ملك المغرب لم يلتق بومبيو... وأوساط تتحدث عن قدومه للرباط بـ«أجندة ضغط»

وزير الخارجية الأميركي طالب بإقامة علاقات مع إسرائيل بمستوى عام 1994

ناصر بوريطة وزير الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج خلال لقاء نظيره الأميركي مايك بومبيو في الرباط أمس (أ.ف.ب)
ناصر بوريطة وزير الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج خلال لقاء نظيره الأميركي مايك بومبيو في الرباط أمس (أ.ف.ب)
TT

ملك المغرب لم يلتق بومبيو... وأوساط تتحدث عن قدومه للرباط بـ«أجندة ضغط»

ناصر بوريطة وزير الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج خلال لقاء نظيره الأميركي مايك بومبيو في الرباط أمس (أ.ف.ب)
ناصر بوريطة وزير الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج خلال لقاء نظيره الأميركي مايك بومبيو في الرباط أمس (أ.ف.ب)

علمت «الشرق الأوسط» أن اللقاء، الذي كان منتظرا أن يجمع العاهل المغربي الملك محمد السادس بوزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، لم يتم.
وقالت أوساط دبلوماسية غربية في الرباط لـ«الشرق الأوسط» إن أسباب إلغاء استقبال العاهل المغربي لبومبيو تعود إلى كون رئيس الدبلوماسية الأميركية جاء إلى الرباط بـ«أجندة ضغط» لجهة فرض إقامة التطبيع بين المغرب وإسرائيل، ولم يصدر عن الخارجية المغربية أي توضيح بخصوص عدم الاستقبال.
وحسب معلومات «الشرق الأوسط» فإن بومبيو جاء حاملا في جعبته طلبا للمغرب بإقامة علاقات مع إسرائيل بمستوى العلاقات نفسه، التي أقامها معها عام 1994، حينما فتحت تل أبيب في الرباط مكتبا للاتصال، والشيء نفسه قامت به الرباط حينما فتحت مكتبا للاتصال في تل أبيب. وترى الرباط أن الوضع في عام 1994 يختلف كليا عن الوضع في 2019.
ونظر المغرب بريبة شديدة إلى اللقاء، الذي أجراه بومبيو مع بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي الأربعاء في العاصمة البرتغالية لشبونة، قبيل قدومه إلى الرباط. وتعتبر الولايات المتحدة المغرب شريكا في تحقيق أهدافها في المنطقة، بما في ذلك تطبيع العلاقات مع إسرائيل، بحسب ما قال مسؤولون في الخارجية الأميركية نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.
وأجرى بومبيو، أمس، في الرباط لقاء مع رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، بحضور وزير الدولة المكلف حقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان، مصطفى الرميد، والقائم بأعمال سفارة الولايات المتحدة بالرباط، ديفيد غرين. كما أجرى لقاء مع نظيره المغربي وزير الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، ومع عبداللطيف الحموشي المدير العام للأمن الوطني والمدير العام للمخابرات الداخلية.
في غضون ذلك، قال وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج في تصريح وزع على الصحافيين، إن وزير الخارجية الأميركي يقوم بزيارة عمل إلى المغرب «في إطار تعزيز العلاقات القوية والتاريخية والمتجددة، التي تربط بلدينا الصديقين والشريكين»، مشيرا إلى أن هذه الزيارة «تكتسي طابعا متميزا على أكثر من مستوى. فهي الزيارة الأولى له إلى المغرب وإلى منطقتنا كوزير لخارجية أميركا».
وقال بوريطة أيضا إن زيارة بومبيو للرباط تؤكد الدينامية الإيجابية التي تعرفها العلاقات الثنائية، بإرادة من الملك محمد السادس، مشيرا إلى أن تلك الدينامية الإيجابية أبانتها زيارة كل من جاريد كوشنر وإيفانكا ترمب، المستشارين الخاصين لرئيس الولايات المتحدة.
وأضاف بوريطة أن زيارة بومبيو للرباط «بمثابة تجديد لمتانة العلاقات الاستراتيجية بين المغرب والولايات المتحدة، وتجسد نوعية هذه العلاقات، المترسخة في أسسها والواضحة في معالمها».
وزاد بوريطة قائلا إن العاهل المغربي حرص على تعزيز الشراكات التاريخية للمملكة، في إطار تنفيذ الرؤية الملكية لسياسة خارجية دينامية وفاعلة، مكنت العلاقات المغربية - الأميركية من تحقيق قفزة نوعية في السنوات الأخيرة، وتفعيل آليات التعاون التي أثبتت فاعليتها، وقدرتها على فتح آفاق أرحب للشراكة الثنائية. مذكر بأن إرادة الولايات المتحدة في تعزيز علاقاتها مع المملكة المغربية «تشكل اعترافا بما يميز المغرب تحت قيادة الملك محمد السادس من استقرار ومصداقية وإصلاحات، وهو ما أكده البيان المشترك للدورة الرابعة للحوار الاستراتيجي بين المغرب والولايات المتحدة، الذي حيّا ريادة الملك محمد السادس في إرساء إصلاحات قوية وبعيدة المدى»، وأثنى على دعم ملك المغرب الموصول في قضايا ذات اهتمام مشترك، منها السلام في الشرق الأوسط، والاستقرار والتنمية في أفريقيا، وكذا الأمن والسلم في المنطقة.
وإلى جانب الزخم الذي تعرفه العلاقات على المستوى السياسي، قال بوريطة إن الشراكة بين المغرب والولايات المتحدة استطاعت أيضا أن تحقق تعاونا اقتصاديا وثيقا، حيث تخطى حجم المبادلات التجارية الثنائية عتبة 51 مليار درهم (نحو 5 مليارات دولار)، أي بزيادة قدرها 28 في المائة بالمقارنة مع 2017. موضحا أن الولايات المتحدة هي ثالث مستورد للسلع المغربية، ورابع مورِد للمغرب. كما تأتي الاستثمارات الأميركية في المرتبة السابعة ضمن الاستثمارات الخارجية المباشرة في المغرب، علما بأن نحو 160 شركة أميركية اتخذت من المغرب مقرا لها. إضافة إلى ذلك، فإن المغرب زاره هذه السنة أكثر من 300 ألف سائح أميركي، أي بزيادة قدرها 20 في المائة بالمقارنة مع 2017.
وتأسيسا على هذه المكتسبات، قال بوريطة إن المغرب يعمل وفق رؤية العاهل المغربي مع الولايات المتحدة كشريك وحليف، في إطار تعاون وثيق في العديد من القضايا الثنائية والاستحقاقات الإقليمية والدولية. وفي هذا السياق، ذكر بوريطة أن المغرب سيحتضن الدورة 13 لقمة الأعمال الأميركية - الأفريقية، في يونيو (حزيران) 2020 بمراكش؛ والنسخة 17 لمناورات الأسد الأفريقي 2020 (في النصف الأول من 2020)، وهي الأكبر في أفريقيا مقارنة بما عرفته مناورات السنوات الماضية. كما سيحتضن المغرب اجتماع فريق العمل المعني بمكافحة الإرهاب في إطار مؤتمر وارسو (نهاية بداية شهر مارس (آذار) 2020).
وشكلت زيارة بومبيو للرباط، حسب بوريطة، فرصة للتباحث وتبادل وجهات النظر حول عدد من القضايا الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك، انطلاقا من الدور الريادي للملك محمد السادس على المستوى الأفريقي، ومساهمة المغرب المعترف بها في عدد من القضايا.
وبخصوص الوضع في الساحل، قال بوريطة إنه جرى تسجيل توافق بين وجهات نظر البلدين، مشيرا إلى أن منطقة الساحل تعد منطقة استراتيجية، تستوجب تنسيقا مشتركا على العديد من الأصعدة. وذكر أن المغرب يعتبر أن المقاربات الانفرادية أثبتت عدم فاعليتها، ويدعو إلى تبني مقاربة شاملة وجماعية، قائمة على التنسيق بين بلدان اتحاد المغرب العربي، ودول الساحل والصحراء (سين صاد) (وغرب أفريقيا «سيدياو»).
وتبقى التحديات الأمنية في منطقة الساحل، يضيف بوريطة، مرتبطة في الأساس بتنامي ظاهرة الإرهاب والجريمة المنظمة، التي تهدد الاستقرار والتنمية في المنطقة.
وفيما يتعلق بليبيا، قال بوريطة إن الطرفين تبادلا وجهات النظر بخصوص السبل والوسائل الكفيلة بتمكين هذا البلد الشقيق من إرساء أسس سلم وأمن دائمين، وذلك في إطار حل سياسي يتوافق عليه الفرقاء الليبيون، بناء على الأسس التي وضعها مسلسل الصخيرات.
وخلص بوريطة إلى القول إن الطرفين ناقشا أيضاً التهديد الذي تشكله إيران وحلفاؤها، والجهود المبذولة لمواجهة محاولات نشر النفوذ الإيراني في المنطقة، بما في ذلك شمال وغرب أفريقيا، وكذلك الجهود المشتركة لمكافحة الإرهاب في أفريقيا من خلال تعزيز قدرة الأجهزة الأمنية في المنطقة، خاصة بواسطة وضع منصة مشتركة للتعاون في المجال الأمني.
ولوحظ أن تصريح بوريطة الطويل خلا من الإشارة، لا من قريب ولا من بعيد، إلى مسألة تطبيع علاقة بلاده مع إسرائيل، وهي النقطة رقم واحد، على ما يبدو، في برنامج زيارة بومبيو للرباط، الذي حضر إلى المغرب رفقة عشرة صحافيين أميركيين.
تجدر الإشارة إلى أن مؤتمرا صحافيا للوزيرين بومبيو وبوريطة كان مبرمجا عقده أمس في الساعة الرابعة ظهرا (توقيت المغرب)، لكنه ألغي في آخر لحظة دون إعطاء سبب لذلك.



إشادة سعودية بالاتفاق اليمني في مسقط لتبادل المحتجَزين

اتفاق بين الحكومة اليمنية والجماعة الحوثية في مسقط على تبادل 2900 محتجَز وأسير (إكس)
اتفاق بين الحكومة اليمنية والجماعة الحوثية في مسقط على تبادل 2900 محتجَز وأسير (إكس)
TT

إشادة سعودية بالاتفاق اليمني في مسقط لتبادل المحتجَزين

اتفاق بين الحكومة اليمنية والجماعة الحوثية في مسقط على تبادل 2900 محتجَز وأسير (إكس)
اتفاق بين الحكومة اليمنية والجماعة الحوثية في مسقط على تبادل 2900 محتجَز وأسير (إكس)

أشاد السفير السعودي لدى اليمن، محمد آل جابر، بالاتفاق الذي توصّل إليه طرفا الصراع في اليمن لتبادل المحتجَزين، برعاية الأمم المتحدة وبوساطة سلطنة عمان، واصفاً هذه الخطوة بأنها «تعزز جهود التهدئة وبناء الثقة في اليمن».

وفي تغريدة على منصة «إكس»، نوّه آل جابر بالجهود التي بذلها فريقا التفاوض من الطرفين، مؤكداً أن الاتفاق يعالج قضية ذات بُعد إنساني، ويتيح لكل المحتجَزين العودة إلى أُسرهم، كما أعرب عن تقديره توجيهات القيادة السعودية، ومتابعة وزير الدفاع، وتعاون الحكومة اليمنية، والمساعي الصادقة من سلطنة عمان.

كان الوفد الحكومي اليمني ووفد الجماعة الحوثية قد أعلنا، الثلاثاء، توصلهم لاتفاق يقضي بتبادل 2900 محتجَز وأسير من الطرفين، حيث يشمل الاتفاق الإفراج عن 1700 أسير حوثي، مقابل 1200 محتجَز من الجانب الحكومي؛ بينهم 7 سعوديون و23 سوادنياً من قوات «تحالف دعم الشرعية» في اليمن.

من جانبها، رحّبت اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالاتفاق المبدئي لإطلاق سراح المحتجَزين ونقلهم وإعادتهم إلى أوطانهم، داعية جميع الأطراف إلى ترجمة الالتزامات إلى أفعال على أرض الواقع.

وقالت رئيسة بعثة اللجنة في اليمن، كريستين شيبولا: «نُعوّل على تعاون أطراف النزاع، ومن الضروري أن تحترم الأطراف التزاماتها بموجب الاتفاق، وأن تعمل على تحديد المحتجَزين المقرر إطلاق سراحهم دون تأخير».

كما أشادت السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبده شريف، بالجهود المبذولة من اللجنة الدولية وسلطنة عمان، مؤكدة أن التعاون المستمر من جميع الأطراف أمر أساسي لإحراز تقدم نحو إطلاق سراح المعتقلين.

بدورها، رحبت وزارة الخارجية العمانية بالاتفاق، وثمّنت الروح الإيجابية التي سادت المفاوضات بين 9 و23 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، مؤكدة دور المملكة العربية السعودية، وجهود مكتب المبعوث الأممي الخاص باليمن واللجنة الدولية للصليب الأحمر، وكل الأطراف المشارِكة في نجاح هذا المسعى الإنساني.

خطوة إنسانية وتوقعات بالتنفيذ

في تعليق حكومي يمني، أعرب وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني عن ترحيبه بالاتفاق الذي يشمل شخصيات سياسية بارزة مثل الأستاذ محمد قحطان، واصفاً الخطوة بأنها «إنسانية مهمة طالَ انتظارها، وتُخفف من معاناة آلاف الأُسر اليمنية، وتمثل تقدماً ملموساً في أحد أكثر الملفات الإنسانية إيلاماً».

وأكد الإرياني أن الاتفاق جاء ثمرة توجيهات ومتابعة القيادة السياسية بمجلس القيادة الرئاسي برئاسة رشاد العليمي، وتجسيداً لالتزام الحكومة بالتعامل مع ملف الأسرى والمحتجَزين كقضية إنسانية وأخلاقية، بعيداً عن أي اعتبارات سياسية أو انتقائية؛ لضمان الإفراج عن الجميع دون استثناء.

كما أشاد بالدور المحوري للسعودية وجهود قيادتها في متابعة هذا الملف الإنساني، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، مشيراً إلى حرصها على تخفيف معاناة الشعب اليمني وتعزيز فرص التهدئة وبناء الثقة.

وأشار الإرياني أيضاً إلى مساهمة سلطنة عمان في استضافة جولات التفاوض، وتهيئة الأجواء المناسبة للتوصل إلى الاتفاق، مُعرباً عن تقديره الجهود الدولية والمبادرات الأممية التي أسهمت في تقريب وجهات النظر.

ولفت إلى أن الحكومة اليمنية ستواصل تنفيذ الاتفاق بكل مسؤولية؛ لضمان الإفراج الكامل عن جميع المحتجَزين والمختطَفين والمخفيين قسراً، ووضع حد لمعاناة آلاف الأُسر اليمنية التي طال انتظارها لهذا اليوم.


العليمي يجدد التحذير من مخاطر إجراءات «الانتقالي» الأحادية

حشد في عدن من أنصار المجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (رويترز)
حشد في عدن من أنصار المجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (رويترز)
TT

العليمي يجدد التحذير من مخاطر إجراءات «الانتقالي» الأحادية

حشد في عدن من أنصار المجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (رويترز)
حشد في عدن من أنصار المجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (رويترز)

جدد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد العليمي، الثلاثاء، التحذير من خطورة الإجراءات الأحادية التي اتخذها المجلس الانتقالي الجنوبي في محافظتي حضرموت والمهرة، على الأصعدة السياسية والأمنية والاقتصادية والخدمية على الدولة اليمنية.

وشدد العليمي على أن أي مساع لفرض واقع خارج إطار المرجعيات المتوافق عليها تهدد المركز القانوني للدولة وتضعف مؤسساتها، بما يفتح الباب أمام إعادة إنتاج الصراعات داخل الشرعية، ويزيد من هشاشة الدولة أمام الميليشيات الحوثية المدعومة من النظام الإيراني.

وأشار العليمي إلى أن الشراكة السياسية القائمة يجب أن تُحترم كأداة لحماية الدولة، وأن أي محاولة لتحويلها إلى وسيلة لفرض أجندة أحادية تعرّض البلاد لمخاطر كبيرة، بما في ذلك تعطيل مؤسسات الدولة، واستخدامها غطاءً لمشاريع خارجة عن التوافق الوطني.

وأضاف أن الحفاظ على وحدة القرار اليمني والتوافق الوطني العريض يمثل مصلحة عليا، ويعد شرطاً أساسياً لاستمرار الدعم سواء الإقليمي أو الدولي، وحماية مسار التعافي الاقتصادي، وضمان استقرار المجتمع اليمني، ومنع تفتيت الشرعية أو إضعافها.

وذكر الإعلام الرسمي أن العليمي عقد اجتماعاً مع رئاسة «هيئة التشاور والمصالحة» بحضور نواب رئيس الهيئة عبد الملك المخلافي، وصخر الوجيه، وجميلة علي رجاء، وأكرم العامري، لمناقشة الإجراءات الأحادية الأخيرة وتداعياتها على الشراكة السياسية.

وركز الاجتماع على دور الهيئة كأحد أعمدة التوافق الوطني التي أنشأها إعلان نقل السلطة لحماية مؤسسات الدولة من الانزلاق نحو الفوضى، وضمان استمرار التعاون بين القوى الوطنية المناهضة لمشروع الحوثيين المدعوم من إيران.

مسؤولية جماعية

أكد العليمي - حسب الإعلام الرسمي - أن الهيئة مطالبة بتحمل مسؤولية جماعية تتجاوز ردود الفعل، نحو بناء أدوات حاكمة تحمي مؤسسات الدولة وتردع أي محاولات لاستغلالها في مشاريع خارج التوافق.

وشدد على أن القضية الجنوبية، رغم عدالتها، يجب أن تعالج ضمن المرجعيات المتفق عليها، وعدم السماح بتحويلها إلى ذريعة لإجراءات أحادية قد تقوض فرص الحل السلمي، وتضعف التعاطف سواء الإقليمي أو الدولي، وتعيد القضية من مسارها السياسي الآمن إلى مسار تصادمي قد يفاقم الأزمات.

كما حذر العليمي من أن التهاون مع هذه الإجراءات الأحادية سيؤدي إلى إفراغ مجلس القيادة وهيئاته المساندة من مضمونها التوافقي، وتهديد المركز القانوني للدولة، وإعادة إنتاج صراع داخلي جديد داخل الشرعية، ما يضعف قدرة الدولة على مواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية والإنسانية.

العليمي مجتمعاً في الرياض مع رئاسة هيئة التشاور والمصالحة (سبأ)

ولفت إلى أن المصالح العليا لليمن تتمثل اليوم في الحد من المعاناة الإنسانية، والحفاظ على وحدة القرار، واستمرار الدعم سواء الإقليمي أو الدولي، وحماية مسار التعافي الاقتصادي، ومنع عزل أو إضعاف الشرعية.

واطلع الاجتماع على إحاطة من رئاسة هيئة التشاور حول مقارباتها بشأن المستجدات الجارية، مؤكدة دعم الهيئة الكامل لمجلس القيادة والحكومة، وأهمية المضي قدماً في تنفيذ مهام المرحلة الانتقالية، وتفويض قيادة مجلس القيادة باتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية التوافق الوطني العريض، وحشد الطاقات كافة لمواجهة الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران.

حماية الدولة ووحدة القرار

في سياق تحركات العليمي، ذكرت المصادر الرسمية أنه التقى بقيادات وزارة الخارجية ورؤساء البعثات الدبلوماسية، بحضور وزير الخارجية شائع الزنداني، لبحث مستجدات الوضع المحلي، خصوصاً الإجراءات الأحادية التي دفعت بعض المؤسسات لإصدار بيانات سياسية خارجة عن اختصاصها.

وحذر من أن هذا المسار يهدد وحدة القرار، ويخلق سلطة موازية بالقوة، مما قد يؤدي إلى ارتباك قانوني وسياسي داخلي، ويضعف جهود المجتمع الدولي في دعم استقرار اليمن.

وشدد رئيس مجلس القيادة اليمني على أن المواقف السياسية العليا تتحدد عبر مجلس القيادة ومؤسسات الدولة المختصة، وعلى رأسها وزارة الخارجية، وليس من خلال بيانات منفردة أو اصطفافات أحادية.

العليمي مجتمعاً مع قيادة وزارة الخارجية ومع البعثات الدبلوماسية عبر الاتصال المرئي (سبأ)

كما أشار إلى أن أي ازدواج في السلطة أو القرار من شأنه إعاقة برامج الدعم وإعادة اليمن إلى مربع الدولة الفاشلة المتنازع عليها، ومنح الحوثيين فرصة لتعزيز نفوذهم وتحشيد المقاتلين خلف شعارات زائفة.

وأكد العليمي على أهمية تحصين مؤسسات الدولة من أي تسييس إداري، ومنع استخدام الوزارات والمؤسسات السيادية والخدمية في أي مشاريع خارج نطاق المرجعيات الرسمية، مع اتخاذ مسار قانوني واضح ضد أي تجاوزات تهدد وحدة القرار أو المركز القانوني للدولة. وشدّد على توجيه الجهد الوطني نحو مواجهة الميليشيات الحوثية، واستعادة مؤسسات الدولة، وإنهاء المعاناة الإنسانية، وحماية مصالح اليمن العليا على الصعيدين الداخلي والدولي.


قلق إسرائيلي من «تطور التسليح المصري» يجدد حديثاً عن تعديل معاهدة السلام

مباحثات بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت في 2021 تم الإعلان بعدها عن تعديل الاتفاق الأمني بين البلدين (أ.ف.ب)
مباحثات بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت في 2021 تم الإعلان بعدها عن تعديل الاتفاق الأمني بين البلدين (أ.ف.ب)
TT

قلق إسرائيلي من «تطور التسليح المصري» يجدد حديثاً عن تعديل معاهدة السلام

مباحثات بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت في 2021 تم الإعلان بعدها عن تعديل الاتفاق الأمني بين البلدين (أ.ف.ب)
مباحثات بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت في 2021 تم الإعلان بعدها عن تعديل الاتفاق الأمني بين البلدين (أ.ف.ب)

جدّد قلق إسرائيلي من «تطور تسليح الجيش المصري» في سيناء الحديث عن تعديل معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، الصامدة منذ 1979، إلا أن مصدرين مطلعين بمصر قالا لـ«الشرق الأوسط» إن «مصر ليست لديها أي نية أو دافع لإجراء تعديلات، وإن كل ما يهمها هو تأمين حدودها وفق مقتضيات الأمن القومي».

وبحسب المصدرين، فإن «مصر ترغب في زيادة تسليح القوات المصرية في سيناء، وخصوصاً القريبة من إسرائيل بأسلحة ووسائل تكنولوجية حديثة تمكنها من مراقبة الحدود وتحقيق المرونة اللازمة في حفظ الأمن القومي المصري بشكل دائم وتحت أي ظروف بالنظر للأحداث التي شهدتها المنطقة خلال العامين الماضيين، وشكلت تهديداً كبيراً لأمن مصر».

وشدّد المصدران على أن مصر تنتظر ما سيحدث في لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال زيارة نتنياهو للولايات المتحدة نهاية الشهر الحالي، مع «وجود اعتقاد لدى العديد من المسؤولين المصريين أن ترمب سيضغط بشدة على نتنياهو للتعاطي مع المطالب المصرية والعمل بشكل أكبر لتحقيق التهدئة اللازمة لإعادة العلاقات الطبيعية بين إسرائيل وجيرانها وبقية دول المنطقة».

ووفق المصدرين، فإن «الأنباء التي تتداول عن مطالب مصر بتعديل معاهدة السلام مع إسرائيل لزيادة القوات المصرية في سيناء غير دقيقة، لأن هناك ملاحق للاتفاقية تحقق المرونة اللازمة بشأن زيادة عدد القوات وقت الحاجة».

وكانت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية حذّرت من «نشر الجيش المصري مؤخراً منظومة الدفاع الجوي الصينية (HQ-9B) في شمال سيناء، وهي واحدة من أكثر الأنظمة تطوراً عالمياً». وسلّطت الصحيفة الضوء على ما تتميز به هذه المنظومة من قدرة على اعتراض الطائرات والصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة على مسافات تصل إلى 300 كيلومتراً وارتفاع 30 كيلومتراً، مع إمكانية تتبع أهداف متعددة في وقت واحد ومواجهة تهديدات متقدمة، مثل الصواريخ فرط الصوتية.

مصر وقّعت مع إسرائيل صفقة غاز كبرى مؤخراً (أ.ف.ب)

واعتبر التقرير العبري «نشر مصر لهذه المنظومة المتطورة جزءاً من جهود القاهرة لتعزيز أمنها الجوي أمام التهديدات الإقليمية، لكنه يجدد الشكوك حول الالتزام ببنود اتفاق السلام الذي يحدّ من التسليح في سيناء».

ويرى نائب مدير المخابرات الحربية ورئيس جهاز الاستطلاع السابق بمصر، لواء أركان حرب أحمد كامل، أن «مصر لا تحتاج لتعديل اتفاقية السلام كما يتردد، لأنه تم تعديل ملحق الاتفاق في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2021 بحجم القوات والمعدات الموجودة حالياً في سيناء، ولكن مصر قد تطلب في ذلك الشأن تطوير تسليح ومعدات قوات المنطقة (ج) القريبة لغزة وإسرائيل بوسائل وأجهزة مراقبة إلكترونية حديثة لمراقبة حدودها مع إسرائيل، التي يبلغ طولها نحو 220 كيلومتراً، وذلك لضبط الحدود أمنياً ومنع التهريب والتسلل بأنواعه المختلفة».

وأوضح: «دائماً كانت ترفض إسرائيل مطلب التسليح الحديث للقوات المصرية في تلك المنطقة خلال محادثات لجنة التنسيق المشتركة لأجهزة الاتصال بين الجانبين».

كامل قال لـ«الشرق الأوسط» إن «الطلب الرئيسي لمصر هو إعلان نتنياهو تنفيذ جميع بنود اتفاق شرم الشيخ الخاص بغزة، والانسحاب الكامل من قطاع غزه، وفتح معبر رفح في الاتجاهين».

خبير الأمن القومي المصري اللواء محمد عبد الواحد قال إن «العلاقات بين مصر وإسرائيل باردة حالياً، ولكن يتم احتواء الخلافات من خلال التنسيق المشترك والوساطة الأميركية، والخلافات تركز على غزة والأمن الحدودي».

وشرح عبد الواحد لـ«الشرق الأوسط» أن «اتفاقية السلام المصرية - الإسرائيلية تحدد حدوداً صارمة للقوات المصرية في سيناء، مقسمة إلى مناطق (A ،B ،C ،D). وأي زيادة في القوات أو المعدات الثقيلة تتطلب موافقة إسرائيلية مسبقة».

أما الأستاذ المتخصص في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، طارق فهمي، فقال لـ«الشرق الأوسط» إن «إسرائيل تضغط عبر تسريبات لإعلامها من أجل عمل تعديلات جديدة، لأن آخر تعديل على الملحق الخاص بالاتفاقية تم في 2021، واتفقت اللجنة العسكرية المشتركة على زيادة عدد وقدرات قوات حرس الحدود المصرية بمنطقة رفح، وحالياً هناك محاولات إسرائيلية لتعديل هذا الملحق الأمني لضمان بقاء القوات الإسرائيلية في محور صلاح الدين، وهي المنطقة (د) لديهم، بينما مصر ترى ذلك انتهاكاً لمعاهدة السلام».

وفي تقدير فهمي، فإنه «ستتم مواءمات بين الطرفين بشكل أو بآخر دون حدوث مخالفات كبيرة للمعاهدة»، منوهاً إلى أنه «لا توجد أي خروقات من جانب مصر للمعاهدة، وأغلب الأمور التي تتم حالياً وسابقاً في سيناء تكون بالتنسيق، ومصر ليست في حاجة لاستئذان أحد لحفظ أمنها أو تسليح قواتها».

فهمي وهو محاضر في كلية الدفاع والأمن القومي بأكاديمية ناصر العسكرية بمصر، شدّد على أنه «لن تكون هناك قمة بين السيسي ونتنياهو في هذا التوقيت، بصرف النظر عن أي لقاءات أخرى يمكن أن تتم، ونحن في انتظار نتائج القمة بين نتنياهو وترمب أولاً، وبعد ذلك تتم التوافقات، وحينما يتم الانتقال للمرحلة الثانية من اتفاق غزة، وتكون هناك جدية في تنفيذه من جانب إسرائيل، يمكن عقد قمة عربية تشارك فيها عدة دول، بجانب الولايات المتحدة وإسرائيل ومصر، ثم قمة رباعية بين مصر وإسرائيل وأميركا والأردن. وكل ذلك يتم في الولايات المتحدة، ولا توجد مخططات لقمم تعقد بالشرق الأوسط».