انتخابات الرئاسة في الجزائر: المنعرج الأخير

بين دور الجيش وضغط الشارع والمواقف الخارجية

انتخابات الرئاسة في الجزائر: المنعرج الأخير
TT

انتخابات الرئاسة في الجزائر: المنعرج الأخير

انتخابات الرئاسة في الجزائر: المنعرج الأخير

تشتد المواجهة في الجزائر، على مقربة من انتخابات الرئاسة المقررة في 12 من ديسمبر (كانون الأول) الحالي، بين آلاف المتظاهرين الرافضين لها، بحجة أنها لا تحقق التغيير الذي يطالبون به منذ أكثر من 9 أشهر، ومؤسسة الجيش التي تصر على انتخاب رئيس جديد مهما كانت الظروف حتى يبدأ في أقرب وقت، حسبها، بتصحيح الأخطاء الكثيرة التي تسبب فيها الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، خصوصاً في مجال الاقتصاد والحكم الراشد.
ويبذل المترشحون الخمسة لـ«الرئاسية»، عبد المجيد تبون وعلي بن فليس وعز الدين ميهوبي وعبد القادر بن قرينة وعبد العزيز بلعيد، جهوداً كبيرة في تجمعات الدعاية الانتخابية الجارية منذ أسبوعين لإقناع الجزائريين بالتصويت. وقال أحدهم: «المهم هو أن تتوجهوا بكثافة إلى صناديق الاقتراع، وأن تختاروا واحداً منا»، وكان ذلك دالاً على كون الاستحقاق مسألة مصيرية بالنسبة لسلطات البلاد، وبأنها غير مستعدة لتأجيلها من جديد، كما حدث في اقتراع 18 أبريل (نيسان) الماضي، وبعدها اقتراع 0 يوليو (تموز). وكان الأول قد ألغي بسبب ثورة الشارع ضد ترشح الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة، والثاني بسبب عدم توفر مترشحين.

مع استمرار حدة الرفض الشعبي للانتخابات الرئاسية في الجزائر، ومحاولات كثيرة للمتظاهرين لمنع المترشحين من عقد تجمعاتهم في إطار حملة الانتخابات، نزلت على السلطات «هدية من السماء» تتمثل في لائحة أصدرها البرلمان الأوروبي أخيراً تدين اعتقال نشطاء الحراك، وتطالب بالإفراج عنهم، كما تطالب الحكومة الجزائرية بـ«وقف تكميم الصحافة». وشجب القرار «سيطرة الجيش على المؤسسات المدنية».
كان قرار البرلمان الأوروبي، الذي جاء باقتراح من نائب فرنسي اشتراكي، فرصة للسلطات للتلويح من جديد بفزاعة «التدخل الأجنبي في شؤوننا الداخلية»، وبأن «الغرب خصوصاً فرنسا تخشى من ضياع مصالحها بمستعمرتها القديمة»، بحجة أن السلطة الجديدة التي يمثلها قائد الجيش الفريق أحمد قايد صالح «قررت تصفية أتباع فرنسا من النظام السابق».
وأطلقت الحكومة، بعد يومين، بواسطة تنظيمات وجمعيات، مظاهرات بالعاصمة، وفي كثير من الولايات، لاستنكار «التدخل الأجنبي»، وفي الوقت نفسه دعم مسعى الانتخاب، والإشادة بالجيش الذي «خلص البلاد من العصابة، وسجن رموزها»، في إشارة إلى عدد كبير من كبار المسؤولين الحكوميين، مدنين وعسكريين، ورجال أعمال، تابعهم القضاء بالفساد وبـ«التآمر على سلطة الجيش».

- «شرذمة» في برلمان أوروبا تثير سخط الجزائر
البروفسور أرضا دغبار، أستاذ القانون، يقول عن «التدخل الأجنبي» الذي يشغل اهتمام وسائل الإعلام والسلطة حالياً: «في الدول التي تملك أنظمة سياسية حقيقية، حينما تريد السلطة إقناع الشعب بمسائل وهمية، كمسرحية التدخل الأوروبي في شؤوننا الداخلية، فإنها تشكل لجاناً تضم مختصين في العلوم السياسية والقانونية والعلاقات الدولية، وحتى مختصين في كتابة السيناريو، ليضعوا لها تصوراً توزع فيه الأدوار على كل المشاركين... فيحدد هؤلاء طريقة إخراج الفعل ورد الفعل، وتصورات التبعات التي يمكن أن تنجر عنه. أما لدينا، فالأمر يتم بقرارات ارتجالية... وإلا كيف نفسر رد فعل الحكومة عندنا على ما صدر عن البرلمان الأوروبي، إذ لم يتجاوز (الشجب) و(التنديد) على طريقة جامعة الدول العربية!».
وأضاف: «رد الفعل الحقيقي يستدعي أن تقوم وزارة الخارجية باستدعاء سفير الاتحاد الأوروبي في الجزائر، وكذا السفير الفرنسي، وتحذيرهما بلهجة شديدة. رد الفعل الحقيقي يتطلب أن تقوم وزارة الخارجية باستدعاء سفير الجزائر لدى الاتحاد الأوروبي ولدى فرنسا من أجل التشاور. ويتطلب قراراً من السلطات العليا بالانسحاب من اتفاقيات ثنائية مع دول أوروبية، أو إلغاء عقود تجارية مع الاتحاد الأوروبي. رد الفعل الحقيقي يتطلب أن يلتئم البرلمان لدينا لمناقشة انتهاك حقوق السترات الصفراء في فرنسا، أو في غيرها من الدول الأوروبية. المسرحية تنقصها الحبكة، والإخراج كان سيئاً جداً، أعطى الانطباع بأن الأمر كله يتعلق فقط بمساعدة النظام على الدفع ببعض الجزائريين إلى مساندة خيارات السلطة، في طريقة الحل المتمثلة في انتخابات 12 ديسمبر (كانون الأول). فعلى السلطة أن تفكر جدياً في تسريح كاتب المسرحية ومخرجها، دونما إشعار ولا تعويض».
ومن جهة ثانية، صرح وزير الإعلام المتحدث باسم الحكومة، مندداً بلائحة الأوروبي، قائلاً إنها «أسقطت القناع عن شرذمة من البرلمانيين يتربصون بالجزائر، ويسعون لزرع البلبلة والتشويش على الرئاسية التي يتعاطى معها جل الشعب الجزائري بإيجابية عالية. فالشعب تفطن لمكائد هؤلاء، وهو على عزم تام من أجل التصدي لها (...) من خلال مشاركته في الانتخابات المقررة يوم 12 ديسمبر (كانون الأول)».
وتابع: «تجسيداً لمبدأ عدم التدخل في شؤون الغير، الذي ولد في رحم مبادئ ميثاق هيئة الأمم المتحدة، التي يتعين على الجميع احترامها، فإن الجزائر لا تقبل تدخل الغير في شؤونها الداخلية، وهو مبدأ قار في سياستها استوحته من تاريخها المتألق ونضالها السياسي». وأردف أن «توقيت إصدار اللائحة ليس بريئاً، كما أن هذه المجموعة من البرلمانيين الأوروبيين لا يساوون شيئاً بالنظر للعدد الكبير من الأصدقاء الذين تتوفر عليهم الجزائر في أوروبا وكل دول العالم».

- مستقبل المظاهرات
وتطرح الأوساط السياسية والإعلامية أسئلة كثيرة مرتبطة بمستقبل المظاهرات، وكيف سيتعامل معها الرئيس الجديد، في حال أجريت الانتخابات. وقال رابح لونيسي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة وهران (غرب) بهذا الخصوص: «أعتقد أن السلطة ستعمل بكل ما بوسعها لإجراء الانتخابات في وقتها. فهي لا يمكن أن تفشل في تنظيمها ثلاث مرات متتالية. ففي حالة العكس، يعني ذلك عدم قدرتها على التحكم في الوضع، وأن الجزائر تعيش حالة استثنائية، وهو ما لا يخدمها، خصوصاً في الخارج». وفي نظر لونيسي «يوجد طرف داخل السلطة يريد إفشال الانتخابات، والتخلص من كل الأجنحة الأخرى التي تشكل النظام، كما لا يريد للحراك أن يحقق أهدافه، فلو فشلت الانتخابات، سيقفز هذا الطرف إلى الواجهة بقوة. ويمكن وصف هذا الجناح بالتيار الوطني داخل النظام». وتوقع الأستاذ الجامعي لونيسي مشاركة ضعيفة للناخبين في الاستحقاق المرتقب «مما يعني أن الصندوق سيفرز رئيساً ضعيفاً سياسياً، كما هو ضعيف الرئيس الانتقالي عبد القادر بن صالح. ومثلما تم إسقاط بوتفليقة في 02 أبريل (نيسان) الماضي، سيتم إسقاط الرئيس الجديد الذي سيستحيل عليه استخدام القوة مع الحراك، بعكس ما تفعل السلطة الحالية، ولوجود ضغوط من دول أوروبية في شمال المتوسط لا تقبل وقوع اضطرابات في الجزائر، لأن بها مصالح قد تصبح عرضة للتهديد». ويعتقد لونيسي أن الانتخابات المنتظرة «ستكون شبيهة بالانتخابات في إيران، فمن يفوز بها لن يضر مصلحة الحاكم الفعلي في إيران، وهو الولي الفقيه والمؤسسة الدينية المتحكمة في اللعبة السياسية وصناعة القرار، فالرئيس مجرد واجهة لها، وعندنا الشيء نفسه، فكل المرشحين مقبولين من النظام، وليس مهماً من يفوز، ولو أن البعض يعتقد أن النظام يميل للمترشح تبون (رئيس الوزراء سابقاً)، لكن في الحقيقة المرشح الوحيد الذي يمكن أن يخشى النظام منه هو بن فليس».

- عبد المجيد تبون
وفي الموضوع نفسه، يذكر المحلل السياسي محمد هناد أن «السلطة ماضية بخريطة طريقها، أحب من أحب وكره من كره، مثلما ردد رئيس أركان الجيش في كثير من تصريحاته. وعليه، ليس هناك أدنى شك في إجراء الانتخابات الرئاسية كما هو مقرر... انتخابات سيكون الفائز فيها السيد عبد المجيد تبون منذ الدور الأول، وهو معروف بقربه من رئيس الأركان، لأن القيادة العسكرية تريد تفصيل المسألة على مقاسها، في أقرب وقت. لقد طالعتنا إحدى اللافتات المرفوعة في المظاهرات الشعبية أن الانتخابات عندنا هي من الشفافية ما يسمح بمعرفة الفائز بها قبل إجرائها! ومع ذلك، كان من الصعب تصور إمكانية أن تجري الحملة الانتخابية بسبب الرفض الشعبي. إضافة لذلك، نستطيع القول إن الانتخابات المقررة تبقى في حكم المجهول».
ويرجح هناد «لجوء السلطة الفعلية، بعد انتخاب رئيس جمهورية مباشرة، إلى العصا الغليظة لأنها ستلقى معارضة شرسة من طرف الحراك ضد الرئيس الجديد. وعليه، سيسعى هذا الأخير لفرض سلطته بالقوة، كما سيجد طاقمه الحكومي نفسه مضطراً إلى حل المشكلات الاقتصادية العويصة التي تعرفها البلاد على حساب المستضعفين، وذلك من خلال تقليص حجم النفقات العمومية، وكذا الاستدانة الخارجية المصحوبة بشروط دولية قاسية، في مقدمتها رفع أشكال الدعم الحكومي عن المواد الغذائية والبنزين وغيرها من المنتجات، علماً بأنه يكفي الجزائر أن تسترجع تلك المليارات المنهوبة كي تجتاز الصعوبات الاقتصادية الحالية، ريثما تتم الانطلاقة الاقتصادية المرتقبة، بفضل تفتق طاقات المجتمع بعد تحرره من النظام الفاسد».

- «مرشح الجيش»... جدل يعود مع كل انتخابات
وحقاً، يحتدم جدل كبير في البلاد، حالياً، حول «مرشح الجيش» في الانتخابات، رغم أن قائده أكد أنه يقف على المسافة نفسها من كل المترشحين. فواقع الأمر أنه (المؤسسة) سبق أن تعهدت في مواعيد سياسية سابقة بأنها «لا تتدخل في السياسة» ولا في الانتخابات، ولكن ثبت العكس فيما بعد. ويعود ذلك، بحسب مراقبين، إلى طبيعة نظام الحكم الموروث عن ثورة مسلحة ضد الاستعمار، فجرها عسكريون هم من سيطروا على السلطة بعد الاستقلال.
وحول هذه القضية، يقول الكاتب الصحافي المعروف احميدة عياشي: «أتصور أن الجيش لديه أكثر من مرشح، وليس مرشحاً بعينه، انطلاقاً من تطورات الوضع وتوجهاته على الميدان، لكن قد تكون له أولويات في التعاطي مع كل مرشح، كما أن الانتخابات هي أقرب إلى التعيينات... وليست بالضرورة تعبر عن الأصوات الحقيقية التي سيتحصل عليها فعلاً كل مترشح».
وقال عياشي إن «مراقبين يتحدثون عن كون عبد المجيد تبون مقرباً من رئيس أركان الجيش، وإنه كان رجله في صراعه مع جماعة الرئاسة خلال فترة حكم الرئيس بوتفليقة (1999-2019)، خصوصاً شقيقه السعيد بوتفليقة (يقضي حالياً عقوبة السجن لمدة 15 سنة) الذي لم يكن يخفي طموحاته في استخلاف الرئيس، لكن بعض الشكوك تحوم حول السيد تبون، فهو غير مؤتمن، ويمكن أن يتحول إلى خصم إن أصبح رئيساً بكل الصلاحيات الكبرى التي يمنحها الدستور لرئيس الجمهورية، وهذا ما يفتح الاحتمال لصعود المرشح الشاعر الأديب عز الدين ميهوبي الذي يعرف عنه أنه مدلل قائد أركان الجيش. أضف إلى ذلك إمكانية تسويقه إلى العالم العربي بصفته شاباً، بالمقارنة مع تبَون وبن فليس، و(معرباً) وليس (فرنكفونياً)، كغالبية الرؤساء السابقين، وقريباً من عدة دوائر عربية نافذة، وأمضى معظم شبابه في المدينة التي ينحدر منها نائب وزير الدفاع قايد صالح (باتنة بشرق البلاد)، إلى جانب شخصيته الرخوة التي يسهل التحكم فيها. أما بالنسبة للمرشح عبد العزيز بلعيد فهو، رغم انتمائه إلى مسقط رأس نائب وزير الدفاع (قايد صالح) نفسه، فإن حظوظه بالفوز بالرئاسة ضعيفة. وهذا ما يطرح ورقة علي بن فليس التي قد تكون صالحة، في حالة اشتد رفض أغلبية الجزائريين للانتخابات، وذلك رغم برودة علاقته بقايد صالح. بن فليس، يمثل برأيي، رجل المرحلة الذي بقدرته استعمال القوة وفرض النظام لاستعادة السيطرة على الوضع».
وللعلم، تناول قائد الجيش، أخيراً، الجدل الدائر حول «مرشح الجيش»، فقال في أثناء وجوده بمنشأة عسكرية: «لقد تعهدنا أمام الله، ولا رجوع عن ذلك... لقد قلنا إن الجيش لن يدعم أي مترشح، فالشعب هو من يختار الرئيس، والشعب هو المسؤول عن اختيار الرئيس الجديد، الذي يجب أن يكون قادراً على قيادة الجزائر». وأشار، ضمناً، إلى ما يدور حول «طموحه المفترض في الحكم»، فقال: «تعهدت أمام الله، وسأبقى على عهدي، بأن أكون في خدمة الشعب، فنحن من صلب هذا الشعب». ورد على الاحتجاج ضد «تدخل الجيش في السياسة» بقوله: «نسيّر هذه الأزمة منذ 9 أشهر، وهذا ليس أمراً سهلاً، ودون إراقة قطرة دم واحدة، والجيش هو الشعب والشعب هو الجيش، وعندما يقف الشعب بجانب جيشه، لن تكون أي قوة يمكنها فك هذا الارتباط».

- محاكمة رموز الفساد: هل هي قطيعة مع نظام بوتفليقة؟
بدأت هذا الأسبوع محاكمة مسؤولين بارزين من فترة حكم بوتفليقة، وقال مراقبون إن السلطة «تحاول إقناع الجزائريين بالتوجه إلى الانتخاب بقوة» من خلال تنظيم هذه المحاكمات.
ويقول الكاتب احميدة عياشي بهذا الخصوص: «يعتقد أصحاب الحل والعقد، أمام عدم قدرتهم على إقناع الجزائريين بحسن نيتهم ورغبتهم في إجراء انتخابات جادة صادقة، أنه بلجوئهم إلى محاكمة بعض رموز نظام بوتفليقة يبرهنون على أنه لا رغبة لهم في تجديد النظام القديم، وأنهم جادون في إحداث القطيعة مع نظام بوتفليقة، وذلك بعد انتشار أخبار مفادها أن بوتفليقة لا يزال يحظى بالرعاية في إقامة الدولة، وأن بعض رموز النظام سيخفف عنهم وسيطلق سراح بعضهم. كما أن هذه المحاولة تسعى السلطة من ورائها لتمرير خطاب مضاد للخطاب الرائج في أوساط الداعمين للحراك الرافض لإجراء الانتخابات ذات التوجه الأحادي، المفبركة مسبقاً كما يقولون، ويتمثل هذا الخطاب المضاد في أن هذه الانتخابات ستمثل الخطوة الأولى العملية في حلحلة الوضع المتأزم، والانسداد بتكلفة أقل، وبصورة تسمح بالانتقال التدريجي إلى وضع يساعد على إشاعة مناخ تغيير بشكل تدريجي، غير صادم ولا مفاجئ، يضمن الخروج من المأزق وتجنب أي انزلاق، لكن المؤشرات المتوفرة حالياً تكشف أن كل محاولات السلطة باتت فاقدة للصدقية، بل تكشف عن مخاطر متوقعة في حال أصرت على إجراء انتخابات لا تتوفر على الحد الأدنى من الاتفاق العام أو الشرعية».

- رؤساء الجزائر
- فرحات عباس (1958-1961) - رئيس الحكومة المؤقتة
- بن يوسف بن خدة (1961-1962) - رئيس الحكومة المؤقتة
- عبد الرحمن فارس (1962) - رئيس السلطة التنفيذية المؤقتة
- فرحات عباس (1962-1963) - رئيس المجلس الوطني
- أحمد بن بلة (1963-1965) - أول رئيس للجمهورية
- هواري بومدين (1965-1976) - رئيس المجلس الثوري
- هواري بومدين (1976-1978) - ثاني رئيس للجمهورية
- رابح بيطاط (1978-1979) - رئيس بالوكالة
- الشاذلي بن جديد (1979-1992)
- عبد المالك بن حبيلس (1992) - رئيس المجلس الدستوري
- محمد بوضياف (1992) - رئيس المجلس الأعلى للدولة
- علي كافي (1992-1994) - رئيس المجلس الأعلى للدولة
- الأمين زروال (1994-1999)
- عبد العزيز بوتفليقة (1999-2019)
- عبد القادر بن صالح (2019- ...) - رئيس بالوكالة


مقالات ذات صلة

"تايم "تختار دونالد ترمب شخصية العام 2024

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أ.ب)

"تايم "تختار دونالد ترمب شخصية العام 2024

اختارت مجلة تايم الأميركية دونالد ترمب الذي انتخب لولاية ثانية على رأس الولايات المتحدة شخصية العام 2024.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
حصاد الأسبوع شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شأن معظم دول المنطقة والإقليم، تسببت الأزمة السورية المتصاعدة في تراجع الاهتمام الرسمي والشعبي العراقي بالحرب التي تشنّها إسرائيل على غزة ولبنان، بعد أن كانت

فاضل النشمي (بغداد)
حصاد الأسبوع ليندنر اختلف مع سياسة ميركل المتعلقة بالهجرة وفتحها أبواب ألمانيا أمام مئات آلاف اللاجئين السوريين

كريستيان ليندنر... الزعيم الليبرالي الذي أسقط عزله الحكومة الألمانية

رجل واحد حمله المستشار الألماني أولاف شولتس مسؤولية انهيار حكومته، وما نتج عن ذلك من فوضى سياسية دخلت فيها ألمانيا بينما هي بأمس الحاجة للاستقرار وتهدئة

راغدة بهنام ( برلين)
حصاد الأسبوع شيل

ألمانيا... الحزب الديمقراطي الحر «شريك الحكم» شبه الدائم

مع أن «الحزب الديمقراطي الحر»، الذي يعرف في ألمانيا بـ«الحزب الليبرالي»، حزب صغير نسبياً، مقارنةً بالقطبين الكبيرين «الاتحاد الديمقراطي المسيحي» (المحافظ)

«الشرق الأوسط» (برلين)
حصاد الأسبوع لقاء ترمب وبوتين على هامش "قمة العشرين" عام 2017 (آ ف ب)

موسكو تترقّب إدارة ترمب... وتركيزها على سوريا والعلاقة مع إيران

لم تُخفِ موسكو ارتياحها للهزيمة القاسية التي مُنيت بها الإدارة الديمقراطية في الولايات المتحدة. إذ في عهد الرئيس جو بايدن تدهورت العلاقات بين البلدين إلى أسوأ

رائد جبر (موسكو)

كريستيان ليندنر... الزعيم الليبرالي الذي أسقط عزله الحكومة الألمانية

ليندنر اختلف مع سياسة ميركل المتعلقة بالهجرة وفتحها أبواب ألمانيا أمام مئات آلاف اللاجئين السوريين
ليندنر اختلف مع سياسة ميركل المتعلقة بالهجرة وفتحها أبواب ألمانيا أمام مئات آلاف اللاجئين السوريين
TT

كريستيان ليندنر... الزعيم الليبرالي الذي أسقط عزله الحكومة الألمانية

ليندنر اختلف مع سياسة ميركل المتعلقة بالهجرة وفتحها أبواب ألمانيا أمام مئات آلاف اللاجئين السوريين
ليندنر اختلف مع سياسة ميركل المتعلقة بالهجرة وفتحها أبواب ألمانيا أمام مئات آلاف اللاجئين السوريين

رجل واحد حمله المستشار الألماني أولاف شولتس مسؤولية انهيار حكومته، وما نتج عن ذلك من فوضى سياسية دخلت فيها ألمانيا بينما هي بأمس الحاجة للاستقرار وتهدئة اقتصادها المتدهور. رجل وصفه المستشار بأنه «أناني»، وشن عليه هجوماً شخصياً نادراً ما يصدر عن شولتس المعروف بتحفظه وهدوئه. ذلك الرجل كان وزير ماليته كريستيان ليندنر، زعيم «الحزب الديمقراطي الحر» الذي كان شريكاً في الحكومة الائتلافية الثلاثية منذ عام 2021، برئاسة «الحزب الديمقراطي الاجتماعي» (الاشتراكي)، ومشاركة حزب «الخضر». ولقد طرده شولتس من الحكومة بعد خلافات حول ميزانية سنة 2025، ما تسبب بخروج الوزراء المتبقين من «الحزب الديمقراطي الحر»، ليبقى المستشار يقود حكومة أقلية حتى إجراء الانتخابات المبكرة في 23 فبراير المقبل. ثم إن شولتس تعرض لانتقادات كثيرة لهجومه الشخصي على ليندنر، خاصة من المستشارة السابقة أنجيلا ميركل التي وصفته بأنه كان «خارجاً عن السيطرة». لكن مع ذلك، فإن الصورة التي رسمها المستشار عن وزيره قد تحمل شيئاً من الواقع؛ إذ خرجت انتقادات من أوساط الديمقراطيين الأحرار لليندنر و«تصرفه بشكل أحادي» في دفع المستشار لإقالته. وقبل ذلك طالته انتقادات بعدما أصبح «الوجه الأوحد» لـ«الحزب الديمقراطي الحر» إبان الانتخابات الماضية عام 2021 وقبلها عام 2017. ولعل الحزب تسامح مع تصرفات ليندنر «الأنانية» تلك لنجاحه بإعادة الحزب إلى الخارطة السياسية بعد انهياره تقريباً عام 2013 وفشله بدخول البرلمان للمرة الأولى في تاريخه. إلا أن مستقبل الرجل الذي أعاد حزبه إلى الحياة... هو نفسه في خطر. فهل يستمر ليندنر بالبناء على تاريخه حتى اليوم للنهوض مجدداً؟

قد يكون كريستيان ليندنر أصغر زعيم انتُخب ليرأس حزبه «الديمقراطي الحر»، عن عمر 34 سنة فقط عام 2013، بيد أنه لم يكن ناجحاً على الدوام. وبعكس حياته السياسية وصعوده السريع إلى القمة، فشل ليندنر في مشاريع أعمال أطلقها عندما كانت السياسة ما زالت هواية بالنسبة إليه. واعترف لاحقاً بإخفاقاته تلك، مستعيناً بعبارة «المشاكل هي مجرد فرص شائكة» لكي يدفع نفسه إلى الأمام.

وبين عامَي 1997 و2001 أسس شركات خاصة مع أصدقاء له، انتهت بالفشل آخرها شركة «موماكس» التي انهارت وأفلست بعد أقل من سنة على إطلاقها.

هذه «الإخفاقات» التي طبعت مغامراته التجارية وهو في مطلع العشرينات قد تكون دفعته للتوجه إلى السياسة بجدية أكبر. وبالفعل، نجح عام 2001 بدخول البرلمان المحلي في ولايته شمال الراين-وستفاليا وهو ابن 21 سنة ليغدو أصغر نائب يدخل برلمان الولاية. ولصغر سنه وقسمات وجهه الخجولة كسب ليندنر آنذاك لقب «بامبي» بين أعضاء الحزب نسبة للغزال الصغير عند «ديزني».

«بامبي» في «البوندستاغ»

في عام 2009، فاز ليندنر بمقعد في البرلمان الفيدرالي (البوندستاغ) ليعود عام 2012 إلى ولايته أميناً عاماً للحزب في الولاية ونائباً محلياً مرة أخرى.

وبعدها ساعدت إخفاقات الديمقراطيين الأحرار في الانتخابات العامة عام 2013 بتسليط الضوء على ليندنر، الشاب الكاريزماتي الطموح الذي وجد فرصة سانحة أمامه للصعود داخل الحزب. ويومذاك فشل الحزب بتخطي عتبة الـ5 في المائة من أصوات الناخبين التي يحددها القانون شرطاً لدخول «البوندتساغ». وعقد أعضاؤه اجتماعاً خاصاً لمناقشة النتائج الكارثية التي لم يسبق للحزب أن سجلها في تاريخه، وانتخب ليندنر، وهو في سن الـ34، زعيماً للحزب مكلفاً بتأهيله وإعادته للحياة... وبذلك بات أصغر زعيم ينتخب لـ«الحزب الديمقراطي الحر».

شاب أنيق وجذّاب

شكّل سن ليندنر وأناقته وشخصيته عاملاً جاذباً للناخبين الشباب خاصة. وقاد حملة مبنية على أساس جذب الشباب ونفض صورة الحزب القديم التقليدي عنه، كما ساعده حضوره على وسائل التواصل الاجتماعي في التواصل مع مستخدميها من الشباب وتقريبهم إلى الحزب.

وغالباً ما نُشرت له صور من حياته الشخصية على «إنستغرام»، منها صورة لإجازة مع فرانكا ليهفيلدت، زوجته الصحافية التي كانت تعمل في قناة «دي فيلت»، ولقد عقدا قرانهما وهو في الحكومة عام 2022 في حفل ضخم وباذخ بجزيرة سيلت حضره عدد كبير من السياسيين. وينتظر الزوجان مولودهما الأول في الربيع المقبل.

للعلم، كان ليندر متزوجاً قبل ذلك من صحافية أخرى كانت نائبة رئيس تحرير «دي فيلت» أيضاً، هي داغمار روزنفلت، التي تكبره سناً ولم ينجبا أطفالاً معاً. لكنهما ظلا متزوجين من 2011 وحتى 2018 عندما أعلن طلاقهما وكشف عن علاقته مع ليهفيلدت.

أيضاً، لا يخفي ليندنر حبه للسيارات السريعة، وكان قال غير مرة قبل دخوله الحكومة مع حزب «الخضر» بأنه يهوى السيارات القديمة ويملك سيارة بورشه قديمة ومعها يملك رخصة للسباقات. وبجانب هذه الهواية يحب اليخوت ويملك رخصة للإبحار الرياضي وأخرى للصيد.

صورة شبابية عصرية

هذه الصورة التي رسمها ليندنر لنفسه، صورة الرجل الأنيق الذي يهتم بمظهره (لدرجة أنه خضع لزرع شعر) ويمارس هوايات عصرية، ساعدته على اجتذاب ناخبين من الشباب خاصة، وجعلته ينجح بإعادة حزبه إلى البرلمان عام 2017 بحصوله على نسبة أصوات قاربت 11 في المائة.

في حينه دخل في مفاوضات لتشكيل حكومة ائتلافية مع المستشارة أنجيلا ميركل التي فاز حزبها بالانتخابات، وكانت تبحث عن شركاء للحكم إثر حصولها على 33 في المائة من الأصوات. وفعلاً، بدأت ميركل مفاوضات مع الديمقراطيين الأحرار و«الخضر»، لكن ليندنر انسحب فجأة من المفاوضات بعد 4 أسابيع، ليعلن: «أفضل عدم الحكم من الحكم بشكل خاطئ».

ليندنر كان يختلف آنذاك مع سياسة ميركل المتعلقة بالهجرة وفتحها أبواب ألمانيا أمام مئات آلاف اللاجئين السوريين قبل سنتين. ويومها واجه الانتقاد لتفويته على حزبه فرصة الحكم، وهي فرصة خشي بعض الحزبيين ألا تُتاح مُجدداً.

ائتلاف مع اليسار

غير أن الفرصة أتيحت مرة أخرى في الانتخابات التالية عام 2021 عندما حقق «الحزب الديمقراطي الحر» نتائج أفضل من الانتخابات السابقة، حاصلاً على نسبة 11.5 في المائة من الأصوات. ومع أن «الحزب الديمقراطي الحر» حزب وسطي ليبرالي يؤيد الحريات الاقتصادية، ويعدّ شريكاً طبيعياً لحزب «الاتحاد الديمقراطي المسيحي» (يمين معتدل)، قرر ليندنر عام 2021 الدخول في ائتلاف حاكم مع الاشتراكيين و«الخضر»؛ ذلك أن الأخير يعتبر نقيضاً فكرياً للديمقراطيين الأحرار الذين يرون سياساته البيئية مكلفة وكابحة للتقدم الاقتصادي.

وهكذا تسلم ليندنر إحدى أهم الوزرات؛ إذ عُيّن وزيراً للمالية وثاني نائب للمستشار. وحقق بذلك حلمه الذي غالباً ما كرره خلال الحملات الانتخابية بأنه يريد أن يصبح وزيراً للمالية، وحتى إنه عرّف نفسه في إحدى الحملات ممازحاً: «تعرّفوا على وزير ماليتكم المقبل!».

خلفيته العلمية والفكرية

اهتمام ليندنر بالسياسة الاقتصادية ينبع من اهتماماته منذ تخرّجه من الجامعة؛ حيث درس العلوم السياسية ثم القانون والفلسفة في جامعة بون المرموقة (واسمها الرسمي جامعة راينيشه فريدريش - فيلهامز).

ثم إنه لم ينضم فور مغادرته المدرسة للخدمة العسكرية التي كانت إجبارية آنذاك، وأجّلها للدراسة وإكمال مغامراته التجارية، لكنه عاد لاحقاً وانضم إلى جنود الاحتياط ووصل لرتبة رائد. ورغم فشل مغامراته التجارية، بقيت اهتماماته السياسية منصبّة على الجانب المالي، ومن هنا جاء طموحه بأن يصبح وزيراً للمالية في الحكومة الفيدرالية.

وفكرياً، يؤمن ليندنر وحزبه بتقليص الإنفاق العام وخفض الضرائب وفتح الأسواق أمام الشركات الخاصة. ودائماً عارض خططاً عدّها متطرفة يدعمها «الخضر» لاستثمارات أكبر في الطاقة النظيفة بحجة تكلفتها العالية وتأثيرها على الشركات والأعمال. وكانت المفارقة أنه تسلّم حكومة كانت مسؤولة عن تطبيق سياسات تروّج للطاقة البديلة وتزيد من النفقات الاجتماعية وترفع من الضرائب.

هذا الأمر كان صعباً عليه تقبّله. ورغم وجود اتفاق حكومي حدّدت الأحزاب الثلاثة على أساسه العمل خلال السنوات الأربع من عمرها، عانى عمل الحكومات من الخلافات منذ اليوم الأول. وطبعاً لم تساعد الحكومة الأزمات المتتالية التي اضطرت لمواجهتها وكانت لها تأثيرات مباشرة على الاقتصاد، بدءاً بجائحة كوفيد-19 إلى الحرب الأوكرانية.

ولذا كان شولتس غالباً ما يعقد خلوات مع ليندنر وزعيم «الخضر»، روبرت هابيك، ويطول النقاش لساعات بأمل التوصل لحلول وسط يمكن للحكومة أن تكمل فيها عملها. وفي النهاية، كان من أبرز نقاط الخلاف التي رفض ليندنر المساومة فيها هي ما يُعرف في ألمانيا بـ«مكابح الدَّين العام»؛ إذ يرفض الدستور الألماني الاستدانة إلا في حالات الطوارئ، ولقد استخدمت الحكومة كوفيد-19 كطارئ للتخلي عن «مكابح الدَّين العام»، وبالتالي، الاستدانة والإنفاق للمساعدة عجلة الاقتصاد.

وأراد شولتس تمديد العمل بحالة الطوارئ كي تتمكن حكومته من الاستدانة وتمويل الحرب في أوكرانيا من دون الاقتطاع من الخدمات العامة، لكن ليندنر رفض مقترحاً تخفيض الإنفاق العام في المقابل، الأمر الذي اعتبره شولتس «خطاً أحمر».

تهم وشكوك

وحقاً، اتُّهم ليندنر بعد طرده بأنه كان يخطط للانسحاب من الحكومة منذ فترة، وبأنه وضع خطة لذلك بعدما وجد أن حزبه منهار في استطلاعات الرأي وأن نسبة تأييده عادت لتنخفض إلى ما دون عتبة الـ5 في المائة.

أيضاً، كُشف بعد انهيار الحكومة عن «وثيقة داخلية» أعدّها ليندنر وتداولها مع نفر من المقرّبين منه داخل الحزب، تحضّر للانسحاب من الحكومة بانتظار الفرصة المناسبة. وقيل إنه بدأ يخشى البقاء في حكومة فقدت الكثير من شعبيتها بسبب المشاكل الاقتصادية وارتفاع التضخّم خلال السنوات الثلاث الماضية، ما أثر على القدرة الشرائية للألمان. وبناءً عليه، خطّط ليندنر للخروج منها قبل موعد الانتخابات واستخدام ذلك انتخابياً لإعادة رفع حظوظ حزبه الذي يبدو الأكثر تأثراً من الأحزاب المشاركة في الحكومة، بخسارة الأصوات. وطرحت «الوثيقة» التي كُشف عنها مشكلة أخرى بالنسبة لليندنر - داخل حزبه هذه المرة - فواجه اتهامات بالتفرّد بالقرارات وحتى دعوات لإقالته.

طامح لمواصلة القيادة

حتى الآن، يبدو كريستيان ليندنر مصراً على قيادة حزبه في انتخابات فبراير (شباط)، وما زال لم يفقد الأمل العودة حتى إلى الحكومة المقبلة وزيراً للمالية في حكومة يقودها زعيم الديمقراطيين المسيحيين، فريدريش ميرتز، الذي يتقدّم حزبه في استطلاعات الرأي ومن المرجح أن يتولى المستشارية. وللعلم، ميرتز نفسه أبدى انفتاحاً على ضم ليندنر إلى حكومته المحتملة، وشوهد الرجلان بعد أيام من إقالة ليندنر يتهامسان بتفاهم ظاهر داخل «البوندستاغ».

ولكن عودة ليندنر للحكومة ستتطلب منه بدايةً تخطي عقبتين: الأولى أن يبقى على رأس حزبه لقيادته للانتخابات. والثانية أن ينجح بإقناع الناخبين بمنح الحزب أصواتاً كافية لتخطي عتبة الـ5 في المائة الضرورية لدخول البرلمان.