إيران تتوغل في ريف الحسكة قرب حلفاء أميركا

«المرصد» يتحدث عن تجنيد طهران لـ7500 عنصر شمال شرقي سوريا وجنوبها

TT

إيران تتوغل في ريف الحسكة قرب حلفاء أميركا

أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس أن إيران وسعت تغلغلها شرقي الفرات، حيث وصلت إلى ريف الحسكة في إطار محاولاتها تأسيس حاضنة شعبية والحيلولة دون خسارة الطريق الاستراتيجي بين العاصمة الإيرانية والعاصمة اللبنانية «الذي تستخدمه القوات الإيرانية بشكل رئيسي»، مشيرا إلى ارتفاع عدد العناصر المجندين إلى 7500 شخص شرق سوريا وجنوبها، وسط مساع روسية لضبط هذا التغلغل.
وأفاد «المرصد» أمس أنه «مع تطورات الأحداث في سوريا، انشغلت وسائل الإعلام المحلية والدولية بمتابعة تطورات الوضع في الشمال السوري والعملية العسكرية التركية «نبع السلام»، فيما انشغلت إيران بمسعاها إلى تنفيذ مخططاتها داخل سوريا بزيادة عدد الموالين في مناطق سورية عدة».
وواصلت القوات الإيرانية والميليشيات الموالية «عمليات التجنيد السرية لصالحها في الجنوب السوري والضفاف الغربية لنهر الفرات، عبر عرابين تابعين لها أو مواقع جرى تحويلها لمراكز للتجنيد، مثل «سرايا العرين» التابع للواء 313 في شمال درعا، بالإضافة إلى مراكز في منطقة اللجاة ومناطق أخرى بريف درعا ومدينة الميادين وباديتها وضواحيها ومنطقة البوكمال وغيرها بريف دير الزور غرب نهر الفرات»، بحسب «المرصد السوري».
وقال إن «عمليات التجنيد تجري مقابل السخاء المادي واللعب المتواصل على الوتر الطائفي»، حيث أكدت مصادر تزايد أعداد المتطوعين في الجنوب السوري إلى أكثر من 4620 متطوعا، فيما ارتفع عدد الشبان والرجال السوريين من أعمار مختلفة ممن جرى تجنيدهم في صفوف القوات الإيرانية والميليشيات التابعة لها إلى نحو 2870. ضمن منطقة غرب نهر الفرات في ريف دير الزور، إذ تعمد الميليشيات الإيرانية لتكثيف عمليات التجنيد، تزامنا مع انشغال الجانب الروسي بالعمليات العسكرية والاتفاقات الأخيرة مع تركيا فيما يتعلق بشمال سوريا.
وأوضح أنه في بلدة داعل في محافظة درعا، عمدت القوات الإيرانية والميليشيات الموالية إلى تجنيد شباب عبر مركز في البلدة «حيث تجري تلك العمليات مقابل 200 دولار شهريا».
وفي الميادين شرقي سوريا، قالت مصادر إن «القوات الإيرانية والميليشيات الموالية لها قامت بتسليم رواتب المنتسبين لها، مبلغ 85 ألف ليرة بالعملة السورية، أي أقل من 100 دولار، في حين كانت تسلم عناصرها مبلغ 150 دولارا بالعملة الأميركية، ما يعني أنه جرى تخفيض رواتب العناصر أكثر من 50 دولارا».
وأشار إلى أن «التخفيضات التي أدخلتها القوات الإيرانية على رواتب المتطوعين في صفوفها، دفعت عناصر من أبناء المنطقة متطوعين في صفوف الحرس الثوري الإيراني بمدينة «الميادين»، إلى ارتكاب عمليات سرقة ليلا لبعض المحال التجارية بعد أن يغلقها أصحابها في مدينة الميادين بريف دير الزور الشرقي».
ويعد الجنوب السوري والميادين وريف دير الزور، وصل النفوذ الإيراني إلى محافظة الحسكة حيث سيطرت قوات سوريا الديمقراطية. وبحسب مصادر موثوقة، «أبلغت روسيا قيادة قوات سوريا الديمقراطية بضرورة إيجاد حل لإيقاف تمدد الإيرانيين في الحسكة ومناطق سيطرتها».
وكان «المرصد السوري» نشر في 15 يوليو (تموز) الماضي، أن عشرات من «الدفاع الوطني» في الميادين انضموا إلى القوات الإيرانية الموجودة هناك، حيث انشق نحو 50 عنصراً وانضموا إلى صفوف القوات الإيرانية مبررين تحركاتهم بـ«عدم الحصول على مستحقاتهم الشهرية منذ 5 أشهر، بينما القوات الإيرانية لا تبخل على مقاتليها برواتب شهرية تبلغ 150 دولارا، بالإضافة إلى سلال غذائية وخدمات طبية». وقالت مصادر موثوقة: «قيادة الدفاع الوطني تقدمت بطلب رسمي للقوات الإيرانية بغية استرجاع العناصر الـ50، وهو ما رفضته الميليشيات الإيرانية التي اعتبرت العناصر أنهم باتوا جزءاً من ترسانتها في دير الزور».
وفي البادية السورية وبعد تلاشي «داعش» بمنطقة الباغوز وشرق الفرات، فإن عمليات الفرار من جيب التنظيم الكبير ضمن البادية السورية لا تزال متواصلة، حيث رصد «المرصد السوري» فرار عناصر من التنظيم من تلك المنطقة من خلال عمليات تهريب ينظمها عناصر من الميليشيات الموالية لإيران والنظام لإيصالهم لتخوم محافظة إدلب ومناطق سيطرة الفصائل وهيئة تحرير الشام، مقابل مبلغ مالي قدره 1500 دولار للشخص الواحد. وأكدت مصادر موثوقة أن «عمليات التهريب تتم من خلال نقل عناصر التنظيم وعوائلهم على متن سيارات عسكرية، وبطرق مختلفة للوصول إلى المعابر بمناطق التماس مع المناطق الخارجة عن سيطرة النظام في إدلب.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.