ألمانيا تطرد دبلوماسيين روسيين على خلفية عملية قتل في برلين

طرحتها في قمة «الناتو» وتتوقع مساندة أوروبية ودولية

مبنى السفارة الروسية في برلين (أ.ف.ب)
مبنى السفارة الروسية في برلين (أ.ف.ب)
TT

ألمانيا تطرد دبلوماسيين روسيين على خلفية عملية قتل في برلين

مبنى السفارة الروسية في برلين (أ.ف.ب)
مبنى السفارة الروسية في برلين (أ.ف.ب)

لم تنتظر برلين نتائج تحقيقات المدعي العام الذي تسلم أمس قضية اغتيال مقاتل شيشاني سابق في وضح النهار وسط برلين، لبدء التصعيد الدبلوماسي مع موسكو. ففور تسلم الادعاء التحقيق، أعلنت طرد دبلوماسيين روسيين اثنين من برلين ومنحتهما 7 أيام للمغادرة. وقال المدعون الفيدراليون المكلفون قضايا استخبارات في وقت سابق الأربعاء إنهم تولوا التحقيق في القضية من سلطات برلين. وقال المدعون: «هناك أدلة واقعية كافية تشير إلى أن القتل... قد تم نيابة عن وكالات الدولة في الاتحاد الروسي أو تلك التابعة لجمهورية الشيشان المتمتعة بحكم ذاتي».
وأبلغت ألمانيا روسيا بقرارها هذا بعد استدعاء السفير الروسي في برلين سيرغي نيتشاييف إلى الخارجية وإبلاغه بالأمر عبر تسليمه رسالة خطية. وجاء في بيان للخارجية الألمانية أن برلين أعلنت أن الموظفين هما «شخصان غير مرغوب فيهما». وأعادت سبب ذلك لعدم تعاون السلطات الروسية في التحقيق بقتل سليمخان شانكوشفيلي في حديقة تيرغارتن العامة في 23 أغسطس (آب) الماضي، رغم الطلبات المتكررة الرفيعة المستوى التي تقدمت بها الحكومة الألمانية. وكان شانكوشفيلي، وهو جورجي يبلغ من العمر 40 عاماً، قتل بطلقتين في الرأس من مسافة قريبة في حديقة كلاينر تيرغارتن على يد روسي تم اعتقاله بعد وقت قصير على ذلك. وكان المشتبه به على دراجة، ورآه شهود عيان بعد ذلك وهو يرمي بالدراجة وكيس فيه المسدس وحجر في نهر. وقالت الشرطة إنه يدعى فاديم نيكولايفيتش كراسيكوف يبلغ من العمر 54 عاماً، وإنه نشأ في كازاخستان عندما كانت جزءاً من الاتحاد السوفياتي قبل أن يتوجه إلى سيبيريا حيث أمضى بعض الوقت. ووضعت روسيا كراسيكوف على لائحة الإنتربول للمطلوبين، لكنها سحبت اسمه في وقت لاحق، وقامت بـ«تسهيل إصدار هوية جديدة مزورة له»، وفق موقع «بيليغنكات».
وأضاف البيان: «من وجهة نظر الحكومة الفيدرالية، فإن تعاوناً جدياً وفورياً من قبل السلطات الروسية يبقى أساسياً، خاصاً بعد أن تسلم الادعاء العام الفيدرالي التحقيق في القضية على أساس وجود أدلة كافية تشير إلى أن عملية القتل نفذتها إحدى وكالات الاستخبارات الروسية أو جمهورية الشيشان التابعة لروسيا».
واحتفظت الخارجية الألمانية بحق أخذ خطوات إضافية مع تطور التحقيق في قتل الشيشاني الذي وصل إلى ألمانيا عام 2016 طالباً للجوء، «حماية من روسيا». وذكرت صحيفة «سودويتشه تزايتوغ» أن الموظفين المطرودين تابعان لقسم المخابرات العسكرية. وبناء على تطور التحقيق ومدى تعاون السلطات الروسية، قد تتخذ برلين خطوات إضافية ضد روسيا. وكانت المخابرات الألمانية قد سلمت الخارجية لائحة بأسماء روس مسجلين على أنهم «دبلوماسيون» لدى السفارة الروسية يمكن طردهم، وفي النهاية قررت الخارجية على اسمي اثنين تابعين للمخابرات العسكرية.
وذكرت الصحيفة أن اجتماعات قمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) في لندن تطرقت لهذا التطور، وناقشت رد فعل أوروبي ودولي محتمل، إلا أن ألمانيا لا تريد رداً أوروبياً دولياً في الوقت الحالي، كما حصل في قضية سكريبال عندما أعلنت 16 دولة أوروبية والولايات المتحدة طرد دبلوماسيين روس في خطوات منسقة مسبقاً.
وردت الخارجية الروسية على طرد دبلوماسييها الاثنين بالقول إن الخطوة «غير مبررة وغير ودية». وأضافت أن ذلك يوضح «المقاربة المسيسة للتحقيق»، متوعدة باتخاذ خطوات مقابلة للرد على طرد الدبلوماسيين. وقال متحدث باسم الكرملين: «إنه لا توجد شبهات حقيقية أبداً، ولا يمكن أن يكون». وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الروسية: «إننا مضطرون لاتخاذ سلسلة من التدابير للرد» على ذلك. ونقلت وكالة تاس الروسية للأنباء عن الخارجية الروسية قولها، أمس (الأربعاء)، إن روسيا ترى نفسها مضطرة للرد على الخطوة الألمانية. من جانبه، قال نائب برلماني روسي بارز، يعد حجة في السياسة الخارجية، إن ألمانيا يجب أن تتوقع طرد اثنين من دبلوماسييها من روسيا. وقال رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الروسي، ليونيد سلوتسكي، في تصريحات نقلتها وكالة أنباء «إنترفاكس»، إن ردّ روسيا يجب أن يكون «مكافئاً ومتماثلاً».
وكانت الشرطة الألمانية قد ألقت القبض على روسي في عملية القتل، يبدو أنه يحمل أوراقاً مزيفة. ويرفض المشتبه به سوكولوف، التعاون في التحقيق. وقد التزم الصمت منذ إلقاء القبض اليوم. ونقلت صحف ألمانية أن مسؤولين في السفارة الروسية قاموا بزيارته لتقديم «المساعدة القنصلية». وكان فاديم قد طلب فور إلقاء القبض عليه، الاتصال بالسفارة الروسية وليس بمحامٍ، وهو ما أثار أول شكوك الشرطة بإمكانية كونه «قاتلاً مأجوراً» لصالح موسكو. وأظهرت التحقيقات فيما بعد أن أوراق فاديم مزورة، وأنه ملأ في طلب الحصول على تأشيرة، رقم هاتف للمكان الذي يعمل به، تبين أنه لشركة غاز تابعة لوزارة الدفاع الروسية. وكان مصنفاً لفترة من قبل السلطات الألمانية على أنه «متطرف» ولكنه أزيل من اللائحة بعد فترة لعدم وجود أدلة تثبت ذلك. وفي المقابلة التي أجراها معه مكتب الهجرة الذي يحدد أحقية منح اللجوء، قال إنه يخشى العودة إلى جورجيا خوفاً من أن تدبر السلطات الروسية عملية قتله، مضيفاً أن «هناك 1000 طريقة لقتلي في جورجيا، لن يكون لي أي حظ بالاختباء منهم… هناك أشخاص في الدوائر الأمنية يعملون مع روسيا». وذكر أنه حصلت عدة محاولات سابقة لقتله في السنوات الماضية.

- بوتين يلتقي الصربي فوتشيتش بعد فضيحة تجسس
من المقرر أن يستضيف الرئيس الروسي فلادمير بوتين نظيره الصربي ألكسندر فوتشيتش الأربعاء في مدينة سوتشي الروسية، وذلك عقب أن هزت فضيحة تجسس كُشف عنها خلال الأسابيع الماضية العلاقات الجيدة تقليدياً بين الدولتين. واتسم الكرملين بالغموض في وصفه للمباحثات مع الرئيس الصربي؛ حيث قال إن الرئيسين «يعتزمان مناقشة قضايا التعاون الثنائي الرئيسية، بالإضافة إلى قضايا إقليمية ودولية». وكان فوتشيتش قد قال الشهر الماضي إنه أدهشه ظهور مزاعم تفيد بأن الدولة الروسية كانت تسعى سراً لجمع معلومات استخباراتية بشأن صربيا؛ حيث إن الدولتين تعدان حليفتين منذ فترة طويلة.
وأضاف الرئيس الصربي في ذلك الوقت أن صربيا «لم تفرض عقوبات ضد روسيا، ولم تصوت ضدها أبداً. صربيا لن تعرض صداقتها مع روسيا للخطر أبداً». وقد وقّعت صربيا الشهر الماضي اتفاقية تجارة حرة مع التكتل التجاري الأوروآسيوي بقيادة روسيا، والمكون من 5 دول استقلت عن الاتحاد السوفياتي السابق.


مقالات ذات صلة

واشنطن: 8 شركات اتصالات وعشرات الدول تأثرت بالقرصنة الصينية

الولايات المتحدة​ علما الولايات المتحدة الأميركية والصين (أرشيفية - أ.ب)

واشنطن: 8 شركات اتصالات وعشرات الدول تأثرت بالقرصنة الصينية

قال مسؤول أميركي كبير للصحافيين، إن «كمية كبيرة» من البيانات الوصفية للأميركيين سُرقت في حملة تجسس إلكتروني.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا سكان يقفون بجوار منزلهم المتضرر بسبب ضربة صاروخية وسط هجوم روسي على مشارف أوديسا بأوكرانيا 28 نوفمبر 2024 (رويترز)

الحكم على امرأة بالسجن 15 عاماً في أوكرانيا لمساعدتها الجيش الروسي

حكم القضاء الأوكراني، اليوم الخميس، على امرأة من منطقة دونيتسك، الواقعة في شرق البلاد، بالسجن 15 عاماً بسبب تمريرها معلومات عسكرية حسّاسة لروسيا.

«الشرق الأوسط» (كييف)
شؤون إقليمية كلمة «بيغاسوس» تظهر على هاتف ذكي موضوع على لوحة مفاتيح في هذه الصورة التوضيحية الملتقطة في 4 مايو 2022 (رويترز)

محكمة تايلاندية ترفض دعوى ضد شركة إسرائيلية تنتج برنامج «بيغاسوس» لاختراق الهواتف

ألغت محكمة تايلاندية دعوى قضائية رفعها ناشط مؤيد للديمقراطية قال فيها إن برنامج التجسس الذي أنتجته شركة تكنولوجيا إسرائيلية تم استخدامه لاختراق هاتفه.

«الشرق الأوسط» (بانكوك)
أوروبا أحد عناصر جهاز الأمن الأوكراني (قناة المخابرات الأوكرانية عبر «تلغرام»)

أوكرانيا توقف ضابطا كبيرا بتهمة التجسس لصالح روسيا

أعلنت أوكرانيا، الجمعة، توقيف ضابط يقود وحدة قوات خاصة في البلاد بتهمة نقل معلومات إلى روسيا حول عمليات عسكرية سرية تنفذها كييف.

«الشرق الأوسط» (كييف)
شؤون إقليمية البرلمان التركي أقر قانوناً حول التجسس يثير مخاوف من استغلاله لقمع حرية التعبير (موقع البرلمان)

​تركيا: قانون جديد للتجسس يثير مخاوف المعارضة وأوروبا

يثير قانون وافق عليه البرلمان التركي يشدد العقوبات ضد من يثبت تورطه في جمع معلومات لصالح جهات خارجية مخاوف من جانب المعارضة والمنظمات المدنية والاتحاد الأوروبي

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».