توقع مراقبون في الجزائر استهدافاً مركّزاً لمرشح «الرئاسية»، المقررة الخميس المقبل، عبد المجيد تبون، من خلال استدعاء نجله للمحكمة أمس، وهو مسجون منذ عامين بناء على تهمة فساد، على صلة ببارون مخدرات مسجون أيضاً.
وتواصلت أمس محاكمة رجال الحكم في عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة لليوم الثاني، وسط ذهول قطاع واسع من الجزائريين، قياساً إلى حجم الأموال التي تم تحويلها لفائدة رجال أعمال، والتي كشف عنها المتهمون أثناء إجاباتهم على أسئلة القاضي.
وقال مصدر قضائي لـ«الشرق الأوسط» إن قاضي التحقيق بمحكمة ابتدائية بالعاصمة استمع للمرة الثالثة لخالد تبون، منذ إيداعه الحبس الاحتياطي في قضية فساد تخص عقارات ذات قيمة عالية، تعود للملياردير كمال شيخي، الذي سجن في مايو (أيار) 2017 بعد حجز سفينة تابعة له، والتي عثر حرس الحدود بداخلها على 7 قناطير من الكوكايين، بينما كان معلناً أنها تحمل لحوماً حمراء مستوردة من البرازيل، وموجهة لثكنات الجيش.
وبعد تعميق التحقيق في القضية، تم اكتشاف تلاعبات وممارسات فساد في العقار، وأن نجل تبون ساعد شيخي في الحصول على تراخيص بناء عمارات في مواقع بالعاصمة والمدن الكبيرة، وذلك بفضل والده تبون، حينما كان وزيراً للبناء والتعمير، قبل أن يعيَن رئيساً للوزراء في يونيو (حزيران) 2017.
ويحمل توقيت استدعاء خالد تبون من طرف القضاء، تساؤلات كثيرة حول مصير والده في انتخابات الرئاسة. فالحملة الانتخابية توشك على نهايتها، وتبون مقبل على مناظرة تلفزيونية ستجمعه اليوم (الجمعة) مساء مع منافسيه الأربعة، ولا شك أن إعادة قضية ابنه وتهمة الفساد التي تلاحقه إلى الواجهة ستؤثر بحسب مراقبين على سمعته، وبالتالي على توجهات الناخبين. ويرجح أن جهة في السلطة اختارت ضرب تبون في هذا الظرف بالتحديد، وذلك بتنظيم جلسة تحقيق قضائي جديدة مع ابنه، وباختيار نفس اليوم الذي يحاكم فيه رجال بوتفليقة، وفي نفس المحكمة أيضاً.
وكان تبون اشتكى في تصريحات للإعلام من «ظلم لحقني عن طريق سجن ابني»، نافياً بشدة أي دور له في العقارات الكثيرة والكبيرة التي بناها شيخي، المدعو «البوشي» (تاجر لحوم). وبعد إعلان ترشحه للرئاسة، سئل المرشح تبون إن كان سيأمر بإنهاء سجن ابنه إن أصبح رئيساً، فأجاب بأنه «لن يتدخل في شؤون القضاء في هذا الملف، مهما كانت الظروف». وبدا متأكداً من «براءة» نجله.
ويعد تبون من أبرز المترشحين لخلافة بوتفليقة، وقد أشيع أنه «مدلل الجيش ومرشحه للاستحقاق الرئاسي»، لكنه نفى ذلك في تصريحات لوسائل إعلام محلية وأجنبية، وعدّ نفسه «مرشح الشعب».
وتواصلت أمس لليوم الثاني محاكمة رئيسي الوزراء سابقاً عبد المالك سلال وأحمد أويحيى، وعدة وزراء ورجال أعمال وكوادر بوزارات في قضيتي «تركيب السيارات»، و«التمويل الخفي لحملة الولاية الخامسة لبوتفليقة»، التي أسقطها الحراك في فبراير (شباط) الماضي.
وتابع الجزائريون خلال اليومين الماضيين، بذهول وسخط كبيرين، تصريحات المتهمين بشأن آلاف المليارات من الأموال الجزائرية، التي كانت من نصيب رجال الأعمال، في شكل إعفاءات من دفع الضريبة وتسهيلات وامتيازات، كانت الخزانة العمومية ضحية لها. إضافة إلى المليارات التي خصصها نفس رجال الأعمال كدعاية ضخمة لفترة رئاسية جديدة، كان يريدها بوتفليقة وشقيقه السعيد، الذي يقضي حالياً عقوبة 15 سنة سجناً.
كما كشف البثّ المباشر للمحاكمة على شاشات وضعتها المحكمة خارج قاعة الجلسات، والتي كانت التلفزيونات الخاصة تنقل عنها، دور أبناء كبار المسؤولين في الصفقات والمشروعات، التي منحت لرجال الأعمال المقربين منهم، وخاصة نجلي سلال وأويحيى اللذين كانا شريكين لمالكي مؤسستين لتركيب سيارات أجنبية. ولم يكن ذلك ممكناً، بحسب ما جاء في أسئلة القاضي للمتهمين، لولا دور والديهما في الثراء الفاحش لرجال الأعمال.
وقال أويحيى بخصوص ابنه إنه أسس شركة بفضل تدابير حكومية لتشجيع المستثمرين الشباب، وأكد أنه «لم يأخذ فلساً من المال العام، ولم أستغل منصبي الحكومي لفائدته». كما نفى أن تكون زوجته مالكة شركة بعكس ما جاء في التحقيقات.
أما سلال فقال إن ابنه دخل شريكاً في مؤسسة تعود لملياردير مسجون، «بفضل خبرة اكتسبها في الخارج بعد تخرجه من جامعة أجنبية». لكن القاضي لم يقتنع بكلام سلال وأويحيى.
وتعد هذه المرة الأولى التي تجري فيها محاكمة مسؤولين سياسيين كبار منذ استقلال البلد في 1962.
الجزائر: محاكمة رجال بوتفليقة تكشف أسراراً حول «تلاعب بالمال العام»
القضاء يستجوب نجل مرشح لـ«الرئاسية» في قضايا فساد
الجزائر: محاكمة رجال بوتفليقة تكشف أسراراً حول «تلاعب بالمال العام»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة