لم يلق أول تدابير البنك المركزي الهادفة إلى تهدئة الأسواق ردود فعل إيجابية تذكر في أوساط المدخرين وفي التبادلات اليومية للدولار لدى الصرافين، حيث يتواصل الازدحام في ردهات المصارف، وتواصلت معه المشكلات اليومية في عمليات التحويل والسحب، ترافقا مع ندرة الدولار الورقي (البنكنوت) وزيادة تقنين السيولة بالليرة إلى حدود الاختناق.
وفي استطلاع ميداني أجرته «الشرق الأوسط» شمل عينة من عملاء بنوك متنوعة، أمكن التثبت من وجود مزاج جماعي بعدم الثقة بأي إجراءات حمائية أو تقنية جديدة ما لم تقترن ببدء تخفيف القيود المشددة التي تعتمدها المصارف في تلبية حاجات المدخرين للسيولة، وتوفير ضمانات حسية بشأن سلامة الودائع ضمن سقف واقعي، بدلا من الحد الأقصى الحالي البالغ أقل من 2300 دولار فقط بالأسعار السائدة.
وركز أغلب العملاء على عدم أولوية موضوع الفوائد الذي قاربه البنك المركزي في تعميمه الجديد ضمن حزمة هواجسهم القلقة والمتفشية حاليا. فالمخاطر، بالنسبة لهم، تهدد «مدخرات العمر»، وهي أضحت الملاذ الوحيد لعشرات الآلاف من العاملين في القطاع الخاص الذين ينضمون أفواجا إلى البطالة التامة، ومثلهم من ينتظر بعدما أقدمت أغلب المؤسسات وفي كل قطاعات الإنتاج على خصم 50 في المائة من مستحقات الأجور للشهر الثاني على التوالي. توازيا مع إقفال مئات الشركات التجارية والصناعية والمطاعم وسواها، وصولا حتى إلى محطات التلفزة التي صرفت نصف الرواتب فقط للعاملين لديها.
واعتبرت مصادر مصرفية متابعة أن «البدء بإعادة هيكلة منظومة الفوائد السارية على المحافظ الاستثمارية والودائع في الجهاز المصرفي - وعكسها لاحقا على محافظ التمويل والتسليفات - يمكن أن يسهم في تهدئة العمليات بين المركزي والجهاز المصرفي وفي إعادة هيكلة كلفة الودائع لدى المصارف. لكنه لا يحقق في الظروف الحالية مساهمة فعلية - ولو جزئية - في تهدئة الأسواق أو تضييق الفجوة بين الأسعار الواقعية للدولار لدى الصرافين وأسواق الاستهلاك التي تتجاوز 2200 ليرة لكل دولار، وبين السعر الرسمي المضغوط عند 1507 ليرات... وهو غير المتوفر –بالأساس - إلا بكميات محدودة ومشروطة بتعقيدات تثير غضب المتعاملين مع البنوك».
وأكدت المصادر أن «المتعاملين ينشدون الاطمئنان إلى أموالهم. وباتوا غير مبالين بأي إجراءات ذات طابع تقني أو تنظيمي إذا لم تسمح لهم بحيازة السيولة التي تستحق لهم، وحتى ضمن التقنين المعتمد. كذلك من الضروري ملاحظة مقدار الشكوك العالية التي تستتبع مجمل التصريحات الصادرة عن المسؤولين، وبما يشمل الموضوعات المالية والنقدية، وخصوصا بعد التيقن من عدم صدقية التطمينات السابقة التي جزمت بعدم وضع أي قيود على السحوبات بالعملة الوطنية وتقييدها جزئيا بالدولار. إذ أن التعاملات تزيد تعقيدا، وتقنين السيولة تدنى إلى مليون ليرة أسبوعيا في بعض المصارف. كما تم منع التحويلات إلى الخارج بشكل مطلق تقريبا، بخلاف توجيهات معلنة بإتاحتها وفقا لتحركات العميل السابقة، وتحت بند الضرورات العائلية والاستشفائية والدراسية وسواها، والتي انضمت إلى المحظور أو التعقيد الشديد».
وبالفعل، فإن الانعكاسات الأولى للتعميم الجديد من شأنها خفض الأعباء على ميزانية البنك المركزي أولا، وبدرجة أقل على ميزانيات المصارف. على أمل أن تساهم لاحقا في إعادة التوازن النسبي إلى السوق المالية المحلية. فهو يقضي بأن «يقوم مصرف لبنان استثنائياً، بدفع الفوائد على الودائع لآجل بالدولار الأميركي المودعة لديه، من المصارف العاملة في لبنان بنسبة 50 في المائة بالدولار و50 في المائة بالليرة اللبنانية. كما يقوم مصرف لبنان استثنائياً بدفع فوائد شهادات الإيداع بالدولار، المصدرة منه، التي تملكها المصارف العاملة في لبنان بنسبة 50 في المائة بالدولار و50 في المائة بالليرة..... وأيضا، على المصارف العاملة التقيد بالحد الأقصى لمعدل الفائدة الدائنة على الودائع، التي تتلقاها أو تقوم بتجديدها اعتبارا من اليوم (الأمس)، بنسبة 5 في المائة على الودائع بالعملات الأجنبية (دولار أو غيره من العملات الأجنبية)، وبنسبة 8.5 في المائة على الودائع بالليرة اللبنانية. وتسديد العوائد المستحقة على الودائع بالعملات الأجنبية مناصفة بين الليرة والدولار».
لبنان: عملاء البنوك يشككون في تدابير {المركزي}... وقلقون على سلامة مدخراتهم
إعادة هيكلة وخفض لعوائد الشهادات والودائع المصرفية
لبنان: عملاء البنوك يشككون في تدابير {المركزي}... وقلقون على سلامة مدخراتهم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة