«داعش» يحاصر بلدة استراتيجية غرب بغداد

التحالف الدولي يضربه بعملية «الإرادة المتأصلة»

«داعش» يحاصر بلدة استراتيجية غرب بغداد
TT

«داعش» يحاصر بلدة استراتيجية غرب بغداد

«داعش» يحاصر بلدة استراتيجية غرب بغداد

بعد لقائه بكبار القادة العسكريين من دول التحالف مساء أول من أمس لمناقشة الاستراتيجية العسكرية ضد تنظيم «داعش»، عقد الرئيس أوباما مؤتمرا عبر دائرة تلفزيونية مع قادة بريطانيا وفرنسا وألمانيا صباح أمس لمناقشة جهود دول التحالف لمكافحة «داعش». وتسربت أنباء حول اتجاه إدارة أوباما للاستعادة بالحلفاء الأوروبيين لإعادة بناء الجيش العراقي وتدريب القوات العراقية لتتولي مواجهة مسلحي تنظيم داعش.
وبعد يوم من اجتماع أوباما برؤساء هيئات أركان الجيوش المشاركة في التحالف ضد «داعش»، أعلن البنتاغون عن تسمية الحملة العسكرية التي تقودها الولايات المتحدة باسم «الإرادة المتأصلة» بعد أكثر من شهرين على بداية الحملة الجوية ضد التنظيم.
وقد واجه مسؤولي البنتاغون تساؤلات صحافية متكررة حول تسمية الحملة العسكرية ضد «داعش»، وأثيرت تساؤلات حول الأسباب وراء عدم قيام الإدارة الأميركية بتسمية المهمة العسكرية. وأعلن العقيد أد توماس، المتحدث باسم الجنرال مارتن ديمبسي رئيس هيئة الأركان المشتركة صباح أمس إطلاق هذا الاسم الجديد على العمليات العسكرية ضد «داعش».
ويعد اسم «الإرادة المتأصلة» أقل درامية من الأسماء التي اعتاد البنتاغون اطلاقها على العمليات العسكرية السابقة مثل «درع الصحراء» و«عاصفة الصحراء» و«الحرية المستمرة».
وعَدِّ مسؤولون بالقيادة المركزية الأميركية أن اسم «الإرادة المتأصلة» يعكس عزما لا يتزعزع والتزاما عميقا من الولايات المتحدة والدول الشريكة في المنطقة وحول العالم للقضاء على تنظيم داعش والقضاء على التهديد الذي يمثله هذا التنظيم الإرهابي. وأضاف مسؤولو مركز القيادة المركزية الأميركية أن الاسم يرمز أيضا إلى رغبة وتفاني أعضاء التحالف للعمل بشكل وثيق مع الدول الصديقة في المنطقة واستخدام كل المستويات المتاحة دبلوماسيا وإعلاميا وعسكريا واقتصاديا في ملاحقة وتدمير «داعش» في نهاية المطاف.
ومن جانب آخر، أشارت مجلة «فورين بوليسي» إلى أن المحادثات التي تعقدها الإدارة مع الحلفاء الأوروبيين تدور حول توفير مدربين العسكريين من الولايات المتحدة والدول الأوروبية للقيام بمهام تدريب وتعزيز قدرات الجيش العراقي بشكل موسع.
وأشارت المجلة إلى أن الإدارة الأميركية ترى أن مهام تدريب القوات العراقية تتطلب ما لا يقل عن ألف مدرب عسكري وتسعى لتوفير هؤلاء المدربين العسكريين من الولايات المتحدة بريطانيا وفرنسا وألمانيا وأستراليا.
وتستهدف الخطة الأميركية إلى إعادة تشكيل قوات الحرس الوطني العراقي وتأهيل ثلاثة ألوية يصل عدد الجنود في كل لواء إلى 15 ألف جندي يتم تجنيدهم من القبائل السنية في محافظة الأنبار وتقوم وزارة الدفاع العراقية بالإشراف على اختيار وتعيين الجنود في وحدات الحرس الوطني. أما تكلفة الخطة الأميركية فتشير المجلة إلى أن بعض الدول العربية قد تساعد في تحمل تكاليف إعادة تدريب القوات العراقية ووحدات الحرس الوطني.
وتفيد التقارير العسكرية أن العراق لديه 50 لواء عسكريا نحو النصف منها (24 لواء) ليس قادرا على القتال ضد تنظيم داعش ويعاني ضعفا في القدرات والإمكانات.
وفي الوقت نفسه، كثفت قوات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة ضرباتها في جميع أنحاء بلدة كوباني على الحدود مع تركيا لدعم القوات الكردية وقال البنتاغون إن قوات التحالف نفذت 21 ضربة جوية خلال اليومين الماضيين مما عرقل تقدم مسلحي تنظيم داعش.
ووصف البيت الأبيض الاستراتيجية ضد «داعش» بأنها ناجحة، حيث قال جوش أرنست المتحدث باسم البيت الأبيض: «هناك أدلة على نجاح الجهود على الرغم من نقص القوات البرية».
وكان أوباما قد التقي كبار المسؤولين العسكريين في أكثر من 20 دولة من دول التحالف مساء الثلاثاء بقاعدة أندروز الجوية. وشارك في الاجتماع سوزان رايس مستشارة الأمن القومي وليزا موناكو مساعد الرئيس لشؤون الأمن الداخلي ومكافحة الإرهاب، ورئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارتن ديمبسي والجنرال لويد أوستن قائد القيادة المركزية الأميركية وتحدث الرئيس الأميركي لمدة عشر دقائق أشار خلالها إلى أنه ليس هناك «حلولا سريعة» في مكافحة تنظيم داعش، مشيرا إلى أن الحملة التي تقودها الولايات المتحدة مع قوات التحالف ستكون «حملة طويلة الأجل» وقد تشهد تقدما وقد تشهد انتكاسات، ولم يشر أوباما إلى أيه تغييرات في استراتيجية الولايات المتحدة تجاه «داعش»، رغم تزايد الضغوط والمخاوف من قدرة تنظيم داعش على السيطرة على مزيد من الأراضي.
وأعرب أوباما عن قلقه العميق من حصار «داعش» لبلدة كوباني الحدودية وسعيهم للسيطرة على محافظة الأنبار في العراق، وأكد أن واشنطن ستواصل غاراتها الجوية ضد «داعش» في محيط مدينة كوباني لمنعه من السيطرة على المدينة. وأشار أوباما إلى بعض «النجاحات» في العراق وتحديدا في أربيل وجبل سنجار واستعادة السيطرة على سد الموصل. وأكد أن تنظيم داعش يشكل تهديدا للدول المجاورة، وفي نهاية المطاف يشكل تهديدا خارج منطقة الشرق الأوسط، إلى الولايات المتحدة وأوروبا وأستراليا.
وقال أوباما: «نحن متحدون في هدف تدمير (داعش) بحيث لا يعد تهديدا للعراق والمنطقة أو المجتمع الدولي». وأضاف: «(داعش) ليس جيشا نظاميا نلحق الهزيمة به في ساحة المعركة ويستسلم في نهاية الأمر وما نكافحه هو سلسلة من التطرف الآيديولوجي التي تأصلت في أجزاء كثيرة من المنطقة ونواجه طائفية وانقسامات سياسية طويلة الأمد في المنطقة وحرمانا اقتصاديا وافتقارا للفرص بين الشباب». وشدد الرئيس الأميركي على أن إلحاق الهزيمة بـ«داعش» لن يتم من خلال حملة عسكرية فقط وإنما من خلال حملة متعددة الأبعاد لمكافحة أفكار آيديولوجية متشددة وقال: «علينا العمل والتوصل لرؤية بديلة لأولئك الذين ينجذبون للقتال داخل العراق وسوريا والتأكد من التزامات رئيس الوزراء العبادي بالتنوع السياسي الذي يترجم إلى تقدم حقيقي وتتطلب منها تعزيز المعارضة المعتدلة داخل سوريا»
وتعهد بمواصلة تقديم المساعدات للمتضررين من السكان وللأردن ولبنان وتركيا الذين وصفهم الرئيس الأميركي بأنهم يتحملون عبئا غير عادي في استضافة اللاجئين.
وأشار مسؤول عسكري إلى أن المشاركين في الاجتماع أجمعوا على المخاطر التي يشكلها تقدم مسلحي تنظيم داعش والمكاسب التي يحققها التنظيم، وأن الضربات الجوية التي تقوم بها قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة ليست بالفاعلية الكافية لوقف تقدم مسلحي «داعش».
وأبدى مسؤولون عسكريون أوروبيون قلقهم من عدم فاعلية الضربات الجوية التي بلغت 487 ضربة جوية حتى الآن. وأشاروا إلى أن نجاح تلك الضربات كان مقصورا فقط في استعادة السيطرة على سد الموصل، لكن تلك الضربات لم تنجح في منع تقدم «داعش» في محافظة الأنبار واحتياج بلدة كوباني. ودار النقاش حول قدرة الضربات الجوية على تحقيق تقدم دون استخدام قوات برية تساندها.
وأبدى بعض المسؤولين العسكريين القلق من موقف الإدارة الأميركية مما يحدث في سوريا وكيفية مواجهة «داعش» في العراق دون معالجة للوضع في سوريا، وطالبوا بموقف واضح حول الرئيس السوري بشار الأسد.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.