«الوفاق» الليبية تسعى لعدم تعليق تمثيلها في الجامعة العربية

مجلس النواب طالب بسحب عضويتها بعد توقيعها مذكرة تفاهم مع تركيا

TT

«الوفاق» الليبية تسعى لعدم تعليق تمثيلها في الجامعة العربية

واصلت حكومة الوفاق، برئاسة فائز السراج في العاصمة الليبية طرابلس، سعيها لإقناع الدول الأعضاء في الجامعة العربية بعدم تعليق تمثيلها لعضوية ليبيا، استجابة لتحرك قام به مجلس النواب الليبي، المدعوم من الجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر، إثر توقيعها مذكرة تفاهم مع أنقرة. وفي غضون ذلك، تجاهل السراج اقتحام مسلحين لمقر حكومته ووزارة المالية أول من أمس، وترأس في المقابل اجتماعاً لحكومته، قدم فيه آخر المستجدات، ونتائج جولته الخارجية.
وبحسب بيان للسراج، فقد ناقش اللقاء تطوير الآليات التي تمكن من التوفير المستمر لمتطلبات المعركة وعلاج الجرحى، وتأمين احتياجات النازحين جراء العدوان على العاصمة، كما ناقش تحديد أولويات العمل خلال الفترة القادمة.
وكان السراج قد ترأس اجتماعاً لمجلس أمناء المؤسسة الليبية للاستثمار، بحضور محافظ مصرف ليبيا المركزي، ووزراء التخطيط والمالية والاقتصاد، لمناقشة تقرير نشاط المؤسسة لعام 2019، ومراجعة القوائم المالية، ومتابعة أداء المؤسسة في إطار نظام العقوبات وقوانين التجميد.
من جانبه، واصل محمد سيالة، وزير الخارجية بحكومة السراج، أمس، جهوده الدبلوماسية في محاولة لإقناع الدول العربية بعدم الاستجابة لطلب مجلس النواب الليبي، بتعليق عضوية حكومة السراج في الجامعة العربية. كما أجرى سلسلة اتصالات هاتفية، شملت وزراء خارجية الأردن، وسلطنة عُمان، وموريتانيا، بالإضافة إلى نائب وزير خارجية الكويت، لتحذيرهم من محاولات بعض الدول المساس بشرعية حكومته، باعتبارها الحكومة الشرعية، وفق ما نص عليه الاتفاق السياسي الموقع في مدينة الصخيرات المغربية، الذي تم اعتماده في مجلس الأمن الدولي؛ داعياً إلى ضرورة اتخاذ موقف عربي موحد لوقف العدوان على طرابلس، وإيجاد مقاربة لحل يعيد العملية السياسية من جديد، وفق الضوابط التي أشار إليها السراج في مبادرته التي أطلقها خلال يوليو (تموز) الماضي، بالإضافة إلى الجهود الدولية والتحضيرات الجارية لعقد مؤتمر برلين لحل الأزمة الليبية. كما دافع عن اتفاق حكومته مع الحكومة التركية، وقال إنه «لا يمس أي مصالح أو سيادة أي دولة أخرى».
ونقل سيالة عن وزيري الخارجية العماني والموريتاني دعمهما لحكومة السراج، بينما اعتبر سيالة أن أي محاولة للمساس بشرعية هذه الحكومة «ستكون نتائجها سلبية ووخيمة على الوضع الليبي».
وكان المستشار عقيلة صالح عيسى، رئيس البرلمان الليبي، قد طالب أخيراً الأمم المتحدة، والجامعة العربية، بعدم الاعتراف بمذكرة التفاهم التي أبرمها السراج مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الأسبوع الماضي، والتي تضمنت التعاون وترسيم الحدود البحرية بين الدولتين.
ميدانياً، قرر القائد العام لقوات الجيش الوطني، منح جميع ضحايا الجيش الذين شاركوا في ثورة الكرامة، وسام الشهيد، على أن تمنح أسرهم مكافأة مالية قدرها مائة ألف دينار ليبي. وتحدث المركز الإعلامي لغرفة عمليات الكرامة، التابع للجيش الوطني، عن عملية نوعية من سرية شهداء طرابلس داخل العاصمة طرابلس، وبالتحديد بالقرب من وزارة الداخلية، تم خلالها تدمير سيارة مسلحة، تابعة لميليشيات غنيوة الككلي، أحد أمراء الحرب في العاصمة طرابلس.
بدورها، اتهمت عملية «بركان الغضب»، التي تشنها الميليشيات الموالية لحكومة السراج، قوات الجيش باستهداف سيارتي إسعاف تابعتين لمركز الطب الميداني والدعم جنوب طرابلس، خلال قيام الفريق الطبي بإسعاف الجرحى.
إلى ذلك، أعلنت المؤسسة الوطنية للنفط، الموالية لحكومة السراج، أمس، عن توقف الإنتاج في حقل الفيل النفطي، الواقع في جنوب غربي البلاد، وذلك بسبب ما وصفته بـ«إغلاق غير قانوني لأحد الصمامات الموجودة على خط أنابيب التصدير، الممتد من حقل الفيل النفطي إلى مليتة».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.