مساهمة سعودية في بناء سد بغرب أفريقيا يخدم ربع مليون مزارع

مساهمة سعودية في بناء سد بغرب أفريقيا يخدم ربع مليون مزارع
TT

مساهمة سعودية في بناء سد بغرب أفريقيا يخدم ربع مليون مزارع

مساهمة سعودية في بناء سد بغرب أفريقيا يخدم ربع مليون مزارع

بمساهمة سعودية فاعلة، يستفيد نحو ربع مليون مزارع، غرب أفريقيا، من سد يتم العمل على بنائه حالياً في دولة بوركينا فاسو، في إطار دعم عربي وأفريقي لتعزيز الأمن الغذائي والاستقرار السياسي.
وساهم الصندوق السعودي للتنمية، بمشاركة جهات عربية أفريقية، في تمويل مشروع «سد سامينديني» في بوركينا فاسو (غرب أفريقيا)، الذي يستفيد منه نحو ربع مليون مزارع، وذلك بهدف تعزيز الأمن الغذائي، وتحسين الإنتاج الزراعي في المناطق الجافة.
وأوضح محمد الجنيدل كبير مستشاري الصندوق السعودي للتنمية، أن «هذا المشروع من شأنه المساعدة في مكافحة الفقر، وتحقيق فوائد عديدة تساهم في تطوير حياة شعب بوركينا فاسو». وأضاف: «بما أننا نعيش في دولة صحراوية، نعي أهمية الموارد الطبيعة، لذلك نسعى دائماً إلى دعم مشروعات إدارة موارد المياه في المناطق الأكثر جفافاً في العالم، هدفنا هو تحقيق الازدهار والرخاء لجميع الدول، لذلك نحن ملتزمون بدعم الاستقرار السياسي والاقتصادي لدولة بوركينا فاسو، والمساهمة في تحفيز وإنعاش النشاط الاقتصادي، من خلال مواصلة إسهاماتنا، التي استهلها الصندوق منذ سبعينات القرن الماضي».
وشارك وفد من الصندوق السعودي للتنمية في حفل تدشين المشروع الذي أقيم بحضور الرئيس روش مارك كريستيان كابوري رئيس جمهورية بوركينا فاسو، وعدد من كبار وزراء ومسؤولي الدولة. وتأتي هذه المشاركة تتويجاً لإسهامات الصندوق في تمويل هذا السد الواقع في وادي سامينديني على بعد 350 كيلو متراً من العاصمة أغادوغو، بهدف تعزيز الأمن الغذائي، وتحسين الإنتاج الزراعي في المناطق الجافة، وذلك من خلال تهيئة 1500 هكتار من الأراضي الزراعية المخصصة للزراعات المروية، التي ستبلغ في مراحلها النهائية مساحة 23000 هكتار، ليستفيد منها أكثر من 250000 من المزارعين وسكان وادي سامينديني، الذي يعاني من شدة الجفاف.
كما قام وفد الصندوق، خلال زيارته لبوركينا فاسو، بوضع حجر الأساس لمستشفى مانغا، الذي تم البدء في بنائه في مطلع ديسمبر (كانون الأول) الحالي، بحيث سيساهم هذا المشفى الذي تتسع طاقته الاستيعابية إلى 200 سرير في توفير المزيد من الخدمات الطبية الأساسية، ومكافحة الأمراض.
وقد بلغت قيمة السد الذي ساهم الصندوق السعودي للتنمية بتمويله بالشراكة مع جهات أفريقية وعربية، 130 مليون دولار أميركي. وعلاوة على الفوائد التي سيوفرها السد للقطاع الزراعي، سيتم الاستفادة منه أيضاً في توليد 2.6 ميغاواط من الطاقة النظيفة، وبتكلفة منخفضة، وبالتالي تمكين الشركات الصغيرة والمتوسطة، ومساعدتها على النمو، مما يوفر فرص عمل جديدة، ويعزز من سلسلة الإمداد في المناطق الريفية.
ويُعد الصندوق السعودي للتنمية، أحد أكبر المساهمين في غرب أفريقيا، في توفير مساعدات للتنمية المستدامة، وتعزيز الاستقرار والازدهار في منطقة الساحل منذ عام 1975. وقد كان للصندوق إسهامات عديدة في تمويل مختلف مشروعات التنمية في البلاد، التي شملت 12 مشروعاً للتنمية الريفية والبنية التحتية، ويأتي ذلك انسجاماً مع رؤية المملكة 2030 وأهدافها في تحقيق الرخاء، وتوفير الدعم الاجتماعي والاقتصادي للدول النامية في المنطقة.



الشراكة مع فرنسا تثير جدلاً واسعاً في نيجيريا

الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
TT

الشراكة مع فرنسا تثير جدلاً واسعاً في نيجيريا

الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)

في وقت تسحب فرنسا قواتها من مراكز نفوذها التقليدي في الساحل وغرب أفريقيا، وتبحث عن شركاء «غير تقليديين»، يحتدمُ الجدل في نيجيريا حول السماح للفرنسيين بتشييد قاعدة عسكرية في البلد الأفريقي الغني بالنفط والغاز، ويعاني منذ سنوات من تصاعد وتيرة الإرهاب والجريمة المنظمة.

يأتي هذا الجدل في أعقاب زيارة الرئيس النيجيري بولا تينوبو نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إلى فرنسا، والتي وصفت بأنها «تاريخية»، لكونها أول زيارة يقوم بها رئيس نيجيري إلى فرنسا منذ ربع قرن، ولكن أيضاً لأنها أسست لما سمّاه البلدان «شراكة استراتيجية» جديدة.

وتمثلت الشراكة في اتفاقيات تعاون هيمنت عليها ملفات الطاقة والاستثمار والمعادن، ولكنّ صحفاً محلية في نيجيريا تحدّثت عن اتفاقية تسمحُ للفرنسيين بإقامة قاعدة عسكرية داخل أراضي نيجيريا، وذلك بالتزامن مع انسحاب القوات الفرنسية من دول الساحل، خصوصاً تشاد والنيجر، البلدين المجاورين لنيجيريا.

لا قواعد أجنبية

ومع تصاعد وتيرة الجدل، تدخل الجيش النيجيري ليؤكد أن ما يجري تداوله بخصوص «قاعدة عسكرية» أجنبية فوق أراضي نيجيريا مجرد «شائعات»، نافياً وجود خطط للسماح لأي قوة أجنبية بإقامة قاعدة عسكرية في نيجيريا.

وتولّى قائد الجيش النيجيري، الجنرال كريستوفر موسى، بنفسه مهمة الرد، فأوضح أن «زيارة الرئيس بولا تينوبو الأخيرة إلى فرنسا، وُقِّعت خلالها عدد من الاتفاقيات الثنائية، لم تشمل السماح بإنشاء قواعد عسكرية أجنبية في نيجيريا».

وكان قائد الجيش يتحدّث خلال حفل عسكري بمقر وزارة الدفاع في العاصمة أبوجا، بمناسبة تغيير شعار القوات المسلحة النيجيرية، وقال إنه يوّد استغلال الفرصة لتوضيح ما جرى تداوله حول «قاعدة عسكرية أجنبية» في نيجيريا. وقال: «لقد أوضح الرئيس بشكل لا لبس فيه أن ما تم توقيعه هو اتفاقيات ثنائية تتعلق بالتجارة، والثقافة، والتقاليد، والتعاون، والاقتصاد، ولا وجود لأي شيء يتعلق بقاعدة عسكرية أجنبية».

وأوضح الجنرال موسى أن الرئيس تينوبو «يدرك تماماً عواقب مثل هذا القرار، ويعلم أن من واجبه حماية نيجيريا، ومن ثم، لن يسمح مطلقاً لأي قوة أجنبية بدخول نيجيريا»، ولكن قائد الجيش أكد: «سنستمر في التعاون بشكل ثنائي من خلال التدريب المشترك وإرسال ضباطنا كما هو معتاد، ولكن إنشاء قاعدة عسكرية أجنبية في نيجيريا ليس ضمن خطط الرئيس».

كراهية فرنسا

ورغم تصريحات قائد الجيش، فإن الجدل لم يتوقف؛ حيث عَبَّر «تحالف جماعات الشمال»، وهو هيئة سياسية ناشطة في نيجيريا، عن إدانته قرار السماح للعسكريين الفرنسيين بدخول أراضي نيجيريا، بل ذهب إلى أبعد من ذلك، حين انتقد بشكل لاذع عقد شراكة مع فرنسا.

وقال التحالف: «إن القرار يتعلق باتفاقية ثنائية جرى توقيعها بين نيجيريا وفرنسا تمنح الأخيرة وصولاً غير مقيد إلى الموارد المعدنية في نيجيريا»، وذلك في إشارة إلى اتفاقية وقعها البلدان للتعاون في مجال المعادن النادرة.

المنسق الوطني لتحالف جماعات الشمال، جميل علي تشارانشي، اتهم الرئيس تينوبو بالسعي نحو «تسليم سيادة نيجيريا إلى فرنسا، والتغطية على ذلك بمبررات مضللة»، ثم وصف ما يقوم به تينوبو بأنه «مناورة دبلوماسية مكشوفة».

الناشط السياسي كان يتحدث بلغة حادة تجاه فرنسا؛ حيث وصفها بأنها «دولة عدوانية؛ تدعم وتمول تفكيك المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)»، قبل أن يحملها مسؤولية «جو الحرب الذي تعيشه منطقة غرب أفريقيا».

وخلُص الناشط السياسي إلى أنه مصدوم من «إمكانية أن تخضع نيجيريا، بتاريخها الفخور بالدفاع عن السيادة الأفريقية، لتأثير أجنبي، نحن نرفض ذلك، وسنعارضه بشدة»، على حد قوله.

شراكة مفيدة

الرئيس النيجيري بولا تينوبو لدى حضوره حفل تنصيب رئيس تشاد في ندامينا 23 مايو (رويترز)

في المقابل، ارتفعت أصوات في نيجيريا تدافع عن تعزيز التعاون والشراكة مع فرنسا، وعدّت الحديث عن «قاعدة عسكرية» محاولة للتشويش على الطموحات الاقتصادية للبلدين.

في هذا السياق، قال المحلل السياسي النيجيري، نيكسون أوكوارا: «إن العالم يتّجه بسرعة نحو نظام متعدد الأقطاب، وإعادة صياغة التحالفات التقليدية، وهذا الواقع الجديد يتطلب من نيجيريا الاصطفاف مع شركاء يقدمون فوائد استراتيجية دون التنازل عن سيادتها».

وأضاف المحلل السياسي أن «فرنسا، رغم تاريخها غير الجيد في أفريقيا، فإنها تمنح لنيجيريا فرصة إعادة التفاوض على العلاقات من موقع قوة؛ حيث تواجه فرنسا معضلة تراجع نفوذها بشكل مطرد في الساحل وغرب أفريقيا».

وشدّد المحلل السياسي على أن نيجيريا يمكنها أن تربح «مزايا اقتصادية كبيرة» من الشراكة مع فرنسا، كما أكّد أنّه «مع تصاعد التحديات الأمنية في منطقة الساحل، يمكن للخبرات والموارد العسكرية الفرنسية أن تكمل جهود نيجيريا لتحقيق الاستقرار في المنطقة».

تعاون عسكري

التعاون العسكري بين فرنسا ونيجيريا عرف صعوداً مهماً عام 2016، حين وقع البلدان اتفاقية للتعاون العسكري والأمني، خصوصاً في مجالات الاستخبارات، والتدريب والإعداد العملياتي.

في الفترة الأخيرة، بدأ الحديث عن رغبة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في تعزيز هذا التعاون، وهو الذي عمل لستة أشهر في السفارة الفرنسية في أبوجا، حين كان طالباً في المدرسة الوطنية للإدارة. وبوصفها خطوة لتطوير التعاون العسكري بين البلدين، أعلن الجنرال حسن أبو بكر، قائد القوات الجوية النيجيرية، الأسبوع الماضي، أن بلاده تستعد للاستحواذ على 12 طائرة من طراز «ألفاجيت» مستعملة من القوات الجوية الفرنسية، ستتم إعادة تشغيل 6 منها، في حين ستُستخدم الـ6 أخرى مصدراً لقطع الغيار.

ورغم أنه لم تعلن تفاصيل هذه الصفقة، فإن نيجيريا أصبحت خلال السنوات الأخيرة «زبوناً» مهماً للصناعات العسكرية الأوروبية، وسوقاً تتنافس عليها القوى المصنعة للأسلحة، خصوصاً سلاح الجو الذي تراهن عليه نيجيريا لمواجهة خطر الإرهاب في غابات حوض بحيرة تشاد، أقصى شمال شرقي البلاد.