واشنطن تعاقب قادة ميليشيات عراقية تدعمها طهران «روعوا المتظاهرين»

أحدهم متهم بقتل أميركيين في 2007... بومبيو يدعم «الشعب لاستعادة بلده»... وشينكر يحض إيران على «عدم التدخل وتقويض الدستور»

متظاهرون في مدينة الناصرية أمس يحملون صور رفاق لهم قُتلوا خلال قمع الاحتجاجات التي اندلعت ضد الحكومة في بغداد (رويترز)
متظاهرون في مدينة الناصرية أمس يحملون صور رفاق لهم قُتلوا خلال قمع الاحتجاجات التي اندلعت ضد الحكومة في بغداد (رويترز)
TT

واشنطن تعاقب قادة ميليشيات عراقية تدعمها طهران «روعوا المتظاهرين»

متظاهرون في مدينة الناصرية أمس يحملون صور رفاق لهم قُتلوا خلال قمع الاحتجاجات التي اندلعت ضد الحكومة في بغداد (رويترز)
متظاهرون في مدينة الناصرية أمس يحملون صور رفاق لهم قُتلوا خلال قمع الاحتجاجات التي اندلعت ضد الحكومة في بغداد (رويترز)

فرضت الولايات المتحدة أمس، عقوبات على 3 من قادة ميليشيات عراقية على صلة بإيران، ورجل أعمال، يشتبه أنهم تورطوا في الحملة الأمنية ضد المتظاهرين خلال الاحتجاجات التي اجتاحت العراق.
وأكد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، في بيان، أن «الشعب العراقي يريد استعادة بلده. إنهم (المتظاهرين) يطالبون بإصلاحات صادقة وبالمحاسبة وبقادة جديرين بالثقة، يولون مصلحة العراق الأولوية»، في وقت قال مساعد وزير الخارجية الأميركي لـ«الشرق الأوسط» ديفيد شينكر: «نحض الجيران على عدم التدخل وتقويض دستور البلاد»، معتبراً أن وجود قائد «فيلق القدس» في «الحرس الثوري» الإيراني قاسم سليماني في بغداد «غير طبيعي ومشكلة، ويشكل انتهاكاً كبيراً لسيادة العراق». وقال وزير الخزانة ستيفن منوشين إن «محاولات إيران قمع المطالب المشروعة للشعب العراقي بإصلاح حكومته من خلال قتل المتظاهرين المسالمين أمر مروع»، مضيفاً أن «المعارضة والاحتجاج العام السلمي عناصر أساسية في جميع الديمقراطيات. تقف الولايات المتحدة إلى جانب الشعب العراقي في جهوده للقضاء على الفساد، وسنحاسب مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان والفساد في العراق».
وقتل 430 شخصاً في أنحاء العراق جرّاء الحملة الأمنية التي شنتها السلطات ضد المتظاهرين، في إطار الاحتجاجات التي دفعت رئيس الوزراء عادل عبد المهدي إلى الاستقالة، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية. وقالت وزارة الخارجية الأميركية في بيان صحافي أمس، إنه ضمن التعهد الأميركية باستخدام سلطاتها القانونية لمعاقبة الأفراد الفاسدين، فإنها تفرض عقوبات على 4 عراقيين متورطين في انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان وفساد، وهم قادة الميليشيات المدعومة من إيران؛ قيس الخزعلي، وليث الخزعلي، وحسين فالح، وعزيز اللامي.
وأكدت الخارجية أن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة أدرج هؤلاء القيادات المسلحة التابعة لإيران ضمن قائمة العقوبات بموجب الأمر التنفيذي رقم 13818، لـ«تورطهم في انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان في العراق، وقتل المتظاهرين المسالمين، وسرقة الثروة العامة للشعب العراقي». كما صنّف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية السياسي العراقي خميس فرحان العيساوي (الخنجر) ضمن قائمة العقوبات أيضاً، وذلك لـ«استغلاله السلطة وتورطه في رشوة المسؤولين الحكوميين، واستشراء فساده على نطاق واسع على حساب الشعب العراقي».
وقال بيان أميركي: «الشعب العراقي يريد عودة بلدهم للأمن والحياة التي تكفل حقوقهم، إنهم يدعون إلى إصلاح حقيقي ومساءلة وإلى قادة جديرين بالثقة يضعون مصالح العراق الوطنية في المقام الأول، وهذه المطالب تستحق أن تعالج دون اللجوء إلى العنف أو القمع، كما أن انتهاكات حقوق الإنسان والفساد تقوض القيم التي تقوم عليها مجتمعات مستقرة وآمنة وعادلة».
وأشار إلى أنه في الوقت الذي يستعد فيه العالم للاعتراف باليوم الدولي لمكافحة الفساد في 9 ديسمبر (كانون الأول)، واليوم الدولي لحقوق الإنسان في 10 ديسمبر، «تؤكد الولايات المتحدة على دورها للنهوض بتلك القيم ذاتها ومحاسبة أولئك الذين سيقوضونها من خلال انتهاكات حقوق الإنسان أو الأفعال كالفساد».

- قيس الخزعلي وليث الخزعلي
بحسب بيان لوزارة الخارجية الأميركية الذي تسلم مكتب «الشرق الأوسط» في لندن نسخة منه أمس، قيس الخزعلي «هو الأمين العام لميليشيات (عصائب أهل الحق) المدعومة من إيران في العراق. وخلال احتجاجات أواخر عام 2019 في كثير من مدن العراق، فتحت ميليشيات (عصائب أهل الحق) النار على المتظاهرين وقتلتهم».
أما ليث فهو «شقيق قيس الخزعلي، وهو أيضاً أحد قادة (عصائب أهل الحق). كان قيس الخزعلي مرتبطاً بإحدى لجان (فيلق القدس) التابع لـ(الحرس الثوري) الإيراني، التي وافقت على استخدام العنف المميت ضد المتظاهرين بغرض الترهيب العام».
وتابع البيان: «شاركت (عصائب أهل الحق) في محافظة ديالى العراقية في عمليات الاختفاء القسري والاختطاف والقتل والتعذيب على نطاق واسع، واستهدفت العراقيين السنة من دون التعرّض لعقاب. وفي أواخر عام 2015، قاد ليث الخزعلي الجهود المبذولة لإزالة السنة من مناطق محافظة ديالى، بما في ذلك عمليات القتل لطرد السكان السنة»، بالإضافة إلى ذلك، كانت لقيس وليث الخزعلي أدوار قيادية في هجوم يناير (كانون الثاني) 2007 على مجمّع للحكومة العراقية في كربلاء، أسفر عن مقتل 5 جنود أميركيين وجرح 3».
ومضى البيان: «تمّ تصنيف قيس الخزعلي باعتباره شخصاً أجنبياً قيادياً أو مسؤولاً في كيان، بما في ذلك أي كيان حكومي، تورّط أو شارك أعضاؤه في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان أثناء ولايته». أما ليث الخزعلي فهو شخص أجنبي «مسؤول أو متواطئ أو شارك بشكل مباشر أو غير مباشر في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان».
وذكر البيان الرسمي الأميركي أن «(فيلق القدس) المدرج تحت طائلة العقوبات بموجب الأمر التنفيذي رقم 13224 في 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2007 هو فرع من (الحرس الثوري) الإيراني، وهو المسؤول عن العمليات الخارجية، وقدّم دعماً مادياً لكثير من الجماعات الإرهابية، ما يجعله عنصراً أساسياً في أنشطة إيران الإقليمية المزعزعة للاستقرار. وقد تمّ تصنيف المنظمة الأم لـ(فيلق القدس)، أي (الحرس الثوري) الإيراني، وفقاً للأمر التنفيذي رقم 13224 في 13 أكتوبر 2017، وفي 15 أبريل (نيسان) 2019 منظمة إرهابية أجنبية من قبل وزير الخارجية».

- حسين فالح عزيز اللامي
وقال البيان إن اللامي «هو زعيم ميليشيا تدعمها إيران، مكلّفة من قبل كبار قادة الميليشيات الأخرى بقمع الاحتجاجات التي جرت أواخر عام 2019 في العراق»، وإنه كان «مرتبطاً بإحدى لجان (فيلق القدس) التابع لـ(الحرس الثوري) الإيراني، التي وافقت على استخدام العنف المميت ضد المتظاهرين بغرض الترهيب العام. وفي أواخر عام 2019، كان اللامي مسؤولاً عن الأمر باغتيالات وقمع المتظاهرين في بغداد. ووجّه اللامي مقاتلي الميليشيا الذين أطلقوا النار على المتظاهرين في أوائل أكتوبر 2019 عندما قتل عشرات من المحتجين». وتمّ إدراج اللامي لكونه شخصاً أجنبياً «مسؤولاً أو متواطئاً أو متورطاً بشكل مباشر أو غير مباشر في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان».

- خميس فرحان العيساوي
وأشار البيان إلى «العيساوي (الملقب بالخنجر) رجل أعمال عراقي ومليونير يتمتع بقوة كبيرة على الصعيدين الإقليمي والدولي». وفقاً لمسؤول سابق رفيع المستوى في الحكومة العراقية، فإن «تأثير الخنجر يرجع في معظمه إلى رغبته وقدرته على استخدام ثروته لرشوة الآخرين. وقدّم مبالغ كبيرة من المال لشخصيات سياسية عراقية من أجل حشد الدعم وتأمين تعيين أحد مرشّحيه لمنصب داخل الحكومة العراقية»، حسب البيان الأميركي. وأضاف: «تمّ إدراجه بسبب تقديمه المساعدة المادية أو الدعم المالي أو المادي أو التكنولوجي للفساد أو تزويده بالبضائع أو الدعم، بما في ذلك اختلاس أملاك الدولة ومصادرة الأصول الخاصة لتحقيق مكاسب شخصية والفساد المتعلق بالعقود الحكومية أو استخراج الموارد الطبيعية أو الرشوة».



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.