السيستاني يشدد على اختيار خليفة عبد المهدي «ضمن المهلة الدستورية» و«بعيداً عن التدخل الخارجي»

قوات أمن ومحتجون عند حاجز إسمنتي قرب شارع الرشيد في بغداد أمس (أ.ب)
قوات أمن ومحتجون عند حاجز إسمنتي قرب شارع الرشيد في بغداد أمس (أ.ب)
TT

السيستاني يشدد على اختيار خليفة عبد المهدي «ضمن المهلة الدستورية» و«بعيداً عن التدخل الخارجي»

قوات أمن ومحتجون عند حاجز إسمنتي قرب شارع الرشيد في بغداد أمس (أ.ب)
قوات أمن ومحتجون عند حاجز إسمنتي قرب شارع الرشيد في بغداد أمس (أ.ب)

في وقت بدأ العد التنازلي لانتهاء المهلة الدستورية المحددة لاختيار رئيس وزراء عراقي بديل لعادل عبد المهدي الذي قدّم استقالته تحت ضغط حراك شعبي واسع، رفض المرجع الديني الأعلى في العراق آية الله علي السيستاني زج اسمه في عملية اختيار رئيس الوزراء الجديد لكنه شدد على ضرورة حصول ذلك ضمن المهلة الدستورية، رافضاً أيضاً أي تدخل خارجي في اختيار خليفة عبد المهدي.
ويتعيّن على رئيس الجمهورية، طبقاً للدستور العراقي، ترشيح شخصية أخرى لتشكيل الحكومة خلال 15 يوماً من تاريخ قبول استقالة، أو خلو منصب، رئيس الوزراء. وحيث إن البرلمان العراقي وافق على استقالة عادل عبد المهدي في الأول من ديسمبر (كانون الأول) الحالي فإن المدة المتبقية لاختيار بديل له هي 9 أيام، في وقت لا تزال الكتل السياسية تبحث في خيارات عدة لتحديد من يحل محله.
وجاء رفض المرجع الشيعي الأعلى لزج اسمه في اختيار رئيس وزراء جديد بعد أنباء تم تداولها في الأيام الماضية وأشارت إلى أنه لا بد من اختيار شخصية يكون مرضياً عنها من قبل المرجعية، وهو ما رفضه ممثل السيستاني الشيخ عبد المهدي الكربلائي خلال خطبة الجمعة في كربلاء أمس.
وقال السيستاني (89 عاماً) في خطبة الجمعة التي تلاها ممثله الكربلائي: «نأمل أن يتم اختيار رئيس الحكومة الجديدة وأعضائها ضمن المدة الدستورية ووفقاً لما يتطلع إليه المواطنون بعيداً عن أي تدخل خارجي».
وقدّم عادل عبد المهدي استقالته إلى البرلمان الأسبوع الماضي تحت ضغط الشارع ودعوة المرجعية البرلمان إلى سحب الثقة من الحكومة. وتتكثّف المشاورات في بغداد بحثاً عن بديل عبد المهدي، على وقع مساع يخوضها حلف طهران - بيروت لإقناع القوى السياسية الشيعية والسنيّة بالسير بأحد المرشحين، بحسب ما قال مصدر سياسي لوكالة الصحافة الفرنسية الثلاثاء الماضي. وقال المصدر الذي وصفته الوكالة بأنه مقرب من دوائر القرار في العاصمة العراقية، إن قائد «فيلق القدس» في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني «موجود في بغداد للدفع باتجاه ترشيح إحدى الشخصيات لخلافة عبد المهدي». وأشار المصدر نفسه إلى أن «مسؤول ملف العراق في حزب الله اللبناني الشيخ محمد كوثراني، يلعب أيضاً دوراً كبيراً في مسألة إقناع القوى السياسية من شيعة وسنّة في هذا الاتجاه».
كما شدد ممثل السيستاني في خطبة الجمعة على عدم زج اسمه في التظاهرات أو رفع صوره فيها، في إشارة إلى قيام فصائل مسلحة بتنظيم تظاهرة أول من أمس الخميس في ساحة التحرير ببغداد رفع المشاركون خلالها صور السيستاني وهتفوا باسمه. وقال الكربلائي في كلمته باسم السيستاني: «نعيد الإشارة إلى ما سبق أن أكّدت عليه المرجعية الدينية من أنها لجميع العراقيين بلا اختلاف بين انتماءاتهم وتوجهاتهم، وتعمل على تأمين مصالحهم العامة ما وسعها ذلك، ولا ينبغي أن يستخدم عنوانها من قبل أي من المجاميع المشاركة في التظاهرات المطالبة بالإصلاح لئلا تُحسب على جمعٍ دون جمع».
وشدد ممثل المرجعية أيضاً على أهمية أن يبقى الحراك الشعبي «وسيلة فاعلة للضغط على من بيدهم السلطة لإفساح المجال لإجراء إصلاحات حقيقية في إدارة البلد، ولكن الشرط الأساس لذلك هو عدم انجراره إلى أعمال العنف والفوضى والتخريب، فإنه بالإضافة إلى عدم مسوغ هذه الأعمال شرعاً وقانوناً ستكون لها ارتدادات عكسية على الحركة الإصلاحية ويؤدي إلى انحسار التضامن معها شيئا فشيئاً، رغم كل الدماء الغالية التي أريقت في سبيل تحقيق أهدافها المشروعة. فلا بد من التنبه إلى ذلك والحذر من منح الذريعة لمن لا يريدون الإصلاح بأن يمانعوا من تحقيقه من هذه الجهة».
وحول ما إذا كان بإمكان رئيس الجمهورية ترشيح رئيس وزراء جديد خلال ما تبقى من المهلة الدستورية، يقول شروان الوائلي، مستشار الرئيس العراقي، في تصريح إلى «الشرق الأوسط» إن «الحوارات والمشاورات جارية لبلورة رؤية لاختيار رئيس الوزراء المقبل ضمن المواصفات التي لا بد من توافرها بالبديل»، مضيفاً أنه «برغم صعوبة المشاورات تذهب المؤشرات في اتجاه عدم تخطي المهلة الدستورية حيث يجري الآن تداول أسماء عدة لشغل المنصب». وأوضح الوائلي أن «الجدل الدائر حالياً هو بين المواصفات والأسماء، ففيما المطلوب تحديد المواصفات المطلوبة سواء فيما دعت إليه المرجعية في خطبها السابقة وهي الحزم والشجاعة والقوة، أو من خلال ما يتبلور من رؤى داخل المطبخ السياسي، لكن هناك مراوحة بين الأشخاص وبين المواصفات».
إلى ذلك، صوّت البرلمان العراقي، في ساعة متقدمة مساء الخميس، على قانون المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، كما يتوقع أن يصوّت على قانون جديد للانتخابات خلال أقل من أسبوع. وفي مؤتمر صحافي أعقب التصويت على القانون، أعلن رئيس مجلس النواب العراقي محمد الحلبوسي «حل مجلس المفوضين الحالي ونقل كل المديرين العاملين خارج المفوضية العليا المستقلة للانتخابات على أن يتم اختيار أربعة مديرين عامين والبقية بدرجة مديري أقسام من خارج ملاك المفوضية الحالي». وأضاف: «كما تم إعفاء رؤساء الأقسام والشعب في المفوضية الحالية من مهام أعمالهم لإعطاء ضمانة أكثر لهذه المؤسسة وأن يكون هناك عمل مستقل بشكل واضح».
وتابع الحلبوسي أن «هذا القانون من القوانين الإصلاحية المهمة، ولن يكون القانون الأخير. القوى السياسية تجتمع الآن بشكل مستمر لإقرار قانون الانتخابات في مجلس النواب العراقي». وزاد أن «أعضاء مفوضية الانتخابات الجديدة سيكونون من القضاة وسيختارون وفق القرعة».
وفي هذا السياق، قال مقداد الشريفي المدير السابق للدائرة الانتخابية في مفوضية الانتخابات لـ«الشرق الأوسط» إن القانون الذي أقره البرلمان جيّد بحد ذاته لكن المجلس الجديد سيحتاج وقتاً لتشكيله. وأوضح أن «من سيتم اختيارهم من أعضاء المجلس بالقرعة وإن كانوا مستقلين لكنهم لا يمتلكون الخبرة الكافية لإدارة الانتخابات، وبالتالي نحتاج إلى وقت أطول». وحول ما إذا كان بالإمكان الذهاب إلى انتخابات مبكرة طبقاً للدعوات الحالية، قال الشريفي إن «من الصعب الذهاب إلى انتخابات مبكرة خلال 6 شهور مثلاً. نحتاج إلى سنة ونصف وربما سنتين لإجرائها وبدعم من الأمم المتحدة، حيث إنه تم استبعاد المديرين العامين الحاليين ومعاونيهم والأقسام، وبالتالي لا بد من بدائل لهؤلاء، وهذا أمر ليس بالهيّن».



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.