حصاد 2019 السينمائي - 2: سنة حافلة بالممثلين والممثلات... مع بعض السقطات

ارتسمت أعمالهم على الشاشات بنجاح

آدام درايفر وسكارلت جوهانسن في فيلم «حكاية زواج»
آدام درايفر وسكارلت جوهانسن في فيلم «حكاية زواج»
TT

حصاد 2019 السينمائي - 2: سنة حافلة بالممثلين والممثلات... مع بعض السقطات

آدام درايفر وسكارلت جوهانسن في فيلم «حكاية زواج»
آدام درايفر وسكارلت جوهانسن في فيلم «حكاية زواج»

ليست المسألة فيما لو أنّ سنة 2019 تختلف أو تتفق مع العام السابق أو الذي قبله. بالطبع، هناك المسلسلات ذاتها، والأنواع المختلفة نفسها. وهناك الاعتبارات ذاتها، وكثير من الإنتاجات، وكثير منها جيد، والغالبية يمرّ من تحت الرادار ويختفي مثل نقاط مطر تهطل فوق البحر.
المسألة التي يفرضها اقتراب موعد معاينة العام سينمائياً هي ما احتواه العام الحالي من أعمال بارزة أو مميّزة ضمن الاثني عشر شهراً التي تألّف منها. وفي حين أنّ الناقد والمتابع الجيد ينظران إلى تلك الأفلام وصانعيها نظرة فاحصة تحاول قراءة ما تحت خطوطها، يمارس المشاهد الذي يؤم هذه الأفلام تحبيذاته، التقت أو لم تلتقِ مع تحبيذات النّقاد. يشعر بالدفء صوب أداء ممثل أو ممثلة ربما عد النقاد أداءهما عادياً وفطرياً، أو قد يتعجب من الثّناء الذي يناله بعض الممثلين بعدما عاينهم بدوره ووجدهم عاديين بالنسبة إليه.
هذا إذ يقع، يؤكد أنّ هناك بضع مستويات في الحكم على الناقد أن يأخذها بعين الاعتبار حين يسعى لمثل هذه القراءة الوافية لاثني عشر شهراً من العروض السينمائية شاهد خلالها مئات الأفلام، وقد يشعر بتقصير ما فيما لو فوجئ بأنّه لم يشاهد العدد ذاته من الأفلام التي شاهدها في العام السابق. هذا الوضع قد يهم النّاقد، ولن يهم سواه.
وهناك كثير من «الاستخلاصات». الفيلم الواحد يحتوي على جملة متشابكة من العناصر، كل منها له علاقة بكل عنصر آخر. في مطلعها الكتابة والإنتاج والتصميم الفني والديكور والإخراج والتمثيل والتصوير والتوليف والكتابة الموسيقية.
ما يواجهنا جميعاً، نقاداً وجمهوراً، هو التمثيل في الدرجة الأولى. ذاك الذي دفع فديريكو فيلليني للاهتمام بالسينما، إذ شاهد الوجوه الأولى ودرس محياها وإماراتها والتعابير التي تسوقها. ذاك الذي شدّنا قبل سواه إلى السينما ونحن صغار، وقبل أن نحفظ كلمة مخرج.
في العام الحالي، كانت هناك تحديات كثيرة في هذا الجانب. الممثلون، ذكوراً وإناثاً، أكثر معرفة بالدور الناتج عن العمل داخل الفيلم، وهو الانطباع الذي يتركونه على عدة مستويات، لمخرجين باتوا أكثر اهتماماً، على ما يبدو، لهذا الناقد على الأقل، بالعمل مع أكثر من ممثل واحد في الصدارة، ما دام أنّ السيناريو يسمح بذلك. هذا كله ليس جديداً، لكنّه يطلّ العام الحالي على نحو مؤطر أكثر مما فعل في الأعوام القليلة السابقة.

ثنائيات
الثنائيات، من أيام لوريل وهاردي إلى اليوم، فرصة لمشاهدة ممثلين يلتحمان داخل الفيلم الواحد. وهناك الكيمياء بلا ريب، لكن هناك أيضاً أسلوب العمل معاً. تصوّر لو أنّ جوني دَيب هو من حلّ محل براد بيت في «ذات مرّة في هوليوود» (Once Upon a Time in Hollywood)، أو لو اختار مخرج هذا الفيلم نيكولاس كيج أو كريستيان بايل للدور الذي لعبه ليوناردو ديكابريو. إحدى أهم قدرات المخرج في هذا الشأن هو التأكد من أنّه إذ يجمع بين ممثلين في درجة واحدة من المكانة والشهرة، فإنّه سيستطيع العمل على انصهارهما معاً بالبراعة الفطرية ذاتها للوريل وهاردي، مع الفوارق الفنية الكبيرة في هذه المقارنة.
كان العام الحالي مثيراً من حيث ثنائية الممثلين في عدد من الأفلام. براد بيت وليوناردو ديكابريو شاركا بطولة «ذات مرّة في هوليوود»، وروبرت دينيرو وآل باتشينو عملا معاً في «الآيرلندي»، وكيڤن كوستنر ووودي هارلسون ظهرا معاً في «ذا هايواي مَين» (The Highway Men)، وجوناثان برايس وأنطوني هوبكنز تلألآ في «The Two Popes‬».
ما أفرزه هذا الجمع بين كل اثنين من هؤلاء الممثلين الستة يشبه ما أفرزه ذات مرة الجمع بين سوزان ساراندون وجينا ديڤيز في «ثلما أند لويس» (ريدلي سكوت، 1991)، أو ميل غيبسون وداني غلوفر في «سلاح مميت» (Lethat Weapon) (ريشارد دونر، 1987). وهو ليس دائم النجاح، فلقاء ماهرشالا علي مع فيغو مورتينسين في «كتاب أخضر» (بيتر فاريللي، 2018)، وكذلك لقاء بروس ويليس مع سامويل ل. جاكسون في أكثر من فيلم، لم يسفر إلا عن تعاون مشترك، بمعنى أنّ أحدهما كان سهل الاستبدال بممثل آخر من دون كثير من التأثير.
وفي الحالات الأربع المذكورة، المتمثلة في «ذات مرة في هوليوود» و«الآيرلندي» و«ذا هايواي مَين» و«البابايان»، هناك تكامل نموذجي مصدره كِتابي النشأة وإخراجي التأثير.
وإذا ما كان هذا الشخص، بأدائه ومفاتيحه، قابل للاندماج مع الشخص الثاني في هذا الإطار، فإنّ الناتج نجاح اللعبة الثنائية تماماً.
هذا المنحى، وبينما يوزع مشاهده بين الاثنين على نحو متكافئ، يتضمن شرطاً إضافياً، وهو أنّ على الممثلين اللذين يشتركان معاً أن يكونا من فصيل موهبة واحدة، ولو اختلف أسلوب كل منهما في العمل. لذلك فإنّ ذكاء المخرج كوينتن تارانتينو يتبدى جلياً عندما أسند بطولة «ذات مرة في هوليوود» لا إلى ديكابريو وبيت فقط، بل لمن وضعه في دور الممثل الآفل (ديكابريو) وصديقه و«دوبليره» (بيت).
بالنسبة لفيلم مارتن سكورسيزي «الآيرلندي»، فإنّ الوضع يختلف من زاوية واحدة: النية للجمع بين الممثلين المتساوين كقيمة فنية، آل باتشينو وروبرت دينيرو، كان له حافز إضافي، وهو أنّهما لم يمثلا على هذا النحو من قبل. نعم، ظهرا في «سخونة» (Heat) (مايكل مان، 1995)، لكنّه مشهد واحد فقط هو الذي جمعهما معاً. في «الآيرلندي» عشرات المشاهد، ما يتيح للفيلم تسجيل نقاط بيع الممثلين مجدداً، كما لم يحدث ذلك من قبل.
- عائدون وجدد في البطولات الفردية منها والجماعية، فإنّ الحديث شاسع ومثير.
بدأ العام الآيل للرحيل ببضعة أسماء كبيرة في أدوار صغيرة القيمة، مثل بروس ويليس في «10 دقائق مضت» (10 Minutes Gone)، ونيكول كيدمان في «مدمرة» (Destroyer)، وكلاهما أراد شيئاً لم يحصل عليه، وهذا حال كثيرين آخرين يتقدمهم ماثيو ماكوهوني في «صفاء» (Serenity)، وجون ترافولتا في «تبادل دهان» (Trading Paint)، وكيرا نايتلي في «العاقبة»، وهذا المنوال استمر وشمل مؤخراً إدوارد نورتون في فيلمه الأول كمخرج أيضاً «مذرلس بروكلين» (Motherless Brocklyn).
وهناك من سعى للبقاء في الجوار قدر ما يمنحه الجمهور والزمن: سيلفستر ستالون ظهر في «خطة هروب: جامعي الثمار» (Ecapre Plan: The Extractors)، وتلاه بعد أشهر قليلة برامبو آخر، هو «رامبو: آخر دم»، وكلاهما لم ينجز نجاحاً، ولديه فيلم ينتظر فرصة ملائمة (لكن قد لا تأتي)، وهو «المستهلكون 4»، مع لفيفه من ممثلي القوة.
أرنولد شوارزنيغر عاد من التلاشي في ترميناتور جديد هو «ترميناتور: قدر داكن»، ودولف لندغرن (الذي يشارك ستالون من حين لآخر) عرض «تابع الأثر» (The Tracker) الذي لم يعد له أثر.
اللعبة تغيّرت أيام ما كان هذا الثلاثي، ستالون وشوارزنيغر ولندغرن، ومعهم ستيفن سيغال (فيلمان له هذه السنة: Beyond the Law وGeneral Commander)، يجذبون إليهم الفئات المختلفة من المشاهدين: الذكور والإناث، الشّبان والقدامى. اللعبة الجديدة هي أن تنبري المرأة بهذه الأدوار القتالية.
جينا رودريغيز شوهدت في فيلم الأكشن «مس بيللا»، وتبعتها كريستين ريّس في «ماريا»، وساشا لوس في «آنا» (فرنسي)، والثلاث من الوجوه النسائية الجديدة، لكنّ المجال اتسع لبعض الوجوه الأنثوية القديمة أيضاً، مثل نتالي بورتمن في «لوسي»، وكريستن ستيوارت في «ملائكة تشارلي».
هذه الأفلام، لم تنفع أحداً ممن مثلها، على أن «ملائكة تشارلي» هو واحد من بضعة أفلام أكشن أو سواها جمعت ممثلات يقمن بالبطولة، مع بضعة رجال يظهرن عن بعد. ففي «ملائكة تشارلي»، ظهرت كذلك ناوومي سكوت، وإيلا بالينسكا. ورأينا «هستلرز» مع جينيفر لوبيز وجوليا ستايلز وكونستانس. وهذا الفيلم كان كوميدياً، كذلك حال «ليتل» مع رجينا هول ومارساي مارتن إيسا راي، و«بعد العرس» مع ميشيل ويليامز وجوليان مور وآبي كوين.
الأفضل بين هذه المجموعة «Little Women»، عن رواية لويزا ماي ألكوت التي انتقلت إلى السينما أكثر من مرة، حيث تؤدي ساويريس رونان وإيما تومسون وفلورس بوف مع (الوجه المتقادم) لورا ديرن الأدوار الأولى.
- من جوكر إلى آخر
ثنائي نسائي، من بين عدة، وجدناه في فيلم «Booksmart»، مع كايتلين ديفير وبيني فلدستين. لكن هناك ثنائيات رجالية أخرى، غير التي ذكرناها آنفاً، كحال ميل غيبسون وشون بن في «البروفسور والمجنون». كلاهما في أفضل حالاته ممثلاً، لكنهما لم يتجاوزا غير المألوف، والفيلم لم يكن مبنياً على كيمياء الجمع بينهما على أي حال. أمّا عن السبب في أنهما مرّا من دون حسبان كثير، فيعود إلى أنّ فيلمهما هذا من إنتاج منزلي (نتفليكس)، كحال «ذا هايواي من» مع وودي هارلسن وكيفين كوستنر.
براد بيت كان له ظهوران: أحدهما دوره البارع في «ذات مرة في هوليوود»، والثاني دوره الأفضل في «أد أسترا»، لكنّ الحسابات ستدور حوله في الفيلم الأول لأن سمة المغامرة الخيالية - العلمية هي التي تطغى على أدائه في الفيلم الثاني (أخرجه جيداً جيمس غراي).
خواكين فينيكس هو من بين الذين برعوا هذه السنة في أداء شخصياتهم: قاد بطولة «جوكر»، ووضع نفسه تحت ضغط شديد لكي يأتي تمثيله متميزاً، رغم أنّ هذا الدور لا يعدو دور رجل شرير. ذلك الشر كان له مسبباته، لكنه لا ينفي أنّ الممثل الذي كان عليه أن يلعب الدور كان عليه أساساً أن يبتكر الطريقة. وكان جاك نيكولسون قد لعب هذه الشخصية من قبل، كذلك مايكل إمرسون في «الفارس الداكن يعود» (2012)، والراحل هيث ليدجر في «الفارس الداكن» (2008).
براعة كل واحد من هؤلاء جعلت مهمة واكين فينكس أصعب، لكنه نجا من السقوط.
هناك أيضاً، إيدي مورفي في «دولمايت هو اسمي»، لكن سيكون من المفاجئ فيما لو تردد اسمه في موسم الجوائز في الشهر المقبل، وأكثر مفاجأة فيما لو دخل ترشيحات الأوسكار لاحقاً.
وهناك اسمان مرتفعان حالياً، وهما تيموثي شالامت الذي وضعه دوره في «نادني باسمك» على منصة انطلاق لخمسة أفلام في عامين، آخرهما «الملك». شالامت يستحق ذلك، ومدى نجاحه نقدياً ليس مرتبط بمدى نجاحه تجارياً، لكن المستقبل سيشهد له المزيد من الأعمال الأولى التي تستحق المراجعة.
الاسم الثاني هو آدام درايڤر الذي يخطو على درب سريع، شمل هذه السنة ثلاثة أفلام، هي: «الموتى لا يموتون»، و«حكاية زواج»، والحلقة الجديدة من «ستار وورز». الدور الأول لن يمنحه كثيراً من المجد، ودوره في الفيلم الثالث يملأ وقود نجاحه الجماهيري. لكن الفيلم الثاني «حكاية زواج» هو ما يقترحه فعلياً كممثل جيد بين زملائي من النقاد.
بالنسبة لهذا الناقد هو لمعة في فنجان لديه ملامح وجه غير جذابة وغير عاكسة لما تكنّه الشخصية التي يؤديها داخلياً. هل يعني هذا أنه ينال أكثر مما يستحق من إعجاب؟ فليكن.
- عالمياً
وحتى لا ينتهي الحديث من دون إغفال أسماء تستحق الذكر، بل بعضها لا غنى عن ذكره.
وفي مقدّمة هؤلاء أداء أنطونيو بانديراس في «ألم ومجد» الذي اشتغل فيه على كل خلجة تمكن من استحواذها لهذا الدور شبه البيوغرافي للمخرج بدرو ألمودوڤار، وقد سبق أن فاز عن هذا الدور في دورة مهرجان «كان» الأخيرة بجدارة.
كذلك جورج مكاي في «1917»، ومات دامون في «فورد وفيراري»، وكريستيان بايل، ومايكل ب. جوران في «رحمة عادلة»، ومارك روفالو في «مياه داكنة»، وروبرت باتنسون في «المنارة»، وتوم هانكس «في يوم جميل في الجيرة» (A Beautiful Day in the Neighbourhood).
ونسائياً، تألقت رنيه زلفيغر في «جودي» (عن حياة جودي غارلاند)، وكذلك سكارلت جوهانسن في «حكاية زواج»، وميريل ستريب (كالعادة) في «المغسلة». واتسع المجال لبضعة وجوه جديدة أو شابة أجادت أدوارها، مثل سينتيا إريفو في «هارييت»، وآنا دي أرماس «السكالكين مسلولة»، وساويريس رونان في «نساء صغيرات».
وعلى صعيد موازٍ، الممثلون الثلاثة في فيلم مارتن سكورسيزي «الآيرلندي»، وهم روبرت دينيرو وآل باتشينو وجو بيشي، سيجدون في الأيام والأسابيع المقبلة أنفسهم مرشحين لموسم الجوائز. بيشي وباتشينو في خانة أفضل تمثيل مساند أمام براد بيت في «ذات مرة في هوليوود»، وويسلي سنايبس في «دورمايت اسمي»، وسام روكوَل في «رتشارد جووَل».
وهناك بضعة أسماء غير أميركية، تتلألأ، ولكن ليس في سماء موسم الجوائز، بل في مداراتها الأوروبية. فلا يمكن إغفال أداءاتها الرائعة أو المهمة، من بينها داميان بونار وجبريل زونغا وأليكس ماننتي في «البائسون»، وجوا دوجوردان في «ضابط وجاسوس»، وجولييت بينوش عن «من تعتقدني» (Who You Think I Am)، وإيزابل أوبير في «غريتا».
واستحق الصيني جنغشون وانغ جائزة أفضل ممثل في مطلع السنة، التي منحها إياه مهرجان برلين، عن «وداعاً يا ابني»، ولو أن القائمة الشرق آسيوية تحتاج لما يقترب من حجم كتاب.


مقالات ذات صلة

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

يوميات الشرق مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

رغم وقوفها أمام عدسات السينما ممثلة للمرة الأولى؛ فإن المصرية مريم شريف تفوّقت على ممثلات محترفات شاركن في مسابقة الأفلام الطويلة بـ«مهرجان البحر الأحمر».

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)

من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

«السادسة صباحاً» و«أغنية سيما» أكثر من مجرّد فيلمين تنافسيَّيْن؛ هما دعوة إلى التأمُّل في الكفاح المستمرّ للنساء من أجل الحرّية والمساواة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)

اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

بحفل استثنائي في قلب جدة التاريخية ، اختم مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي» فعاليات دورته الرابعة، حيث أُعلن عن الفائزين بجوائز «اليُسر». وشهد الحفل تكريمَ

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ياسمين عبد العزيز في كواليس أحدث أفلامها «زوجة رجل مش مهم» (إنستغرام)

«زوجة رجل مش مهم» يُعيد ياسمين عبد العزيز إلى السينما

تعود الفنانة المصرية ياسمين عبد العزيز للسينما بعد غياب 6 سنوات عبر الفيلم الكوميدي «زوجة رجل مش مهم».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق رئيسة «مؤسّسة البحر الأحمر السينمائي» جمانا الراشد فخورة بما يتحقّق (غيتي)

ختام استثنائي لـ«البحر الأحمر»... وفيولا ديفيس وبريانكا شوبرا مُكرَّمتان

يتطلّع مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» لمواصلة رحلته في دعم الأصوات الإبداعية وإبراز المملكة وجهةً سينمائيةً عالميةً. بهذا الإصرار، ختم فعالياته.

أسماء الغابري (جدة)

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».