المشكلة تكمن في أننا غير معتادين على ذلك. ربما يكون تغيير المدرب أمراً روتينياً لمشجعي الأندية الأخرى، لكن الأمر ليس كذلك فيما يخص جماهير آرسنال. عندما يتعلق الأمر بالتغييرات على المستويات العليا من الهيكل الهرمي لكرة القدم، نبدو نحن أشبه بالمكافئ الكروي لروسيا البيضاء، التي كانت المرة الأخيرة التي رحب مواطنوها برئيس جديد عام 1994، وينبغي للجميع أن يتذكر أن هذا ثاني انتقال لمدرب جديد في مسيرة النادي منذ عام 1996، أي عصر لم يكن أحد يملك فيه هاتفاً جوالاً وكان فريق «سبايس غيرلز» ما يزال يافعاً.
وعليه، فإن هذا موقف جديد علينا نحن أبناء آرسنال، ولا ندري تحديداً كيف يتعين علينا التعامل معه - فهل ينبغي لنا الشعور بالبهجة لأن الرجل الذي ظللنا نطالب لأسابيع، إن لم يكون شهوراً، برحيله رحل بالفعل أخيراً عن النادي؟ هل هذا ما يتعين فعله في مثل هذه المواقف؟ اللافت أنه عندما رحل آرسين فينغر عام 2018، لم يكن الوضع على هذا النحو، وإنما كان مختلفاً. حينذاك، أحنينا رؤوسنا وقدمنا له وداعاً مهيباً تسوده مشاعر الامتنان والشعور بالذنب، وعجزنا حينها عن تصديق أن حقبة طويلة كانت رائعة في وقت ما، بلغت نهايتها بالفعل.
إلا أن أياً من هذه الأمور لم يكن حاضراً في وداع أوناي إيمري، الذي لم يفز بشيء ولم يترك وراءه إرثاً حقيقياً، ما يعني أنه ليس هناك الكثير من الجماهير تشعر بالذنب تجاه مطالبتها برحيله. على العكس، لقد توقعوا حدوث ذلك. وعندما أقول: «توقعوا»، لا أعني أنهم توقعوا الأمر بمجرد نفاد دفقة الحظ التي تمتع بها إيمري في بداية عمله. وإنما أعني أن هذا التوقع راودهم بمجرد الإعلان عن رحيل فينغر، وقبل حتى الإعلان عن اسم المدرب الجديد الذي سيحل محله.
وكما ترون، فإن الكثير من جماهير آرسنال افترضت دوماً أن مصيرنا المحتوم يكمن في تكرار تجربة مانشستر يونايتد: مدرب أسطوري يرحل، وسلسلة من المدربين الأقل شأناً يحاولون ملء مكانه ويخفقون. وكان هناك افتراض قدري بأن إيمري سيكون نسختنا من ديفيد مويز، وأن الأمر لا يعدو مسألة وقت. وعندما أخفق آرسنال نهاية الموسم الماضي في احتلال واحد من المراكز الأربعة الأولى ببطولة الدوري الممتاز، بعد أن حصل على سبع نقاط فقط من آخر سبع مباريات له، ثم تعرض للهزيمة أمام تشيلسي في نهائي بطولة دوري أوروبا، الأمر الذي أعاق عودتنا إلى بطولة دوري أبطال أوروبا، بدا مصير إيمري محتوماً: إنه مويز بلكنة إسبانية. ومنذ تلك النقطة، وقفت الجماهير في انتظار إدراك الإدارة وملاك النادي لهذا الواقع.
بالتأكيد لم يكن جميع مشجعي آرسنال على هذا القدر الكبير من التشاؤم، فقد مثلت الصفقات الجديدة التي أبرمها النادي في الصيف - وعلى رأسها ضم نيكولاس بيبي مقابل 72 مليون جنيه إسترليني - بارقة أمل. والمؤكد كذلك أن غالبية المشجعين كانوا على استعداد لمنح إيمري فرصة ثانية. ومن بين المؤشرات التي توحي بذلك ردود الأفعال تجاه قرار إيمري بتهميش مسعود أوزيل، الذي يعتبر صفقة قياسية في تاريخ النادي. لم يثر القرار ثورة غضب جماهيري، وإنما بدا الكثير من المشجعين، إن لم يكن معظمهم، على استعداد للتفكير في أن المدرب يعي بالتأكيد ما يفعله، وبالتالي يجب الثقة في قراراته. إلا أن المشكلة كانت أنه لم يكن واضحاً قط أن إيمري بالفعل يعي ما يفعله، خاصة أن خطة اللعب واختيار اللاعبين والتكتيكات بدت مفتقرة إلى خطة أو رؤية متناغمة.
اليوم، ثمة جدال محموم دائر حول بديل إيمري الدائم، لكن في الوقت الراهن من الطبيعي أن يحصل المدرب المؤقت على استقبال لطيف. ومن المقرر أن يبدأ اللاعب المحبوب السابق فريدريك ليونغبرغ مهمته الجديد مع توافر قدر هائل من حسن النية، وذلك بفضل تاريخه وشخصيته، وكذلك بفضل الرغبة العارمة لدى الجماهير في شروع الفريق في بداية جديدة. الحقيقة أنه لم يكن هناك إطلاقاً شك في وجود مهارات حقيقية في صفوف اللاعبين الحاليين. في الواقع، جزء من مشاعر الإحباط المرتبطة بإيمري تتعلق بعجزه عن إدارة المهارات رفيعة المستوى المتاحة لديه في الفريق. والآن، نأمل في أن يجري بث طاقة جديدة في صفوف الفريق، مع تنافس اللاعبين لجذب اهتمام المدرب الجديد، حتى وإن كان مؤقتاً. وعلى الجميع أن يتذكر دوماً أننا جماهير آرسنال نمر بتجربة جديدة علينا تماماً مع استقبالنا مدرب جديد.
أوناي إيمري يتحول إلى نسخة جديدة من ديفيد مويز
تجربة مانشستر يونايتد تتكرر: مدرب أسطوري يرحل وآخرون يحاولون ملء مكانه ويفشلون
أوناي إيمري يتحول إلى نسخة جديدة من ديفيد مويز
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة