل ديسكوفر» في زيادة تصفح مواقع الأخبار؟

شعار شركة «غوغل» عند مدخل أحد مبانيها في كاليفورنيا (رويترز)
شعار شركة «غوغل» عند مدخل أحد مبانيها في كاليفورنيا (رويترز)
TT

كيف يؤثر «غوغل ديسكوفر» في زيادة تصفح مواقع الأخبار؟

شعار شركة «غوغل» عند مدخل أحد مبانيها في كاليفورنيا (رويترز)
شعار شركة «غوغل» عند مدخل أحد مبانيها في كاليفورنيا (رويترز)

أوردت تقارير، في نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، أن ناشري الأخبار كثّفوا ظهورهم على «غوغل ديسكوفر» بهدف زيادة حركات المرور على مواقعهم، وهذا بعدما تراجعت وسائل التواصل الاجتماعي عن دعم ظهور الأخبار منذ مطلع العام. إذ اتجهت «غوغل» إلى نموذج الملخّصات المعزّز بالذكاء الاصطناعي بديلاً عن ترشيح روابط الأخبار من مصادرها، ما أدى إلى تراجع الزيارات تدريجياً. غير أن خبراء ناقشوا الأمر مع «الشرق الأوسط» عدُّوا هذا الاتجاه «رهاناً محفوفاً بالمخاطر، وقد لا يحقق نموذج عمل مستداماً». أبحاث أجرتها «نيوز داش»، وهي أداة متخصصة في تحسين محركات البحث (SEO) موجهة للناشرين والمواقع الإخبارية، أظهرت أن «غوغل ديسكوفر» بات يمثل في المتوسط 55 في المائة من إجمالي حركة المرور الآتية من «غوغل» للناشرين، مقارنة بـ41 في المائة، في دراسة سابقة، ما يعني أن «ديسكوفر» أضحى القناة الكبرى التي تجلب الزيارات إلى مواقع الأخبار.

جدير بالذكر أن «غوغل ديسكوفر» هو موجز للمقالات يظهر على نظامي «أندرويد» و«آبل» عند فتح «غوغل» للتصفّح. ووفق محرّك البحث، فإن المقالات المُوصى بها تُحدَّد وفقاً لاهتمامات المستخدم وعمليات البحث السابقة، ومن ثم، فإن ما يظهر لدى المستخدم من ترشيحات هو موجز شخصي جداً، لذا يحقق مزيداً من الجذب.

محمد الكبيسي، الباحث ومدرب الإعلام الرقمي العراقي المقيم في فنلندا، أرجع تكثيف بعض المواقع الإخبارية وجودها على «غوغل ديسكوفر» إلى احتدام المنافسة الرقمية بين المنصّات للوصول إلى الجمهور. وأوضح: «منطقياً، تسعى مواقع الأخبار إلى الظهور على منصات متعدّدة، مما يعزز فرص الوصول والتفاعل مع الأخبار دون الحاجة للبحث المباشر».

وحدَّد الكبيسي معايير ظهور المقالات على «غوغل ديسكوفر» بـ«جودة المحتوى، والتحديث المستمر، وتوافق SEO، والملاءمة مع اهتمامات المستخدمين وسلوكهم السابق في استخدام وسائل الإنترنت، إضافة إلى الالتزام بمعايير الإعلام والصحافة المهنية».

ومن ثم، بعدما رأى الباحث العراقي تكثيف الاهتمام بأداة «غوغل ديسكوفر» حلاًّ مؤقتاً للمرحلة الحالية، شرح أنه «يمكن القول عموماً إن (غوغل ديسكوفر) قد يُسهم في زيادة معدلات الزيارات للعديد من المواقع الإخبارية، لكن ذلك يعتمد على أهمية المحتوى وملاءمته اهتمامات الجمهور». أما عن الحلول المستدامة فاقترح الكبيسي على صُناع الأخبار تحقيق المواءمة مع تطوّرات المنصات ومواكبة التحديثات؛ لتجنب التبِعات التي قد تؤدي إلى تقليل الظهور أو انخفاض معدلات الوصول».

من جهته، يقول الحسيني موسى، الصحافي المتخصص في الإعلام الرقمي بقناة الـ«سي إن إن» العربية، إن «غوغل ديسكوفر» لا يقبل أي مقالات؛ لأن لديه معايير صارمة تتعلق بجودة المحتوى ومصداقيته. وتابع أن «الظهور على (غوغل ديسكوفر) يشترط تقديم معلومات دقيقة تلبّي اهتمامات المستخدمين وتُثري معرفتهم، مع استخدام صور عالية الجودة لا تقل عن 1200 بيكسل عرضاً، وعناوين جذابة تعكس مضمون المقال بشكل شفاف بعيداً عن التضليل». ثم أضاف: «يجب أن تكون المواقع متوافقة مع أجهزة الهواتف الذكية؛ لضمان تجربة مستخدم سلسة وسريعة، مع الالتزام الكامل بسياسات (غوغل) للمحتوى».

وعلى الرغم من أن معايير «غوغل ديسكوفر» تبدو مهنية، عَدَّ موسى أن هذا «الاتجاه لن يحقق مستقبلاً الاستقرار للناشرين... وصحيح أن (غوغل ديسكوفر) يمكن أن يحقق زيارات ضخمة، لكن الاعتماد عليه فقط قد لا يكون واقعاً مستداماً».

ورأى، من ثم، أن الحل المستدام «لن يتحقق إلا بالتنوع والتكيف»، لافتاً إلى أنه «يُنصح بالتركيز على تقديم محتوى ذي قيمة عالية وتحويله إلى فيديوهات طولية (فيرتيكال) مدعومة على منصات التواصل الاجتماعي لجذب المزيد من المتابعين وبناء قاعدة جماهيرية وفية».