القضاء الجزائري يفتح ملف تمويل حملة بوتفليقة

الرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقة (الوكالة الرسمية)
الرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقة (الوكالة الرسمية)
TT

القضاء الجزائري يفتح ملف تمويل حملة بوتفليقة

الرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقة (الوكالة الرسمية)
الرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقة (الوكالة الرسمية)

خصّصت محكمة «سيدي أمحمد» الجزائرية اليوم الثاني من محاكمة مسؤولين سابقين ورجال أعمال، بتهم فساد، لمواجهة رئيسي الحكومة السابقين برجل أعمال شارك في تمويل الحملة الانتخابية للرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، مقابل الحصول على امتيازات.
ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، كان مدير حملة بوتفليقة الوزير السابق والمتهم في القضية عبد الغني زعلان كشف، في أول يوم من المحاكمة، أن خمسة رجال أعمال قدموا مساهمات في تمويل الحملة الانتخابية الرئاسية التي أُلغيت تحت ضغط الحركة الاحتجاجية.
وأوضح أن «المبلغ الإجمالي بلغ 750 مليون دينار جزائري» (5.6 مليون يورو)، وهو ما يفوق السقف المحدد القانوني لتمويل الحملة الانتخابية لكل مرشح.
وفي افتتاح الجلسة، نادى القاضي رجل الأعمال أحمد معزوز، صاحب مصنع تركيب حافلات وشاحنات صينية، موجهاً له تهمة «الرشوة مقابل الحصول على مزية غير مستحقة والتمويل الخفي لحملة انتخابية». وسأله: «أنتَ قدّمتَ أموالاً للحملة الانتخابية، ومقابل ذلك حصلت على رخصة غير مستحقة لتركيب شاحنات وحافلات؟».
وبعد استعراض المشاكل التي واجهها قبل حصوله على رخصة تركيب شاحنات وحافلات، وأن الحكومة وضعت «دفتراً للشروط على المقاس» لخمسة متعاملين فقط، عاد واعترف أنه حصل على الترخيص و«إعفاءات من الرسوم والضرائب دون احترام دفتر الشروط».
وأكدت شهادة موظف كبير من وزارة الصناعة أن «الوزير يوسف يوسفي هو مَن وقّع الرخصة دون موافقة اللجنة الفنية» التي تدرس ملفات أصحاب مصانع تركيب السيارات.
وواجه القاضي رئيس الوزراء السابق أحمد أويحيى بمراسلة منه نحو وزير الصناعة يطلب منه الترخيص لمعزوز، وكان ردّ أويحيى: «نعم، اخترنا المتعاملين الموجودين في السوق»، معترفاً بأن «مصنع معزوز كان جاهزاً، وحاويات قطع (الشاحنات والحافلات) في الميناء».
وبعد أن قاطعوا المحاكمة خلال اليوم الأول حضر جلسة اليوم (الخميس)، بعض المحامين لصالح المتهمين، أبرزهم العيفة أويحيى شقيق أحمد أويحيى، إضافة إلى محامي الطرف المدني.
واعترف معزوز أن «محمد بايري (نائب رئيس منتدى رجال الأعمال، المتهم أيضاً) طلب مني المساهمة في تمويل الحملة الانتخابية. طلبتُ من محاميَّ: هل هذا ممكن؟ فقال: من مالي الخاص، فقدمت شيكاً بـ390 مليون دينار (نحو 3 ملايين يورو) لرئيس المنتدى (سابقاً) علي حداد (متهم أيضاً) قبل يومين من بداية الحركة الاحتجاجية» في 22 فبراير (شباط).
وهذه أول مرة تجري فيها محاكمة مسؤولين سياسيين كبار منذ استقلال البلد في 1962.
ومنذ استقالة بوتفليقة في 2 أبريل (نيسان)، تحت ضغط الجيش وحركة احتجاج شعبية غير مسبوقة، بدأت حملة لمحاربة الفساد طالت مسؤولين كباراً ورجال أعمال مرتبطين بالسلطة، خصوصاً بعائلة بوتفليقة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.